كرم المقهى الثقافي الأديبة والمناضلة الراحلة د. لطيفة الزيات ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب، فتحت عنوان "رموز مصرية"، عقدت ندوة شارك فيها كل من الباحث والمفكر حلمي الشعراوى، والروائية والكاتبة هالة البدرى وأدارت الندوة د. هويدا صالح ؛ التي قالت في بداية الندوة سيرة د. لطيفة الزيات في السياسة والأدب، ففي الأدب قالت إن أبرز ما كتبته د. الزيات كانت رواية "الباب المفتوح" والتي عولجت سينمائيًا وعرضت كفيلم فيما بعد، أما عن أعمالها السياسية فمن يقرأ للكاتبة سيعرف أن الفترة التي عاصرتها كانت تعج بالتيارات المختلفة وكان للسيدات بها صوت مختلف. ثم وصفت هويدا صالح المفكر حلمي شعراوي بالمناضل الكبير الذي عاش فترة المد الشيوعي واليساري وناضل مع جيله من أجل أن تتخلص مصر من الاستبداد السياسي ومقاومة المد المتطرف، وقدمته متحدثًا عن د. لطيفة الزيات نافذة على الماضي من خلال ذاكرة شاركتها أيام الثقافة والسياسة. وبدأ حلمي شعراوي حديثه قائلا إنه كان نائب رئيس مركز البحوث العربية والإفريقية وكان في لجنة الدفاع عن الحقوق والحريات التي ترأسها لطيفة الزيات وتعرض للسجن في معرض الكتاب بسبب اعتراضه على مشاركة إسرائيل، بعدها سجنت الزيات بسبب الموقف من الرئيس الراحل محمد أنور السادات واندماجه في سياسة أميركا وإسرائيل، وكانت لطيفة على رأس قائمة من 22 ضمن ألف وخمسمائة سجنهم السادات وظلوا سجناء حتى أفرج عنهم بعد اغتيال السادات، وختم شعراوي حديثة بالقول إن هذا كان نطاق معرفته بالزيات سياسياً، لكن عن حياتها كأديبة ومبدعة فيترك الكلام فيه لهالة البدرى الأديبة الشهيرة. لطيفة الزيات- والكلام لا يزال لشعراوي- كشخصية سياسية ومقاومة كان سنها 23 سنة في عام 46 وهي تقود مظاهرات من الجامعة للتحرير بقيادة تنظيم شبابي اسمه اللجنة الوطنية للطلبة والعمال، والتي برزت من بين عشرات الشباب اليساري في الجامعة لتكون قائدة، وكانت تحمل على الأعناق، وأضاف: كانت أيامها مصر خارجة من الحرب العالمية الثانية، وقالت لطيفة عن ذلك "لن تتصوروا أننا كنا نهتف بسقوط الولاياتالمتحدة أيام كانت أميركا تعد بمساعدة الشعوب المحتلة". وفي الفترة بين عامي 46 و52 كان لا بد بدايةً من تحليل للقوى الوطنية، وهناك كتابان مهمان يتحدثان عن هذه الفترة أولهما للمستشار طارق البشري عن الحركة السياسية الوطنية من 46-52، ويعد أهم تحقيق عن القوى السياسية والذي كشف دور الإخوان السلبي في الحركة الوطنية في السبعينيات عندما رجع الإخوان من الخليج وبدءوا في التحول عندها تراجع البشري عن ما كتبه وأصدر طبعة جديدة من كتابه فيها الكثير من التراجع. واستدل بموقف البنا عندما تحالف مع صدقي باشا وتبرير البشري لذلك بأن الأمة كانت مهددة فكان يرى أن صدقي باشا أرحم من غيره من أجل مصلحة وقضية الأمة، وأضاف أن الكتاب يستحق أن يقدر. وتحدث شعراوى عن مجموعة مجلة "الفجر الجديد"، فأصدروا بضعاً وأربعين عدداً عملها رشدي صالح وهو في العشرينيات من عمره. واستطرد قائلاً: قابلت لطيفة في الستينيات، كانت تكتب في مجلة "الطليعة"، وأيضا بعد حرب أكتوبر 73 ومع أنها حرب التحرير إلا أنه تمت خيانتها وخيانة الوعد الوطني للشعب. بعدها رجعت لجنة الدفاع عن الثقافة الوطنية، وكنت في هذه اللجنة مع لطيفة نعمل معاً ضد الصهيونية والتطبيع، ففي المعاهدة أي معاهدة كامب ديڤيد، مكتوب منع الأفكار المعادية والمتطرفة ضد الآخر، فحسبنا أنها ليست عملية تطبيع دبلوماسية وإنما تطويع العقل المصري تجاه الكيان الصهيونى. ثم تحول شعراوي للحديث عن تحول الرجعية إلى غزو العقل وتدمير العقل، و10محطات للسحر والشعوذة على حد قوله، قائلاً أن هذا اختراق متخلف. وختم كلامه قائلاً: بهذا المعنى شكلت لطيفة الزيات دفعة جديدة لحياتنا، ثم توفيت في سنة 1996 وكان لي شرف مصاحبتها وشقيقها محمد عبدالسلام الزيات الذي لعب دوراً في المسيرة الوطنية. وعن الجانب الأدبي والمقاومة عبر الكتابة عند لطيفة الزيات قالت الكاتبة هالة البدري إنه من قبيل المصادفة أن تنعقد هذه الندوة في يوم إحياء ذكرى الثورة الأمر الذي منع الكثير من محبي لطيفة الزيات من الحضور. وأضافت البدري إنها عرفت لطيفة الزيات في وقت متأخر وكانت بالنسبة لها شخصية مشهورة قامت بتأليف قصة فيلم "الباب المفتوح" والتي شاهدها الكبار والصغار، ولكن المفاجأة كانت بعد أن قرأت الرواية، فعندها تقول اكتشفت أنها الرواية التي يمكن وصفها بعد تاريخ من الكتابة للعربيات أن لطيفة الزيات هي أول روائية استطاعت أن تتكلم في موضوع عام غير نسوي. وأوضحت: قبل لطيفة الزيات كانت الرواية النسائية تتكلم عن المرأة لكن لطيفة أول كاتبة كتبت عن الحرية للمجتمع كله لا حرية النساء فحسب أو مشاكل المرأة بالتحديد رغم أن قصة الحب الموجودة في الرواية كانت بين بنت تتطلع للحرية وشاب ثوري فكأنها ضفرت الحريتين ببعضهما.. الشعب والوطن. وأشارت هالة البدري إلى تغير علاقتها بلطيفة الزيات بعد نشرها لكتاب "حملة تفتيش - أوراق شخصية" من منشورات دار الهلال، والتي تصر البدري على تسميته رواية لأن الكاتبة فيه دخلت على مذكراتها تفتش فيها عن نفسها وقالت ببساطة من خلال مذكراتها أنها كانت تسقط السواتر النفسية وتحلل ما يحدث حولها وما جعلها تتخذ قرارات معينة أو تبتعد عن حوادث بعينها، وكأنها خلقت من نفسها بطلة وابتعدت عنها لتكتب بضمير الغائب وقسمت حملة التفتيش إلى عدة مراحل. وأضافت: من المشاهد الروائية التي لا تنسى في مذكرات لطيفة الزيات الشخصية هي ما حكته عن ولد صغير جذب يدها إلى ساحة اللعب عندما كانت خائفة من الانضمام إلى الأطفال ولمست منها أن تكون أيدينا ممدودة دائمًا للآخرين، بالإضافة إلى مشهد الجسر الذي يربط بين شرفتين في منزلهم وتأملاتها لهم، وأكدت على أن مثل هذه المشاهدات واللقطات المبدعة تجعل من الكتاب رواية انتقائية بامتياز خاصة أنه لا توجد قوالب محفوظة للرواية ولا يزال بإمكان المبدع أن يختار لروايته الشكل الذي يبتكره. وبحماس وتأثر واصلت الكاتبة هالة البدري حديثها عن شخصية إنسانية أحبتها وعملت معها وتشربت أدبها وأوضحت كيف تأثرت برواية "الباب المفتوح" وتعجبت من د. لطيفة الزيات كيف توقفت عن الكتابة بعد هذه الرواية ولكنها على حد تعبيرها وصلت لكل إجابات سألتها بعد قراءتها لحملة تفتيش وبعد أن فاجأت الجميع بعمل مبهر آخر "الشيخوخة وقصص أخرى". واختمت الندوة بكلمة من الناقد شعبان يوسف المشرف على المقهى الثقافي حيث تحدث عن حياة لطيفة الزيات الأسرية والاجتماعية وكيف أنها لم تعلن عن نفسها كأديبة إلا في فترة متأخرة من حياتها، وأضاف أن رواية مثل "اعترافات امرأة مسترجلة" لسعاد زهير تحاكي لطيفة الزيات وغيرها، وأن للطيفة مسرحية لم تنشر بعد هي "بيع وشرا" ولها أيضًا كتب بالإنجليزية لم تترجم بعد، وأن الولد الذي أمسك بيدها في المذكرات عندما كانا أطفال هو الشاعر محمد عبدالمعطي الهمشري.إن هناك خطة لجمع الأعمال الكاملة للطيفة الزيات سوف يتم تنفيذها قريبًا. يذكر ان د. لطيفة الزيات كاتبة روائية، وأديبة، أولت اهتماماً خاصاً لشؤون المرأة وقضاياها. ولدت في مدينة دمياط بمصر، في 8 أغسطس/آب عام 1923، وتلقت تعليمها بالمدارس المصرية، وحصلت على دكتوراه في الأدب من كلية الآداب، بجامعة القاهرة عام 1957. شغلت مناصب عديدة، فقد انتخبت عام 1946، وهي طالبة، أميناً عاماً للجنة الوطنية للطلبة والعمال، التي قادت حركة الشعب المصري ضد الاحتلال البريطاني. تولت رئاسة قسم اللغة الإنجليزية وآدابها خلال عام 1952، إضافة إلى رئاسة قسم النقد بمعهد الفنون المسرحية، وعملت مديراً لأكاديمية الفنون. كما شغلت منصب مدير ثقافة الطفل، ورئيس قسم النقد المسرحي بمعهد الفنون المسرحية 1970 - 1972، ومديرة أكاديمية الفنون 1972 - 1973. كانت لطيفة عضو مجلس السلام العالمي، وعضو شرف اتحاد الكتاب الفلسطيني، وعضو بالمجلس الأعلى للآداب والفنون، وعضو لجان جوائز الدولة التشجيعية في مجال القصة، ولجنة القصة القصيرة والرواية. كما أنها كانت عضوا منتخبا في أول مجلس لاتحاد الكتاب المصريين، ورئيس للجنة الدفاع عن القضايا القومية 1979، ومثلت مصر في العديد من المؤتمرات العالمية. أشرفت د. لطيفة الزيات على إصدار وتحرير الملحق الأدبي لمجلة الطليعة، كما تابعت الإنتاج الأدبي بالنقد، في برنامج إذاعي 1960 - 1972. ونالت الجائزة الدولية التقديرية في الآداب عام 1996، ونشر لها العديد من المؤلفات الأكاديمية، والترجمات. وللراحلة مؤلفات إبداعية عديدة، منها: الباب المفتوح عام 1960، والشيخوخة وقصص أخر عام 1986، وحملة تفتيش - أوراق شخصية، وهي سيرة ذاتية، عام 1992، ومسرحية بيع وشراء عام 1994، وصاحب البيت عام 1994، والرجل الذي يعرف تهمته عام 1995، إضافة إلى العديد من المقالات، في النقد الأدبي الإنكليزي.