إعلان نتائج تخصيص 332 وحدة صناعية بالصعيد عبر منصة مصر الصناعية الرقمية    سعر الذهب اليوم الجمعة 30 مايو 2025.. عيار 18 بدون مصنعية ب3934 جنيهًا    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلى على غزة إلى 54,321 شهيد و123,770 إصابة    أيمن الرمادى: الحلقة الأقوى فى الزمالك جمهوره ولا يوجد فضل لأحد على النادى    27 ألفا و927 طالبا يؤدون امتحانات الشهادة الإعدادية غدًا بأسوان    أمجد الشوا: الاحتلال يستغل المساعدات لترسيخ النزوح وإذلال الغزيين    ألمانيا تربط تسلم أسلحة إسرائيل بتقييم الوضع الإنساني بغزة    مصدر أمنى ينفي واقعة تعدي فردي شرطة على سائق أتوبيس جماعي بالقاهرة    مواجهات حاسمة في جولة الختام بدوري المحترفين    المشاط تُهنئ "ولد التاه" عقب فوزه بانتخابات رئاسة مجموعة البنك الأفريقي للتنمية    وزير جيش الاحتلال يقتحم موقع ترسلة قرب جبع جنوب جنين    الداخلية تضبط المتهم بالنصب على المواطنين بزعم العلاج الروحانى بالإسكندرية    شعبة مواد البناء: أسعار الأسمنت ارتفعت 100% رغم ضعف الطلب    «أوقاف الدقهلية» تفتتح مسجدين وتنظم مقارئ ولقاءات دعوية للنشء    محافظ الشرقية يستقبل مفتي الجمهورية بمكتبه بالديوان العام    الرئيس السيسي يتلقى اتصالاً هاتفيًا من رئيس الوزراء اليوناني ويؤكدان دفع العلاقات الإستراتيجية بين البلدين    الصحة: تقديم الخدمات الصحية الوقائية ل 50 ألفًا و598 حاجا من المسافرين عبر المطارات والموانئ المصرية    الأحد.. مجلس الشيوخ يناقش الأثر التشريعي لقانون التأمين الصحي والضريبة على العقارات المبنية    مايا دياب تحيي حفلا في البحرين بمشاركة فرقة «جيبسي كينج»    فى ليلة ساحرة.. مروة ناجى تبدع وتستحضر روح أم كلثوم على خشبة مسرح أخر حفلاتها قبل 50 عام    المنطقة الشمالية العسكرية تستكمل تنفيذ حملة " بلدك معاك " لدعم الأسر الأولى بالرعاية    حسن حسني.. «القشاش» الذي صنع البهجة وبصم في كل الفنون    الليلة.. مهرجان القاهرة للسينما الفرنكوفونية يختتم دورته الخامسة بتكريم اسم الراحل بشير الديك والمؤرخ محمود قاسم والنجمة شيرى عادل    مفتى السعودية: أداء الحج دون تصريح مخالفة شرعية جسيمة    قافلة طبية مجانية بقرية البرشا بملوي تقدم خدمات لأكثر من 1147 حالة    محافظ مطروح يفتتح مسجد عباد الوهاب بحي الشروق بالكيلو 7    خطيب المسجد الحرام: الحج بلا تصريح أذية للمسلمين والعشر الأوائل خير أيام العام    أسامة نبيه: أثق في قدرتنا على تحقيق أداء يليق باسم مصر في كأس العالم    4 وفيات و21 مصابا بحادث انقلاب أتوبيس بمركز السادات    حكم من شرب أو أكل ناسيا فى نهار عرفة؟.. دار الإفتاء تجيب    الإفتاء تحذر: الأضحية المريضة والمَعِيْبَة لا تجزئ عن المضحي    كريم بدوى: زيادة الإنتاج تمثل أولوية قصوى لقطاع البترول    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة لتيسير الأمور وقضاء الحوائج.. ردده الآن    108 ساحة صلاة عيد الأضحى.. أوقاف الإسماعيلية تعلن عن الأماكن المخصصة للصلاة    تحرير 146 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق    ليلة في حب وردة وبليغ حمدي.. «الأوبرا» تحتفي بروائع زمن الفن الجميل    كأس العالم للأندية.. ريال مدريد يعلن رسميا ضم أرنولد قادما من ليفربول    الرئيس اللبنانى يزور العراق الأحد المقبل    طهران: تقرير الاستخبارات النمساوية المشكك في سلمية برنامجنا النووي كاذب    تعرف على إيرادات فيلم ريستارت في أول أيام عرضه    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد الشهيد بالقليوبية    نائب وزير الصحة يتفقد عددا من المنشآت الصحية فى البحر الأحمر    شاهد عيان يكشف تفاصيل مصرع فتاة في كرداسة    بحضور محافظ القاهرة.. احتفالية كبرى لإحياء مسار رحلة العائلة المقدسة بكنائس زويلة الأثرية    ريا أبي راشد: أجريت مقابلة تلفزيونية مع مات ديمون بعد ولادة ابنتي بيومين فقط    حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن البحر الأحمر    رئيسة القومي للمرأة تلتقي الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف    وزير الإسكان: بدء إرسال رسائل نصية SMS للمتقدمين ضمن "سكن لكل المصريين 5 " بنتيجة ترتيب الأولويات    أول هجوم لداعش ضد النظام السوري الجديد يكشف هشاشة المرحلة الانتقالية    رئيس وزراء اليابان يحذر من التوتر بشأن الرسوم الجمركية الأمريكية    3 ساعات حذِرة .. تحذير بشأن حالة الطقس اليوم : «شغلوا الكشافات»    موعد مباراة الاتحاد والقادسية في نهائي كأس خادم الحرمين والقنوات الناقلة    «مالوش طلبات مالية».. إبراهيم عبد الجواد يكشف اقتراب الزمالك من ضم صفقة سوبر    «اعتذرتله».. ياسر إبراهيم يكشف كواليس خناقته الشهيرة مع نجم الزمالك    "فوز إنتر ميامي وتعادل الإسماعيلي".. نتائج مباريات أمس الخميس 29 مايو    فرنسا تحظر التدخين في الأماكن المفتوحة المخصصة للأطفال بدءًا من يوليو    نجاحات متعددة.. قفزات مصرية في المؤشرات العالمية للاقتصاد والتنمية    تقارير: أرسنال يقترب من تجديد عقد ساليبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرية الصحافة وأخونة الاعلام في الدستور
نشر في صوت البلد يوم 18 - 01 - 2013

الصحافة هي عين المجتمع التي يبصر بها ؛ ومن أهم الوسائل التي تعنى بالاتصال الجماهيري والتأثير فيه ؛ لذا يقول الكاتب الروسي "ليون تولستوي" : الصحف نفير السلام وصوت الامة ، وسيف الحق القاطع ،ومجبرة المظلومين ، وشكيمة الظالم ، فهي تهز عروش القياصرة وتدك الظالمين .
(1)
ظلت علاقة ملوك ورؤساء مصر ب "الصحافة" هادئة نسبياً ومشتعلة أحياناً كثيرة، وبعد ثورة الخامس والعشرين من يناير وتولي الرئيس محمد مرسي – صاحب الانتماء الاخواني - رئاسة الجمهورية زادت حدة الهجوم علي الصحفيين، لدرجة جعلت قيادات الإخوان يصفونهم بأنهم "سحرة فرعون"، وهذا ما جعل جموع الصحفيين والإعلاميين يرفضون سياسات الهيمنة الرامية إلى "أخونة الإعلام المصري" واحتكار فصيل سياسي واحد للمنابر الإعلامية والسيطرة على المؤسسات الاعلامية والصحفية القومية، مما يعد سيراً علي نفس سياسات الرئيس السابق والحزب الوطني المنحل وممارسة أساليبه داخل مؤسسات الدولة، والتي أفسدت الحياة الاجتماعية والسياسية والصحفية والإعلامية في مصر.
إن الدساتير السابقة لمصر منذ دستور 1923 كفلت حرية الصحافة، وأضيفت إليها بعض المكتسبات بعد ثورة يوليو 1952، ولكن بعد صعود الإسلاميين وإزاحة النظام السابق ألغت ما حصلت عليه الجماعة الصحفية من مكاسب في عهد الرئيسين "أنور السادات" و"حسني مبارك"، فجاءت مواد الإعلام وحرية الصحافة في الدستور الجديد "كارثية"؛ لأنها سمحت بإغلاق وتعطيل الصحف، وهو ما يتنافى مع حرية الإعلام، بزعم "مقتضيات الأمن القومي" التي تفتح الباب إلى محاكمة وتكميم أفواه الإعلاميين.
(2)
إن لجنة حماية الصحفيين العالمية، ومقرها نيويورك، قالت: " إن الدستور المصرى يفرض عدة قيود جديدة على حرية الصحافة- بما فى ذلك إقامة هيئة تنظيمية حكومية جديدة وسلطة جديدة للحكومة لإغلاق وسائل الإعلام- وفى الوقت نفسه لن يغيّر شيئاً لإيقاف الملاحقات الجنائية ضد الصحفيين التى كانت سمة تميّز نظام حسنى مبارك" .
وقد وجدت المنظمات المحلية والدولية المعنية بحرية الصحافة، أن الدستور يضع قيودًا شديدة على حرية التعبير فى حين يزعم أنه يضمن حرية التعبير، في حين أنه يضع القيود التي تكبل حرية الرأي ولا يسعى لحماية الصحفيين .
ورغم أن المادة 45 من الدستور الجديد تنص بصفة فضفاضة على أن «حرية الفكر والرأى مكفولة»، فإن النص يحتوى على عدة مواد تتناقض مع هذه المادة، بما فيها المادة «44» التى تحظر «الإساءة أو التعريض بالرسل والأنبياء جميعاً»، وبموجب هذا النص يمكن ملاحقة من ينتقدون ، بسبب «ازدراء الأديان» و«إهانة الرئيس».
كما أن المادة «215»، تستبدل المجلس الأعلى للصحافة - ويتألف من صحفيين- بالمجلس الوطنى للإعلام الذي تعيّن أعضاءه الحكومة ، ويتولى المجلس «وضع الضوابط والمعايير الكفيلة بالتزام وسائل الإعلام المختلفة بأصول المهنة وأخلاقياتها»، و«مراعاة قيم المجتمع وتقاليده البناءة»، مما يمنح الهيئة الحكومية الجديدة سلطة السيطرة الاعلامية والصحفية على التغطيات الإعلامية وتوجيهها ؛ لما يخدم مصالح الحكومة . وأشار الخبراء إلى أن وضع الفضائيات أكثر تعقيدًا في الدستور، وجاء في المادتين 215 و216 إنشاء مجلس وطني للإعلام، وهيئة وطنية للإعلام والصحافة لضمان تنظيم الإعلام ؛ حيث تمتلك الحكومة وسائل إعلام عديدة، وتقوم بدور الرقيب في نفس الوقت. وتعلن المادة «216» عن تأسيس وكالة تُدعى الهيئة الوطنية للصحافة والإعلام، كى تدير المؤسسات الصحفية والإعلامية المملوكة للدولة، ولا تحدد هذه المادة طريقة اختيار أعضاءها، كما لا تقدم تفاصيل حول الكيفية التى ستضمن فيها الهيئة التزام وسائل الإعلام ب«أداء مهنى وإدارى واقتصادى رشيد». والتخوف من أن هذه المادة ستكرث لخدمة حزب جماعة الإخوان المسلمين، وتعيين أعضاء من الجماعة فى مناصب قيادية فى وسائل الإعلام والمؤسسات الصحفية .
وتتيح المادة «48» للمحاكم إغلاق وسائل الإعلام، إذا وجد القضاء أن أحد العاملين فى الوسيلة الإعلامية المعنيةلم يحترم شروط هذه المادة، حيث تنص على أن "حرية الصحافة، والطباعة والنشر، وسائر وسائل الإعلام مكفولة، وتؤدي رسالتها بحرية واستقلال لخدمة المجتمع، والتعبير عن اتجاهات الرأي العام، والإسهام في تكوينه وتوجيهه، في إطار المقومات الأساسية للدولة والمجتمع، والحفاظ على الحقوق والحريات والواجبات العامة، واحترام حرمة الحياة الخاصة للمواطنين ومقتضيات الأمن القومي؛ ويحظر وقفها أو غلقها أو مصادرتها إلا بحكم قضائي، والرقابة على ما تنشره وسائل الإعلام محظورة، ويجوز استثناء أن تفرض عليها رقابة محددة في زمن الحرب أو التعبئة العامة".
وهذا النص لم يتغير في الدستور الجديد بل تم نقله حرفيًا من دستور 71، بإضافة بعض الجمل المطاطة بعبارات غامضة تفتح الباب أمام البطش بحرية الصحافة، كما أن الصحف كان لا يجوز حلها في دستور 1971 أما في الدستور الحالي يجوز حل الصحف بحكم قضائي، كما تم حذف "السلطة الرابعة" رغم أنها سلطة شعبية خاصة بالصحافة.
ورغم مطالبات نقابة الصحفيين المتكررة من عدم سجن الصحفيين واستبدال السجن بالغرامة ؛ إلا أن الدستور لم يستجيب لرؤية الجماعة الصحفية ؛ وأنه بموجب قانون العقوبات يمكن ملاحقة الصحفيين جنائياً بتهمة التشهير. ولم يحمي الدستور حرية التعبير الصحفي ؛ التي تعد من الحقوق الجوهرية لأي دستور ديمقراطي .
(3)
إن مواد الإعلام في الدستور كشفت عن عداء مبيت للصحافة والإعلام من تيار الإسلام السياسي، وللأسف وضعوا المواد بمنظور ديني، رغم وضع نص إيجابي بوجوب إصدار الصحف بالإخطار فقط، وهو ما كان يطالب به في العهد السابق، لكن استمرار تبعية الإذاعة والتليفزيون للحكومة، واستمرار تبعية الصحف القومية لمجلس الشورى لا يضمن لهما الاستقلالية والحيادية بعيدًا عن الدولة، بالإضافة إلى أن الدستور لم يمنع حبس الصحفيين، وكان من الأجدى أن يعوض الحبس عند ضرورة معاقبة أي صحفي أو صحفية بالتعويض المادي، حيث أن دستور 71 كان ينص على عدم إغلاق أي صحيفة أو أي قناة حتى عند صدور حكم قضائي، وكان المنصوص عليه أن يعاقب صاحب الجرم أو مرتكب الخطأ فقط، أما في الدستور الجديد فأصبح العقاب جماعيًا وليس لصاحب الخطأ فقط.
لاشك أن الدستور الجديد أضاع هيبة الإعلام، وسيتم بمقتضاه تكميم الأفواه و رادع الجماعة الصحفية والإعلامية ؛ لأن النظام الإخواني الحاكم يرفض الإعلاميين غير الموالين له ويعتبرهم "سحرة فرعون"، ويلقي بكل لائمة أو أزمة تحدث في البلاد على الإعلام، رغم أنه طبيعة عملهم في الأساس "نقل الحدث" من مصادره إلى الرأي العام.
إن المواد الخاصة بالإعلام في الدستور غلب على كثير منها التناقض، فمثلًا جاء في إحدى المواد أن حرية التعبير عن الرأي مكفولة في ضوء مبادئ الدولة والمجتمع، والسؤال: من هي الجهة المنوط بها تحديد مبادئ الدولة والمجتمع ؟ ومادة أخرى زادت من جرائم حبس الصحفيين في حالة إذا تناولوا الذمة المالية لبعض الشخصيات، وفي حالة إهانة رئيس الجمهورية، وعند نشر أخبار تثير البلبلة داخل المجتمع.. ولم يوضع الدستور تفاصيل تفسر هذه المواد وتركها مبهمة تحتمل التأويل .
(4)
من المؤكد أن الصحفيين والاعلاميين الشرفاء يرفضون تصاعد الهجمة ضد حرية الصحافة والإعلام ، ويرفضون السياسات الرامية إلى "أخونة الإعلام" و احتكار فصيل سياسي واحد للممارسة الاعلامية واالاقصاء والانتقام ممن يختلف معهم في الرأي والتوجه .. إن المنظمات الحقوقية والاعلامية الدولية أدانت عودة سياسة إرهاب الصحفيين والصحف و الفضائيات وتهديدها بالإغلاق وإساءة استخدام حق التقاضي والسجن بدعاوى الإساءة لتيار معين أو المساس بقدسية وهيبة "الرموز والشخصيات" .. كما أن المضي في سياسة الاستحواذ والسيطرة على مفاصل الدولة ومنابر التأثير في الرأي العام يمضي بأسرع من المتخيل .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.