تحل الذكرى الثانية على الثورة الليبية التي أسقطت العقيد "معمر القذافي"، ومازال إنتشار الأسلحة في ليبيا يثير مخاوف وقلق العالم بأسره، خاصةً بعد تصاعد أحداث العنف الأخيرة التي شملت السفارة الأمريكية وقتلت سفيرها وثلاثة من موظفيها، بسبب تمسك أبناء الشعب والقبائل بالأسلحة الثقيلة التي حصلوا عليها أثناء الصراعات المسلحة بين جيش القذافي والثوار والمنشقين، حتى أن الأسلحة أصبحت في متناول الجميع وبأسعار زهيدة.. وطالب مراقبون سياسيون عرب ضرورة التعجيل بما أعلنته وزارة الداخلية الليبية عن قيامها بدراسة مشروع بقانون سوف يصدر قريباً لسحب السلاح الثقيل وتفكيك الكتائب غير الشرعية في البلاد، حيث أن إنتشار السلاح داخل بيوت أبناء ليبيا أصبح يعرقل مساعي الحكومة لتنفيذ برامجها الإنمائية نتيجة عدم رغبة الشركات الأجنبية التي كانت تنفذ مشاريع كبيرة ومختلفة قدرت بملايين الدولار في العودة إلى البلاد ما لم يستتب الأمن فيها، وتوقع الخبراء أن يؤدي هذا القرار الى تحرر ليبيا من أعضاء تنظيم القاعده والحركات الجهادية التي إندمجت وسط الثوار، وقد تحدث معارك مسلحة بين الجيش الليبي والمليشيات المسلحة، لأنها لن تلتزم بتسليم أسلحتها للسلطات الليبية، ولن تفكك أنفسها، والأخطر من ذلك أن بعض هذه الحركات المسلحة أعلنت عن إستقلال بعض المناطق الليبية عن الدولة ووقوعها تحت سيطرتهم وسيادتهم. د.خالد عمارة نائب مساعد وزير الخارجية المصري للعلاقات الدولية الأسبق، يرى أن قرار وزارة الداخلية الليبية بحل المليشيات المسلحة قد يؤدي الى حدوث إضطرابات عنيفة داخل البلاد في حال إستخدام القوة من جانب القوات المسلحة الليبية، والأفضل كان التفاوض مع هذه الحركات حتي تضع سلاحها جانباً، لأن قادة ليبيا عليهم ألا ينسوا أن هؤلاء الثوار أصحاب فضل في جلوسهم علي مقاعد السلطة، مشيراً الى أن المجلس الإنتقالي الليبي السابق بقيادة مصطفى عبد الجليل ذو المرجعية الإخوانية تساهل كثيراً مع الحركات المسلحة ؛ لأن بعضها ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، حيث ساهم في دعم الحزب الإخواني الليبي "العدالة والبناء" في وقت كان لا يستطيع العمل مع أعضاء المجلس الإنتقالي ويرغب فى الإستقالة، ولكن إخوان ليبيا دعموه بقوة بعد إنشائهم حزباً سياسياً، موضحاً بأن الجماعات الإسلامية المسلحة تستطيع أن تصعد وتهدىء الإحتجاجات والتظاهرات في البلاد إذا أرادت، وبعد دخولهم المعترك السياسي تخلوا نسبياً عن نزاعاتهم المسلحة مع القبائل والثوار الذين يضعون أيديهم على أجزاء من الوطن بهدف تقسيم ليبيا ويمنعون الجيش والحكومة من فرض سيطرتهم على هذه المناطق. فرض الرأي بالسلاح وفي رأي د.عبد الله الأشعل أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأمريكية، أن الصراع على السلطة بجانب الفوضى الأمنية في ليبيا ستعطي الأفضلية لمن يملك السلاح من القوى الليبية المتقاتلة للإحتفظ بسلاحها لفرض وإملاء معطياتها السياسية، وهو الأمر الذي سيعقد مهمة "المؤتمر الوطني العام المنتخب" بل ربما أمام الحكومات الليبية المتعاقبة، موضحاً بأن ليبيا مازالت تعيش وضعاً إنتقالياً صعباً نتيجة التسليح العسكري الثقيل أثناء الثورة الليبية من جانب القبائل والثوار والجماعات الإسلامية المسلحة، ولذلك تحتاج المرحلة الإنتقالية الليبية جهود كبيرة ووقت طويل لترسيخ قيم الثقافة المدنية والديمقراطية بعيداً عن أعمال العنف والمراوغات مع السلطات، مؤكداً بأن التيارات الإسلامية تتغاضي عن هذه الأعمال المسلحة، وقد تدعمها في الخفاء لإحراج بعض المسئولين في الحكومة، كما أنها تتلاعب على كافة الجوانب بهدف الوصول للسلطة بعد صعود القوي المدنية، متخوفاً من الصراع الإسلامي القادم فى ليبيا على السلطة لأن الجماعات الإسلامية الليبية لن ترضى بأقل من المكاسب السياسية التى سوف يحصل عليها إخوان ليبيا، ولذلك لن يرضخوا لتسليم أسلحتهم أو تفكيك المليشيات المسلحة التابعة لهم بسهولة. ومن جانبه أشار د.عمرو الشلقاني أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، الي أن تزايد النشاط الإرهابي من جانب أعضاء القبائل المسلحة يهدد إستقرار الأوضاع الداخلية المعقدة في ليبيا، كما يعيق جهود الحكومة الليبية الموجهة نحو تهدئة الأوضاع في البلاد وتقدمها على طريق التحول الديمقراطي، لأن المستثمرون الأجانب هربوا بأموالهم من السوق الليبي ورفضوا العوده إلا قبل تهدئة الأوضاع، مؤكداً بأن فشل تكوين حزب إسلامي معتدل يضم "الإخوان والحركات الإسلامية" هو السبب الرئيسي وراء المظاهرات التي إنطلقت لرفض التواجد الإسلامي الذي يستخدم العنف المسلح ولا تستطيع الدولة أن تتعامل معهم حتي لا تحدث إشتباكات مسلحة بين الطرفين، محذراً من التصارع على السلطة من خلال إستخدام "السلاح، والمال السياسي، والخطاب الديني" بعد السقوط الرهيب في الإنتخابات السابقة للإسلامين، حيث بدلت بعض الحركات الإسلامية إسمها ولم تغير منهجها التفكيري مثل "الجماعة الليبية المقاتلة" التي أصبحت "الحركة الليبية الإسلامية للتغيير" بقيادة عبد الحكيم بلحاج والتى حاربت كثيراً في أفغانستان مع تنظيم القاعده، وسهلت دخول أعضائها الي ليبيا بعد سقوط القذافي، وللأسف إندمجوا وسط الثوار، وأيضاً مازال التواجد القوي عسكرياً الضعيف عددياً لتنظيم القاعده في شرق ليبيا هو ما تسعي السلطات الي تصفيتهم ومطاردة جميع الإرهابيين الذين اندمجوا وسط الثوار ويريدون إحداث فتنة كما حدث في الهجوم علي القنصلية الأمريكية في بنغازي. مخربون ومرتزقة بينما يرى د.محمد السعيد الباحث في الشئون العربية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن الحركات والجماعات الإسلامية بكل تشكيلاتها في بلاد الربيع العربي تمثل صحوة سياسية إسلامية، مؤكداً بأن فوضى السلاح وتشكيل ميليشيات مسلحة تهدد قيام نظام ليبي جديد، وتساهل السلطات الأمنية والعسكرية معهم سوف يدخل البلاد في حرب أهلية مع قوات الجيش النظامي، وللأسف بعض الدول العربية التي قامت بإمداد الجيش المنشق والثوار أثناء الثورة بالسلاح كانت ترغب في تفتيت المجتمع الليبي وتريد تقسيمة إلى دويلات وولايات، ولذلك يجب على الدولة المصرية مساعدة جيرانها ومساندة السلطات الليبية في أزمتها لجمع السلاح بكافة الطرق حتي تتحرر من التنظيمات الإرهابية، وعلي الثوار الليبيين دعم بلادهم لأن الكثير من المخربين والمرتزقة دخلوا البلاد ويريدون تفتيتها، منوهاً الي أن الثوار لو رغبوا في الإحتفاظ بأسلحتهم على الدولة أن تسعى لضمهم إجبارياً للجيش النظامي الليبي أو قوات الأمن الداخلي، موضحاً بأن تلك المليشيات تضع نفسها فوق القانون وهي المسئولة عن إنتشار أعمال الفوضي المسلحة والشعب الليبي لن يبدل طغيان حاكم مستبد بطغيان غياب القانون وسيطرة الجماعات المسلحة . وطالب د.سعيد اللاوندي خبير العلاقات الدولية بمكز الأهرام للدراسات السياسية، أعضاء المؤتمر الوطني الليبي العام في مساندة وزارة الداخلية وإصدار قوانين تُجرم حمل والإحتفاظ بالسلاح، أو التعدي علي المقدسات الدينية، والسفارات الأجنبية، حفاظاً علي إستمرار نهضة البلاد، بدلاً من حل المليشيات المسلحة بالقوة العسكرية والتي لن يقابلها المسلحون إلا برد عسكري من جانب لقبائل المسلحة وقد تقع ليبيا في صراعات ونزاعات وحرب أهلية مسلحة لن تنتهي، مؤكداً بأن الصراع الشعبي بعد صعود الليبراليين لم يعجب التيارات الإسلامية وتحديداً (الإخوان والسلفيين) خاصةً وأنهم جمعوا الكثير من السلاح الخفيف والثقيل بعد سقوط النظام الليبي السابق وسقط في أيدي أعضائهم ولن يتخلوا عنه بسهوله كما يتصور البعض، موضحاً بأن وزير الدفاع الليبي " محمد البرغثى" أكد في تصريحات سابقة أن "قيادات بعض المواقع العسكرية المنشقة رفضوا الإندماج تحت شرعية وزارة الدفاع الليبية"، ورغم أن هذه المواقع تمتلك آليات عسكرية ثقيلة مثل "الدبابات والصواريخ، وقذائف آر بي جي" وغيرها الإ أن هوية هذه المجموعات التي تسيطر على المواقع العسكرية، غير معروف إن كانوا من أنصار النظام السابق أو من الثوار.