دعوة قيادي إخواني يهود مصر الإسرائيليين للعودة الى مصر لا يمكنُ عزلها عن مناخ الربيع العربي، وقد سبقتها في العراق دعوة لتعويض اليهود المرحّلين عنه ، في المقابل لا يريد الإسرائيليون أن يتخلوا عن دولة الأمل مهما كانت الإغراءات. ردَّ عازي نجار رئيس جمعية يهود مصر في إسرائيل على دعوة عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة المصري الى اليهود الذين سكنوا مصر ثم هجّروا بالعودة الى مصر بالقول " نحن لسنا مجانين ولا أغبياء لنجيب دعوته... وحتى لو كانت الأوضاع مثالية في مصر فإننا لن نعود...لوجود دولة يهودية نعيش فيها، فلماذا إذن نعود إلى دول لا تحترم حقوق الأقليات، ونحن ننعم هنا بالديمقراطية؟ ". هذا الرد فضح مدى تردي وضع الفرد العربي في بلده، وكشف الى حد كبير تعلّق الاسرائيليين بدولتهم وبما تحقق لهم عبر تاريخها الحديث القصير، وهو تعلّق وانتماء يبدد سوء فهم ساد في صحف ومجلات ومواقع عربية مفاده أنّ اليهود القادمين من دول عربية في إسرائيل يعانون من التمييز ضدهم، الأمر الذي يُشعرهم بالرغبة في العودة الى بلدان الشتات العربي قبل قيام الدولة العبرية وربما ساعد في شيوع سوء الفهم المذكور كتابات كثير من الأسرائيليين القادمين من بلدان الشتات العربية في العراق ومصر وسوريا والمغرب ، والتي حملت دائما قدرا كبيرا من الشوق النوستالجي الى مراتع طفولتهم في بلدان الشتات، ولكن الموقف الذي جدّ على الساحة العربية بوحي مناخ الربيع العربي القلق، ساعد بشكل غير مقصود على رفع الإلتباس، كما أنه سلط الضوء على حقيقة أنّ قسما من اليهود في بلدان الشتات العربية لم يكونوا في تلك المرحلة راغبين في الهجرة الى دولة إسرائيل ، لكن الإنظمة الحاكمة في تلك البلدان أجبرتهم على ترك ما يملكون والهرب لينجوا بأرواحهم دعوة العريان غزل أخواني مع الغرب هذه الحقيقة وردت في بعض ما قاله القيادي الإخواني عصام العريان حين تساءلَ : " عبد الناصر طردهم ليه؟". ورغم أن حزب الحرية والعدالة قد أعلن أنّ العريان في هذه التصريحات لا يمثل إلا نفسه، كما أن العريان قد سارع ليعلن فيما بعد أن دعوته يجب أن تُقرأ في سياق فلسفي باعتبارها دعوة لكل اليهود للعودة الى بلدانهم، لكن كثيرا من المراقبين يرون أن ما قاله العريان جاء في إطار غزل الأخوان المسلمين مع الغرب بشأن الموقف من إسرائيل دعوة العريان أثارت ردود فعل غاضبة في مصر، وتساؤلات في الجوار العربي عن شكل العلاقة التي ترتسم ملامحها بين إسرائيل وبين الدول التي تخرّجت من غضب الربيع العربي. ولكن هذه الدعوات لا تبتعد كثيرا عن دعوات مشابهة صدرت عن مؤتمر الإديان الذي انعقد في كردستان العراق في نهاية شهر نوفمبر عام 2012 بإشراف رئيس جمهورية العراق جلال طالباني "تعديل الدستور ليعود اليهود الى نسيج المجتمع العراقي" في هذا المؤتمر طالب خبير الأديان نبيل الحيدري ( وهو مسلم) بإعادة الحقوق لليهود الذين سكنوا العراق ثم أجبروا على تركه وسلبت أموالهم وقُتل بعضهم إبتداء من عام 1948، وجاءت الإستجابة لطلبه في البيان الختامى حيث نصّت الفقرة السابعة منه على ضرورة تصحيح الدستور وإضافة اليهود كدين رسمى الى جانب المسلمين والمسيحيين وغيرهم وتحقيق المساواة وإعادة المواطنة إليهم. كما نصت الفقرة التاسعة من البيان على الإقرار بحقوق اليهود فى الجنسية والإنتماء الوطنى وشمول العائدين منهم الى العراق بالرعاية والعناية ، و نصّت الفقرة الثامنة من البيان على الإهتمام بآثارهم وعدم العبث بها وفي تطور متصل حدث أثناء كتابة هذا المقال ، دعا الزعيم الشيعي المثير للجدل مقتدى الصدر اليهود الى المشاركة في بناء العراق اسوة بالمسلمين والمسيحيين والصابئة وغيرهم، جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده في مدينة النجف لكن خبراء في الشأن العراقي أعتبروا هذه الدعوة مخالفة دستورية صريحة لأن المادة (2) الفقرة ثانيا من الدستور لا تنصُّ على أن اليهود هم مكوّن عراقي. هذا التطور يوضح أهمية التعديل الدستوري الذي طالب به البيان الختامي لمؤتمر الاديان في كردستان العراق " لابد من حل مشكلة اللاجئين اليهود" إسرائيل من جانبها تبدو جادة في مسعاها لإستعادة حقوق اليهود المرحّلين ، فقد قاد داني إيالون نائب وزير الخارجية الاسرائيلية وسفير إسرائيل لدى الأممالمتحدة رون بروسور حملة في سبتمبر 2012 لاستعادة حقوق اليهود في دول الشتات العربية والتي اغتصبت عشية تهجيرهم قسريا عن تلك البلدان أيالون وفي معرض تحليله لدوافع الحملة قال" لن نحقق السلام دون حل مشكلة اللاجئين، بما فيهم اللاجئون اليهود، فالعدالة ليست وصفا ينطبق على جانب واحد من القضية، المعيار نفسه يجب أن ينطبق على الجانبين". فيما دعا السفير بروسور الأممالمتحدة الى إنشاء مركز يوثّق قضايا تخص 850 الف يهودي سكنوا دول الشتات العربية وأجبروا على الهجرة بعد أن سُلبت أملاكهم وأموالهم ، ليكون ذلك مقدمة لإنصافهم وإحقاق حقوقهم ، على حد تعبير السفير.