الحالة التي يمر بها العالم العربي ، تستدعي أن نرجع إلى العصور السابقة لنرى ما مر عليها من أزمات و الاستفادة بها الآن، و لهذه الاسباب أقام الكاتب الروائي "يوسف زيدان" صالونه الشهري بساقية عبد المنعم الصاوي، تحت عنوان "تاريخ الأزمة" . وأشار زيدان أن أكثر الحالات شبهًا للوضع الحالي هي ثلاثة مؤلفات، الأول: كتاب لإمام الحرمين "أبو المعالي الجويني" بعنوان" غايات الأمم في إلتياث الظُلم" وذكر فيه كاتبه أنه لا يجوز النص على الإمامة، بمعنى أنه لا يوجد هناك إمام للناس يتم ذكره في الدساتير ويجب طاعته، ولكن للجماعة الحق في اختيار الإمام وتغيره، على عكس المبدأ الشيعي . و المؤلف الثاني هو مخطوطة بعنوان "الكشف عن مجاوزة هذه الأمة الألف" ل "جلال الدين السيوطي" وكانت رسالتها الأساسية محاربة الشائعات التي يبرع المصريون في اختلاقها ونشرها.. أما المؤلف الثالث والأكثر أهمية هو كتاب"إغاثة الأمة بكشف الغمة" ل"المقريزي" وكانت بنت المقريزي قد توفيت في مجاعة حدثت في مصر، فكتب المقريزي الكتاب ليعيد فيه استحضار الأزمات السابقة لتعليم الجماعة المصرية كيف تتصرف، وذكر فيه أن المعاينة والمعاصرة للأحداث تضخم رؤيتنا لها، وكان هناك تصور قبل المقريزي أن الأزمات والمحن تأتي من الخارج ولا يحلها إلا الله، وقد أصدر المقريزي الكتاب ليبين للناس الأسباب الحقيقية لنزول المحن، وكيفية الخلاص منها، وأن المحن لا تنزل من السماء ولكن يمكن أن يصنعها البشر، وأن ما يحل بالناس من محنة ما هو إلا سوء تدبير من الحكام والزعماء وغفلة منهم عن النظر في مصالح العباد ، وذكر مثالا على ذلك: الشِدَة المستنصرية، وهي تلك المجاعة الشديدة التي حدثت في زمن الخليفة المستنصر والتي جعلت الناس يأكل بعضهم بعضًا، وكيف أنها كانت بسبب ضعف السلطنة وفسادها، ولم يكن يمكن حلها إلا بتدبيرات غير معتادة من الحاكم، وفي هذا الكتاب لخص المقريزي أسباب المحن في ثلاثة أشياء هي: جعل ولاية المناصب بالرشوة، وغلاء الأطيان -أي الأرض-، ورواج النقود"التضخم" ، واعتبر المقريزي أن الحل لهذه المحن هو الاستبصار والاعتبار بما سبق وإعمال العقل .ويرى يوسف زيدان أن هذه النقاط أيضا هي سبيلنا لحل أزمتنا الراهنة التي نعيشها جميعا .