فى الوقت الذى أعلن فيه البنك المركزى المصرى رفضه منح تراخيص لإنشاء بنوك إسلامية جديدة فى السوق، والتى اعتزم على أثرها وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب د. سامى سلامة تخصيص جلسة لمناقشة إلغاء القواعى التى تحد من إنشاء بنوك إسلامية جديدة، فضلاً عن تقدم أحد النواب بطلب إحاطة لتحويل جميع البنوك التجارية إلى إسلامية، تضاربت الآراء حول تأثير ذلك على القطاع المصرفى، فالبعض يرى أن السوق المصرفى حاليًا متشبع ولا يحتاج كيانات جديدة قد تهوى بالقطاع، فضلاً عن ضرورة اعداد البنك المركزى لقواعد جديدة تنظم عمل البنوك الإسلامية قبل طرح المزيد منها والبعض الآخر يرى أن البنوك الإسلامية فى حاجة إلى زيادة عددها لدعم التنافسية بين البنوك، خاصة أن البنوك الإسلامية العاملة فى مصر عددها ضئيل جدًا مقارنة بالتجارية. حول جدوى إنشاء بنوك إسلامية جديدة، قال د.إيهاب الدسوقى أستاذ التمويل بأكاديمية السادات: إن زيادة عدد البنوك الإسلامية سيزيد من حجم المنافسة والجودة بين البنوك الإسلامية والتجارية، مؤكدًا أن البنك الذى سيرى أنه يخسر لن يجازف بالدخول فى القطاع المصرفى وفتح فروع جديدة، مشيرًا إلى أن الغريب فى الأمر أن هذا القرار ضد البنوك الإسلامية فى ظل سيطرة الإسلاميين على مجلس الشعب فهو قرار من الناحية الفنية له مبرراته، لكن لم يراع الجوانب الأخرى السياسية. وأضاف أنه كون البنوك التجارية ربوية من عدمه تحددها دار الافتاء والأزهر، مؤكدًا أن الربا استغلال لا يحدث فى عمل البنك، وقال أنه من المستحيل أن تتحول جميع البنوك إلى إسلامية، لأن هناك علاقات مع العالم الخارجى، مشيرًا إلى أن اتاحة الفرصة لمنع تراخيص لبنوك إسلامية جديدة سوف يعيد التوازن إلى القطاع المصرفى من جديد، خاصة أن عددها ضئيل جدًا حاليًا مقارنه بالبنوك التجارية العاملة فى السوق. وقال طارق حلمى رئيس مجلس إدارة المصرف المتحد سابقًا: أن عدد البنوك فى مصر كاف ويتجاوز 39 بنكًا ولا مجال للمزيد من البنوك الأخرى إلا بالشراء والاستحواذ، فالبنوك الإسلامية فى مصر تتمثل فى بنك فيصل والبركة والمصرف المتحد والذى سيتحول إلى إسلامى فى نهاية 2012 مبررًا قرار البنك المركزى بوقف التراخيص للبنوك، وخاصة الإسلامية بأنه لابد من الرقابة الشديدة عليها ووضع هيئة للتأكد من الشرعية لهذه البنوك، فضلاً عن التأكد من أن الفروع الإسلامية فى البنوك التجارية تدار وفق الشريعة من ثم يلزم أن يقوم المركزى بضبط هذه الأمور قبل أى إجراء لمنح تراخيص جديدة لضمان أن الودائع تستثمر بالشكل المطلوب، وأضاف: أنه ليس هناك من حل سوى أن تتحول بعض البنوك التجارية إلى إسلامية، خاصة أن المركزى لا يمكنه امتلاك بنك. وحول طلب أحد النواب أن تتحول البنوك التجارية إلى إسلامية، أفاد حلمى بأنه لا يمكن التحليل أو التحريم، لكن النظام الإسلامى عادى ليس به ما يثير التخوف من الخسارة للعميل، بل على العكس، إلا أن البعض لديهم قلق من كل ما هو إسلامى لارتباطه بالعنف والإرهاب، خاصة فى التسعينيات ويمكن القول أن البنوك الإسلامية هى أكثر البنوك التى تمكنت من تجاوز الأزمات المالية، لأنها تحث على منع الربا، ولكن تحول البنوك جميعًا إلى إسلامية قد لا يتوافق مع رغبات بعض العملاء، بما سيأتى ضد مصلحة القطاع المصرفى. سوق مصرفي محدود وعلق الخبير الاقتصادي د. حمدى عبد العظيم بأن السوق المصرفى فى مصر محدود ولا يحتمل بنوك إضافية والاكتفاء بالفروع يأتى لرغبة المركزى فى نشر المعاملات المصرفية فى جميع البقاع الجغرافية لمصر، موضحًا أن انشاء رخص جديدة السوق المصرفى متشبع حاليًا والفترة السابقة شهدت بيع بعض البنوك ليحل محلها أسماء جديدة بعد الحصول على رخصة البنك القائم بالفعل أو امتلاك معظم أسهمه. وأعربت بسنت فهمى الخبير المصرفى عن عدم اتفاقها مع قرار إيقاف تراخيص المصارف الإسلامية أو غيرها من البنوك التجارية، خاصة أن مصر على أعتاب حقبة جديدة تحتاج التوسع فى البنوك العاملة فى السوق على أمل المساعدة على تنمية الاقتصاد الوطنى فى المرحلة المقبلة، موضحة أن البنوك التى تعمل طبقًا للشريعة الإسلامية قد أبلت بلاء حسنا خلال الأزمة المالية العالمية وكانت أقل البنوك تأثرًا بالأزمة المالية، حيث أن البنوك الإسلامية تعمل فقط فى اقتصاد حقيقى وليس اقتصاد ورقى، وتساهم عن طريق أساليب التمويل المختلفة التى تقدمها على تنمية الاقتصاد مع مراعاة الجوانب المتجانسة والاستقرار الاجتماعى، المشاركة فى الربح والخسارة ولا تتعامل بالربا. وقالت إن مراعاة الاستقرار الاجتماعى والتنمية المتوازنة يجب أن يكون هدفًا أساسيًا لأى نشاط اقتصادى، وذلك للارتقاء بالمستوى المعيشى لجميع طبقات المجتمع ولا يكون التركيز فقط على طبقة الأثرياء، كما تفعل الرأسمالية المتوحشة غير المتوازنة وكلما زادت المؤسسات المالية العاملة ساعد ذلك على تنمية وتنوع الخدمات نظرًا للمنافسة التى تنشأ، ويكون ذلك دائمًا فى صالح الاقتصاد والسوق والاستقرار الاجتماعى. أضافت: لا شك أن البنوك الإسلامية شكلت جبهة تنافسية أمام البنوك التقليدية، مما دعا الكثير منها (التقليدى) إلى إنشاء فروع وقطاعات تعمل طبقًا للشريعة الإسلامية السمحاء. وذلك داخل المنطقة العربية وعالميًا، باعتبار أن المنافسة شىء طبيعى بالرغم من إنه قد يزعج البعض، خاصة البنوك الضعيفة. وقيام البنوك التقليدية بإنشاء فروع إسلامية هو اعتراف حقيقى بزيادة الطلب الملحوظ على هذا النوع من الخدمات المالية، فهو ينمو بشكل منتظم، وزادت نسبة النمو بعد الأزمة المالية العالمية التى أثبت فيها جدارة وكفاءة تلك المؤسسات فى التعامل مع المخاطر. وقال كمال محجوب الخبير المصرفى ورئيس بنك مصر إيران سابقًا: أن البنوك عددها كبير فى مصر، خاصة بعد دخول الأجانب إلى السوق المصرفى عبر شراء بنوك قائمة بالفعل حتى أن المركزى رفض أن تحصل أى منها على تراخيص جديدة. وأضاف أن المبدأ مطبق من البنك المركزى ويطبق قواعد محددة على جميع البنوك ولا يفرق فى ذلك بين تجارى وإسلامى، موضحًا أن وجهة الاختلاف بين النوعين، هى فقط فى مدى شرعية تحديد سعر الفائدة والتى تم علاجها عبر قانون الجهاز المصرفى والنقد حتى فيما يتعلق باصدار السندات وطبيعة توظيف السيولة لدى البنوك. وأوضح أن طرح هذه القضية وقصر اعلان وجود تحيز من المركزى ضد البنوك الإسلامية يستهدف أثارة ضجة إعلامية لاجتذاب الشعور الوطنى نحو التيار الإسلامى لما ذلك من تداعيات فى المشهد السياسى فهو حق أرادوا به باطلاً على حد تعبيره، ولابد من تقدير الأسباب الفنية التى يراها البنك المركزى والتى كان عادلاً فيها بين التجارية والإسلامية على حد سواء. وتعليقًا منه على طلب أحد النواب تحويل جميع البنوك من ربوية إلى إسلامية، قال محجوب: أن الاجتهاد مفتوح فى هذا الأمر، معربًا عن اقتناعه أن البنوك العامله فى مصر جميعًا ليست بربويه، خاصة أن معظم أعمالها بخلاف منح القروض تمثل فى ضخ سيولة وفتح حساب وتحويل أموال ولاستثمار على مراحل حتى أن هناك اتفاقًا مسبقًا بين البنك والعميل على اقتسام الربح مقدمًا، كما أن الأموال التى تنالها المشروعات تأتى عبر دراسة جدوى وتوقع للربح ووفقًا لظروف السوق، مؤكدًا أن من لهم مصالح سياسية يستغلون المفهوم الإسلامى لإثارة القلاقل. وتجدر الاشارة إلى أن المركزى رفض منح تراخيص جديدة لتأسيس بنوك إسلامية فى مصر لأية جهة، والاكتفاء بمنح ترخيص لإنشاء فروع إسلامية للبنوك العاملة فى السوق والبالغة 39 بنكًا فقط، بشرط الالتزام بالشروط الموضوعة من قبل سلطات النقد المصرية. كما يرفض "المركزى" منح تراخيص جديدة للبنوك، ويرى أن عددها مناسب، ومن الأفضل عدم زيادتها، خاصة أن جزءًا كبيرًا من نجاح محافظ البنك المركزى الجديد، هو تقليص عدد البنوك من أكثر من 64 بنكًا قبل عدة سنوات إلى 39 بنكًا فى الوقت الحالى. ويستند المركزى فى عدم جواز منح رخص لإنشاء بنوك جديدة سواء إسلامية أو غيرها إلى قواعد صادرة بوقف منح أى تراخيص لإنشاء أى بنك سواء كان بنكًا إسلاميًا أو غيره. وأن تلك القواعد جاءت حتى تقتصر ممارسة العمل المصرفى على البنوك القوية بعد أن زاد عدد البنوك المفلسة والورقية قبل سنوات.