أشهر، ( فالنظام المتبع أن يكتب لي علاج شهرين، ويكرر ستة أشهر ثانية بمعرفة الطبيب الممارس) وفي المرة الثانية ، ذكرت الممرضة اسم مستشفي الجمهورية، وهي قريبة من بيتي، فقال الطبيب في سرور: - هذا المستشفي سيكون تابعاً لنا بعد تطبيق النظام الجديد للتأمين الصحي• فقلت له: هل ستكون هناك زيادة في الخصم من المرتب أو المعاش؟ فقال مبتسما: لا، هذا النظام اختفي، سيكون الاشتراك بمبالغ أخري• كان سعيدا، فالنظام الجديد سيعطيه مبالغ أكبر من التي يصرفها من التأمين الصحي الحالي• قلت له: يعني، يريدون أن يقضوا علي آخر إنجازات جمال عبد الناصر• قال باستخاف: جمال عبد الناصر مات وراح لحاله• قلت للطبيب الذي اسمعه في كل زيارة يتحدث مع الممرضة في السياسة: - هناك طبيب سكندري اسمه حمزة البسيوني هو الذي استدعاه جمال عبد الناصر وطلب منه أن يقدم إليه مشروعا للتأمين الصحي، يحمي المواطنين من الأمراض، ويؤمن لهم فرصة العلاج• وفعل الدكتور حمزة البسيوني هذا ، وتم تطبيق نظام التأمين الصحي علي الإسكندرية ، وبعد نجاح التجربة تم تطبيقه علي باقي مدن مصر• لكنني اكشتفت أن هذا الطبيب لا يعرف حمزة البسيوني ، كما أنه غير راض عن نظام التأمين الصحي بحالته الراهنة، لأنه يتعشم بأن يكسب أكثر من النظام الجديد الذي تسعي وزارة نظيف إلي تطبيقه• تذكرت مقولة للدكتور حمدي السيد نقيب الأطباء في مجلس الشعب عند مناقشة قانون التأمين الصحي علي طلاب المدارس، قال: - في الأيام إللي جايه ، إللي ما عندهوش تأمين صحي يا عيني عليه• وقد كان لي صديق وزميل يعمل معي في الشركة التي كنت أعمل بها؛ اختلف مع رئيس الشركة وقدم استقالته، لكن رئيس الشركة رفضها، بعدها بأشهر قليلة أصيب صديقي بمرض خطير في القلب، ولم يأت للعمل ثانية، وكنت أزوره في بيته باستمرار، فقال لي: - كنت حاغلط غلطة عمري، لو قبلوا استقالتي، واعتمدت علي العمل الحر، التأمين الصحي يصرف لي الآن أدوية القلب بمبالغ كبيرة شهرية، ويحتجزني في مستشفياته عند اللزوم، لولا هذا ، ماذا كنت سأفعل بعد أن أصبحت غير قادر علي العمل ؟! وقد اتفقنا علي السفر إلي القاهرة أنا وشوقي بدر يوسف ومحمد الجمل، لكنني أحسست بآلام في صدري طوال ليلة السفر، وكدت اعتذر عن مرافقتهما، لكنني سافرت وأخذت معي دفتر التأمين الصحي، وفي المساء، كنا ننام في شقة خاصة بمحمد الجمل الذي كان ينام في حجرة مستقلة ، وأنا وشوقي علي سريرين في حجرة أخري• فأيقظت شوقي بعد أن ازدادت آلام صدري، وارتدينا ملابسنا وخرجنا إلي الشارع الذي لا نعرف فيه أحداً، سألنا سوبر ماركت سهران إلي هذا الوقت المتأخر: - أقرب عيادة تأمين صحي• فقال : شارع الطيران• وركبنا تاكسي وقلنا له شارع الطيران ،هناك عملوا لي رسم قلب، ووجدوا أن ضغط الدم مرتفع• فأعطوني أدوية العلاج باهتمام شديد، وعدت إلي البيت معافي • لو لم يكن التأمين الصحي موجودا ، ماذا كنت سأفعل؟! إنهم يسعون الآن للقضاء علي نظام التأمين الصحي الذي أنقذ آلاف المصريين من الموت،وعالج الغني والفقير سواء بسواء• ولكي يتم لهم هذا، يسعون لتخريبه في الأول، (وهذا دأبهم إذا أرادوا بيع مصنع مثلا؛يخربونه، ويوقفون العمل فيه، ويسيئون إلي عماله وموظفيه، لكي يتم بيعه بسهولة ودون أن يغضب أحد) وهذا ما يفعلونه الآن مع التأمين الصحي،حتي يضج المتعامل معه، ويتمني تغييره:سوء معاملة، تقليل عدد الأودية التي كانت تصرف، عدم الاهتمام من الأطباء• حتي يحس المتعاملون أن التأمين الصحي ممنوش فايدة، ويذهبون إلي أطباء خارج التأمين ، يكلفونهم مبالغ كبيرة ، ويكتبون لهم روشتات غالية ، تصرف علي حسابهم، فإذا تقدمت وزارة نظيف بمشروعه أحس الناس بأنه الأفضل•