الكل أمام القانون سواء الغفير والوزير، ولذلك فالحصانة البرلمانية الممنوحة لأعضاء البرلمان لا ينبغي أن تكون ترفاً، بل مسئولية، ولذلك يجب محاسبة أعضاء البرلمان عن سلوكياتهم الشخصية، مثلهم مثل كل مواطن، ولكن الحصانة بصورتها الحالية، كانت باباً متسعاً لتمرير فساد بعض النواب في النظام السابق، ورغم ذلك فالحل ليس في إلغائها تماما، بل الحل من تفعيلها فيما يخص دور النائب الرقابي والتشريعي، ولا يشمل ذلك ما يقترفه من سلوكيات شخصية. المادة 99 من الدستور تنص علي أنه لا يجوز في غير حالة التلبس بالجريمة اتخاذ أي إجراءات جنائية ضد عضو مجلس الشعب، والاسثتناء الوحيد هو الحصول علي إذن سابق من مجلس الشعب وفي غير دور انعقاد المجلس يتعين أخذ إذن رئيس المجلس ويخطر المجلس عند أول انعقاد له، ولذلك أكد مصطفي بكري عضو مجلس الشعب أنه سيقدم مشروع قانون إلي المجلس حول قصر الحصانة البرلمانية تحت القبة فقط، مع إلغاء الحصانة الجنائية، ولكن عماد جاد عضو مجلس الشعب عن الحزب المصري الديمقراطي يري أن الحصانة لنائب مجلس الشعب تعد نوعا من تحصين عضو البرلمان في مواجهة الشعب تعد نوعا من تحصين عضو البرلمان في مواجهة تعسف السلطة التنفيذية، مشيرا إلي أن الدستور أعطي للنائب حصانة حتي يتمكن من ممارسة دوره التشريعي. ويقول جاد: هناك من يطالبون بإلغاء الحصانة رغم أن الأصل في النظم الديمقراطية هو الإباحة، أما عن ضبط الحصانة فهو أمر جائز من خلال تطبيق القانون الذي يتساوي تحته الجميع قائلا: إن حصانة نائب الشعب مثل حصانة القضاة، لكن إذا كان عضو مجلس الشعب فاسداً فيجب أن يحاسب. ويقول جاد: في مصر ضوابط تحكم الحصانة البرلمانية منها الرأي العام والإعلام القوي، وذلك لكل من يتجاوز في استخدام هذا الامتياز حتي يمكن حصار هذه الفئة الباغية وضمان عدم إفلاتها في العقاب. ويري النائب ماجد محمد السيد عضو مجلس الشعب عن حزب الوسط أن الحصانة ليست لعضو مجلس الشعب ولكنها للصالح العام في النهاية، لأنه يدافع عن مصالح الشعب بمعني أن من يتصرف تصرفا غير سلم فلا حصانة له وهي محكومة بالمادة 98 من الدستور، وتنص علي ألا يؤاخذ أعضاء المجلس عما يبدونه من آراء داخل المجلس وفي لجانه، بمعني أنها تقتصر علي ما يبديه النائب في البرلمان داخل المجلس وهو يمارس عمله التشريعي من عرض السؤال وطالب الإحاطة والاستجواب، وأية مناقشات تدور ويشارك فيها في الجلسة العامة واللجان ليؤدي دور البرلماني، وهو بذلك في مأمن من الانتقام أو من محاولات التهديد والاعتداء عليه، وذلك ليس بهدف الحماية الشخصية للنائب ولكن لحماية المجتمع من التعرض لهؤلاء النواب حتي يعبروا تعبيرا يخلو من الخوف، وبالتالي يؤدي دوره كما ينبغي دون شعور داخلي بتعرضه للعقاب في حالة الإدلاء برأيه بصراحة، أما إذا تم استغلالها خارج هذه الحدود فإن ذلك يخرج بعضوية مجلس الشعب عن هدفها الحقيقي، وهو التشريع والرقابة علي أداء الحكومة، ويؤكد السيد أن الدستور الجيدد يجب أن يشمل وضع قيود علي الحصانة لنواب مجلس الشعب، تكون لديهم حصانة بقيود معينة، علي سبيل المثال إذا ارتكب النائب جريمة ما ترفع عنه الحصانة ولا يباشر حقوقه السياسية لمدة لا تقل عن عشر سنوات. د. شوقي السيد أستاذ القانون والخبير الدستوري يري أن الحصانة تاج رأس عضو مجلس الشعب فهي التي تمكنه من استخدام أدواته في الرقابة البرلمانية تحت القبة علي أداء السلطة التنفيذية ويقول السيد إن محكمة النقض قضت في أحكام شهيرة أن الحصانة مطلقة تحت القبة ونسبية خارجها، بمعني أن النائب يستطيع أن يهاجم كما يشاء تحت قبة البرلمان أما خارجه فإن الحصانة لا تشمل سلوكه الشخصي وتندرج تحت ذلك الجرائم الناتجةعن سلوكيات شخصية للنائب بصفته مواطنا كالقتل الخطأ أو الاستيلاء علي المال العام والتزوير، فكلها لا تمتد إليها الحصانة بالقطع، وهذا ما يجب تعديله، لأنه هناك أعضاء ينفقون الملايين علي حملتهم الانتخابية لكي تحميهم من المساءلة، ويقول السيد إن طلب رفع الحصانة يأتي من وزير العدل، وهناك كم هائل من القضايا في السنوات الماضية انقضت مدتها وسقطت بسبب عدم رفع الحصانة، وكذلك كم هائل من ملفات طلب رفع الحصانة وضعت في الأدراج ولم تر النور ولم تتمكن النيابة العامة من مساءلة الأعضاء جنائيا، أو الحصول علي الإذن باتخاذ الإجراءات اللازمة، وذلك مجاملة للأعضاء المتهمين، وبالتالي يري السيد أن إطلاق الحصانة بلا حساب مشكلة جسيمة، في الوقت نفسه إلغاؤها مطلقا أيضا أمر خاطئ لأن النائب يجب ألا يخشي المساءلة تماما مثل القاضي علي المنصة ولذلك نتمسك بالمبدأ الذي وضعته محكمة النقض. يوضح أشرف ثابت وكيل مجلس الشعب أن العمل البرلماني لا يستقيم دون حصانة لأنها النظام المعمول به في جميع دول العالم، وهي ما يحصل النائب يؤدي دوره دون أن يطاح به، ولعل أهمها في أنها تمنع كيد الحكومة للنائب، بتلفيق اتهامات جنائية أو سياسية بحجة ارتكاب جرائم، وبلك تستطيع السلطة التنفيذية أن تختطف النائب من بين أحضان المجلس، ويري ثابت أن الحصانة البرلمانية لمصلحةالشعب، قبل أن تكون مقررة لمصلحةالنواب، حتي يستطيع النواب ممارسة دورهم دون خوف من إجراءات ضدهم ولاشك أن إساءة استخدام الحصانة يعود إلي قيادات المجلس التي تستطيع أن تميز وهذا دورها بين أن يكون طلب رفع الحصانة كيديا أو أن يكون صادقا، فإذا كان الطلب سليما مثل أن يكون النائب أصدر شيكات دون رصيد أو قام بالتعدي علي أحد المواطنين أو علي أراضي الدوفة لهنا يجب أن يتم رفع الحصانة عنه فورا، وبالتالي تفقد قيمتها لمن قام باستغلالها أما إذا كان الأمر يتعلق بأمور سياسية كالمظاهرات أو الإدلاء بآراءفي الصحف ووسائل الإعلام حول قضايا تتعلق بالشأن العام دون اعتداءات علي أحد فإنه لا يمكن رفع الحصانة.