حتي التعليق على مباريات كرة القدم أصبح مشكلة!..وصار مثل "الغناء"،يفتقر الي "الصوت"الحلو..مثلما يفتقد الموهبة والثقافة والحضور.المعلق المصري بدأ يتراجع خطوات إلى الوراء لحساب المعلقين العرب..لدرجة أن مباريات منتخبنا الوطنى صرنا لا نستمع بها إلا بأصوات الأشقاء العرب..ولا تزال أصوات عصام الشوالي وحازم الكاديكي وغيرهما ترن فى آذاننا منذ مباريات الأمم الإفريقية حتي بعض التعليقات يتدولها الشباب بينهم البعض "ماء وجه "التعليق الكروي بحاجة إلي من يحفظه الآن،كي لا يضيع مثلما ضاعت منا أشياء كثيرة. كيف نصلح هذا الخلل؟ هذا باختصار هو السؤال الملح الذي جعلنا نعرض القضية على بعض الخبراء الرياضيين والإعلاميين فى محاولة جادة لوضع حلولاً فورية. بداية التحقيق كانت من خلال أعضاء اللجنة التي شكلها إتحاد الإذاعة والتلفزيون لاختيار المعلقين الرياضيين وتأهيلهم للجلوس أمام الكاميرات وخلف المكروفون ومن ثم نقل الوصف التفصيلى لمباريات كرة القدم. الاذاعية اللامعة سهير الباشا أكدت أن مهام تلك اللجنة تتعلق باختيار المعلقين الذين تقدموا للإتحاد بناءاً على إعلان يتم الإعلان فيه عن الحاجة لمعلقين جدد..مما يعني أن الاختيار يكون محدوداً من خلال المجموعة التي تقدمت..ويكون هذا الاختيار بناء على تحقيق عدة شروط وهي أن يجتاز المتقدم عدة اختبارات فى اللغة والصوت والسمات الشخصية..أيضا يجب أن يكون لاعباً لكرة قدم وممارساً لها ثم بعد ذلك يدخل المتقدم دورة تدريبية ..واللجنة تتكون من عدة خبراء فى المجالين الاعلامي والرياضي،هم حمدي الكنيسي وعصام عبد المنعم وميمى الشربيني ونجوي أبو النجا ود.علاء صادق وعمر عبد الخالق بالاضافة لي أنا . وتضيف:بالفعل هناك أزمة فى التعليق وما جعل تلك الأزمة أكثر فداحة هو المقارنة التي يعقدها المشاهد بين معلق الكرة فى التلفزيون المصري والمعلق العربي الذي يقوم بالتعليق فى الفضائيات..لكنني أري أن تلك المقارنة ظالمة لأن القنوات الخاصة تعتمد على اسمين أو ثلاثة فقط فى التعليق على البطولات الكبري مما يتيح لهم فرصة كبيرة للظهور واللمعان على عكس المعلق المصري الذي ينتظر دوره فى التعليق.. وهذا يرجع إلى العدد الكبير للمعلقين المصرين المعتمدين فى إتحاد الإذاعة والتلفزيون..وهو الأمر الذي جعل رئيس الإتحاد يقرر عمل متابعة دقيقة للمعلقين يكون هدفها انتقاء الأصوات الجيدة والموهوبة لكي تستمر وإعفاء المعلقين الذين لم يثبتوا أنفسهم وجدارتهم بالاستمرار..أيضا هناك مشكلة كبيرة ساهمت فى ظهور تلك القضية والتي تسمي أزمة التعليق فى مصر، وهي انصراف نجوم التعليق لتكون مصدر جذب لهم..إذا فعلنا ذلك فلن نخسر أصواتاً مثلما حدث مع مدحت شلبى وشوبير ومجدي عبد الغني وابراهيم يوسف وغيرهم. الإعلامي الكبير حمدي الكنيسي قال: إن الأزمة أكبر مما نتخيل لأنها ببساطة لا تقتصر على التعليق، و ما يحدث للتعليق يحدث أيضاً مع الغناء..والسبب فى ذلك يرجع إلي تلاشى دور لجنة الموسيقى التي لم تكن تسمح لأي مطرب بالغناء إلا إذا توفرت فيه شروط معينة ومع ظهور القنوات الخاصة اقتصر دور تلك اللجنة على الاذاعة والتلفزيون فى حين قامت تلك القنوات بضخ أعداد كبيرة لغاية من الأصوات الغنائية المفتقدة لأصوال مهنية الطرب..وكذلك الأمر فى التعليق حيث أصبح دور اللجنة غير مؤثر كثيراً لأن هناك قنوات خاصة فى الرياضة تفرز لنا أصواتاً حسب ما يتراءى لأصحاب تلك القنوات..والحل فى رأيى أن يتم بشكل أو بآخر إعادة تقييم للمعلقين الحاليين بحيث يستمر من تنطبق عليه الشروط للتعليق، أما من لا تنطبق عليه الشروط فيمنح مهلة للتجديد واستكمال الأدوات سواء على مستوي اللغة او الثقافة والمعلومات..والسؤال هنا: كيف تلتزم القنوات الخاصة بتلك القواعد؟..من أجل ذلك دعوت لعقد مؤتمر يحضره كل الإعلاميون لوضع ميثاق شرف يلتزم به الجميع على أن تحتوي أجندته مناقشة أزمة التعليق الرياضي ويكون ملزماً للجميع وبالتالي يمكننا تدارك الأمر، أما بغير ذلك فلن ينصلح حال التعليق. أما المعلق الرياضى محمود بكر فيري أن المعلق العربي لا يتميز عن المعلق المصري فى شئ فالتعليق ليس بكاءاً فأنت كمعلق من الممكن أن تلهب الجماهير ولكن بأسلوب آخر وما نراه من المعلقين العرب شىء مؤسف والمعلق العربي يظهر فقط حين تكون هناك بطولة حصرية لذا فإن المقارنة ظالمة للمعلق المصري لأن كل دوريات العالم محجوزة للقنوات الفضائية ومن ثم أصبحت مرتعاً للمعلقين العرب لكنني ألوم على بعض المصريين الذين يتحدثون بلهجة مغايرة لمصريتهم ليقلدوا العرب ومهما حدث فإنني أقول بأن"زمار الحي لا يُطرب"، فمصر هي أساس الرياضة فى العرب وإفريقيا ولديها العراقة والتاريخ ، وأتحدي أي معلق عربي أن يعلق على مباراة بين الأهلى والزمالك أو الأهلى والإسماعيلى أو الزمالك والإسماعيلى لأنه ببساطة لن يستطع الارتجال كما يفعل فى المباريات الأوربية، فالناس لا تعرف الكثير عن الدوريات الخارجية لكن فى مصر الأمر يختلف. ويضيف بكر:هذا لا يعني أننا نعفي أنفسنا من المسئولية فنحن فى أغلب الأحيان نعلق من الاستوديوهات وهذا بالطبع لا يعطي تميزاً ويجعل المعلق منفصلاً عن جو المباراة وبالتالي يفتقد المصداقية لدي المشاهد، وفى أغلب الأحيان نذيع "طبيخ بايت" من الاستوديو.. إلي جانب أننا فتحنا الباب لدخول معلقين جدد بكثرة فاختلط الحابل بالنابل، وهذا ما يحاول المسئولين فى الاتحاد تداركه بتشكيل لجنة"حسب علمي"يقتصر عملها على فرز من يستمر ومن يتوقف..ورغم ذلك أؤكد على أن المعلق المصري مظلوم فهناك معلقون أثبتوا وجودهم مثل محمد على وبطيشة ولكن آلية اختيار المعلقين ليقوموا بالتعليق على المباريات بالدور تضر بهولاء وتجعل مسالة تميزهم صعبة فالمعلقين فى مصر يشبهون إلى درجة كبيرة "عمال التراحيل"حيث إنهم مُعرضون فى أي وقت للاستغناء عن خداماتهم. وتقول نجوي أبو النجا - الرئيس السابق لاذاعة الشباب والرياضة- : الحل الأمثل لهذه الأزمة يتمثل فى ضخ دماء جديدة ..ولكن كيف يحدث هذا وهمل اللجنة متوقف منذ أربع سنوات على الأقل حيث إنها لم تنعقد منذ 2008 ، لقد حان الوقت لنسمع أصواتاً جديدة شابة على أن يؤخد فى الاعتبار أن يكون المعلق على دراية تامة بلعبة كرة القدم وقواعدها وما يطرأ عليها من تغيرات وأن يكون لديه كاريزما صوتية، فاذا لم يمتلك المقومات الصوتية والجاذبية فلن يحتفظ بالمستمع والمشاهد..كما أنه يجب أن يكون ممارساً للعبة ولديه لغة أجنبية تساعده على نطق المصطلحات والتعليق على مباريات خارجية. وتضيف أبو النجا: استوديوهات التحليل المنتشرة فى الفضائيات المختلفة اجتذبت اليها المعلقين الكبار فتركوا ساحة التعليق، وهو الأمر الذي يؤكد حاجتنا للدماء الشابة فى هذا المجال. فيما يقول المعلق المخضرم ميمي الشربيني : في أي عمل الموهبة تختصر ثلثي الطريق والثلث الأخير ننمية بالممارسة والخبرة فنصل بالتالي لمرحلة التطوير..ثم بعد ذلك يأتي دور الابتكار..وفي رأيى الموهبة بالنسبة للتعليق متعلقة بالصوت فى تنويع النبرات..كما أن أرضية النجومية لها دخل..وعلى اتحاد الاذاعة والتلفزيون مساعدة أى شخص فى الارتقاء بمسواه فى التعليق، وهذا ما حدث معنا ومع الأجيال المتعاقبة فى التعليق الكروي.. والقنوات الفضائية أصبحت كثيرة قناة..ويلزم تلك القنوات اعلانات وهو ما يتحقق بوجود المباريات بشكل مستمر..حتي إن دوري الدرجة الثانية تتم اذاعته لحشو القنوات المتخصصة، ولكثرة القنوات والمباريات يجب أن تزيد رقعه المعلقين..وأعترف أن كل المعلقين مجتهدون وأذكياء وذلك بحكم تواجدي لفترة طويلة فى لجنه اختيار المعلقين باتحاد الاذاعه والتلفزيون لكن يجب على هؤلاء ادراك كيفية لفت الانتباه..فمن السهل جداً الحصول على المعلومة لكن الصعب فى كيفية تقديمها للمشاهد . أما النقد الرياضى د.علاء صادق فيقول : بحكم خبراتي التدريسية فى اتحاد الاذعات العربية فإنني تعرفت على مستوي وثقافات كل المعلقين العرب الذين يقومون بالتعليق على مباريات كرة القدم ويقمون بالتعليق فى وقتنا الحالي، واكتشفت أن هناك تراجعاً مخيفاً للمصرين فى الثقافة والإلمام باللغة كما أن البعض يسعي للمجاملة، ومن هنا فإن الكارثة كبيرة ويجب أن نتداركها بالبعد عن تلك الأشياء ومن ثم البحث عن تطوير الأدوات والتثقيف الذاتي للمعلق لكي تعود للمعلق المصري مكانته الغائبة منذ فترة، ويعود له مقعده الدائم على مائدة التعليق.