استكمالا لحديثنا السابق عن العلاقات العامة، نؤكد على أنها جزء من العلاقات الانسانية الناجحة التى تعنى ببساطة منح الانسان آخر شيئا ما هو بحاجة اليه مقابل شيء اخر انت بحاجة اليه أى بالعامية (هات وخد) أو هى التبادل العادل. وبناء شبكة علاقات عامة لا يعنى أبداً النفاق للآخرين، ومن منهم فى مواقع السلطة، أوحتى التقرب لأصحاب المناصب الرفيعة، ولكن هى تحقيق شبكة علاقات على كافة المستويات فى الحياة والعمل، وقوة العلاقات تظهر فى عددالناس التى تتقبلك وتتقبل عملك وتدعمك. وقد يظن البعض أن مسئولية ادارة العلاقات العامة في وزارة الداخلية من اختصاص مسئوليها فقط، بل هي مسئولية جميع العاملين مدنيين وعسكريين من أصغر رتبة لأعلى الرتب وهى مستمرة أثناء العمل وبعده فتلك الوظيفة هي تكليف من المجتمع وليست تشريفًا. ولاشك أن التقصير ظاهر وواضح فى أداء أنشطتها حتى إننا نجدها لم تخرج علي كونها نشاطًا روتينيًا يخاطب الجمهور الداخلي أكثر من الخارجي ويظهر ذلك في القصور الشديد في تغطية الأحداث المهمة التي تمر بالبلاد والأمثلة كثيرة على ذلك، فلم تقدم التفاسير أو الإيضاحات للشعب عن إجراءات أو أساليب الوزارة (وقد يكون بسبب عدم الرغبة في الكشف عن خطط وأساليب العمل). ويقال إن الإنسان عدو ما يجهله، لذا فالناس لن تتعاون أبداً أو توافق على جهود ونشاطات لا تعلم عنها شيئا أو لا تعلم حقيقة الأمر، بل قد يتبنوا موقفًا رافضًا أو حتى عدائي تجاه سلوك لأنهم ببساطة لا يفهمون حقيقة الأمر ودورها هنا الشرح والتفسير لذا وجب الشرح والتفسير. التعاون بين رجل الشرطة والمواطنين لن يتم إلا من خلال العلاقات العامة وهو أمر ضروري لابد منه ومن غيره لن يستطيع رجل الشرطة أداء عمله بنجاح ومن صور تعاون الناس الإبلاغ عن المشتبه فيهم أو المجرمين والخارجين علي القانون وبالإبلاغ عن المخالفات والانحرافات والتأكيد على أن الجماهير قوة لا يستهان بها؛ فالناس حينما يقاطعون المجرم ويلفظونه خارجهم ويحرم من أي تقدير أو عطف يؤكدون له على السواء فعله وعدم رضائهم عنه. ليس ذلك فقط، بل إن كل فرد لو وضع لنفسه نظاما يعرف ما له وما عليه ولم يجُر على حقوق الغير والتزم بالقانون عن رغبة وليس عن رهبة ساعد ذلك على منع الجريمة ووأدها في مهدها. الشرطة جزء مهم من المجتمع لكن الصورة التي خلقها وتركها النظام السابق بأنها العصا الغليظة التي تكبح الحرية وتسوق أبناء الشعب للاذعان والقهر وأغراض التوريث تركت آثارًا سلبية وصورة كريهة وسيئة لا تنسى بسهولة من ذاكرة الشعب، باعتبارها ممثل السلطة والقسوة والعنف الذي كان يتسم به أداؤها وما كان لها من اتجاه سلطوي تجاه أبناء البلد حتى بعد ثورة يناير لا تزال هناك غصة فحينما تنعدم الرقابة يحدث التجاوز. مع العلم بأن الشرطة في العالم بأسره تحدث منها تجاوزات أو كما يقال تجاوزات السلطة من خلال الشرطة حتى في الغرب الذين يتشدقون بالديمقراطية. وفى أمريكا بلد الحرية والتي لا تكف الصراخ عن حقوق الإنسان نجد مواطنيها يتعرضون لأسوأ حالات القسوة: إساءة استخدام السلطة وسوء استخدام القوانين أو إساءة استعمال القوة والقسوة والتعذيب (الشعار المتداول هناك: الحلال هو ما حل باليد). هناك عدة أهداف ينبغي أن تراعيها إدارة العلاقات العامة فى الداخلية: 1- تنمية الوعي الأمني ونشره بين المواطنين من خلال تعريفهم بالقوانين؛ وبالتالي منع الجريمة وخفض المخالفات والتجاوزات وتبصيرهم بالسلامة العامة وزيادة الثقافة الأمنية لدى المواطنين. 2- التنسيق بين الوزارة والوزارات والهيئات الحكومية الأخرى؛ مما يساعد في إنجاز الأعمال وتحقيق الرفاهية والاستقرار. 3- التأكيد على إلاجراءات والأعمال التي تتطلب الشرح والتفسير لما تقوم به الوزارة، وأيضا معرفة رد فعل الجماهير للمجهودات التي تقوم بها ولا يتم ذلك إلا من خلال جهاز علاقات عامة قوى. 4- العمل على التأكيد على أن أهداف العلاقات العامة بوزارة الداخلية وسياساتها تنفق مع أهداف الدولة وسياساتها ووفقاً لأحكام الدستور وتحوز رضاء السلطات التشريعية و القضائية في ظل القانون. 5- التأكيد على أن أمن المجتمع لا يتحقق إلا من خلال أمن الفرد ولا يتم ذلك إلا بالتوعية الأمنية وزيادة مشاعر الدفاع الذاتي لدى الناس. وإذا اختلف الأداء عن السياسات الموضوعة أو بالأدق أختلف العمل عن القول فلا جدوى ولا فائدة فالعلاقات العامة لا تمسك عصا سحرية. وأخيرا ليس المهم أن نحدد الهدف بل الطريقة التي نتبعها لتحقيقه. (سقط سهوًا في مقال سابق لى اسم عميد /علاء محمود قائد كتيبة العلاقات العامة.. لذا لزم التنويه)