من داخل مطرانية شبرا الخيمة التقينا الأنبا "مرقص" أسقف المطرانية؛ الذي طالب خلال حواره معنا المسئولين فى الدولة بالنظر الى أحوال الأقباط ومراعاة قلة الكنائس فى مصر، مناشداً بالسماح ببناء الكنائس لإقامة شعائر السيد المسيح؛ كما أكد بأن نظام مبارك أو أقباط المهجر لم يفعلوا للأقباط المصريين شيئاً وليس صحيح بأن عصر مبارك كان عصر ازدهار للكنيسة؛ لأن قضية الكشح الثانية التى قتل فيها 20 مسيحياً وتفجير كنيسة القديسين كانا فى عهد مبارك؛ موضحاً عدم خوفه من صعود التيار الإسلامى لتولى عرش مصر لأن القبطى لن يصمت أو يهدر حقه بعد الثورة ويعرف حقوقه جيداً ويعرف كيف يأخذها؛ معرباً فقط عن خوفه من نظرة المسيحى للمسلم ونظرة المسلم للمسيحى لأن كلاهما يرمى الآخر بالكفر وكلاهما يظن أنه يمتلك مفاتيح الجنة والنار؛ والى نص الحوار. - في عهد رعايتكم لمطرانية شبرا تم إنشاء العديد من الكنائس.. برأيك هل تحتاج المطرانية لبناء كنائس جديدة؟ أكيد.. فالمطرانية تحتاج الى بناء ما يزيد علي خمسبن كنيسة جديده؛ والجميع يعلم أننا نقوم على نظام يسمى "الافتقار" بمعنى أن الشباب القبطى يقوم بتدوين أسماء أهالى المنطقة التابعه لها الكنيسة وحصرهم جيداً داخل سجلات الكنيسة التى تقوم على رعاية مصالحهم؛ وللعلم معظم الأقباط، خاصة فى المناسبات والأعياد لا يجدون متسعاً فى معظم الكنائس ليصلوا ويجلسوا فى الممرات وعلى السلالم، ووسط هذا الزحام لا معنى للصلاة ولا العظة؛ ونناشد المسئولين أن يسمحوا لنا ببناء الكنائس لإقامة شعائر السيد المسيح. - تصاعدت حدة احتجاجات الأقباط فى الفترة الأخيرة ضد الكنيسة بسبب قضايا الزواج الثانى وبناء الكنائس.. فما تفسيرك؟ تعاليم المسيح تمنع الطلاق إلا لعلة الزنى ومنع أيضاً زواج الطرف المخطئ وهو يقول "كل من طلق امرأته إلا لعلة الزنى فإنه يجعلها تزنى" وهذا نص صريح فى الشريعه المسيحية؛ أما الخلاف على بناء الكنائس أو الأسوار فهذا الأمر متروك للمسئولين فى الدولة وللكنيسة لإقرار يتعلق بتنظيم بناء دور العبادة فى البرلمان القادم. - هل ترى بأن صوت القبطى ارتفع واستقوى بالخارج وبأقباط المهجر خاصة بعد سقوط مبارك؟ ليس صحيحاً ماذا فعل لنا مبارك أو أقباط الخارج فى قضية الكشح الثانية التى قتل فيها 20 مسيحياً وتعرف المصابون على الجناة فى النيابة وحددوا من أطلق عليهم الرصاص؛ ومع ذلك لم يصدر حكم بحق أى من القتلة وتفجير كنيسة القديسين كل ذلك كان فى عهد مبارك؛ وأيضاً ماذا فعلوا لنا أقباط المهجر بعد سقوط مبارك فى أحداث "ماسبيرو" وإمبابة لم يفعلوا شيئاً سوى التصعيد لأمريكا والدول الأوروبية ولكن الكنيسة المصرية ترفض التدخل الخارجى فى شئونها وشئون مصر الداخلية. - لوحظ فى الفترة الأخيرة قيام بعض الأقباط بترك الطائفة الأرثوذكسية لتشددها فى قضايا الزواج والطلاق ويتجهون إلى طوائف أخرى أقل تشددا؟ غير صحيح ويوجد اتفاق موقع بين رؤساء الطوائف على عدم قبول من يرغب فى الطلاق إلا ما جاء فى تعاليم الشريعة المسيحية؛ هذا الإتفاق كان بتراضٍ بين الطائفتين، أما من يزوجون الحاصلين على حكم بالطلاق من المحكمة فهؤلاء قساوسة بروتستانت شاردون عن طائفتهم، أو قساوسة أرثوذكس مشلوحون، مثل القس أندراوس عزيز، وهو قس مشلوح لكن معه دفتر توثيق، ووزارة العدل لم تسحب الدفتر منه حتى الآن رغم مطالبتنا بذلك وهو يوثق زيجات مخالفة دون تصريح من البطريركية وهذا يعتبر زواجًا غير شرعى لأنه تم بعيداً عن الكنيسة وخروجاً عن تعاليم الزواج التى أمرنا بها السيد المسيح. - إذا انتقلنا إلى الشأن العام، فما رأيك فيما يحدث حالياً من جانب بعض المرشحين للانتخابات الرئاسية للحصول على تأييد الكنيسة؟ كل واحد حر فى التعبير عن رأيه والكنيسة ستحترم رئيس الدولة القادم؛ ولكننا لا نوافق على التجريح والإهانة من بعض القوى والتيارات الإسلامية المتشددة حتى لو اختلفنا؛ ومن يرد ممارسة أى نشاط سياسى من المسيحيين فليفعل لكن دون تجريح لأن المسيحية تنهانا عن التجريح فى تعاليم الأديان الأخرى؛ وبعض المرشحين يدخلون الكنيسة فى الأعياد والاحتفالات المسيحية ويقولون لنا "كل سنة وإنتم طيبين" لكنهم لا يتكلمون فى السياسة ويظهروا مشاعر طيبة للأقباط لكن لم يأت أحد ليقول انتخبونى لأننا لا نسمح بذلك. - يوجد حالياً توجيه من الكنيسة للأقباط بانتخاب أشخاص بأعينهم حتى لا يسيطر التيار الإسلامى على البرلمان القادم؟ التيار الإسلامى وبكل تأكيد أصبح مسيطراً على الساحة السياسية والبرلمانية؛ وأؤكد بأن الكنيسة لم يكن لها أى توجه فى تغيير إرادة الشعب القبطى وحقة فى اختيار من يريده حتى ولو كان مسلمًا؛ بل نحن نشجعهم على المشاركة والإدلاء بأصواتهم لصالح من يختارونه لأنهم أحرار فى انتخاب من يريدونه. - ألا يوجد لديكم تخوف من صعود التيار الدينى للسلطة؟ إطلاقاً، وسنحصل على جميع حقوقنا كاملة فى البرلمان القادم وبموافقة الإسلاميين؛ لأن مصر تغيرت وميدان التحرير ليس ببعيد عن الشباب القبطى؛ وللعلم نحن نحب الإخوان المسلمين لأن السيد المسيح أمرنا أن نحب كل الناس، وليتهم يحبوننا كما نحبهم ويؤمنون بحرية الاعتقاد كما نؤمن وأنا أول من سيفرح لو آمن الإخوان المسلمون والتيارات الإسلامية بحقوق الإنسان وبأن مصر ملك لشعبها مسلمون وأقباط. - البعض يطرح فكرة أن يكون هناك مجلس لإدارة شئون الكنيسة وليس البابا فقط.. فما رأيك؟ من قال إن البابا يدير الكنيسة وحده؟ الكنيسة قائمة على مؤسسات تعمل تحت رئاسة قداسته حيث يوجد المجمع المقدس ويمثل السلطة العليا فى الكنيسة ويرأسه قداسة البابا وأعضاؤه والذين يقتربون من المائة شخص وهو يمثل برلمان الكنيسة؛ لأنه السلطة التشريعية بها ويصدر القرارات الخاصة بالعقيدة والطقوس الدينية والخاصة بالأديرة والرهبان والخدمة والرعاية وشئون الإبراشيات وتنظيمها وشئون الكهنة؛ ويوجد أيضا المجلس الملى العام الذى يدير أملاك البطريركية وأوقافها إلى جانب المجلس الإكليريكى لشئون الكهنة؛ كما يوجد لدينا المجلس الإكليريكى العام للأحوال الشخصية. - بمناسبة أوقاف وأموال الكنيسة البعض يطالب بوضع أموال الكنيسة تحت رقابة الدولة حتى تسهل محاسبة القائمين على صرفها؟ هذا مستحيل طبعاً؛ لأن الآباء الأساقفة ليست لهم عائلات وأموال الإبراشية كلها تسلم للأساقفة المتتابعين والأوقاف تحاسب عليها هيئة الأوقاف القبطية تحت رقابة الجهاز المركزى للمحاسبات وأملاك البطريركية يديرها المجلس الملى العام المنتخب تحت إشراف وزارة الداخلية والتبرعات تجمع بإيصالات مختومة وأموال الكنيسة كلها تصرف على الكنيسة وعلى فقراء المسيحيين ومبانى الكنيسة وإذا اختلس أحد أموال الكنيسة نستبعده على الأقل إذا لم نبلغ عنه النيابة والكاهن اذا أخطأ أو أساء استخدام أموال الكنيسة تتم محاكمته داخل الكنيسة لكننا لا نعلن الحكم أو سبب محاكته حتى لا نشهر بأحد؛ ومن يطالبون بالرقابة على أموال الكنيسة مجرد أبواق ناعقة تريد مضايقة الكنيسة بأى شكل. - وما الأمور التى تخشى منها اذا وصل الإسلاميون لعرش مصر؟ أكثر شىء سيقلقنى هى نظرة المسيحى للمسلم ونظرة المسلم للمسيحى، لأن كلاهما يرمى الآخر بالكفر وكلاهما يظن أنه يمتلك مفاتيح الجنة والنار؛ والله هو العالم فوق كل عليم هو من يمنح المغفرة وهو من يقرر العذاب والنعيم نسينا السلوك الطيب وأمسكنا فى تلابيب ما لا نملك؛ الكتب المقدسة بينت للناس أمور دينهم ودنياهم وكل على شريعته؛ ولكن تطبيق الشريعة وما جاء فيها مترك للفرد ولحريته؛ ليس من الصواب اتهام صاحب الملة الأخرى بالكفر وترويعه بالنار والعذاب؛ والمصريون يقولون عبارة رائعة "ربنا رب قلوب" وعلى الدولة أن تضع القانون وعلى الجميع أن يلتزم بالدستور والقانون. - ولكن الكنيسة تقول إن لها رعاياها وتطبق عليهم قانونها الخاص؟ هذا خطأ؛ لأننا لو طبقنا هذا الكلام لصار لدينا دولتان، مسلمون يتبعون الأزهر، ومسيحيون يتبعون الكنيسة، وأنا مصرى ملتزم بقانون دولتى كونى مسيحياً يعنى أن ضميرى يحتم على اتباع الشريعة المسيحية ولو أنى مسلم فهذا يعنى أن ضميرى يحتم على اتباع الشريعة الإسلامية، ولكن هويتى مصرية. والدولة تخشى نفسية الجماهير أهل الفن والأدب والفكر يخشون الجماهير؛ نحن شعوب شبت وتربت على الخوف حتى من آرائنا التى نؤمن بها؛ والسلطة القادمة فى مصر ستخشى سلطة رجال الدين من الجانبين المسلم والمسيحى. - إذا جاءكم أحد يريد التحول من الإسلام إلى المسيحية هل تبلغون الأزهر أولاً؟ لو تم الاتفاق بين الكنيسة والأزهر على ذلك؛ فما المانع؟ لأن هذا القادم إذا لم يكن مسيحياً حقيقياً فسيضرنى بأفكاره التى يمكن أن تؤثر فى شباب الكنيسة؛ لهذا نطالب دائما بعودة جلسات النصح والإرشاد الدينى التى تم إلغاؤها بعد واقعة وفاء قسطنطين؛ ومن خلال جريدتكم أطالب بعودة جلسات النصح لكن ليس فى مديرية الأمن أو المطرانية لكن فى مقر المجلس القومى لحقوق الإنسان بالقاهرة؛ لأن به أناساً كثيرين نشعر بأنهم يقبلون فكرة حرية الاعتقاد وإذا اقتنع مسيحى فعلاً بالإسلام سآخذه بنفسى إلى الأزهر لأننى أؤمن بحرية الفكر والعقيدة. - وهل تقبلون أن تجرى نفس جلسات النصح للمتنصرين أيضا؟ موافقون طبعاً لكن بشرط ألا يخرج من المجلس القومى لحقوق الإنسان إلى السجن؛ فيجب أن يكون هناك قانون يحميه ويأخذ وقته بالكامل فى التفكير حتى لو وصل إلى شهر أو سنة وبعد ذلك تتم حمايته من أهله ومن الأمن لأن من يعلن رغبته فى اعتناق المسيحية تأخذه الشرطة ويحتوية الأزهر ليرجع عن هذه الفكرة؛ لأن الإسلام يعتبره مرتدًا وحلال قتله. - نتحول إلى الجانب الفنى.. ما الهدف من إنشاء أكاديمية فنية فى شبرا تابعه للمطرانية؟ الجميع يعلم بأن الكنيسة ترعى الفن المصرى الجاد والهادف؛ ولا أحد ينكر بأن داود النبى كان عازفاً رائعاً لآلة الناى والمزامير؛ ولا أحد ينكر بأن الفن المصرى والأيقونات والآثار التى تركها أجدادنا موجودة على جدران الكنائس؛ ومن هذا المنطلق كان الهدف من إنشاء أكاديمية للفن لإظهار واكتشاف المواهب الفنية فى كافة الفنون من تأليف وتلحين وغناء واخراج لتقديم فن محترم يليق بالسينما المصرية؛ والكنيسة الآن بصدد البدء فى مشروع فنى ضخم عن ثورة يناير، ويحكى عن الفساد فى العهد السابق وعلاقة الجيش والشرطة بالشعب المصرى بعد الثورة والفيلم بطولة النجمة آثار الحكيم. - وماذا تقول للشعب المصرى خاصة الشباب القبطى ونحن قادمون على عيد ثورة يناير؟ أدعو لمصر أولاً أن يرعاها من اعدائها المتربصين بها ويحاولون إشعال الحرائق فى مختلف ربوع الوطن؛ وأن يبقى شعار "الجيش والشعب إيد واحدة"، وأن ينعم علينا بالأمن والأمان وينصلح حال الوطن؛ كما أقول لكل الشباب القبطى "ليس بالتاظهر والاعتصام تأتى الحقوق"، ولكن باستخدام سلاح العقل والعدل والقانون؛ ولا تستهينوا بأصواتكم ولا بحقكم فى الممارسة السياسية بعد ثورة يناير؛ ولا تنظروا أو تلتفوا الى الفئة التى تدعو للفتن وأصحاب الأجندات الخارجية؛ لأن الجميع يعلم من هم أتباع المسيح والسيدة العذراء التى أفرد لها القرآن سورة كاملة رغم أنها لم تكن مسلمة؛ والمسلم والقبطى إيد واحده لبناء مصر الجديدة.