"إن نمط الحكم العربي يجعل من الخليفة أو الوالي أو السلطان ملكًا معصومًا؛ فلا يسمح لأحد بانتقاده وهو حي يُرزق. مسموح للجميع أن يبالغوا في مدحه وفي حصر مآثره، وفي تسليط الضوء على مواهبه والاعتراف بعبقريته. وتدور الأسطوانة على هذا الوجه ما دام الخليفة حيًّا؛ فإذا مات الخليفة، قلبوا الأسطوانة على الوجه الآخر، وهو دائمًا عكس الوجه الأول، وبينهما مسافة لا تقل بُعدًا عن المسافة بين الأرض والمريخ".. بهذه الكلمات قدّم الكاتب محمود السعدني، لكتابه "مصر من تاني"، والصادر مؤخرا عن دار "الشروق" للنشر والتوزيع. ويحاول السعدني في الكتاب أن يلقي نظرة علي تاريخ مصر مرة اخري، ويقول ان هذه المرة سوف ينظر إلي التاريخ بأعين رجل من الشارع؛ أي أنه غير متخصص وعلي غير علاقة رسمية بالتاريخ، كما يحاول الكاتب ان يجرد التاريخ من السلطة ومن ابهة الحكم ومن اجهزة المباحث والمخابرات. ويستعرض السعدني في كتابه الفارق بين رجل الشارع العادي والمؤرخين الكمسارية، حيث يقول إن مصر في نظر المحترفين هي سلسلة طويلة من الأمراء والملوك والسلاطين، ولكنها في نظر العبد لله مجموعة متصلة من الأجيال والصياع وأصحاب الحاجات والمتشردين.