منذ بدء ثورة يناير سعت دول كثيرة غربية وخليجية وإقليمية؛ لأن يكون لها موطأ قدم في مصر الثورة تحت ضغوط كثيرة أبرزها حاجة مصر إلى التمويل الغربي أو الخليجي وإلى المساعدات والاستثمارات لاستعادة زخم الأنشطة الاقتصادية وإنعاش الاقتصاد المتوقف أو المتباطئ، وعودة الاستقرار، إلا أن احتياجات مصر من هذه المساعدات أو الاستثمارات قابلها مطالب متعددة منها التطبيق الفعلي لعلمانية الدولة المصرية أو مدنيتها وعدم سيطرة التيارات الإسلامية عليها من إخوان مسلمين وسلفيين وجماعة إسلامية، والمحافظة على أمن إسرائيل، وبما أن المجلس العسكري ومن بعده حكومة شرف لم يرض بهذه الضغوط الخارجية من صندوق النقد الدولي، اتجهت أنظار الدول إلى الثوار وإلى أشباه الثوار وأصحاب الصوت العالي في مصر وكل من يملك قلما أو قناة فضائية أو موقعا إلكترونيا باعتبارهم نشطاء سياسيين او نشطاء حقوقيين أو سمهم ما شئت من أسماء - فالأسماء والأوصاف على قفا من يشيل المهم من يدفع ويمول- والمثل يقول "من يأكل من خير إنسان يضرب بسيفه"، ووجدنا أن الكثيرين امتطوا ظهر الثورة والثوار الحقيقيين وأبناء الشعب ليفرضوا رأيهم ورؤيتهم دون اعتبار لاستفتاء جرى في أجواء ديمقراطية حقيقية وسمي وقتها بالعرس الديمقراطي بسبب الملايين التي تدفقت على صندوق الاستفتاء ومدى دقة النظام الذي ظهر به المصريون فلم نجد أثرا لبلطجي أو أثرا لتزوير، إلا ان نتيجة الاستفتاء والتي جاءت بنعم على الإعلان الدستوري لم ترضَّ من قالوا "لا" فأقاموا الدنيا واقعدوها لاختيار الشعب؛ فأثبتوا أن ديمقراطيتهم التي يؤمنون بها ديمقراطية "حبر على ورق" او ديمقراطية "فشنك"، لا يؤمنون بها إلا إذا كانت في صالحهم وصالح أنصارهم وشلتهم، ولا يتورعون عن فعل أي شيء في سبيل تحقيق رؤيتهم حتى لو تم وقف حال الناس ووقف اقتصاد البلد حتى يقوم الشعب بتنصيبهم أوصياء عليه ودعوتهم لحكمه بطريقتهم الخاصة وديمقراطيتهم الملاكي التي لا تعطي الحرية إلا لهم فقط، أما باقي الفئات والتيارات رغم أنها الغالبية العظمى من الشعب المصري فليس لهم نصيب منها إلا بقدر معلوم وحبذا لو تخلوا عما يعتقدونه ويؤمنون به ويتبعون فكر الديمقراطيين الملاكي والفكر العلماني المستورد مع التمويل الخارجي الوارد من أمريكا وأوروبا الغربية. ومع توالد القنوات الفضائية والصحف وتوجه القنوات الفضائية العربية إلى تخصيص قنوات لمصر بعد الثورة مثل الجزيرة مباشر مصر وبعدها روتانا مصر، يضاف إليها القنوات المصرية المتعددة، ظهرت المذيعات المغضوب عليهن والمحكوم عليهن في بعض القضايا في ثياب الثورجية ودخول مصر دخول الفاتحين بالطبل البلدي لزوم البروباجندا والشو الإعلامي لتسويق منتجاتها الإعلامية وبرامجها الفضائية، وظهر معها أيضا إعلاميون ومذيعون ملاكي يسيرون على هوى اتجاه مالك القناة أو الجريدة ومصالحه التي يجب التخديم عليها مثلهم في ذلك مثل رجال العهد البائد الذي لا يرى في البلد إلا مصلحته فقط، والوطن عنده قطعة أرض وقصر أو فيلا ورصيد في البنك وسيارة آخر موديل وشركة يتمطع فيها هو واهله أو منصب يشتاق إليه فإذا جاءه ورث الوظائف لأولاده وأقاربه، هذا صورة الوطن عند كثيرين ليس في مصر بل في الوطن العربي كله.