تصاعدت الأزمات الداخلية داخل جماعة الإخوان المسلمين، وبصفة خاصة فى فترة ما بعد الثورة، وتساءل الكثيرون عن السبب الذى طرأ على الجماعة وجعلها تلفظ أبناءها بهذه السهولة؛ بداية بالدكتور إبراهيم الزعفرانى وفصل د. عبدالمنعم أبوالفتوح، وبعض الشباب، نهاية بالدكتور محمد حبيب النائب الأول لمرشد الجماعة، الذى أعلن استقالته من جميع مناصبه بعد 42 عاما على وجوده فى خدمة الجماعة، فقد كانت قبل الثورة تعانى من الكبت والتعتيم وتقييد حريتها من النظام السابق إلا أنها على الرغم من ذلك ظلت متماسكة بشكل جيد جداً، وكانت تؤدى دورها بكل فاعلية، وعندما جاءت الثورة وفتحت لها المجال للخروج للشارع وللناس بشكل أكبر بدأت فى النظر إلى مصالحها الشخصية وصورتها أمام الرأى العام على حساب قياداتها ودون مراعاة لدورهم الكبير فكرياً وعملياً على مستوى الجماعة، وصارت تعمل على الإطاحة بكل من يخالف قراراتها التى رأى البعض أنها تعتبر "قرارات إدارية" لا تستوجب الفصل وكان يمكن أن تنحصر عقوبتها فى وقف العضوية مثلا لفترة محددة أو غير ذلك، لكن الإقصاء مرة واحدة فهذا لم يلق قبولا لدى بعض قياداتها وجعل القوى السياسية تغير نظرتها للجماعة كجماعة متماسكة وحذا بهم نحو وصف هذا الأمر - على الرغم من تماسك الجماعة حتى الآن - ببداية انهيارها داخلياً. "صوت البلد" طرحت السؤال على قيادات الجماعة وبعض السياسيين لتوضيح ما يحدث داخل الجماعة، وهل سيؤدى هذا الانقسام الى انهيار داخلى لجماعة الإخوان المسلمين؟ فأكد د.عصام العريان القيادى الاخوانى، أن استقالة حبيب أو حتى المرشد نفسه لن تؤثر على مستقبل الجماعة، ولن تحدث أي انشقاق أو انهيار داخل صفوف الإخوان لأننا هيكل تنظيمى مترابط لا يقف عند شخص معين، ونحن نكنّ له كل التقدير والاحترام ونتمنى التوفيق للدكتور محمد حبيب ود.عبد المنعم أبوالفتوح وإبراهيم الزعفراني وجميعهم كانوا أعضاء مؤثرين في مجلس شورى الجماعة. وأضاف العريان بأن استقالة حبيب من التنظيم كنائب للمرشد كانت مجرد موقع إداري فقط ولن يهدم وجود كيان الجماعة ويوجد الكثير من الإخوان ليس لهم مواقع تنظيمية أو إدارية ومع ذلك يقومون بأدوارهم الدعوية والشرعية. وأضاف د. جمال حشمت القيادى الاخوانى، بأن الاستقالات المتوالية فى الاخوان أحدثت شرخ لايمكننا إنكاره والشعب المصرى يلاحظ ذلك ولكن ما يميز الاخوان أنها مؤسسة ترابطية لايؤثر عليها فرد وعلينا أن نفرق بين الذي استقال من موقعه التنظيمي وبين الذي استقال من الجماعة، وأعتقد بأن حزب "الحرية والعدالة" أخذ من الجماعة الكثير ويكاد يكون قادة الإخوان أهملوا الجماعة وشبابها واتجهوا لدعم الحزب وهذا ما جعل جماعة الاخوان عرضة لمزيد من التفكك ومزيد من الانقسامات. وأشار محمد البلتاجى القيادي بحزب الحرية والعدالة، إلي أن الاخوان تجمع بشري وترابط قيادى متسلسل، وطبيعة البشر أن يختلفوا في الرأي والفكر، وهذا دائما من علامات صحة أي مؤسسة أو جماعة ونحن نتقبل الأمر طالما انه في جو من الود والأخوة وقد تكون استقالة حبيب منحة وخيرًا كبيرًا للإخوان.. مضيفا بأن استقالة حبيب من جميع مناصبه لن تؤثر على الجماعة؛ لأنها لا تقف عند شخص معين مهما كان موقعه التنظيمى؛ لذلك فلا أتوقع أن تشق صف الجماعة لأنها تعمل بشكل مؤسسي. وأكد البلتاجى علي أن التيار الاصلاحى أو التيار القديم أسماء غير مستخدمة عند جماعه الإخوان وهي مصطلحات سياسية حزبية أما الإخوان فهم جميعاً إصلاحيون ضد كل فساد ومحافظون على القيم والثوابت والمبادئ وأيضا على دينهم وعقيدتهم. وتابع د. محمد سعد الكتاتنى الأمين العام لحزب الحرية والعدالة والقيادى الإخوانى، أن الجماعة لن تقف على أحد ولكن الخلافات الداخلية للإخوان ستزيد فى الأيام المقبلة والاستقالات ستتوالى لأن الكثير من أعضاء الجماعة أصبح لديه الرغبة الكبرى فى العمل الحزبى للحصول على عضوية المجالس النيابية والظهور الاعلامى فى الصحف والفضائيات ويبدو أن من يستقيل من الجماعة نجده يؤسس حزبًا ويعمل على استقطاب الآخرين وبصراحة شديدة هذه هى الرغبة العارمة لدى كثير من أعضاء الجماعة وهذه أزمة حقيقية لدى الجماعة لابد أن نواجهها فى الأيام القادمة. فيما أوضح د. محمود غزلان المتحدث الرسمى باسم جماعة الإخوان المسلمين، أن الجماعة متماسكة ولن تنهار، وأشار إلى أن لكل قيادى من القيادات التى تركت أو تم فصلها من الجماعة أسبابه الخاصة سواء بالترك أو الفصل، كما أننا لو نظرنا لهذه القيادات التى تنسحب الآن لوجدنا أنهم قد جمدوا نشاطهم منذ 2009 فى ظل النظام السابق، وأوضح أن د. عبدالمنعم أبوالفتوح تم فصله لمخالفته قرارات الجماعة، ود. جمال نصار تم تجميد عضويته وهو لا يزال أخاً لنا، ود. محمد حبيب ظل يستقيل من المستويات المختلفة للجماعة إلى أن أصبح أخاً عادياً، والآن نسمع من الإعلام أنه قرر أن يستقيل وقد استقال نهائياً من الجماعة. ويقول د. محمد حبيب عضو مؤسس حزب النهضة والنائب الأول السابق للمرشد، أن جماعة الإخوان المسلمين جماعة لها تاريخها ومنهجها ودعوتها وحركتها وتنظيمها ورصيدها على المستوى السياسى فبالتأكيد عندما نخرج منها نخرج لفضاء أرحب، ونحن كنا نطالب بلجنة تقصى حقائق لتحديد المسئول عن المخالفات ولكنهم لم يستجيبوا وهذه نقطة، وأنا الان فى حزب النهضة وطويت صفحة الماضى وألقيت بها وراء ظهرى أما الإخوان فهذا شأنهم فأنا قدمت استقالتى نهائيا من التنظيم. ويؤكد جمال زهران أستاذ العلوم السياسية: بأن الخلاف داخل الجماعة موجود ولكنه لم يصل إلى الصدام بين المرشد العام والقيادات القوية والكبيرة داخل الجماعة بداية من انشقاق عبد المنعم أبو الفتوح وإعلانه الترشح للرئاسة بعيدا عن الإخوان وهو ما جعل الإخوان يظهرون امام الرأى العام بصوره لاتستطيع التأثير على اعضائها وبالتالى قررت فصل أبو الفتوح من عضويتها لانها لم تستطع التأثير عليه ليتراجع عن ترشيح نفسه ويبدو أن صمود الجماعة بهيكلتها الحالية لن يدوم طويلا لأن مناخ الحرية له ضريبته والخوف أن تنهار جماعة الإخوان بسبب عدم قدرتها على الحرية التى سلبها منها النظام السابق لأن منذ الثورة والانشقاق الداخلى فى الجماعة يتضح ويتزايد بشكل كبير مع مرور الوقت ويوضح مدى الارتباك والانقسام الذي تعيشه الجماعة فى الوقت الحالى. وأضاف المفكر القبطى جمال أسعد، بأن الوضع الطبيعى أن تنهار هذه المؤسسة المتكبرة والمتعجرفة لأنها تقوم على أساس دينى وعنصرى وأعتقد أن الحرية السياسية الآن فى مصر لن تستطيع أن تجاريها الإخوان لأنها وصلت إلى مرحلة الشيخوخة والوهن التنظيمى الداخلى؛ مما أدى الى عدم سيطرة المرشد وقيادات الجماعة على الأعضاء خاصة الشباب الذين أعلنوا عدم رضاهم عن الخطاب السياسى والفكرى الذى تتبناه الجماعة منذ رحيل النظام وحتى الان والأيام القليلة المقبلة ستشهد مزيدًا من الأزمات والانشقاقات والخلافات التى قد تعصف بجماعة الإخوان وقد تؤدى الى انهيارها داخليا.