وهناك سيدة فلسطينية مكافحة أمضت 25 عاماً فى تطوير مناهج التعليم وأدب الأطفال، أسست وسط البأساء والضغوط هيئة صغيرة لإشاعة الأمل وممارسة نشاطات عديدة باسم "مركز دار الحكمة الثقافى" وبعد تغريبة طويلة عاشتها فى المخيمات وفى مختلف دول العالم، حتى اليابان آبت إلى غزة لتحاول أن تعيد الابتسامة إلى الشفاه. تقول السيدة آمال أبوعمارة: بدأنا العمل وكانت وسائلنا: إحياء ليالى وأغانى رمضان: وقد رددها الأطفال واحتفلوا بهذه الليالى فى شوارع غزة بعد غياب طويل وبنفس الطقوس التى كانت تمارس فى طفولتنا نحن الكبار بعد أن فقدتها الأجيال الجديدة، تم توثيق وإنتاج أغنية "لولا أهل الدار ما جينا" وتم بثها فى تليفزيون فلسطين. مهرجانات وورشات عمل للطائرات الورقية: بتصاميم ورموز الفلكور الفلسطينى بعد أن شاهدت أن سماء غزة كانت مليئة بالطائرات البلاستيك الصينية فأصبحت مليئة بأعمال الأطفال وكان أول مهرجانات الشمس المشرقة من عام 1996 حتى الآن وكانت تهدف إلى تعزيز ثقافة التسامح والسلام فى النفوس وإحياء ما فقدناه بسبب الاحتلال وتعليم للمهارات التقليدية وإحياء لها. برنامج دعم ومساندة نفسية ومادية: للأطفال والأهالى بقصد تجاوز عذابات الاحتلال والحصار والعمل على التكافل بين المجتمع الواحد والتراحم. ومن هذه البرامج: برنامج الحياة حلوة: تم تنفيذه عدة مرات بالتنسيق مع مراكز جباليا وبيت حانون والشاطئ للنشاط النسائى الأونرا مدارس الزيتون مكتبة رفح وكان المشاركين والمشاركات هم ممن تعرضت بيوتهم مباشرة للتدمير والقصف. برنامج لا تيأس وحاول تانى: الغرض منه مساعدة الأهالى والمدرسين فى المدارس لمساعدة أبنائهم على تخطى العقبات والمشاكل الناتجة عن القصف وعدم الاستقرار مثل الرغبة فى ترك المدرسة بسبب التأخر الدراسى الخوف عدم التركيز العزوف عن اللعب التبول اللا إدارى الانعزالية. برنامج مخيمات صيفية: للترفيه والتدريب على مهارات الاتصال والتواصل والتعارف بين أطفال الوطن الواحد لما فيه الوصول لمناطق الوطن جميعها من صعوبات. برنامج (أ) (ب) التغذية : تقديم وجبة ساخنة للأطفال المحتاجين وفى الوقت نفسه عمل برنامج (أ) (ب) التغذية للأطفال وقيامهم بدور فى الإعداد والنظام والمساندة لبعضهم بعضاً وذلك بغرض التوعية والتخفيف عن الأهالى بسبب انتشار أمراض سوء التغذية والأنيميا. إنشاء مكتبة وأنشطة مكتبية: لتشجيع القراءة والكتابة والتعبير عن الواقع وتنمية حس النقد وإبداء الرأى وكذلك التعبير بالتمثيل والرسم، تم تسجيل مسرحية باسم "عصفور من هيروشيما" سنة 2008 بقصد تعزيز ثقافة السلام وقد تم ترجمة هذه المسرحية للغة اليابانية والإنجليزية وقام بتنفيذها أطفال الزيتون. برنامج بلدى (أنا والعالم) الغرض منها تعزيز الهوية الفلسطينية وأن يعرف الطفل كذلك وضع هذا الوطن وعلاقته بالوطن العربى والعالم حضارياً وثقافياً وكجزء مهم من المنظومة الثقافية العالمية. بهذه الجهود أعادت السيدة آمال آية عمارة البسمة إلى الشفاه، والعزيمة والأمل ومقاومة الضغوط والتوترات فى النفوس حتى وإن كانت محكومة إلى حد ما بضرورات الواقع الرهيب. نحن أمة كلام، أو كنا أمة فعل.. كم صرنا أمة كلام فى عصور التخلف وإن المرء ليعجب من أطنان الكلمات التى تملأ الصحف يومياً، ومن أطنان الكلمات التى تصب فى آذاننا فى نشرات الأخبار وفقرات التحليل التابعة لها. فإذا جاء اليوم التالى عادت طاحونة الكلمات تستلم القارئ أو السامع أو المتلقى.. والسؤال الآن: لماذا كل هذا الشغف بالكلمات؟ إننا فى حاجة إلى نوع من التحليل النفسى نصارح به أنفسنا كى يستقيم طريق الكلمة واستخدامها فى حياتنا من جديد. إن الكلمة أسهل من الفعل، ولأجل هذا يستخدمها المتكلم ويصغى لها السامع.. المشكلة هنا فى الارتكان إليها، المشكلة أن يستسهل المتكلم أو الكاتب استخدام الكلمة ويجعلها تعويضاً عن الفعل الحقيقى فيسترخى ويستريح بمجرد أن انتهى من الكلام، وكأنه قد أنجز.. لعل هذا سبب من أسباب كثرة الكلام بيننا.. إنه يعطى الإنسان إحساساً وهمياً بالإنجاز حيث لا إنجاز. الأمر نفسه يقال عن السامع أو القارئ أو المتلقى الذى توقعه نفسه فى الشرك نفسه، حيث يستمتع بالكلام وبكونه يضع الحلول للمشكلات ويزيل العقبات من طريقنا فى الحياة، فيسترخى ويستريح بمجرد أن ينتهى من السماع أو القراءة. المشكلة الكبيرة هنا أن الكلمة تصبح هى البطل نفسه حيث لا بطولة على أرض الواقع. تصبح هى البطل النائب عن المتكلم وعن المستمع معاً، وتبدو لنا فى أعلى درجاتها سلبية من حيث هى فى أعلى درجاتها إيجابية. وهنا يفرغ الواقع من مضمونه، حيث يصبح بلا فاعلين. تصبح الكلمة هنا مخدراً لا طائل وراءه، ولعل هذا هو السبب الذى جعل بعض الأنظمة المتغطرسة تطلق العنان ل «المتكلمين» و«المستمعين» عبر الأنشطة الثقافية والإبداعية المختلفة، ما دام الجميع سيخرج مستريحاً مسترخياً، والأهم من ذلك أنه قد أخرج شحنة الكبت لديه، وعاد إلى سوائه النفسى المزعوم. وفى الوقت نفسه تستطيع هذه الأنظمة أن تجد فى ذلك فرصة للتهليل بحريتها وديمقراطيتها. وأمام كل ذلك لا مفر من أن نؤسس لثقافة الكلمة داخل كل فرد فينا، وثقافة الكلمة تعنى عدة أشياء: - فالكلمة مهمة فى حياتنا ونحن لا ندعو إلى إلغائها أو حتى التقليل من شأنها، لكنها لابد أن تأتى فى الوقت المناسب، وتوضع فى مكانها المناسب. - والكلمة هى مصباح ينير طريق حياتنا، فالعلم كله بنى عليها، لكن حين تكون ذات قيمة وحين تكون معملاً لكثير من الكلام السابق بمعنى أن تكون خلاصة خبرة الإنسان وتجربته الإنسانية على سطح الأرض، تتحوصل الأشياء داخلها. - والكلمة ميزان نضبط به الأشياء، فالقاضى يستخدم الكلمة بوصفها ميزاناً، والناقد يستخدم الكلمة بوصفها ميزاناً والراعى يستخدم الكلمة بوصفها ميزاناً لرعيته.. وهكذا.. الكلمة تضبط الأفعال وتقودها وليست مجرد عبث. - والكلمة هى خلاصة العقل فى العمل وخلاصة الروح فى دور العبادة وخلاصة العاطفة فى مراسلات المحبين. وفى مثل هذه الحالات تتفوق الكلمة على الفعل آلاف المرات لأنها تعبر عما لايستطيع الفعل التعبير عنه، وتتحمل ما لا يستطيع الفعل تحمله. - والكلمة لا تستطيع أن تتفوق على الفعل فقط بل على الواقع أيضاً وذلك حين تختزن داخلها أكبر طاقة من الخيال والفكر الإبداعى الذى لا يوجد على أرض الواقع بل مازال جنيناً فى خيالات الأدباء والعلماء لذا كانت لكلمات الأدباء والعلماء قيمة من نوع خاص، لأنها ميراث للروح والعقل، يتفتق فى لحظة. - والكلمة هى سر الله ومعجزته فى كتبه السماوية. - وفوق هذا كله الكلمة وسيلة للترفيه والتسلية والضحك والتواصل الاجتماعى، فالكلمة نشاط اجتماعى يومى لابد منه.. نمارسه جميعاً لا شعورياً .. فالكلمة لا تقصد لذاتها دائماً وليست فى كل الأحوال هى أداة التجهم والعقل والتفكير والصرامة والإبداع بل للكلمة وجه لطيف للغاية بحيث تبدو لنا مظلة يومية نستريح تحتها من هجير الحياة. إن مقياس تحضر الكلمة لدى الأفراد والأمم هو أن تنشأ فى ظل نوع من التوازن بين الأقوال والأفعال فكلما كان لدى الفرد توازن بين أقواله وأفعاله كان متحضراً وكلما كان لدى الأمة توازن بين أقوالها وأفعالها كانت أمة متحضرة.