دخلت كلمة «بلطجي» تاريخ الثورات العربية الشعبية المعاصرة مثلها مثل «طز» على التلفزيون الليبي.. واستخدمت الانظمة العربية تعابير لوصف معارضيها مثل جرذان ومقملين كما ورد على لسان الخطيب المفوه القذافي في خطابه الشهير «زنقة زنقة» وزنقة تعني شارعاً ضيقاً او زقاقاً.. وفي مصر استخدمت كلمة بلطجية لوصف ازلام النظام الذين هاجموا ميدان التحرير على الجمال والحمير. وهي جمع بلطجي وهي ليست كلمة عربية بل اصلها تركي مثل «طز» وتعني حامل البلطة اي الشرخة او الفأس الحاد، وكانت هناك فرقة في الجيش التركي تسمى البلطجية اي حملة البلطات وكان حراس اي باشا تركي يحملون البلطات.. وفي اوقات الفوضى كان حملة البلطات يرهبون الناس ويعيثون فسادا في الاسواق وينهبون. من هنا صار لقب بلطجي يطلق على من يرهب الناس ويروعهم، فيما انها كانت في الاصل رتبة عسكرية اي حارس لقائد او باشا تركي يحمل البلطة.. وعندما اسيء استخدام البلطة غيرت بعض العائلات ممن تسمت بالبلطجي اسمها خجلا الى بلتاجي، فيما كانت في السابق تفتخر بالبلطة كمنصب عسكري. وهو حال القبضاي في بلاد الشام حيث كان القبضاي يدافع بقبضة يده عن الضعفاء والفقراء ولكن مع الزمن تحول القبضاي الى شرير يستخدم قوته في الابتزاز وترويع الناس وخدمة من يدفع اكثر مثله مثل الفتوة في مصر الذي بدأ في عصر المماليك مدافعا عن الحرافيش والضعفاء ثم صار حارسا لراقصة او خادما لثري يرهب الفقراء ويسرق عامة الناس. اما الحرافيش فهم طبقة هامشية من المجتمع في مصر ايام المماليك كانت تعيش على الهامش لا عمل لها سوى التسكع والتطفل مثل الصعاليك في عصرنا هذا. اما الصعاليك قديما فهم حركة احتجاجية نشأت في الجاهلية وكان اعضاؤها فرسانا اشداء وشعراء فطاحل خرجوا عن تقاليد سلطة القبيلة وكسروها وصاروا يسلبون الاغنياء ويعطون الفقراء.. كما خرج شعراؤهم عن سلطة بنية القصيدة التقليدية وكسروها ومن اشهرهم عروة بن الورد وتأبط شرا والشنفرى. ثم استخدم وصف صعلوك لوصف هوامش الناس.. لكنه يبقى في الوجدان والتراث لوصف طبقة من الفرسان والشعراء المتمردين على سلطة القبيلة وفي العصر الحديث عن سلطة النظام. وبالتالي قد تغضب ان نعتك احدهم بالبلطجي.. ولكن لا تغضب ان وصف النظام معارضيه بأنهم صعاليك.. فالثورة على السلطة في التاريخ العربي بدأت في الجاهلية الاولى.. وقد استغرق الامر قرابة 15 قرنا لكي يظهر صعاليك جدد في الجاهلية الثانية ليثوروا على سلطة الانظمة القبلية.