لعل أبرز عيوب الإخوان المسلمين، حساسيتهم المفرطة في التعامل مع مسائل الخلاف الداخلي، إضافة لعدم قدرتهم علي ضبط وإحتواء جميع الاختلافات الفكرية المتصارعة داخل الجماعة؛ لذا تشهد الجماعة استفحالاً لظاهرة الانشقاقات في الآونة الأخيرة، فالأوضاع الداخلية غير مستقرة، والصدام بين المحافظين والإصلاحيين داخل الجماعة مستمر، والعلاقة بين الشباب والقيادات متوترة، وجراء ذلك سنجد تداعيات مستقبلية تؤثر علي كيان الجماعة، التي يحفل تاريخها بحالات عديدة من الخلافات والصراعات، أثرت بالسلب علي صورتها، ومدي كفاءة الأداء التنظيمي والسياسي لها ومواكبة التحولات، والأهم قدراتها علي مواجهة خصومها . شباب الجماعة المطالبون بإحداث تغيير جذري في لوائح الجماعة وهيكلة نظمها، تحدثوا ل"صوت البلد" ملخصين مطالبهم، في حل مكتب الإرشاد ومجلس شوري الجماعة، وإعادة انتخابهما بطريقة الاقتراع السري المباشر، حتي تبدأ الجماعة مرحلة جديدة، تزيل كل أشكال العوار التي اعترت الفترة الماضية، من تجاهل لقواعد الديمقراطية والشوري في إفراز القيادات . محمد عثمان أحد شباب الإخوان، أوضح أن التزوير الفاضح للانتخابات البرلمانية الأخيرة خلال مرحلتها الأولي، جعل شباب الجماعة يقتنعون بانسداد كل طرق الإصلاح التي تتبعها الجماعة، فقدموا مقترحا للقيادات بالرد علي ما حدث، بالحشد والنزول للشارع، وتنظيم اعتصامات في الأماكن والميادين المهمة بمختلف المحافظات بعد إعلان نتائج الانتخابات، مستغلين آثارها السيئة وحالة الاحتقان عند الشعب، مع غلق الشوارع المؤدية إلي مجلس الشعب لمنع النواب "المزورين" من حلف اليمين الدستورية، إلا أن هذا المقترح لم يلق قبولاً لدي قيادات الجماعة . ويري "عثمان" أن ما قام به جمال مبارك وأحمد عز من تزوير فاضح لانتخابات مجلس الشعب، تضاف إليه حالة التبجح التي تعامل بها عز عقب إعلان النتائج، والتي أغلقت باب الأمل أمام من يريد الإصلاح، فتغيرت قناعات الشباب داخل الجماعة إلي ضرورة التغيير وليس الإصلاح كما تري القيادات، مما جعل هناك تجاوباً جيداً من شباب الإخوان تجاه الثورة، وعلي الرغم من اتخاذ الجماعة قراراً بعدم المشاركة يوم 25 يناير، إلا أن مختلف المناطق والشعب اتخذ شبابها قراراً بالنزول بعيداً عن مكتب الارشاد، فشباب الجماعة تواجد في الميدان بقوة، وراجع مكتب الارشاد في بعض قراراته خلال الثورة، فالمكتب حين أصدر بيانا اعترضوا عليه لكونه لم يحدد مطلب التنحي بشكل واضح، فاستجاب المكتب للشباب وأصدر بيانا آخر متوافقاً في اليوم التالي•• أما أحمد علاء أحد المنتمين إلي التيار الإصلاحي في الإخوان، فيري أن التحول التاريخي الذي أحدثته الثورة علي كل أطياف المجتمع، ستؤثر بالضرورة علي جماعة الإخوان، فسنة التغيير لن تجري علي البعض دون الآخر، ومن يتصور ذلك فهو واهم، فيجب إحداث حالة من المواكبة علي مختلف المستويات مع طرح جميع قضايا الإخوان الداخلية للحوار، للوصول إلي أنسب الحلول، وعدم رفض أو قبول أي من مطالب شباب الجماعة، إلا بعد النقاش المثمر، وهم لا يعتبرون أنفسهم منشقين بالمعني العام، ولكن هم بصدد واقع جديد يطرأ علي المجتمع ككل، وعلي الجميع أن يتطور ليواكب هذا التغيير . مشيراً إلي أنه بعد نجاح ثورة 25 يناير وسقوط مبارك ونظامه، أصبح أمام شباب الإخوان معركة أخري، لا تقل أهمية وهي التطوير داخل الجماعة نفسها، والتي يجب أن تشهد ثورة حقيقية للتطوير والتغيير خلال الفترة المقبلة، لأن كثيرًا من الملفات كانت مؤجلة جراء الضغوط الأمنية التي مورست علي الجماعة من قبل النظلم السابق، لكن الآن يجب تطرح كل القضايا للمناقشة، مؤكداً أن الفترة المقبلة ستشهد انتفاضة داخلية للإخوان. وعن أبرز إشكاليات الصراع داخل جماعة الإخوان المسلمين، يوضح خليل العناني الباحث في شئون الحركات الإسلامية، أن الصراع المستمر بين المحافظين والإصلاحيين داخل الجماعة تختلط فيه المصالح بالرغبات الشخصية، خاصة مع محاولات بعض المحافظين لإضفاء طابع قدسي علي خلافاتهم، بحيث تبدو توجهات الإصلاحيين وكأنها خروجاً علي ثوابت الدين واستهدافاً لوحدتهم، بالنسبة لوضع الأجيال الشابة داخل معادلة الصراع بين المحافظين والإصلاحيين، فيبدو واضحاً أن الكفة تميل لصالح المحافظين، فيما يخص الهيمنة علي عقول شباب الجماعة، عن طريق سيطرتهم علي عملية الترقي والتصعيد داخل السلم التنظيمي، مما يضع القواعد الشبابية تحت رحمتهم، إضافة للتنشئة الدينية والتنظيمية المغلقة والرقابة الصارمة التي تمارس مع الشباب، والتي تقلص فرص تواصلهم وتأثرهم بأفكار ورؤي الإصلاحيين، إلا أن هناك محاولات من بعض هؤلاء الشباب لكسر هذه الهيمنة عبر اللجوء الي الوسائط الحديثة، مثل الانترنت والمدونات من أجل تطوير أفكارهم ومعتقداتهم السياسية.