ضرب وإهانة وقتل وتعذيب واستهداف للجالية المصرية في جميع أنحاء الجماهيرية الليبية بأوامر من القذافي الذي أطلق رجاله من اللجان الثورية والمرتزقة ممن منحهم الجنسية الليبية بجانب الشرطة والجيش -الذي انشق بعض قياداته علي القذافي- ليرهبوا ويقتلوا المصريين ويسلبوا أموالهم، مستغلين المصريين كورقة للعبته القذرة التي يحاول القذافي بها الهروب، خاصة بعد ما وصفهم أعوان القذافي باليهود واتهامهم بالتسبب في إشعال الثورة الليبية من قِبَلْ القذافي وولده سيف الإسلام . ولا يعتبر الأمر غريبًا أو مستهجنًا علي ذلك السفاح الذي قام بتقتيل شعبه الأعزل بيد مجموعة من المرتزقة في لعبة هو الخاسر من خلالها في رهانه علي "النفط" الليبي وكرسي الحكم، وبعد وصفه علي المستوي الدولي كمجرم حرب، أقر مجلس الأمن الدولي حزمة من العقوبات بحق مسئولين في النظام الليبي، وعلي رأسهم "معمر القذافي" تحت البند السابع من ميثاق الأممالمتحدة دون التهديد باستخدام القوة العسكرية مع إحالة الممارسات البشعة التي يقوم بها في حق المتظاهرين من استخدامه للرصاص الحي وقذائف المدفعية والطائرات . وتتمثل العقوبات التي فرضها مجلس الأمن مؤخرًا علي ليبيا في الحظر علي صادرات الأسلحة إلي ليبيا أو سفر القذافي أو عائلته أو مسئولي نظامه إلي خارجها، فضلاً عن تجميد أرصدة لأفراد من نظامه وعدد من أفراد أسرته وأعوانه المقربين . ومن بين الأسماء بخلاف القذافي أبناؤه الخمسة محمد وسيف العرب وسيف الإسلام وعائشة وهنيبعل، إضافة إلي رئيس مكتب الاتصال باللجان الثورية ووزير الدفاع جابر أبو بكر يونس، وعدد من القيادات الأمنية . ليس هذا فقط، بل علي الجانب الإقليمي نبذ الأزهر الشريف في تصريحات الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب أعمال العنف ضد المدنيين وإعلانه بأن النظام الليبي قد فقد شرعيته . وعلي مستوي آخر هناك علامة استفهام كبري حول السفير المصري بليبيا والدبلوماسيين المصريين هناك، ممن اختفوا في ظروف غامضة وتركوا المصريين يواجهون مصيرهم المجهول، في حين أن سفراء الجاليات الأخري يعملون علي تسهيل خروج مواطنيهم، ليجلس المصريون في حسرة ولا يجدون سندًا لهم في ظل التكدس الهائل في طرابلس إلي جانب استغلال بعض المسئولين ورجال الأمن الليبي في المطار للمصريين بعد أن فرضوا إتاوات علي ركوب الطائرات والتي من المفترض أنها مجانية، إلا أنهم يجبرون علي الدفع حتي يخرجوا من هناك سالمين، ولو حتي بملابسهم التي يرتدونها لينجوا بحياتهم، تاركين وراءهم أعمالهم وأموالهم وتجارتهم، متمنين دورًا أكبر واهتمامًا أكبر من المسئولين المصريين لتأمين عودتهم لوطنهم سالمين . يقول محمد رمضان حمود من سوهاج: إن أخيه محمود والذي يعمل بشركة حديد إيطالية في "مصراته" بليبيا، محتجز هناك منذ اندلاع ثورة 17 فبراير، وإن صاحب الشركة قام بإغلاقها وسافر إلي بلده، حيث يعلق أخوه في ليبيا مع مجموعة من زملائهم لا يستطيعون الخروج منها، نظرًا لما يقوم به المرتزقة الأفارقة من المجنسين بالجنسية الليبية ويرتدون زيًا عسكريًا من قتل وترويع للمصريين، وقد تمكن بصعوبة بالغة من الوصول إلي المطار ليواجهه مشكلة أخري وهي التكدس الشديد به وعدم وجود أي من المسئولين المصريين لكي يعملوا علي سرعة إجلائهم من ليبيا إلي جانب فرض إتاوات من جانب السلطات الليبية لدخول صالة السفر، وهو مالم يكن موجودًا من قبل . ويروي عماد محمود عبد الحميد ويعمل تاجرًا بطرابلس، الذي عاد إلي أرض الوطن منذ يومين أن المصريين يدفعون آلاف الدينارات مقابل ركوب الطائرة، فضلاً عن المعاملة السيئة من الليبيين الذين أخذوا أموال المصريين ومتعلقاتهم، وقالوا إن "المصري يهودي" و"فتنة" مدعين أن المصريين هم السبب في ما يحدث الآن في ليبيا . ويقول عشنا معاناة هذا إلي جانب الرعب قبل ذهابنا للمطار، نتيجة اعطاء القذافي أمرًا للجانه الثورية بقتل المصريين• حيث دخل عليهم ثلاثة أشخاص يرتدون ملابس الجيش وألقوهم علي وجوههم علي الأرض وأطلقوا الأعيرة النارية فوق رؤوسهم وأخذوا أموالهم، ولم يكتفوا بذلك بل قاموا باستدعاء الشرطة التي قامت بدورها هي الأخري بإهانتنا وضربنا . وأخبرناهم أننا لا دخل لنا بالسياسة، وقلنا لهم: "إحنا جايين ناكل عيش"، إلا أنهم تمادوا في ضربنا حتي أهلكونا ولم نستطع فعل أي شيء . ويصف محمد السيد الذي كان يعمل تاجرًا في طرابلس المعاملة للمصريين في المطار بأنهم قصدوا إيذاء واستهداف الجالية المصرية فقط بهذه المعاملة دون الجاليات الأخري التي أخذت حقها عن طريق وجود مندوبها في صالة السفر وسفيرها علي متن الطائرة ويعملون علي راحة رعاياهم ويؤمنون صعودهم للطائرات بسلام . ونوه إلي أنهم قاموا بالاتصال بسفير مصر هناك حتي يحضر للمطار ويسهل إجراءات الخروج كباقي السفراء، إلا أنهم لم يجدوه في السفارة، بل أخبرهم المسئولون أنه في مدينة يصعب الوصول إليها لتدهور الأوضاع فيها، واتضح بعد ذلك -والكلام علي لسانه- أن السفير في منزله . وأضاف: أن هناك بعض المسئولين في المطار الليبي قاموا بسرقة المصريين بعد تفتيشهم وأخذ كل أموالهم عنوة، وأخبرنا بأن هناك بعض المصريين في المينا تمت سرقتهم وأخذوا منهم حوالي 20 ألف دينار إلي جانب تدمير منطقة الزاوية وبعض المناطق بالمدينة . وأحضر عبد الغفار محمود عبد الحميد بائع ملابس بطرابلس عددًا من الرصاصات التي كان يطلقها عليهم الجيش والشرطة والثوريون الليبيون، قائلاً: لقد تركت بضاعة تقدر ب20 ألف دينار، والموت بالجملة للشباب المصري في ليبيا . أضاف: أن الشرطة الليبية إذا أمسكت بالمصري تضعه في السجن، أما الأجنبي بخلاف المصري يُضرَبْ بالرصاص وبالعصا الكهربائية . وأشار إلي أن "كارت الصعود" الذي أحضره المسئولين المصريين من مصر للطيران، لكي نصعد به للطائرة دون مقابل، قامت الشرطة الليبية بأخذ هذه الكروت وباعتها إلينا ب300 دينار، هذا غير ال700 دينار رسم دخول صالة السفر . وأطالب كُلاًّ من مجلس الأمن والحكومة المصرية بتعويضات عن البضائع والأموال، سواء التي تركناها رغمًا عنا أو التي سُلِبَتْ منا، وأنه إذا لم تأخذ الحكومة المصرية بحقنا، سيقوم كل من كان معي علي الطائرة بالتواصل مع بعضنا لنتظاهر في ميدان التحرير، حتي تعيد لنا الحكومة حقوقنا من الليبيين . ويري حافظ أبو سعده رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أن القذافي فقد عقله بما ارتكبه في حق الشعب الليبي، فالذي يحدث في ليبيا ما هو إلا ثورة، والنظام فيها مازال يماطل في أن يخضع للمطالب المشروعة للشعب، وكل رئيس دولة يقول إن بلده ليس مثل مصر وتونس، وفي المستقبل ستجد رئيسًا آخر يقول أن بلده ليس مصر ولا تونس ولا ليبيا وهكذا. فالنهاية معروفة بعد أن خسر القذافي كل معاقله، فسوف ينتصر الشعب الليبي ويحاسب من أخطأ بحقه وأطلق عليه الرصاص والقذائف.. وأضاف: نحن أمام حكام لا يريدون أن يتعلموا الدرس، وهو أن الشعوب في النهاية لابد أن تنتصر . بينما أعرب عبد الجواد أحمد رئيس المجلس العربي لحقوق الإنسان أنه ضد المجازر وعمليات القتل التي يرتكبها النظام الليبي، وأنه لابد من محاكمة القذافي ونظامه علي هذه المجازر، وأيضًا إحضاره للمرتزقة الأفارقة ليقتلوا الشعب، فهذه في حد ذاتها جريمة إنسانية من الممكن محاكمة القذافي عليها أمام المحكمة الجنائية الدولية. وأضاف: إن القذافي رجل مريض نفسي ويحتاج لعلاج، والشعوب العربية تعرفه منذ سنوات، وقد ظل عميلاً للدول الأجنبية، فهو يتحكم في دولة لها مقدرات بترولية وشعبية وجاثم علي قلبها منذ 24 سنة، وليبيا في الأساس متأخرة كمؤسسات وديمقراطية وأحزاب قامت من ثورة في ظل نظام القذافي لتدخل في ثورة جديدة يعلن نهايته ليستعيد الشعب الليبي حريته وكرامته في ظل ديمقراطية وتعددية حزبية وحرية رأي وتعبير . وأكد علي ضرورة أن يرحل القذافي الآن وفي هدوء لإيقاف نزيف الدم، مؤكدًا علي ضرورة محاكمته علي المجازر التي ارتكبها في حق شعبه الأعزل. وحذر من أن ما يفعله القذافي الآن قد يُعَجِّلْ بتحرك أمريكي نحو ليبيا، فهو يكرر سيناريو مشابه ل"صدام حسين" والذي ترتب عليه غزو القوات الأمريكية للعراق، وأنه توجد دول أخري غير أمريكا مثل إيطاليا وغيرها من الدول التي لها أطماعها في البترول الليبي . ويقول وحيد الأقصري رئيس حزب مصر العربي الاشتراكي: إنه كمواطن عربي يستطيع القول إن ما يحدث في ليبيا هو نتاج ديكتاتورية اثنين وأربعين عامًا كان فيها القذافي في الحكم المطلق، وقد ضاق الشعب ذرعًا به وبحكمه، والدليل علي هذه الديكتاتورية أن هذا الحكم استخدم جميع الأسلحة الثقيلة والخفيفة ضد شعبه، بل إنه وصفهم بالفئران . هذا مما يدل علي عدم مصداقية هذا الحاكم هو تصريحاته المتناقضة بأنه لا توجد اضطرابات في ليبيا، وهو الأمر الذي يُحَتِّمْ علي المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات أكثر فاعلية . وأشار إلي أن الذي يحدث في ليبيا هو ثورة حقيقية وشعبية تطالب بالحرية والحق والعدل، وأن الوقوف أمامها خيانة لله والوطن، فالأمة العربية تتحرر الآن بعد ثورتي تونس ومصر ولن يستطيع أي حاكم أن يقف أمام هذا الإصلاح والذي كنا نتمناه من قبل، ولكننا نتمني ألا نفتح الباب للتدخلات الخارجية حتي لا تحكم سيطرتها علي ليبيا أو تقوم بتولية عملائها هناك، فتعود ليبيا إلي الوراء مرة أخري . وَنَدَّدَ بالمعاملة السيئة من جانب النظام الليبي للمصريين بصفة خاصة، وأن هذه المعاملة إنما تدل علي فساد هذا النظام، لأن السبب الحقيقي وراء هَبَّةْ الشعب الليبي هو هَبَّةْ الشعب المصري، فهم يشعرون أنه لو لم تحدث ثورة في مصر ما كانت الثورة ستتم في ليبيا، وذلك الشعور يدل علي أن هذا النظام الدكتاتوري يعي تمامًا أنه نظام فاشل وتأخذه عظمة الحكم، ومن ثم فإن ما يحدث للمصريين ما هو إلا نوع من العقاب علي ثورة الشعب المصري علي نظامه.