جامعة أسيوط الأهلية تبدأ في استقبال الطلاب الجدد لإنهاء إجراءات القيد والتسجيل    الجريدة الرسمية تنشر 6 قرارات جديدة لوزارة الداخلية    وزيرا الكهرباء والبترول يبحثان العمل المشترك لتوطين الصناعة ونقل التكنولوجيا    صعود عالمي جديد.. سعر الذهب اليوم الثلاثاء 19-8-2025 وعيار 21 الآن (تحديث لحظي)    لليوم الثالث.. محافظ القاهرة يقود حملة لإعادة الانضباط لمدينة معًا بحي السلام ثان    ترامب: على الأمريكيين انتخاب رئيس جيد في المستقبل لتفادي تكرار الأزمة الأوكرانية    احترامًا له.. ترامب: اتصلت ببوتين بعيدًا عن القادة الأوروبيين    الجيش الاردنى ينفذ إنزالا جويا جديدا للمساعدات فى غزة    الأزمات تحاصر القطبين.. حريق في الأهلي وسحب أرض الزمالك    الدوري الإسباني.. "ثغرات تأمينية" تهدد عودة برشلونة إلى كامب نو    تقارير: وفاة رزاق أوموتويوسي مهاجم نادي الزمالك السابق    بسبب سافينيو.. مانشستر سيتي ينسحب من سباق رودريجو    مصدر ليلا كورة: الأهلي يقترب من إنهاء إجراءات رحيل وسام أبو علي بعد وصول القسط الأول    محافظ الإسماعيلية يعتمد نتيجة الدور الثاني للشهادة الإعدادية بنسبة نجاح 99.76%    شاهده 192 شخص فقط في 24 ساعة.. تعرف على الفيلم الأضعف في شباك التذاكر الإثنين    ما علاج الفتور في العبادة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل تجوز الصلاة قبل الانتهاء من الأذان؟.. تعرف على رد أمين الفتوى    افتتاح مقر التأمين الصحي ب بلاط في الوادي الجديد    خطوة بخطوة.. طريقة الاستعلام عن المخالفات المرورية    سماع أسرة الزوج وفحص هواتف.. تحقيقات موسعة فى مقتل لاعبة الجودو دينا علاء    النقل: خط "الرورو" يفتح آفاقًا جديدة أمام الصادرات المصرية إلى أوروبا    وسط أجواء فنية ساحرة.. "صوت مصر" يعيد أم كلثوم لواجهة المشهد الثقافي    "فلسطين 36" ل آن ماري جاسر ممثلًا لفلسطين بجوائز الأوسكار عام 2026    أسرة عبدالحليم حافظ تكشف حقيقة بيع منزله بمقابل خيالي لملياردير مصري    الأمم المتحدة: الوضع في غزة فاق الكارثة ولن نشارك في أي نزوح قسري (تقرير)    إجازة المولد النبوي الأقرب.. العطلات الرسمية المتبقية في 2025    مدير أوقاف الإسكندرية يترأس لجان اختبارات القبول بمركز إعداد المحفظين    داعية إسلامية عن التعدد: «انتبهوا للخطوة دي قبل ما تقدموا عليها»    وزير العدل يزف بشرى سارة لأبناء محافظة البحيرة    شاهد.. مدير «الرعاية الصحية» ببورسعيد: حملة «صحتك أولًا» تهدف لتعزيز الوعي الدوائي    فنان شهير يفجر مفاجأة عن السبب الرئيسي وراء وفاة تيمور تيمور    رئيس الرعاية الصحية: بدء تشغيل عيادة العلاج الطبيعي للأطفال بمركز طب أسرة العوامية بالأقصر    جولة تفتيشية للوقوف على انتظام حركة التشغيل في مطاري الغردقة ومرسى علم    "بدلة أنيقة".. دينا الشربيني تتألق في أحدث ظهور (صورة)    وزير الثقافة ينعى الدكتور يحيى عزمى أستاذ الإخراج بالمعهد العالى للسينما    كامل الوزير: تشغيل خطوط إنتاج الأسمنت المتوقفة وزيادة القدرات الإنتاجية    الأرصاد: فرص أمطار رعدية على حلايب ونشاط رياح بكافة الأنحاء يلطف الأجواء    وزارة النقل تناشد المواطنين التوعية للحفاظ على مترو الانفاق والقطار الكهربائي    صعود جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل جلسة اليوم    " ارحموا من في الأرض" هل هذا القول يشمل كل المخلوقات.. أستاذ بالأزهر يوضح    بلتون للتمويل العقاري تصدر أول توريق بقيمة 1.32 مليار جنيه    الأمم المتحدة تعرب عن قلقها إزاء هجوم مميت آخر على مخيم أبو شوك بالسودان    كييزا يغلق باب الرحيل ويتمسك بالبقاء مع ليفربول    قرار جمهوري.. ماجد إسماعيل رئيسًا تنفيذيًا لوكالة الفضاء بدرجة وزير    53 مليون خدمة.. ماذا قدمت حملة "100 يوم صحة" خلال 34 يومًا؟    الداخلية تؤسس مركز نموذجي للأحوال المدنية فى «ميفيدا» بالقاهرة الجديدة    هيئة التأمين الصحى: إشراك القطاع الخاص ركيزة أساسية للتوسع المستقبلى    رئيس الوزراء يلتقى وزير الدولة للاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني    بعد إلغاء تأشيرات دبلوماسييها.. أستراليا: حكومة نتنياهو تعزل إسرائيل    الماريجوانا على رأس المضبوطات.. جمارك مطار القاهرة تحبط محاولات تهريب بضائع وأسلحة بيضاء ومخدرات    أبرزها 10 أطنان مخلل.. ضبط أغذية منتهية الصلاحية ومجهولة المصدر ببني سويف    "الجبهة الوطنية بالفيوم" ينظم حوارًا مجتمعيًا حول تعديلات قانون ذوي الإعاقة    «عارف حسام حسن بيفكر في إيه».. عصام الحضري يكشف اسم حارس منتخب مصر بأمم أفريقيا    فرصة لطلاب المرحلة الثالثة.. تعرف الجامعات والمعاهد في معرض أخبار اليوم التعليمي    وقت مناسب لترتيب الأولويات.. حظ برج الدلو اليوم 19 أغسطس    محافظ سوهاج يُقرر خفض تنسيق القبول بالثانوي العام إلى 233 درجة    عماد النحاس يكشف موقف لاعبي الأهلي المصابين من المشاركة في المباريات المقبلة    حقيقة إصابة أشرف داري في مران الأهلي وموقف ياسين مرعي من مباراة غزل المحلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأرض هي جوهر الصراع .. في ذكرى غسان كنفاني
نشر في صوت البلد يوم 10 - 07 - 2020

الأرض هي جوهر الصراع، ولها اسم: فلسطين، وشعبنا على امتداد مائة عام جبل ترابها بدمه، وما زال يقاوم لتحريرها، وسيواصل مقاومته حتى تحقيق هدفه الذي يشاركه فيه عرب كثيرون ينتمون لأقطار عربية مشرقية ومغاربية، متخطين الأنظمة الرسمية وحساباتها.
عدونا خطط منذ بدأت الحركة الصهيونية تضع نصب مخططاتها استهداف فلسطين وطنا ليهود العالم..وفقا لشعار: وطن بلا شعب لشعب بلا وطن، وهو ما يعني: طرد العرب الفلسطينيين من وطنهم بالقوة، بدعم ورعاية بريطانية وأمريكية..وغربية بشكل عام.
الهدف تحدد منذ البداية، وقبل التوغل الصهيوني في فلسطين: احتلال فلسطين – أرضنا، واقتلاعنا، نحن عرب فلسطين، من جذورنا من عمق هذه الأرض لتخلو له..ولكن!
هذه اللاكن رسخها عرب فلسطين بالدم، والتضحيات، والبطولات، التي لم يتوقعها الانتداب البريطاني، وقادة الحركة الصهيونية، والرعاية الأمريكية المنحازة للكيان الصهيوني، وانحياز الغرب الاستعماري العنصري...
فشلت مخططات الصهاينة وداعميهم على امتداد مائة عام، منذ 1897 وحتى يومنا هذا الأربعاء 8 تموز 2020، ذكرى استشهاد الروائي المعلم الشهيد غسان كنفاني عام 1972، رغم كل ما اقترفوا من تآمر وجرائم وحروب معلنة وسريّة على شعبنا العربي الفلسطيني..فأجيالنا لا تنسى، وقد واصلت المقاومة بضراوة..وهي لن تتخلى عن أرض فلسطين، وسيبقى الصراع مفتوحا على احتمال واحد بالنسبة لشعبنا وكل الشرفاء والأحرار والمقاومين العرب: تحرير فلسطين، وإنهاء المشروع الصهيوني من قلب الوطن العربي.
في عقل الفلسطيني، وفي روحه، وفي ضميره، وفي كل مكوناته: الأرض هي المهاد، هي الكينونة، هي الكرامة، وهي معنى الوجود والاستمرار، فبدونها لا يكون للفلسطيني وطن، والفلسطيني بدون فلسطين لا معنى لحياته، وهو تأبّى على الاندثار والنسيان، والذوبان..وهو ما راهن عليه قادة الصهاينة ومخططوها، والمتصهينون معها، ولكن الفلسطيني العصي على الاقتلاع ثبت في أرضه، وتحمّل كل أنواع العسف، ومحاولات الاقتلاع ..بل وأفشلها.
ما لم يخطر ببال وحسابات الصهاينة أن الشعب الفلسطيني عريق، تمتزج روحه بأرضه، وأنه عاش منذ ألوف السنين على أرض فلسطين، وبقي بعد هزيمة وزوال ( الفرنجة) و( المغول)، وأن فلسطينه تبقى دائما وهو معها المنافح عنها بدمه بعناد وكبرياء..ودائما زالت الاحتلالات المتلاحقة بكفاح الأمة العربية..والاحتلال الصهيوني هو آخرها، وبه ستنزل الهزيمة الماحقة التي يتطهر بها وجه فلسطين، ويعود الوطن العربي للتواصل ..فمن لا جذور لهم في فلسطين سيجتثهم عرب فلسطين حتما.
على أرض فلسطين يعيش قرابة ستة ملايين ونصف عربي فلسطيني، وفي المنفى يعيش تقريبا نفس العدد، وبنتشرون في كل قارات العالم، وفي البلدان العربية المحيطة بفلسطين: الأردن، سورية، لبنان، مصر، والعراق، وبلدان الخليج...
من في الداخل يعيشون، سواء في الجزء المحتل عام 1948، أو في ما احتل في حزيران 1967، على أرض فلسطين..وهم يعرفون تفاصيل أرضهم، وموجات بحر حيفا، وعكا، ويافا..بينما من يعيشون في الشتات تعيش فلسطين في عقولهم ونفوسهم وأرواحهم، وتكبر مع كل يوم في وعيهم، وذاكرتهم، وتتراكم تفاصيلها حقائق يغذيها بتفاصيل جغرافية فلسطين وتاريخها ومعارك وثورات شعبه الذي ينتمي له منذ بداية الاشتباك المصيري مع المتسللين الصهاينة ومحتضنهم الانتداب البريطاني.
علاقة الفلسطيني بأرضه، أي بفلسطين، تجلّت في الرواية الفلسطينية: موضوع ندوتنا في يوم 8 تموز..يوم استشهاد المعلم غسان كنفاني.
الفلسطيني المتشبث بأرضه، والصابر رغم كل جرائم الاحتلال يلتحم بتفاصيل أرضه، بشجرها، بسهولها، بجبالها، بينابيعها، وحتى بصحرائها التي تنطوي على وقائع، وذكريات جمعية...
الفلسطيني في الشتات، وفي المنافي البعيدة، من ولد قبل نكبة ال48، ومن أُنجب بعدها، يحمل فلسطين في روحه، يتخيلها، يرسمها، يقرأها..ومن أكثر من الرواية يغني تفاصيل ( فلسطينه) ..ويعيده إليها، ويغرسها أعمق في نفسه، ووعيه، ويسلحه بمعرفتها أكثر أرضا وزمنا وبشرا، حقائق لا وهما؟
الرواية الفلسطينية هي ملحمة الأرض والإنسان..والأرض الفلسطينية هي مكان وزمان وإنسان نادر البطولة والبسالة والتميّز بالكبرياء والكرامة.
نلتقي يوم الأربعاء 8 تموز في ذكرى استشهاد المعلّم غسان كنفاني وفاء، ومواصلة لحمل راية ( الرواية) الفلسطينية التي اغتنت بإبداعات أجيال من الروائيين، منهم من بقي مع ذويه في فلسطين، ومنهم من يعيش في الشتات..ومن هنا الغنى والتنوّع.
روائيون وروائيات فلسطينيون يعيشون في الأقطار العربية، تعلموا فيها، ويعملون فيها، ونشأوا على حبها، وامتزجوا اجتماعيا بأهلها، اغتنت رواياتهم، وتجاربهم بهذا الغنى، وتنوعت، فهم عرب ينتمون مع زملائهم بهم فلسطين، وبهموم خاصة بتلك الأقطار..هنا لا تغيب عنا تجربة الروائي الكبير الأستاذ جبرا إبراهيم جبرا ( العراقية)، والدكتور عبد الله الدنان( الكويتية، وتجارب روائيين ينتمون لأجيال لاحقة، مثل حسن حميد الذي يعيش في سورية، والذي تتمازج فلسطين وسورية في رواياته. وليد رباح المقيم في أميركا، نجمة حبيب المقيمة في أستراليا..نضال حمد في النرويج..وغيرهم كثيرون.
كتبت منذ زمن: كل الناس في العالم يعيشون في أوطانهم..والفلسطيني يعيش وطنه فيه، ويكبر وينمو ويتضّح مع تقدمه في العمر..خاصة من ولدوا في الشتات.
يبدع الروائيون الفلسطينيون ويغنون المشهد الروائي الفلسطيني، ويرفدون الرواية العربية بما يغنيها ويضيف لها، لا من حيث الموضوع على أهميته وغرابته، ولكن بتقنيات يستدعيها الموضوع الفلسطيني الغني بتفاصيل التجارب المختلفة الغنية الإنسانية.( غسان كنفاني رائد مجدد في روايتيه : رجال في الشمس..وما تبقى لكم).
للفلسطينيين في داخل فلسطين تجارب مختلفة عن تجارب من يعيشون في الشتات، وهذا ما يفتح مجالات لإبداعات غنية تتكامل، وتشكّل ملحمة الأرض الفلسطينية..والإنسان الفلسطيني..في الأعمال الروائية الفلسطينية.
مأزق المشروع الصهيوني المدعوم منذ بدايته، هناك في بال بسويسرا، أنه (خطط) لاحتلال فلسطين..واجتثاث أهلها – عرب فلسطين، والرهان على نسيان الكبار..وذوبان الصغار. جهله هذا بأصالة عرب فلسطين،وأنهم جزء من أمة عريقة، وتراكم خبراتهم في مقاومة المحتلين الغزاة على امتداد القرون، هو ما هيّأ له استسهال المعركة مع ( الفلسطينيين) دون الحساب لعراقة انتمائهم، وهويتهم، وتاريخهم، وجغرافية فلسطينهم.
فلسطين في الرواية ليست موضوعا يمكن اختزاله في رواية، أو عدد محدود من الروايات، فالرواية الفلسطينية تتجلّى في روايات تروي ملحمة عرب فلسطين على امتداد مائة عام..وحتى ما بعد تحرير فلسطين وعودة كل عربها لها، ليكشطوا ما حاول الغزاة الصهاينة غرسه من تزييف وتزوير لأسماء وهمية مرتجلة مزورة للمكان الفلسطيني.
الأرض الفلسطينية هي جوهر صراعنا مع الاحتلال الصهيوني
وصراعنا صراع وجود، ليس للشعب العربي الفلسطيني وحده، بل لأمة تمتد بشريا وحضاريا بين المحيط والخليج، ولذا لا غرابة أن يكتب كثير من الروائيين والروائيات العرب روايات تحمل الهم الفلسطيني من هذا المنظور...
موضوع الأرض في الرواية الفلسطينية، هو موضوع الأرض في حياة العربي الفلسطيني، وفي حياة كل عربي مواطنا عاديا، أم مثقفا..وبالتأكيد هو موضوع متاح لكل روائي عربي يعنيه الصراع مع الغزوة الصهيونية وإنجاز تحرير فلسطين وعودتها عربية لأمتها.
....
* كتبت هذه الورقة بمناسبة ندوة ( الأرض في الرواية الفلسطينية) التي هيأت لها وزارة الثقافة الفلسطينية ضمن نشاطها: ملتقى الرواية العربية، والتي ستبث بالفيديو كونفرانس، ويديرها الروائي صافي صافي، ويشارك فيها الناقد الدكتور إبراهيم السعافين، الناقد الدكتور محمد البوجي، الروائي الدكتور أحمد رفيق عوض، و..رشاد أبوشاور.
الأرض هي جوهر الصراع، ولها اسم: فلسطين، وشعبنا على امتداد مائة عام جبل ترابها بدمه، وما زال يقاوم لتحريرها، وسيواصل مقاومته حتى تحقيق هدفه الذي يشاركه فيه عرب كثيرون ينتمون لأقطار عربية مشرقية ومغاربية، متخطين الأنظمة الرسمية وحساباتها.
عدونا خطط منذ بدأت الحركة الصهيونية تضع نصب مخططاتها استهداف فلسطين وطنا ليهود العالم..وفقا لشعار: وطن بلا شعب لشعب بلا وطن، وهو ما يعني: طرد العرب الفلسطينيين من وطنهم بالقوة، بدعم ورعاية بريطانية وأمريكية..وغربية بشكل عام.
الهدف تحدد منذ البداية، وقبل التوغل الصهيوني في فلسطين: احتلال فلسطين – أرضنا، واقتلاعنا، نحن عرب فلسطين، من جذورنا من عمق هذه الأرض لتخلو له..ولكن!
هذه اللاكن رسخها عرب فلسطين بالدم، والتضحيات، والبطولات، التي لم يتوقعها الانتداب البريطاني، وقادة الحركة الصهيونية، والرعاية الأمريكية المنحازة للكيان الصهيوني، وانحياز الغرب الاستعماري العنصري...
فشلت مخططات الصهاينة وداعميهم على امتداد مائة عام، منذ 1897 وحتى يومنا هذا الأربعاء 8 تموز 2020، ذكرى استشهاد الروائي المعلم الشهيد غسان كنفاني عام 1972، رغم كل ما اقترفوا من تآمر وجرائم وحروب معلنة وسريّة على شعبنا العربي الفلسطيني..فأجيالنا لا تنسى، وقد واصلت المقاومة بضراوة..وهي لن تتخلى عن أرض فلسطين، وسيبقى الصراع مفتوحا على احتمال واحد بالنسبة لشعبنا وكل الشرفاء والأحرار والمقاومين العرب: تحرير فلسطين، وإنهاء المشروع الصهيوني من قلب الوطن العربي.
في عقل الفلسطيني، وفي روحه، وفي ضميره، وفي كل مكوناته: الأرض هي المهاد، هي الكينونة، هي الكرامة، وهي معنى الوجود والاستمرار، فبدونها لا يكون للفلسطيني وطن، والفلسطيني بدون فلسطين لا معنى لحياته، وهو تأبّى على الاندثار والنسيان، والذوبان..وهو ما راهن عليه قادة الصهاينة ومخططوها، والمتصهينون معها، ولكن الفلسطيني العصي على الاقتلاع ثبت في أرضه، وتحمّل كل أنواع العسف، ومحاولات الاقتلاع ..بل وأفشلها.
ما لم يخطر ببال وحسابات الصهاينة أن الشعب الفلسطيني عريق، تمتزج روحه بأرضه، وأنه عاش منذ ألوف السنين على أرض فلسطين، وبقي بعد هزيمة وزوال ( الفرنجة) و( المغول)، وأن فلسطينه تبقى دائما وهو معها المنافح عنها بدمه بعناد وكبرياء..ودائما زالت الاحتلالات المتلاحقة بكفاح الأمة العربية..والاحتلال الصهيوني هو آخرها، وبه ستنزل الهزيمة الماحقة التي يتطهر بها وجه فلسطين، ويعود الوطن العربي للتواصل ..فمن لا جذور لهم في فلسطين سيجتثهم عرب فلسطين حتما.
على أرض فلسطين يعيش قرابة ستة ملايين ونصف عربي فلسطيني، وفي المنفى يعيش تقريبا نفس العدد، وبنتشرون في كل قارات العالم، وفي البلدان العربية المحيطة بفلسطين: الأردن، سورية، لبنان، مصر، والعراق، وبلدان الخليج...
من في الداخل يعيشون، سواء في الجزء المحتل عام 1948، أو في ما احتل في حزيران 1967، على أرض فلسطين..وهم يعرفون تفاصيل أرضهم، وموجات بحر حيفا، وعكا، ويافا..بينما من يعيشون في الشتات تعيش فلسطين في عقولهم ونفوسهم وأرواحهم، وتكبر مع كل يوم في وعيهم، وذاكرتهم، وتتراكم تفاصيلها حقائق يغذيها بتفاصيل جغرافية فلسطين وتاريخها ومعارك وثورات شعبه الذي ينتمي له منذ بداية الاشتباك المصيري مع المتسللين الصهاينة ومحتضنهم الانتداب البريطاني.
علاقة الفلسطيني بأرضه، أي بفلسطين، تجلّت في الرواية الفلسطينية: موضوع ندوتنا في يوم 8 تموز..يوم استشهاد المعلم غسان كنفاني.
الفلسطيني المتشبث بأرضه، والصابر رغم كل جرائم الاحتلال يلتحم بتفاصيل أرضه، بشجرها، بسهولها، بجبالها، بينابيعها، وحتى بصحرائها التي تنطوي على وقائع، وذكريات جمعية...
الفلسطيني في الشتات، وفي المنافي البعيدة، من ولد قبل نكبة ال48، ومن أُنجب بعدها، يحمل فلسطين في روحه، يتخيلها، يرسمها، يقرأها..ومن أكثر من الرواية يغني تفاصيل ( فلسطينه) ..ويعيده إليها، ويغرسها أعمق في نفسه، ووعيه، ويسلحه بمعرفتها أكثر أرضا وزمنا وبشرا، حقائق لا وهما؟
الرواية الفلسطينية هي ملحمة الأرض والإنسان..والأرض الفلسطينية هي مكان وزمان وإنسان نادر البطولة والبسالة والتميّز بالكبرياء والكرامة.
نلتقي يوم الأربعاء 8 تموز في ذكرى استشهاد المعلّم غسان كنفاني وفاء، ومواصلة لحمل راية ( الرواية) الفلسطينية التي اغتنت بإبداعات أجيال من الروائيين، منهم من بقي مع ذويه في فلسطين، ومنهم من يعيش في الشتات..ومن هنا الغنى والتنوّع.
روائيون وروائيات فلسطينيون يعيشون في الأقطار العربية، تعلموا فيها، ويعملون فيها، ونشأوا على حبها، وامتزجوا اجتماعيا بأهلها، اغتنت رواياتهم، وتجاربهم بهذا الغنى، وتنوعت، فهم عرب ينتمون مع زملائهم بهم فلسطين، وبهموم خاصة بتلك الأقطار..هنا لا تغيب عنا تجربة الروائي الكبير الأستاذ جبرا إبراهيم جبرا ( العراقية)، والدكتور عبد الله الدنان( الكويتية، وتجارب روائيين ينتمون لأجيال لاحقة، مثل حسن حميد الذي يعيش في سورية، والذي تتمازج فلسطين وسورية في رواياته. وليد رباح المقيم في أميركا، نجمة حبيب المقيمة في أستراليا..نضال حمد في النرويج..وغيرهم كثيرون.
كتبت منذ زمن: كل الناس في العالم يعيشون في أوطانهم..والفلسطيني يعيش وطنه فيه، ويكبر وينمو ويتضّح مع تقدمه في العمر..خاصة من ولدوا في الشتات.
يبدع الروائيون الفلسطينيون ويغنون المشهد الروائي الفلسطيني، ويرفدون الرواية العربية بما يغنيها ويضيف لها، لا من حيث الموضوع على أهميته وغرابته، ولكن بتقنيات يستدعيها الموضوع الفلسطيني الغني بتفاصيل التجارب المختلفة الغنية الإنسانية.( غسان كنفاني رائد مجدد في روايتيه : رجال في الشمس..وما تبقى لكم).
للفلسطينيين في داخل فلسطين تجارب مختلفة عن تجارب من يعيشون في الشتات، وهذا ما يفتح مجالات لإبداعات غنية تتكامل، وتشكّل ملحمة الأرض الفلسطينية..والإنسان الفلسطيني..في الأعمال الروائية الفلسطينية.
مأزق المشروع الصهيوني المدعوم منذ بدايته، هناك في بال بسويسرا، أنه (خطط) لاحتلال فلسطين..واجتثاث أهلها – عرب فلسطين، والرهان على نسيان الكبار..وذوبان الصغار. جهله هذا بأصالة عرب فلسطين،وأنهم جزء من أمة عريقة، وتراكم خبراتهم في مقاومة المحتلين الغزاة على امتداد القرون، هو ما هيّأ له استسهال المعركة مع ( الفلسطينيين) دون الحساب لعراقة انتمائهم، وهويتهم، وتاريخهم، وجغرافية فلسطينهم.
فلسطين في الرواية ليست موضوعا يمكن اختزاله في رواية، أو عدد محدود من الروايات، فالرواية الفلسطينية تتجلّى في روايات تروي ملحمة عرب فلسطين على امتداد مائة عام..وحتى ما بعد تحرير فلسطين وعودة كل عربها لها، ليكشطوا ما حاول الغزاة الصهاينة غرسه من تزييف وتزوير لأسماء وهمية مرتجلة مزورة للمكان الفلسطيني.
الأرض الفلسطينية هي جوهر صراعنا مع الاحتلال الصهيوني
وصراعنا صراع وجود، ليس للشعب العربي الفلسطيني وحده، بل لأمة تمتد بشريا وحضاريا بين المحيط والخليج، ولذا لا غرابة أن يكتب كثير من الروائيين والروائيات العرب روايات تحمل الهم الفلسطيني من هذا المنظور...
موضوع الأرض في الرواية الفلسطينية، هو موضوع الأرض في حياة العربي الفلسطيني، وفي حياة كل عربي مواطنا عاديا، أم مثقفا..وبالتأكيد هو موضوع متاح لكل روائي عربي يعنيه الصراع مع الغزوة الصهيونية وإنجاز تحرير فلسطين وعودتها عربية لأمتها.
....
* كتبت هذه الورقة بمناسبة ندوة ( الأرض في الرواية الفلسطينية) التي هيأت لها وزارة الثقافة الفلسطينية ضمن نشاطها: ملتقى الرواية العربية، والتي ستبث بالفيديو كونفرانس، ويديرها الروائي صافي صافي، ويشارك فيها الناقد الدكتور إبراهيم السعافين، الناقد الدكتور محمد البوجي، الروائي الدكتور أحمد رفيق عوض، و..رشاد أبوشاور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.