تفعيل المشاركة المجتمعية لتطوير وصيانة المدارس واستكمال التشجير بأسيوط    إنفوجراف| أسعار الذهب اليوم السبت 23 أغسطس    القاهرة الإخبارية: غارات إسرائيلية تستهدف دير البلح وجباليا والمناطق الشرقية    برشلونة يواجه ليفانتي في الدوري الإسباني    «الأرصاد» تكشف حالة طقس غدًا الأحد | إنفوجراف    «صحح مفاهيمك».. مبادرة دعوية خارج المساجد بمشاركة 15 وزارة    "يونيسيف" تطالب إسرائيل بالسماح بدخول المساعدات بالكميات اللازمة لغزة    سعر الدولار اليوم السبت 23-8-2025 في البنوك    مستشفى الأهلى.. 6 لاعبين خارج الخدمة فى مباراة غزل المحلة بسبب الإصابة    فتح باب التسجيل فى الجمعية العمومية العادية للإسماعيلى    وزير الزراعة يترأس اجتماع مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى    طلاب الثانوية العامة للدور الثاني يؤدون امتحان الأحياء والاحصاء والرياضيات    أحمد جمال وفتحى سلامة ومحمود التهامى يختتمون حفلات مهرجان القلعة اليوم    ثلاثة أفلام جديدة فى الطريق.. سلمى أبو ضيف تنتعش سينمائيا    ما أسباب استجابة الدعاء؟.. واعظة بالأزهر تجيب    مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية يحيي ذكرى وفاة العالم الكبير الشيخ مصطفى المراغي    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة بالحوامدية بالتعاون مع التحالف الوطنى    السجن المشدد 15 سنة لسباك قتل جاره في الجمالية    حبس سائق بتهمة الاستيلاء على سيارة محملة بحقائب وأموال بالسلام    طلقات تحذيرية على الحدود بين الكوريتين ترفع حدة التوتر    استئناف مباريات الجولة الأولى بدوري المحترفين    شيرين عبد الوهاب تكشف حقيقة عودتها لحسام حبيب    تحقيق استقصائى يكتبه حافظ الشاعر عن : بين "الحصة" والبطالة.. تخبط وزارة التعليم المصرية في ملف تعيين المعلمين    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : إلى أين!?    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    بالأسماء.. إصابة 5 أشخاص في تصادم سيارتين بصحراوي قنا    حملة «100 يوم صحة» تقدّم 59 مليون خدمة طبية مجانية خلال 38 يومًا    3 وفيات ومصاب في حادث تصادم مروّع على طريق أسيوط الزراعي    الطماطم ب7 جنيهات والليمون ب15.. أسعار الخضراوات والفواكه بكفر الشيخ اليوم    أسعار الفراخ اليوم السبت 23-8-2025 فى أسواق محافظة المنوفية    المكرونة ب210 جنيهات.. أسعار السمك في مطروح اليوم السبت 23-8-2025    استشهاد 19 فلسطينيا إثر قصف إسرائيل خيام النازحين بخان يونس ومخيم المغازي    الأمم المتحدة: نصف مليون شخص بغزة محاصرون فى مجاعة    «الإفتاء» تستطلع هلال شهر ربيع الأول اليوم    حسن الخاتمة.. وفاة معتمر أقصري أثناء أدائه مناسك الحج    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    تفاصيل وأسباب تفتيش منزل مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق جون بولتون    وزارة الخارجية الروسية تكشف عدد المواطنين الروس المتبقين في غزة    تعرف على أسعار السكر والزيت واللحوم بالمجمعات الإستهلاكية    وزارة الصحة تقدم 3 نصائح هامة لشراء الألبان    تنسيق الجامعات 2025| مواعيد فتح موقع التنسيق لطلاب الشهادات المعادلة    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 23 أغسطس 2025    مهاجر التيك توك «الأفغاني» يقدم نصائح لقتل الزوجات وتجنب العقوبة    سيف الإسلام القذافي يعلن دعمه لتشكيل حكومة جديدة في ليبيا    إنقاذ حياة مريض بعمل شق حنجري بمستشفى الجامعي بالمنوفية    كأس السوبر السعودي.. هونج كونج ترغب في استضافة النسخة المقبلة    ملف يلا كورة.. خطة انتخابات الأهلي.. رسائل الزمالك.. واعتماد لجنة الحكام    شريف حافظ: الحب هو المعنى في حد ذاته ولا يقبل التفسير... والنجاح مسؤولية يجب أن أكون مستعدًا لها    نوال الزغبي: ضحيت بالفن من أجل حماية أولادي بعد الطلاق    تنسيق دبلوم التجارة 2025.. قائمة الكليات والمعاهد المتاحة لطلاب 3 سنوات «رابط وموعد التسجيل»    سهير جودة عن شيرين عبدالوهاب وحسام حبيب: «انفصال وعودة مزمنة.. متى تعود إلينا؟»    عميد تجارة القاهرة الأسبق: الجامعات الحكومية ما زالت الأفضل.. وهذه أسباب تفضيل البعض للخاصة    بعثة منتخب مصر للناشئين تؤدي مناسك العمرة عقب مواجهة السعودية    ويجز يغنى الأيام من ألبومه الجديد.. والجمهور يغنى معه بحماس    رسميا.. مدرسة صناعة الطائرات تعلن قوائم القبول للعام الدراسي الجديد 2025/ 2026    التعليم تطلق دورات تدريبية لمعلمي الابتدائي على المناهج المطورة عبر منصة (CPD)    مصدر ليلا كورة: كهربا وقع عقدا مع القادسية الكويتي    3 أبراج على موعد مع التفاؤل اليوم: عالم جديد يفتح الباب أمامهم ويتلقون أخبارا مشجعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأرض هي جوهر الصراع .. في ذكرى غسان كنفاني
نشر في صوت البلد يوم 10 - 07 - 2020

الأرض هي جوهر الصراع، ولها اسم: فلسطين، وشعبنا على امتداد مائة عام جبل ترابها بدمه، وما زال يقاوم لتحريرها، وسيواصل مقاومته حتى تحقيق هدفه الذي يشاركه فيه عرب كثيرون ينتمون لأقطار عربية مشرقية ومغاربية، متخطين الأنظمة الرسمية وحساباتها.
عدونا خطط منذ بدأت الحركة الصهيونية تضع نصب مخططاتها استهداف فلسطين وطنا ليهود العالم..وفقا لشعار: وطن بلا شعب لشعب بلا وطن، وهو ما يعني: طرد العرب الفلسطينيين من وطنهم بالقوة، بدعم ورعاية بريطانية وأمريكية..وغربية بشكل عام.
الهدف تحدد منذ البداية، وقبل التوغل الصهيوني في فلسطين: احتلال فلسطين – أرضنا، واقتلاعنا، نحن عرب فلسطين، من جذورنا من عمق هذه الأرض لتخلو له..ولكن!
هذه اللاكن رسخها عرب فلسطين بالدم، والتضحيات، والبطولات، التي لم يتوقعها الانتداب البريطاني، وقادة الحركة الصهيونية، والرعاية الأمريكية المنحازة للكيان الصهيوني، وانحياز الغرب الاستعماري العنصري...
فشلت مخططات الصهاينة وداعميهم على امتداد مائة عام، منذ 1897 وحتى يومنا هذا الأربعاء 8 تموز 2020، ذكرى استشهاد الروائي المعلم الشهيد غسان كنفاني عام 1972، رغم كل ما اقترفوا من تآمر وجرائم وحروب معلنة وسريّة على شعبنا العربي الفلسطيني..فأجيالنا لا تنسى، وقد واصلت المقاومة بضراوة..وهي لن تتخلى عن أرض فلسطين، وسيبقى الصراع مفتوحا على احتمال واحد بالنسبة لشعبنا وكل الشرفاء والأحرار والمقاومين العرب: تحرير فلسطين، وإنهاء المشروع الصهيوني من قلب الوطن العربي.
في عقل الفلسطيني، وفي روحه، وفي ضميره، وفي كل مكوناته: الأرض هي المهاد، هي الكينونة، هي الكرامة، وهي معنى الوجود والاستمرار، فبدونها لا يكون للفلسطيني وطن، والفلسطيني بدون فلسطين لا معنى لحياته، وهو تأبّى على الاندثار والنسيان، والذوبان..وهو ما راهن عليه قادة الصهاينة ومخططوها، والمتصهينون معها، ولكن الفلسطيني العصي على الاقتلاع ثبت في أرضه، وتحمّل كل أنواع العسف، ومحاولات الاقتلاع ..بل وأفشلها.
ما لم يخطر ببال وحسابات الصهاينة أن الشعب الفلسطيني عريق، تمتزج روحه بأرضه، وأنه عاش منذ ألوف السنين على أرض فلسطين، وبقي بعد هزيمة وزوال ( الفرنجة) و( المغول)، وأن فلسطينه تبقى دائما وهو معها المنافح عنها بدمه بعناد وكبرياء..ودائما زالت الاحتلالات المتلاحقة بكفاح الأمة العربية..والاحتلال الصهيوني هو آخرها، وبه ستنزل الهزيمة الماحقة التي يتطهر بها وجه فلسطين، ويعود الوطن العربي للتواصل ..فمن لا جذور لهم في فلسطين سيجتثهم عرب فلسطين حتما.
على أرض فلسطين يعيش قرابة ستة ملايين ونصف عربي فلسطيني، وفي المنفى يعيش تقريبا نفس العدد، وبنتشرون في كل قارات العالم، وفي البلدان العربية المحيطة بفلسطين: الأردن، سورية، لبنان، مصر، والعراق، وبلدان الخليج...
من في الداخل يعيشون، سواء في الجزء المحتل عام 1948، أو في ما احتل في حزيران 1967، على أرض فلسطين..وهم يعرفون تفاصيل أرضهم، وموجات بحر حيفا، وعكا، ويافا..بينما من يعيشون في الشتات تعيش فلسطين في عقولهم ونفوسهم وأرواحهم، وتكبر مع كل يوم في وعيهم، وذاكرتهم، وتتراكم تفاصيلها حقائق يغذيها بتفاصيل جغرافية فلسطين وتاريخها ومعارك وثورات شعبه الذي ينتمي له منذ بداية الاشتباك المصيري مع المتسللين الصهاينة ومحتضنهم الانتداب البريطاني.
علاقة الفلسطيني بأرضه، أي بفلسطين، تجلّت في الرواية الفلسطينية: موضوع ندوتنا في يوم 8 تموز..يوم استشهاد المعلم غسان كنفاني.
الفلسطيني المتشبث بأرضه، والصابر رغم كل جرائم الاحتلال يلتحم بتفاصيل أرضه، بشجرها، بسهولها، بجبالها، بينابيعها، وحتى بصحرائها التي تنطوي على وقائع، وذكريات جمعية...
الفلسطيني في الشتات، وفي المنافي البعيدة، من ولد قبل نكبة ال48، ومن أُنجب بعدها، يحمل فلسطين في روحه، يتخيلها، يرسمها، يقرأها..ومن أكثر من الرواية يغني تفاصيل ( فلسطينه) ..ويعيده إليها، ويغرسها أعمق في نفسه، ووعيه، ويسلحه بمعرفتها أكثر أرضا وزمنا وبشرا، حقائق لا وهما؟
الرواية الفلسطينية هي ملحمة الأرض والإنسان..والأرض الفلسطينية هي مكان وزمان وإنسان نادر البطولة والبسالة والتميّز بالكبرياء والكرامة.
نلتقي يوم الأربعاء 8 تموز في ذكرى استشهاد المعلّم غسان كنفاني وفاء، ومواصلة لحمل راية ( الرواية) الفلسطينية التي اغتنت بإبداعات أجيال من الروائيين، منهم من بقي مع ذويه في فلسطين، ومنهم من يعيش في الشتات..ومن هنا الغنى والتنوّع.
روائيون وروائيات فلسطينيون يعيشون في الأقطار العربية، تعلموا فيها، ويعملون فيها، ونشأوا على حبها، وامتزجوا اجتماعيا بأهلها، اغتنت رواياتهم، وتجاربهم بهذا الغنى، وتنوعت، فهم عرب ينتمون مع زملائهم بهم فلسطين، وبهموم خاصة بتلك الأقطار..هنا لا تغيب عنا تجربة الروائي الكبير الأستاذ جبرا إبراهيم جبرا ( العراقية)، والدكتور عبد الله الدنان( الكويتية، وتجارب روائيين ينتمون لأجيال لاحقة، مثل حسن حميد الذي يعيش في سورية، والذي تتمازج فلسطين وسورية في رواياته. وليد رباح المقيم في أميركا، نجمة حبيب المقيمة في أستراليا..نضال حمد في النرويج..وغيرهم كثيرون.
كتبت منذ زمن: كل الناس في العالم يعيشون في أوطانهم..والفلسطيني يعيش وطنه فيه، ويكبر وينمو ويتضّح مع تقدمه في العمر..خاصة من ولدوا في الشتات.
يبدع الروائيون الفلسطينيون ويغنون المشهد الروائي الفلسطيني، ويرفدون الرواية العربية بما يغنيها ويضيف لها، لا من حيث الموضوع على أهميته وغرابته، ولكن بتقنيات يستدعيها الموضوع الفلسطيني الغني بتفاصيل التجارب المختلفة الغنية الإنسانية.( غسان كنفاني رائد مجدد في روايتيه : رجال في الشمس..وما تبقى لكم).
للفلسطينيين في داخل فلسطين تجارب مختلفة عن تجارب من يعيشون في الشتات، وهذا ما يفتح مجالات لإبداعات غنية تتكامل، وتشكّل ملحمة الأرض الفلسطينية..والإنسان الفلسطيني..في الأعمال الروائية الفلسطينية.
مأزق المشروع الصهيوني المدعوم منذ بدايته، هناك في بال بسويسرا، أنه (خطط) لاحتلال فلسطين..واجتثاث أهلها – عرب فلسطين، والرهان على نسيان الكبار..وذوبان الصغار. جهله هذا بأصالة عرب فلسطين،وأنهم جزء من أمة عريقة، وتراكم خبراتهم في مقاومة المحتلين الغزاة على امتداد القرون، هو ما هيّأ له استسهال المعركة مع ( الفلسطينيين) دون الحساب لعراقة انتمائهم، وهويتهم، وتاريخهم، وجغرافية فلسطينهم.
فلسطين في الرواية ليست موضوعا يمكن اختزاله في رواية، أو عدد محدود من الروايات، فالرواية الفلسطينية تتجلّى في روايات تروي ملحمة عرب فلسطين على امتداد مائة عام..وحتى ما بعد تحرير فلسطين وعودة كل عربها لها، ليكشطوا ما حاول الغزاة الصهاينة غرسه من تزييف وتزوير لأسماء وهمية مرتجلة مزورة للمكان الفلسطيني.
الأرض الفلسطينية هي جوهر صراعنا مع الاحتلال الصهيوني
وصراعنا صراع وجود، ليس للشعب العربي الفلسطيني وحده، بل لأمة تمتد بشريا وحضاريا بين المحيط والخليج، ولذا لا غرابة أن يكتب كثير من الروائيين والروائيات العرب روايات تحمل الهم الفلسطيني من هذا المنظور...
موضوع الأرض في الرواية الفلسطينية، هو موضوع الأرض في حياة العربي الفلسطيني، وفي حياة كل عربي مواطنا عاديا، أم مثقفا..وبالتأكيد هو موضوع متاح لكل روائي عربي يعنيه الصراع مع الغزوة الصهيونية وإنجاز تحرير فلسطين وعودتها عربية لأمتها.
....
* كتبت هذه الورقة بمناسبة ندوة ( الأرض في الرواية الفلسطينية) التي هيأت لها وزارة الثقافة الفلسطينية ضمن نشاطها: ملتقى الرواية العربية، والتي ستبث بالفيديو كونفرانس، ويديرها الروائي صافي صافي، ويشارك فيها الناقد الدكتور إبراهيم السعافين، الناقد الدكتور محمد البوجي، الروائي الدكتور أحمد رفيق عوض، و..رشاد أبوشاور.
الأرض هي جوهر الصراع، ولها اسم: فلسطين، وشعبنا على امتداد مائة عام جبل ترابها بدمه، وما زال يقاوم لتحريرها، وسيواصل مقاومته حتى تحقيق هدفه الذي يشاركه فيه عرب كثيرون ينتمون لأقطار عربية مشرقية ومغاربية، متخطين الأنظمة الرسمية وحساباتها.
عدونا خطط منذ بدأت الحركة الصهيونية تضع نصب مخططاتها استهداف فلسطين وطنا ليهود العالم..وفقا لشعار: وطن بلا شعب لشعب بلا وطن، وهو ما يعني: طرد العرب الفلسطينيين من وطنهم بالقوة، بدعم ورعاية بريطانية وأمريكية..وغربية بشكل عام.
الهدف تحدد منذ البداية، وقبل التوغل الصهيوني في فلسطين: احتلال فلسطين – أرضنا، واقتلاعنا، نحن عرب فلسطين، من جذورنا من عمق هذه الأرض لتخلو له..ولكن!
هذه اللاكن رسخها عرب فلسطين بالدم، والتضحيات، والبطولات، التي لم يتوقعها الانتداب البريطاني، وقادة الحركة الصهيونية، والرعاية الأمريكية المنحازة للكيان الصهيوني، وانحياز الغرب الاستعماري العنصري...
فشلت مخططات الصهاينة وداعميهم على امتداد مائة عام، منذ 1897 وحتى يومنا هذا الأربعاء 8 تموز 2020، ذكرى استشهاد الروائي المعلم الشهيد غسان كنفاني عام 1972، رغم كل ما اقترفوا من تآمر وجرائم وحروب معلنة وسريّة على شعبنا العربي الفلسطيني..فأجيالنا لا تنسى، وقد واصلت المقاومة بضراوة..وهي لن تتخلى عن أرض فلسطين، وسيبقى الصراع مفتوحا على احتمال واحد بالنسبة لشعبنا وكل الشرفاء والأحرار والمقاومين العرب: تحرير فلسطين، وإنهاء المشروع الصهيوني من قلب الوطن العربي.
في عقل الفلسطيني، وفي روحه، وفي ضميره، وفي كل مكوناته: الأرض هي المهاد، هي الكينونة، هي الكرامة، وهي معنى الوجود والاستمرار، فبدونها لا يكون للفلسطيني وطن، والفلسطيني بدون فلسطين لا معنى لحياته، وهو تأبّى على الاندثار والنسيان، والذوبان..وهو ما راهن عليه قادة الصهاينة ومخططوها، والمتصهينون معها، ولكن الفلسطيني العصي على الاقتلاع ثبت في أرضه، وتحمّل كل أنواع العسف، ومحاولات الاقتلاع ..بل وأفشلها.
ما لم يخطر ببال وحسابات الصهاينة أن الشعب الفلسطيني عريق، تمتزج روحه بأرضه، وأنه عاش منذ ألوف السنين على أرض فلسطين، وبقي بعد هزيمة وزوال ( الفرنجة) و( المغول)، وأن فلسطينه تبقى دائما وهو معها المنافح عنها بدمه بعناد وكبرياء..ودائما زالت الاحتلالات المتلاحقة بكفاح الأمة العربية..والاحتلال الصهيوني هو آخرها، وبه ستنزل الهزيمة الماحقة التي يتطهر بها وجه فلسطين، ويعود الوطن العربي للتواصل ..فمن لا جذور لهم في فلسطين سيجتثهم عرب فلسطين حتما.
على أرض فلسطين يعيش قرابة ستة ملايين ونصف عربي فلسطيني، وفي المنفى يعيش تقريبا نفس العدد، وبنتشرون في كل قارات العالم، وفي البلدان العربية المحيطة بفلسطين: الأردن، سورية، لبنان، مصر، والعراق، وبلدان الخليج...
من في الداخل يعيشون، سواء في الجزء المحتل عام 1948، أو في ما احتل في حزيران 1967، على أرض فلسطين..وهم يعرفون تفاصيل أرضهم، وموجات بحر حيفا، وعكا، ويافا..بينما من يعيشون في الشتات تعيش فلسطين في عقولهم ونفوسهم وأرواحهم، وتكبر مع كل يوم في وعيهم، وذاكرتهم، وتتراكم تفاصيلها حقائق يغذيها بتفاصيل جغرافية فلسطين وتاريخها ومعارك وثورات شعبه الذي ينتمي له منذ بداية الاشتباك المصيري مع المتسللين الصهاينة ومحتضنهم الانتداب البريطاني.
علاقة الفلسطيني بأرضه، أي بفلسطين، تجلّت في الرواية الفلسطينية: موضوع ندوتنا في يوم 8 تموز..يوم استشهاد المعلم غسان كنفاني.
الفلسطيني المتشبث بأرضه، والصابر رغم كل جرائم الاحتلال يلتحم بتفاصيل أرضه، بشجرها، بسهولها، بجبالها، بينابيعها، وحتى بصحرائها التي تنطوي على وقائع، وذكريات جمعية...
الفلسطيني في الشتات، وفي المنافي البعيدة، من ولد قبل نكبة ال48، ومن أُنجب بعدها، يحمل فلسطين في روحه، يتخيلها، يرسمها، يقرأها..ومن أكثر من الرواية يغني تفاصيل ( فلسطينه) ..ويعيده إليها، ويغرسها أعمق في نفسه، ووعيه، ويسلحه بمعرفتها أكثر أرضا وزمنا وبشرا، حقائق لا وهما؟
الرواية الفلسطينية هي ملحمة الأرض والإنسان..والأرض الفلسطينية هي مكان وزمان وإنسان نادر البطولة والبسالة والتميّز بالكبرياء والكرامة.
نلتقي يوم الأربعاء 8 تموز في ذكرى استشهاد المعلّم غسان كنفاني وفاء، ومواصلة لحمل راية ( الرواية) الفلسطينية التي اغتنت بإبداعات أجيال من الروائيين، منهم من بقي مع ذويه في فلسطين، ومنهم من يعيش في الشتات..ومن هنا الغنى والتنوّع.
روائيون وروائيات فلسطينيون يعيشون في الأقطار العربية، تعلموا فيها، ويعملون فيها، ونشأوا على حبها، وامتزجوا اجتماعيا بأهلها، اغتنت رواياتهم، وتجاربهم بهذا الغنى، وتنوعت، فهم عرب ينتمون مع زملائهم بهم فلسطين، وبهموم خاصة بتلك الأقطار..هنا لا تغيب عنا تجربة الروائي الكبير الأستاذ جبرا إبراهيم جبرا ( العراقية)، والدكتور عبد الله الدنان( الكويتية، وتجارب روائيين ينتمون لأجيال لاحقة، مثل حسن حميد الذي يعيش في سورية، والذي تتمازج فلسطين وسورية في رواياته. وليد رباح المقيم في أميركا، نجمة حبيب المقيمة في أستراليا..نضال حمد في النرويج..وغيرهم كثيرون.
كتبت منذ زمن: كل الناس في العالم يعيشون في أوطانهم..والفلسطيني يعيش وطنه فيه، ويكبر وينمو ويتضّح مع تقدمه في العمر..خاصة من ولدوا في الشتات.
يبدع الروائيون الفلسطينيون ويغنون المشهد الروائي الفلسطيني، ويرفدون الرواية العربية بما يغنيها ويضيف لها، لا من حيث الموضوع على أهميته وغرابته، ولكن بتقنيات يستدعيها الموضوع الفلسطيني الغني بتفاصيل التجارب المختلفة الغنية الإنسانية.( غسان كنفاني رائد مجدد في روايتيه : رجال في الشمس..وما تبقى لكم).
للفلسطينيين في داخل فلسطين تجارب مختلفة عن تجارب من يعيشون في الشتات، وهذا ما يفتح مجالات لإبداعات غنية تتكامل، وتشكّل ملحمة الأرض الفلسطينية..والإنسان الفلسطيني..في الأعمال الروائية الفلسطينية.
مأزق المشروع الصهيوني المدعوم منذ بدايته، هناك في بال بسويسرا، أنه (خطط) لاحتلال فلسطين..واجتثاث أهلها – عرب فلسطين، والرهان على نسيان الكبار..وذوبان الصغار. جهله هذا بأصالة عرب فلسطين،وأنهم جزء من أمة عريقة، وتراكم خبراتهم في مقاومة المحتلين الغزاة على امتداد القرون، هو ما هيّأ له استسهال المعركة مع ( الفلسطينيين) دون الحساب لعراقة انتمائهم، وهويتهم، وتاريخهم، وجغرافية فلسطينهم.
فلسطين في الرواية ليست موضوعا يمكن اختزاله في رواية، أو عدد محدود من الروايات، فالرواية الفلسطينية تتجلّى في روايات تروي ملحمة عرب فلسطين على امتداد مائة عام..وحتى ما بعد تحرير فلسطين وعودة كل عربها لها، ليكشطوا ما حاول الغزاة الصهاينة غرسه من تزييف وتزوير لأسماء وهمية مرتجلة مزورة للمكان الفلسطيني.
الأرض الفلسطينية هي جوهر صراعنا مع الاحتلال الصهيوني
وصراعنا صراع وجود، ليس للشعب العربي الفلسطيني وحده، بل لأمة تمتد بشريا وحضاريا بين المحيط والخليج، ولذا لا غرابة أن يكتب كثير من الروائيين والروائيات العرب روايات تحمل الهم الفلسطيني من هذا المنظور...
موضوع الأرض في الرواية الفلسطينية، هو موضوع الأرض في حياة العربي الفلسطيني، وفي حياة كل عربي مواطنا عاديا، أم مثقفا..وبالتأكيد هو موضوع متاح لكل روائي عربي يعنيه الصراع مع الغزوة الصهيونية وإنجاز تحرير فلسطين وعودتها عربية لأمتها.
....
* كتبت هذه الورقة بمناسبة ندوة ( الأرض في الرواية الفلسطينية) التي هيأت لها وزارة الثقافة الفلسطينية ضمن نشاطها: ملتقى الرواية العربية، والتي ستبث بالفيديو كونفرانس، ويديرها الروائي صافي صافي، ويشارك فيها الناقد الدكتور إبراهيم السعافين، الناقد الدكتور محمد البوجي، الروائي الدكتور أحمد رفيق عوض، و..رشاد أبوشاور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.