681 شكوى بشأن البنزين المغشوش.. متحدث البترول: أغلبها في منطقة جغرافية واحدة    الهند تستهدف 3 قواعد جوية باكستانية بصواريخ دقيقة    زعيم كوريا الشمالية: مشاركتنا في الحرب الروسية الأوكرانية مبررة    منتخب مصر للشباب يلدغ تنزانيا ويتأهل لربع نهائي أمم أفريقيا    عقب الفوز على بيراميدز.. رئيس البنك الأهلي: نريد تأمين المركز الرابع    "الكل يلعب لصالح الأهلي".. تعليق مثير للجدل من عمرو أديب على تعادل الزمالك وهزيمة بيراميدز    «غرفة السياحة» تجمع بيانات المعتمرين المتخلفين عن العودة    من هو السعودي حميدان التركي الذي أفرجت عنه أمريكا بعد 20 عاما في السجن؟    «زي النهارده».. نيلسون مانديلا رئيسًا لجنوب أفريقيا 10 مايو 1994    جريح جراء إلقاء مسيرة إسرائيلية قنبلة على بلدة جنوبي لبنان    النائبة سميرة الجزار: أحذر من سماسرة يستغلون البسطاء باسم الحج    غدا انطلاق هاكاثون 17.. وحلول تكنولوجية لأهداف التنمية الاكثر الحاحا التعليم والصحة والطاقة والتنمية والمناخ    حزب الجيل بالمنيا ينظم جلسة حوارية لمناقشة قانون الإيجار القديم.. صور    إعلان حالة الطوارئ في الغربية للسيطرة على حريق شبراملس    مدرس واقعة مشاجرة مدرسة السلام: «خبطت طالب علشان يتعلم بعد ما رفض ينقل من السبورة»    كنت عايشة معاهم، سوزان نجم الدين توجه رسالة غير مباشرة إلى محمد محمود عبد العزيز بعد أزمة بوسي شلبي    «زي النهارده».. وفاة الفنانة هالة فؤاد 10 مايو 1993    ملك أحمد زاهر تشارك الجمهور صورًا مع عائلتها.. وتوجه رسالة لشقيقتها ليلى    «زي النهارده».. وفاة الأديب والمفكر مصطفى صادق الرافعي 10 مايو 1937    تكريم منى زكي كأفضل ممثلة بمهرجان المركز الكاثوليكي للسينما    «صحة القاهرة» تكثف الاستعدادات لاعتماد وحداتها الطبية من «GAHAR»    حبس المتهم بإلقاء زوجته من بلكونة منزلهما بالعبور.. والتحريات: خلافات زوجية السبب    حريق ضخم يلتهم مخزن عبوات بلاستيكية بالمنوفية    الكرملين: الجيش الروسي يحلل الهجمات الأوكرانية في ظل وقف إطلاق النار    ستاندرد آند بورز تُبقي على التصنيف الائتماني لإسرائيل مع نظرة مستقبلية سلبية    «بنسبة 90%».. إبراهيم فايق يكشف مدرب الأهلي الجديد    رايو فاليكانو يحقق فوزا ثمينا أمام لاس بالماس بالدوري الإسباني    وزير سعودي يزور باكستان والهند لوقف التصعيد بينهما    عباسى يقود "فتاة الآرل" على أنغام السيمفونى بالأوبرا    حدث في منتصف الليل| ننشر تفاصيل لقاء الرئيس السيسي ونظيره الروسي.. والعمل تعلن عن وظائف جديدة    الأعراض المبكرة للاكتئاب وكيف يمكن أن يتطور إلى حاد؟    النائب العام يلتقي أعضاء النيابة العامة وموظفيها بدائرة نيابة استئناف المنصورة    اليوم.. أولى جلسات محاكمة عاطلين أمام محكمة القاهرة    محاكمة 9 متهمين في قضية «ولاية داعش الدلتا»| اليوم    «بُص في ورقتك».. سيد عبدالحفيظ يعلق على هزيمة بيراميدز بالدوري    مصر في المجموعة الرابعة بكأس أمم إفريقيا لكرة السلة 2025    هيثم فاروق يكشف عيب خطير في نجم الزمالك.. ويؤكد: «الأهداف الأخيرة بسببه»    متابعة للأداء وتوجيهات تطويرية جديدة.. النائب العام يلتقي أعضاء وموظفي نيابة استئناف المنصورة    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الذهب اليوم السبت 10 مايو في الصاغة (تفاصيل)    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 10 مايو 2025    يسرا عن أزمة بوسي شلبي: «لحد آخر يوم في عمره كانت زوجته على سُنة الله ورسوله»    انطلاق مهرجان المسرح العالمي «دورة الأساتذة» بمعهد الفنون المسرحية| فيديو    أمين الفتوى: طواف الوداع سنة.. والحج صحيح دون فدية لمن تركه لعذر (فيديو)    جامعة القاهرة تكرّم رئيس المحكمة الدستورية العليا تقديرًا لمسيرته القضائية    بسبب عقب سيجارة.. نفوق 110 رأس أغنام في حريق حظيرة ومزرعة بالمنيا    «لماذا الجبن مع البطيخ؟».. «العلم» يكشف سر هذا الثنائي المدهش لعشاقه    إنقاذ حالة ولادة نادرة بمستشفى أشمون العام    ما حكم من ترك طواف الوداع في الحج؟.. أمين الفتوى يوضح (فيديو)    تكريم رئيس هيئة قضايا الدولة في احتفالية كبرى ب جامعة القاهرة    خطيب الجامع الأزهر: الحديث بغير علم في أمور الدين تجرُؤ واستخفاف يقود للفتنة    «المستشفيات التعليمية» تنظم برنامجًا تدريبيًّا حول معايير الجودة للجراحة والتخدير بالتعاون مع «جهار»    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    وزير الأوقاف ومحافظ الشرقية يؤديان صلاة الجمعة بمسجد الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق    عقب أدائه صلاة الجمعة... محافظ بني سويف يتابع إصلاح تسريب بشبكة المياه بميدان المديرية    رئيس جامعة الإسكندرية يستقبل وفد المجلس القومي للمرأة (صور)    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    رئيس الوزراء يؤكد حِرصه على المتابعة المستمرة لأداء منظومة الشكاوى الحكومية    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما أحدث ما توصل إليه العلماء لعلاج مصابي كورونا حتى الآن؟
نشر في صوت البلد يوم 02 - 05 - 2020

يخوض الجنس البشري معركة طويلة الأمد ضد فيروس أصغر منا حجمًا بخمسة ملايين مرة. وفي غضون شهور من ظهور فيروس كورونا الجديد في مدينة ووهان الصينية، اجتاح الرعب دول العالم أجمع من سرعة انتشار هذا الفيروس.
ويبذل العلماء جهودًا حثيثة للتصدي لفيروس كورونا وكبح انتشاره حول العالم. فقد استعان بعضهم بنماذج محاكاة حاسوبية معقدة لمتابعة أنماط انتشار الفيروس والتنبؤ بها، بينما يعكف علماء الفيروسات على تطوير لقاح جديد باستخدام أساليب التعديل الجيني، وفي الوقت نفسه تُجرى أبحاث على عقاقير لعلاج المصابين بالفيروس.
غير أن فيروسات كورونا أثبتت، بعد عقود من محاولات القضاء عليها، أنها عدو صعب المراس. إذ ينتمي فيروس كورونا المستجد إلى فصيلة فيروسات كورونا أو الفيروسات التاجية، التي تسبب مجموعة من الأمراض الأكثر شيوعًا وصعوبة في علاجها، مثل نزلات البرد، الذي لم نجد له لقاحًا فعالًا أو علاجًا شافيًا حتى الآن، وكذلك متلازمة التهاب الجهاز التنفسي الحادة والفتاكة (سارس)، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس).
ويصيب فيروس كورونا البشر والحيوانات على حد سواء، وقد ينتشر من البشر إلى الحيوانات والعكس. إذ سجلت أول حالة إصابة بفيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية على سبيل المثال في عام 2012، حين أصيب طفل بالفيروس إثر مخالطة جمل حامل للفيروس. وسجلت بعدها حالات إصابة عديدة بين البشر إثر التعرض للإبل المصابة.
ويرجح العلماء أن فيروس كورونا الحالي، الذي يطلق عليه مؤقتًا "فيروس كورونا المستجد-2019"، ظهر في وقت ما في مستهل ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وكان العلماء في البداية يظنون أن الفيروس انتقل إلى البشر من الخفافيش، بعد العثور على فيروسين لدى الخفافيش يحملان الكثير من الصفات الوراثية لفيروس كورونا البشري، في حين رأى آخرون أن مصدره الثعابين.
العلاج
غير أن بعض العلماء أشاروا بأصابع الاتهام مؤخرًا لآكل النمل الحرشفي المهدد بالانقراض، الذي تستخدم حراشفه في الطب الصيني التقليدي، كمصدر محتمل للفيروس. ويرجح بعض الباحثين أن سلالة كورونا التي تصيب البشر الآن قد تكون نتجت عن اختلاط فيروسين أحدهما يصيب الخفافيش والآخر يصيب آكل النمل الحرشفي.
وبينما سُجلت حالات العدوى الأولى بفيروس كورونا المستجد بين البشر الذين يخالطون الحيوانات المصابة مباشرة، فإن معظم الحالات الأخيرة المصابة بفيروس كورونا المستجد نتجت عن انتقال العدوى بين البشر وبعضهم.
وتقول كريستل دونلي، أخصائية علم الوبائيات الإحصائي بجامعة إمبريال كوليدج بلندن وجامعة أكسفورد: "نعتقد أن الفيروس كان مصدره السوق المحلي الذي أُغلق الآن".
ويصيب فيروس كورونا الجهاز التنفسي العلوي ويسبب مجموعة أمراض، قد تتضمن الالتهاب الرئوي. لكن ثمة أدلة تثبت أنه قد يتوغل في الجسم فيصيب الجهاز العصبي المركزي ويسبب اضطرابات عصبية طويلة الأمد.
الجدير بالذكر أن كلمة كورونا هي المقابل اللاتيني لكلمة تاج، وقد استمد الفيروس اسمه من شكله الحلقي المغطى بالنتوءات التي تشبه التاج.
ويتضمن هذا الغلاف الشائك الحمض النووي الريبوزي "آر إن أيه"، الذي يمثل مادته الوراثية. وخلافًا للدي إن إيه، فإن الحمض النووي الريبوزي يتيح للفيروس التحور وراثيا بسرعة، وهذا يساعده على اكتساب القدرة على التنقل من الحيوان للبشر أو العكس، أو تغيير خصائصه مثل قدرته على الانتشار وحدة الأعراض التي يسببها.
ولهذا يصعب محاربة فيروس كورونا، الذي يظهر بين الحين والآخر في صورة سلالات جديدة، لأن اللقاحات والأدوية تعجز عن القضاء على عدو دائم التغير.
وقدرت دونلي وزملاؤها قدرة فيروس كورونا الجديد على الانتشار بنحو 2.6، أي أن كل مريض نقل المرض لنحو 2.6 شخصًا آخر، مشيرة إلى أن كل ما يفوق الرقم واحد على مؤشر انتشار الأمراض، ينبئ بإمكانية تحول المرض إلى مرض متفش.
وقد تتفاوت أيضًا قدرة المريض على نقل المرض، إذ أن بعض المرضى لديهم قدرة استثنائية على نشر المرض بين أعداد كبيرة من البشر. إذ نقل أحد المرضى، على سبيل المثال، الفيروس المستجد لنحو 14 عامل رعاية صحية. وهؤلاء المرضى يسهمون بنصيب كبير في تفشي المرض.
وذلك لأن هؤلاء المرضى ينشرون عددًا أكبر من الفيروسات عن طريق السعال والعطس، مقارنة بسائر المرضى. وقد لعب هؤلاء المرضى دورًا كبيرًا في تفشي عدوى "سارس" و"ميرس"، وعرقلوا جهود احتوائهما.
غير أن قدرة المرضى على نشر الفيروس بهذا الشكل تتوقف على عوامل عديدة، منها الخصائص البيولوجية، ونوع الفيروس والبيئة التي يعيشون فيها. وقد يحمل بعض الناس، بفضل أنظمتهم المناعية القوية، الفيروس لفترة دون أن تظهر عليهم إلا أعراض قليلة أو معتدلة، وهذا يتيح لهم السفر والتنقل لمسافات طويلة رغم أنهم مصابون بالمرض.
وعلى النقيض، يعاني بعض الناس من أعراض شديدة بمجرد الإصابة بالفيروس، تجلعهم يعطسون ويسعلون وينشرون المرض بين عدد أكبر من الناس.
وقد تسهم التدابير الوقائية العامة، مثل ارتداء أقنعة الوجه وغسل اليدين وحجز المرضى في الحجر الصحي، في الحد من انتشار المرض.
تستخدم الكاميرات الحرارية في نقاط التفتيش الحدودية للمساعدة في رصد حالات الإصابة بالفيروسات، ويساعد التشخيص المبكر للحالات المصابة بالفيروسات في المقام الأول في احتواء تفشي المرض. وفي هذا الصدد، ابتكر المركز الأمريكي لمكافحة الأمراض والوقاية منها مجموعة أدوات تعتمد على تحليل الحمض النووي، للكشف عن فيروس كورونا المستجد. وتعتمد هذه الأدوات على تقنية جديدة تظهر النتائج في غضون أربع ساعات، رغم أنها تتطلب معدات معملية باهظة.
ويعمل الباحثون بجامعة كاليفورنيا وعدد من شركات التكنولوجيا الحيوية على تطوير طرق تشخيص حديثة تعتمد على تقنية كريسبر للتعديل الجيني لرصد الفيروس لدى المصاب قبل ظهور أعراضه.
أما عن العلاج، فإن العلاج الرئيسي لهذه الفيروسات حتى الآن هو "مضادات الفيروسات"، التي تضعف قدرة الفيروسات على دخول الخلايا وتمنعها من التكاثر والتضاعف داخل الخلية أو الانتقال من الخلايا المصابة إلى غيرها.
ويجري في الوقت الحالي بعض العلماء أبحاثًا عن عقار "ريمديسفير"، وهو مضاد للفيروسات واسع النطاق، أي أنه فعال في منع فيروسات عديدة من التضاعف. وطور هذا العقار خصيصًا لمكافحة انتشار فيروس إيبولا. وعندما أعطى الباحثون عقار "ريمديسفير" لأول حالة إصابة بفيروس "كورونا المستجد 2019"، في الولايات المتحدة، تماثل للشفاء في غضون أيام.
وأيدت أبحاث اخرى فعالية هذا العقار في علاج فيروس كورونا الذي يسبب متلازمة "ميرس" لدى الفئران.
وأثبتت الفحوص المخبرية أن عقار "ريمديسفير" كان فعالًا في منع الفيروس المستجد من إصابة الخلايا البشرية، لكن العقار لم يعتمد من الجهات التنظيمية بعد للاستخدام لدى المرضى المصابين بفيروس كورونا المستجد.
وأشارت نفس الدراسة إلى أن "كلوروكين"، العقار الذي يستخدم في علاج الملاريا والوقاية منها، كان فعالًا أيضًا في علاج فيروس كورونا المستجد.
ويجري أطباء في إحدى مستشفيات ووهان في الصين تجارب سريرية على عقارين يستخدمان في علاج فيروس نقص المناعة البشرية. لكن الخوف الآن من أن تُطور فيروسات كورونا، بالنظر إلى السرعة الكبيرة التي تتحور بها، مناعة ضد مضادات الفيروسات.
وفي الوقت نفسه، يجري باحثون دراسات على استخدام النقاط الكمية، وهي أشباه موصلات لا يتعدى حجمها بضعة كيلومترات، لتقدير مدى فعاليتها في منع فيروسات كورونا البشرية من إصابة الخلايا.
وبالتوازي مع هذه الدراسات، يسابق علماء الزمن لتطوير لقاح ضد فيروس كورونا المستجد لكبح انتشاره، وتساعد اللقاحات النظام المناعي على التعرف على بعض سمات الفيروس، مثل تركيبة البروتين على غلافه الخارجي، وتطوير أجسام مضادة لمقاومة الفيروس حال الإصابة به. لكن هذه الفيروسات التي تغير شكلها باستمرار قد تفلت بسهولة من أنظمتنا المناعية. ولهذا لم يطور حتى الآن لقاحا ضد نزلات البرد.
وأعلن ائتلاف ابتكارات التأهب لمواجهة الأوبئة عن منحة قدرها تسعة ملايين دولار لشركة "إنوفيو" للأدوية لتطوير لقاح لفيروس كورونا في غضون 16 أسبوعًا.
ويطور الباحثون في الشركة اللقاح عن طريق إنتاج كميات كبيرة من تسلسلات الأحماض النووية للتنبؤ بالتحورات التي قد تحدث في الفيروس وتساعده على إنتاج سلالة جديدة.
لكن ثمة طريقة أخرى لتطوير اللقاح تتمثل في استخلاص بعض الخلايا من مريض تعافى من المرض وفحصها لاستخراج أجسام مضادة منها، ثم تستنسخ الأجسام المضادة لبحث مدى فعاليتها كلقاح للفيروس.
ولا يزال البحث مستمرًّا عن علاج أو لقاح لفيروس كورونا المستجد، وقد تستغرق الأبحاث شهورًا أو سنوات. لكن حتى هذه اللحظة ليس بوسعنا سوى مراقبة الفيروس ومحاولة كبح انتشاره.
يخوض الجنس البشري معركة طويلة الأمد ضد فيروس أصغر منا حجمًا بخمسة ملايين مرة. وفي غضون شهور من ظهور فيروس كورونا الجديد في مدينة ووهان الصينية، اجتاح الرعب دول العالم أجمع من سرعة انتشار هذا الفيروس.
ويبذل العلماء جهودًا حثيثة للتصدي لفيروس كورونا وكبح انتشاره حول العالم. فقد استعان بعضهم بنماذج محاكاة حاسوبية معقدة لمتابعة أنماط انتشار الفيروس والتنبؤ بها، بينما يعكف علماء الفيروسات على تطوير لقاح جديد باستخدام أساليب التعديل الجيني، وفي الوقت نفسه تُجرى أبحاث على عقاقير لعلاج المصابين بالفيروس.
غير أن فيروسات كورونا أثبتت، بعد عقود من محاولات القضاء عليها، أنها عدو صعب المراس. إذ ينتمي فيروس كورونا المستجد إلى فصيلة فيروسات كورونا أو الفيروسات التاجية، التي تسبب مجموعة من الأمراض الأكثر شيوعًا وصعوبة في علاجها، مثل نزلات البرد، الذي لم نجد له لقاحًا فعالًا أو علاجًا شافيًا حتى الآن، وكذلك متلازمة التهاب الجهاز التنفسي الحادة والفتاكة (سارس)، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس).
ويصيب فيروس كورونا البشر والحيوانات على حد سواء، وقد ينتشر من البشر إلى الحيوانات والعكس. إذ سجلت أول حالة إصابة بفيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية على سبيل المثال في عام 2012، حين أصيب طفل بالفيروس إثر مخالطة جمل حامل للفيروس. وسجلت بعدها حالات إصابة عديدة بين البشر إثر التعرض للإبل المصابة.
ويرجح العلماء أن فيروس كورونا الحالي، الذي يطلق عليه مؤقتًا "فيروس كورونا المستجد-2019"، ظهر في وقت ما في مستهل ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وكان العلماء في البداية يظنون أن الفيروس انتقل إلى البشر من الخفافيش، بعد العثور على فيروسين لدى الخفافيش يحملان الكثير من الصفات الوراثية لفيروس كورونا البشري، في حين رأى آخرون أن مصدره الثعابين.
العلاج
غير أن بعض العلماء أشاروا بأصابع الاتهام مؤخرًا لآكل النمل الحرشفي المهدد بالانقراض، الذي تستخدم حراشفه في الطب الصيني التقليدي، كمصدر محتمل للفيروس. ويرجح بعض الباحثين أن سلالة كورونا التي تصيب البشر الآن قد تكون نتجت عن اختلاط فيروسين أحدهما يصيب الخفافيش والآخر يصيب آكل النمل الحرشفي.
وبينما سُجلت حالات العدوى الأولى بفيروس كورونا المستجد بين البشر الذين يخالطون الحيوانات المصابة مباشرة، فإن معظم الحالات الأخيرة المصابة بفيروس كورونا المستجد نتجت عن انتقال العدوى بين البشر وبعضهم.
وتقول كريستل دونلي، أخصائية علم الوبائيات الإحصائي بجامعة إمبريال كوليدج بلندن وجامعة أكسفورد: "نعتقد أن الفيروس كان مصدره السوق المحلي الذي أُغلق الآن".
ويصيب فيروس كورونا الجهاز التنفسي العلوي ويسبب مجموعة أمراض، قد تتضمن الالتهاب الرئوي. لكن ثمة أدلة تثبت أنه قد يتوغل في الجسم فيصيب الجهاز العصبي المركزي ويسبب اضطرابات عصبية طويلة الأمد.
الجدير بالذكر أن كلمة كورونا هي المقابل اللاتيني لكلمة تاج، وقد استمد الفيروس اسمه من شكله الحلقي المغطى بالنتوءات التي تشبه التاج.
ويتضمن هذا الغلاف الشائك الحمض النووي الريبوزي "آر إن أيه"، الذي يمثل مادته الوراثية. وخلافًا للدي إن إيه، فإن الحمض النووي الريبوزي يتيح للفيروس التحور وراثيا بسرعة، وهذا يساعده على اكتساب القدرة على التنقل من الحيوان للبشر أو العكس، أو تغيير خصائصه مثل قدرته على الانتشار وحدة الأعراض التي يسببها.
ولهذا يصعب محاربة فيروس كورونا، الذي يظهر بين الحين والآخر في صورة سلالات جديدة، لأن اللقاحات والأدوية تعجز عن القضاء على عدو دائم التغير.
وقدرت دونلي وزملاؤها قدرة فيروس كورونا الجديد على الانتشار بنحو 2.6، أي أن كل مريض نقل المرض لنحو 2.6 شخصًا آخر، مشيرة إلى أن كل ما يفوق الرقم واحد على مؤشر انتشار الأمراض، ينبئ بإمكانية تحول المرض إلى مرض متفش.
وقد تتفاوت أيضًا قدرة المريض على نقل المرض، إذ أن بعض المرضى لديهم قدرة استثنائية على نشر المرض بين أعداد كبيرة من البشر. إذ نقل أحد المرضى، على سبيل المثال، الفيروس المستجد لنحو 14 عامل رعاية صحية. وهؤلاء المرضى يسهمون بنصيب كبير في تفشي المرض.
وذلك لأن هؤلاء المرضى ينشرون عددًا أكبر من الفيروسات عن طريق السعال والعطس، مقارنة بسائر المرضى. وقد لعب هؤلاء المرضى دورًا كبيرًا في تفشي عدوى "سارس" و"ميرس"، وعرقلوا جهود احتوائهما.
غير أن قدرة المرضى على نشر الفيروس بهذا الشكل تتوقف على عوامل عديدة، منها الخصائص البيولوجية، ونوع الفيروس والبيئة التي يعيشون فيها. وقد يحمل بعض الناس، بفضل أنظمتهم المناعية القوية، الفيروس لفترة دون أن تظهر عليهم إلا أعراض قليلة أو معتدلة، وهذا يتيح لهم السفر والتنقل لمسافات طويلة رغم أنهم مصابون بالمرض.
وعلى النقيض، يعاني بعض الناس من أعراض شديدة بمجرد الإصابة بالفيروس، تجلعهم يعطسون ويسعلون وينشرون المرض بين عدد أكبر من الناس.
وقد تسهم التدابير الوقائية العامة، مثل ارتداء أقنعة الوجه وغسل اليدين وحجز المرضى في الحجر الصحي، في الحد من انتشار المرض.
تستخدم الكاميرات الحرارية في نقاط التفتيش الحدودية للمساعدة في رصد حالات الإصابة بالفيروسات، ويساعد التشخيص المبكر للحالات المصابة بالفيروسات في المقام الأول في احتواء تفشي المرض. وفي هذا الصدد، ابتكر المركز الأمريكي لمكافحة الأمراض والوقاية منها مجموعة أدوات تعتمد على تحليل الحمض النووي، للكشف عن فيروس كورونا المستجد. وتعتمد هذه الأدوات على تقنية جديدة تظهر النتائج في غضون أربع ساعات، رغم أنها تتطلب معدات معملية باهظة.
ويعمل الباحثون بجامعة كاليفورنيا وعدد من شركات التكنولوجيا الحيوية على تطوير طرق تشخيص حديثة تعتمد على تقنية كريسبر للتعديل الجيني لرصد الفيروس لدى المصاب قبل ظهور أعراضه.
أما عن العلاج، فإن العلاج الرئيسي لهذه الفيروسات حتى الآن هو "مضادات الفيروسات"، التي تضعف قدرة الفيروسات على دخول الخلايا وتمنعها من التكاثر والتضاعف داخل الخلية أو الانتقال من الخلايا المصابة إلى غيرها.
ويجري في الوقت الحالي بعض العلماء أبحاثًا عن عقار "ريمديسفير"، وهو مضاد للفيروسات واسع النطاق، أي أنه فعال في منع فيروسات عديدة من التضاعف. وطور هذا العقار خصيصًا لمكافحة انتشار فيروس إيبولا. وعندما أعطى الباحثون عقار "ريمديسفير" لأول حالة إصابة بفيروس "كورونا المستجد 2019"، في الولايات المتحدة، تماثل للشفاء في غضون أيام.
وأيدت أبحاث اخرى فعالية هذا العقار في علاج فيروس كورونا الذي يسبب متلازمة "ميرس" لدى الفئران.
وأثبتت الفحوص المخبرية أن عقار "ريمديسفير" كان فعالًا في منع الفيروس المستجد من إصابة الخلايا البشرية، لكن العقار لم يعتمد من الجهات التنظيمية بعد للاستخدام لدى المرضى المصابين بفيروس كورونا المستجد.
وأشارت نفس الدراسة إلى أن "كلوروكين"، العقار الذي يستخدم في علاج الملاريا والوقاية منها، كان فعالًا أيضًا في علاج فيروس كورونا المستجد.
ويجري أطباء في إحدى مستشفيات ووهان في الصين تجارب سريرية على عقارين يستخدمان في علاج فيروس نقص المناعة البشرية. لكن الخوف الآن من أن تُطور فيروسات كورونا، بالنظر إلى السرعة الكبيرة التي تتحور بها، مناعة ضد مضادات الفيروسات.
وفي الوقت نفسه، يجري باحثون دراسات على استخدام النقاط الكمية، وهي أشباه موصلات لا يتعدى حجمها بضعة كيلومترات، لتقدير مدى فعاليتها في منع فيروسات كورونا البشرية من إصابة الخلايا.
وبالتوازي مع هذه الدراسات، يسابق علماء الزمن لتطوير لقاح ضد فيروس كورونا المستجد لكبح انتشاره، وتساعد اللقاحات النظام المناعي على التعرف على بعض سمات الفيروس، مثل تركيبة البروتين على غلافه الخارجي، وتطوير أجسام مضادة لمقاومة الفيروس حال الإصابة به. لكن هذه الفيروسات التي تغير شكلها باستمرار قد تفلت بسهولة من أنظمتنا المناعية. ولهذا لم يطور حتى الآن لقاحا ضد نزلات البرد.
وأعلن ائتلاف ابتكارات التأهب لمواجهة الأوبئة عن منحة قدرها تسعة ملايين دولار لشركة "إنوفيو" للأدوية لتطوير لقاح لفيروس كورونا في غضون 16 أسبوعًا.
ويطور الباحثون في الشركة اللقاح عن طريق إنتاج كميات كبيرة من تسلسلات الأحماض النووية للتنبؤ بالتحورات التي قد تحدث في الفيروس وتساعده على إنتاج سلالة جديدة.
لكن ثمة طريقة أخرى لتطوير اللقاح تتمثل في استخلاص بعض الخلايا من مريض تعافى من المرض وفحصها لاستخراج أجسام مضادة منها، ثم تستنسخ الأجسام المضادة لبحث مدى فعاليتها كلقاح للفيروس.
ولا يزال البحث مستمرًّا عن علاج أو لقاح لفيروس كورونا المستجد، وقد تستغرق الأبحاث شهورًا أو سنوات. لكن حتى هذه اللحظة ليس بوسعنا سوى مراقبة الفيروس ومحاولة كبح انتشاره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.