نقيب المهندسين ومحافظ الأقصر يشهدان توقيع بروتوكول مشترك    قطاع المعاملات الإسلامية بالبنك الزراعي المصري يشارك في منح تمويل لشركة المراسم للتطوير العمراني    هيئة الاستعلامات: صفقة الغاز بين مصر وإسرائيل تجارية بحتة وفق اعتبارات اقتصادية    البورصة المصرية تبحث مع شركات السمسرة مقترح مد ساعات التداول    المنظمات الأهلية الفلسطينية: إسرائيل تشن حملات تحريض مسيسة ضد المنظمات الإنسانية    مصر وناميبيا تبحثان التعاون في مجالات استيراد اللحوم والنقل البحري    إلى الأشوط الإضافية.. المغرب يتعادل مع الأردن في نهائي كأس العرب    وكيل وزارة التربية والتعليم بشمال سيناء يعتمد جداول امتحانات الفصل الدراسي الأول    ندوة نقدية تناقش ثلاث تجارب سينمائية شابة ضمن مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    الجنائية الدولية: عقوبات أمريكا على عضوي المحكمة اعتداء صارخ على استقلال هيئة قضائية    نازك أبو زيد: استهداف الكوادر الصحية والمستشفيات مستمر منذ اندلاع الحرب في السودان    نازك أبو زيد: الفاشر وكادوقلي والدلنج على شفا المجاعة بسبب الحصار    «التضامن» تشارك فى احتفالية ذوى الإعاقة    تقرير: برشلونة لم يتوصل لاتفاق لضم حمزة عبد الكريم    وفد الأهلي يسافر ألمانيا لبحث التعاون مع نادي لايبزيج    الأهلي يرفض بيع عمر الساعي ويقرر تقييمه بعد الإعارة    قبل غلق الصناديق| انتظام وإقبال بلجان الإعادة البرلمانية في المنوفية    جدول امتحانات الفصل الدراسى الأول لطلاب النقل والشهادة الإعدادية بالجيزة .. اعرف التفاصيل    قراءات ألمانية في احتفال المكتب الثقافي المصري ببرلين باليوم العالمي للغة العربية    إطلاق مبادرة «مصر معاكم» لرعاية أبناء شهداء ومصابي العمليات الحربية والإرهابية    نازك أبو زيد: الدعم السريع اعتقلت أطباء وطلبت فدية مقابل الإفراج عن بعضهم    هل يرى المستخير رؤيا بعد صلاة الاستخارة؟ أمين الفتوى يجيب    نهائي فيناليسيما..مواجهة مرتقبة بين الأرجنتين وإسبانيا في مارس    أسرة الراحلة نيفين مندور تقصر تلقى واجب العزاء على المقابر    الداخلية تضبط مطبعة غير مرخصة بالقاهرة    قطر تستضيف مباراة إسبانيا والأرجنتين فى بطولة فيناليسيما 2026    جولة الإعادة بالسويس.. منافسة بين مستقلين وأحزاب وسط تنوع سلوك الناخبين وانتظام اللجان    الأرصاد: تغيرات مفاجئة فى حالة الطقس غدا والصغرى تصل 10 درجات ببعض المناطق    الصحة اللبنانية: 4 جرحى فى الغارة على الطيبة قضاء مرجعيون    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    وزير الأوقاف يكرم عامل مسجد بمكافأة مالية لحصوله على درجة الماجستير    فوز مصر بجائزتي الطبيب العربي والعمل المميز في التمريض والقبالة من مجلس وزراء الصحة العرب    هل تتازل مصر عن أرص السخنة لصالح قطر؟.. بيان توضيحي هام    الترويج لممارسة الدعارة.. التحقيق مع سيدة في الشروق    ڤاليو تنجح في إتمام الإصدار العشرين لسندات توريق بقيمة 1.1 مليار جنيه    ضبط شخصين يوزعان كروت دعائية وأموال على ناخبين بأجا في الدقهلية    مصر تؤكد حقها الكامل في اتخاذ كافة التدابير التي يكفلها القانون واتفاقية الدفاع المشترك لضمان عدم المساس بوحدة واستقرار السودان    الداخلية تضبط شخصين يوزعان أموالا بمحيط لجان أجا بالدقهلية    الخارجية: عام استثنائي من النجاحات الانتخابية الدولية للدبلوماسية المصرية    الرعاية الصحية: مستشفى الكبد والجهاز الهضمي قدّم 27 ألف خدمة منذ بدء تشغيل التأمين الصحي الشامل    عمرو طلعت يفتتح مقر مركز مراقبة الطيف الترددي التابع لتنظيم الاتصالات    ضبط شخص ظهر في فيديو داخل أحد السرادقات بالمعصرة وبحوزته جهاز لاب توب وسط حشود من المواطنين.    جلوب سوكر - خروج صلاح من القائمة النهائية لجائزتي أفضل مهاجم ولاعب    تكربم 120 طالبا من حفظة القرآن بمدرسة الحاج حداد الثانوية المشتركة بسوهاج    المستشفيات التعليمية تناقش مستجدات طب وجراحة العيون في مؤتمر المعهد التذكاري للرمد    إسقاط الجنسية عن 3 مواطنين الأبرز، رئيس الوزراء يصدر 21 قرارا جديدا    الداخلية تضبط قضايا تهريب ومخالفات جمركية متنوعة خلال 24 ساعة    مصرع موظف بشركة السكر وإصابة 4 آخرين في مشاجرة بنجع حمادي    صحة المنيا: تقديم أكثر من 136 ألف خدمة صحية وإجراء 996 عملية جراحية خلال نوفمبر الماضي    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الخميس 18 ديسمبر 2025    تشكيل نابولي المتوقع أمام ميلان في كأس السوبر الإيطالي    وزير الثقافة يبحث تعزيز التعاون الثقافي مع هيئة متاحف قطر ويشارك في احتفالات اليوم الوطني    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    د. حمدي السطوحي: «المتحف» يؤكد احترام الدولة لتراثها الديني والثقافي    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل شابين خلال اقتحامه بلدتي عنبتا وكفر اللبد شرق طولكرم    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 18ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف صلاتك    بطولة العالم للإسكواش PSA بمشاركة 128 لاعبًا من نخبة نجوم العالم    غياب الزعيم.. نجوم الفن في عزاء شقيقة عادل إمام| صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما أحدث ما توصل إليه العلماء لعلاج مصابي كورونا حتى الآن؟
نشر في صوت البلد يوم 02 - 05 - 2020

يخوض الجنس البشري معركة طويلة الأمد ضد فيروس أصغر منا حجمًا بخمسة ملايين مرة. وفي غضون شهور من ظهور فيروس كورونا الجديد في مدينة ووهان الصينية، اجتاح الرعب دول العالم أجمع من سرعة انتشار هذا الفيروس.
ويبذل العلماء جهودًا حثيثة للتصدي لفيروس كورونا وكبح انتشاره حول العالم. فقد استعان بعضهم بنماذج محاكاة حاسوبية معقدة لمتابعة أنماط انتشار الفيروس والتنبؤ بها، بينما يعكف علماء الفيروسات على تطوير لقاح جديد باستخدام أساليب التعديل الجيني، وفي الوقت نفسه تُجرى أبحاث على عقاقير لعلاج المصابين بالفيروس.
غير أن فيروسات كورونا أثبتت، بعد عقود من محاولات القضاء عليها، أنها عدو صعب المراس. إذ ينتمي فيروس كورونا المستجد إلى فصيلة فيروسات كورونا أو الفيروسات التاجية، التي تسبب مجموعة من الأمراض الأكثر شيوعًا وصعوبة في علاجها، مثل نزلات البرد، الذي لم نجد له لقاحًا فعالًا أو علاجًا شافيًا حتى الآن، وكذلك متلازمة التهاب الجهاز التنفسي الحادة والفتاكة (سارس)، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس).
ويصيب فيروس كورونا البشر والحيوانات على حد سواء، وقد ينتشر من البشر إلى الحيوانات والعكس. إذ سجلت أول حالة إصابة بفيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية على سبيل المثال في عام 2012، حين أصيب طفل بالفيروس إثر مخالطة جمل حامل للفيروس. وسجلت بعدها حالات إصابة عديدة بين البشر إثر التعرض للإبل المصابة.
ويرجح العلماء أن فيروس كورونا الحالي، الذي يطلق عليه مؤقتًا "فيروس كورونا المستجد-2019"، ظهر في وقت ما في مستهل ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وكان العلماء في البداية يظنون أن الفيروس انتقل إلى البشر من الخفافيش، بعد العثور على فيروسين لدى الخفافيش يحملان الكثير من الصفات الوراثية لفيروس كورونا البشري، في حين رأى آخرون أن مصدره الثعابين.
العلاج
غير أن بعض العلماء أشاروا بأصابع الاتهام مؤخرًا لآكل النمل الحرشفي المهدد بالانقراض، الذي تستخدم حراشفه في الطب الصيني التقليدي، كمصدر محتمل للفيروس. ويرجح بعض الباحثين أن سلالة كورونا التي تصيب البشر الآن قد تكون نتجت عن اختلاط فيروسين أحدهما يصيب الخفافيش والآخر يصيب آكل النمل الحرشفي.
وبينما سُجلت حالات العدوى الأولى بفيروس كورونا المستجد بين البشر الذين يخالطون الحيوانات المصابة مباشرة، فإن معظم الحالات الأخيرة المصابة بفيروس كورونا المستجد نتجت عن انتقال العدوى بين البشر وبعضهم.
وتقول كريستل دونلي، أخصائية علم الوبائيات الإحصائي بجامعة إمبريال كوليدج بلندن وجامعة أكسفورد: "نعتقد أن الفيروس كان مصدره السوق المحلي الذي أُغلق الآن".
ويصيب فيروس كورونا الجهاز التنفسي العلوي ويسبب مجموعة أمراض، قد تتضمن الالتهاب الرئوي. لكن ثمة أدلة تثبت أنه قد يتوغل في الجسم فيصيب الجهاز العصبي المركزي ويسبب اضطرابات عصبية طويلة الأمد.
الجدير بالذكر أن كلمة كورونا هي المقابل اللاتيني لكلمة تاج، وقد استمد الفيروس اسمه من شكله الحلقي المغطى بالنتوءات التي تشبه التاج.
ويتضمن هذا الغلاف الشائك الحمض النووي الريبوزي "آر إن أيه"، الذي يمثل مادته الوراثية. وخلافًا للدي إن إيه، فإن الحمض النووي الريبوزي يتيح للفيروس التحور وراثيا بسرعة، وهذا يساعده على اكتساب القدرة على التنقل من الحيوان للبشر أو العكس، أو تغيير خصائصه مثل قدرته على الانتشار وحدة الأعراض التي يسببها.
ولهذا يصعب محاربة فيروس كورونا، الذي يظهر بين الحين والآخر في صورة سلالات جديدة، لأن اللقاحات والأدوية تعجز عن القضاء على عدو دائم التغير.
وقدرت دونلي وزملاؤها قدرة فيروس كورونا الجديد على الانتشار بنحو 2.6، أي أن كل مريض نقل المرض لنحو 2.6 شخصًا آخر، مشيرة إلى أن كل ما يفوق الرقم واحد على مؤشر انتشار الأمراض، ينبئ بإمكانية تحول المرض إلى مرض متفش.
وقد تتفاوت أيضًا قدرة المريض على نقل المرض، إذ أن بعض المرضى لديهم قدرة استثنائية على نشر المرض بين أعداد كبيرة من البشر. إذ نقل أحد المرضى، على سبيل المثال، الفيروس المستجد لنحو 14 عامل رعاية صحية. وهؤلاء المرضى يسهمون بنصيب كبير في تفشي المرض.
وذلك لأن هؤلاء المرضى ينشرون عددًا أكبر من الفيروسات عن طريق السعال والعطس، مقارنة بسائر المرضى. وقد لعب هؤلاء المرضى دورًا كبيرًا في تفشي عدوى "سارس" و"ميرس"، وعرقلوا جهود احتوائهما.
غير أن قدرة المرضى على نشر الفيروس بهذا الشكل تتوقف على عوامل عديدة، منها الخصائص البيولوجية، ونوع الفيروس والبيئة التي يعيشون فيها. وقد يحمل بعض الناس، بفضل أنظمتهم المناعية القوية، الفيروس لفترة دون أن تظهر عليهم إلا أعراض قليلة أو معتدلة، وهذا يتيح لهم السفر والتنقل لمسافات طويلة رغم أنهم مصابون بالمرض.
وعلى النقيض، يعاني بعض الناس من أعراض شديدة بمجرد الإصابة بالفيروس، تجلعهم يعطسون ويسعلون وينشرون المرض بين عدد أكبر من الناس.
وقد تسهم التدابير الوقائية العامة، مثل ارتداء أقنعة الوجه وغسل اليدين وحجز المرضى في الحجر الصحي، في الحد من انتشار المرض.
تستخدم الكاميرات الحرارية في نقاط التفتيش الحدودية للمساعدة في رصد حالات الإصابة بالفيروسات، ويساعد التشخيص المبكر للحالات المصابة بالفيروسات في المقام الأول في احتواء تفشي المرض. وفي هذا الصدد، ابتكر المركز الأمريكي لمكافحة الأمراض والوقاية منها مجموعة أدوات تعتمد على تحليل الحمض النووي، للكشف عن فيروس كورونا المستجد. وتعتمد هذه الأدوات على تقنية جديدة تظهر النتائج في غضون أربع ساعات، رغم أنها تتطلب معدات معملية باهظة.
ويعمل الباحثون بجامعة كاليفورنيا وعدد من شركات التكنولوجيا الحيوية على تطوير طرق تشخيص حديثة تعتمد على تقنية كريسبر للتعديل الجيني لرصد الفيروس لدى المصاب قبل ظهور أعراضه.
أما عن العلاج، فإن العلاج الرئيسي لهذه الفيروسات حتى الآن هو "مضادات الفيروسات"، التي تضعف قدرة الفيروسات على دخول الخلايا وتمنعها من التكاثر والتضاعف داخل الخلية أو الانتقال من الخلايا المصابة إلى غيرها.
ويجري في الوقت الحالي بعض العلماء أبحاثًا عن عقار "ريمديسفير"، وهو مضاد للفيروسات واسع النطاق، أي أنه فعال في منع فيروسات عديدة من التضاعف. وطور هذا العقار خصيصًا لمكافحة انتشار فيروس إيبولا. وعندما أعطى الباحثون عقار "ريمديسفير" لأول حالة إصابة بفيروس "كورونا المستجد 2019"، في الولايات المتحدة، تماثل للشفاء في غضون أيام.
وأيدت أبحاث اخرى فعالية هذا العقار في علاج فيروس كورونا الذي يسبب متلازمة "ميرس" لدى الفئران.
وأثبتت الفحوص المخبرية أن عقار "ريمديسفير" كان فعالًا في منع الفيروس المستجد من إصابة الخلايا البشرية، لكن العقار لم يعتمد من الجهات التنظيمية بعد للاستخدام لدى المرضى المصابين بفيروس كورونا المستجد.
وأشارت نفس الدراسة إلى أن "كلوروكين"، العقار الذي يستخدم في علاج الملاريا والوقاية منها، كان فعالًا أيضًا في علاج فيروس كورونا المستجد.
ويجري أطباء في إحدى مستشفيات ووهان في الصين تجارب سريرية على عقارين يستخدمان في علاج فيروس نقص المناعة البشرية. لكن الخوف الآن من أن تُطور فيروسات كورونا، بالنظر إلى السرعة الكبيرة التي تتحور بها، مناعة ضد مضادات الفيروسات.
وفي الوقت نفسه، يجري باحثون دراسات على استخدام النقاط الكمية، وهي أشباه موصلات لا يتعدى حجمها بضعة كيلومترات، لتقدير مدى فعاليتها في منع فيروسات كورونا البشرية من إصابة الخلايا.
وبالتوازي مع هذه الدراسات، يسابق علماء الزمن لتطوير لقاح ضد فيروس كورونا المستجد لكبح انتشاره، وتساعد اللقاحات النظام المناعي على التعرف على بعض سمات الفيروس، مثل تركيبة البروتين على غلافه الخارجي، وتطوير أجسام مضادة لمقاومة الفيروس حال الإصابة به. لكن هذه الفيروسات التي تغير شكلها باستمرار قد تفلت بسهولة من أنظمتنا المناعية. ولهذا لم يطور حتى الآن لقاحا ضد نزلات البرد.
وأعلن ائتلاف ابتكارات التأهب لمواجهة الأوبئة عن منحة قدرها تسعة ملايين دولار لشركة "إنوفيو" للأدوية لتطوير لقاح لفيروس كورونا في غضون 16 أسبوعًا.
ويطور الباحثون في الشركة اللقاح عن طريق إنتاج كميات كبيرة من تسلسلات الأحماض النووية للتنبؤ بالتحورات التي قد تحدث في الفيروس وتساعده على إنتاج سلالة جديدة.
لكن ثمة طريقة أخرى لتطوير اللقاح تتمثل في استخلاص بعض الخلايا من مريض تعافى من المرض وفحصها لاستخراج أجسام مضادة منها، ثم تستنسخ الأجسام المضادة لبحث مدى فعاليتها كلقاح للفيروس.
ولا يزال البحث مستمرًّا عن علاج أو لقاح لفيروس كورونا المستجد، وقد تستغرق الأبحاث شهورًا أو سنوات. لكن حتى هذه اللحظة ليس بوسعنا سوى مراقبة الفيروس ومحاولة كبح انتشاره.
يخوض الجنس البشري معركة طويلة الأمد ضد فيروس أصغر منا حجمًا بخمسة ملايين مرة. وفي غضون شهور من ظهور فيروس كورونا الجديد في مدينة ووهان الصينية، اجتاح الرعب دول العالم أجمع من سرعة انتشار هذا الفيروس.
ويبذل العلماء جهودًا حثيثة للتصدي لفيروس كورونا وكبح انتشاره حول العالم. فقد استعان بعضهم بنماذج محاكاة حاسوبية معقدة لمتابعة أنماط انتشار الفيروس والتنبؤ بها، بينما يعكف علماء الفيروسات على تطوير لقاح جديد باستخدام أساليب التعديل الجيني، وفي الوقت نفسه تُجرى أبحاث على عقاقير لعلاج المصابين بالفيروس.
غير أن فيروسات كورونا أثبتت، بعد عقود من محاولات القضاء عليها، أنها عدو صعب المراس. إذ ينتمي فيروس كورونا المستجد إلى فصيلة فيروسات كورونا أو الفيروسات التاجية، التي تسبب مجموعة من الأمراض الأكثر شيوعًا وصعوبة في علاجها، مثل نزلات البرد، الذي لم نجد له لقاحًا فعالًا أو علاجًا شافيًا حتى الآن، وكذلك متلازمة التهاب الجهاز التنفسي الحادة والفتاكة (سارس)، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس).
ويصيب فيروس كورونا البشر والحيوانات على حد سواء، وقد ينتشر من البشر إلى الحيوانات والعكس. إذ سجلت أول حالة إصابة بفيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية على سبيل المثال في عام 2012، حين أصيب طفل بالفيروس إثر مخالطة جمل حامل للفيروس. وسجلت بعدها حالات إصابة عديدة بين البشر إثر التعرض للإبل المصابة.
ويرجح العلماء أن فيروس كورونا الحالي، الذي يطلق عليه مؤقتًا "فيروس كورونا المستجد-2019"، ظهر في وقت ما في مستهل ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وكان العلماء في البداية يظنون أن الفيروس انتقل إلى البشر من الخفافيش، بعد العثور على فيروسين لدى الخفافيش يحملان الكثير من الصفات الوراثية لفيروس كورونا البشري، في حين رأى آخرون أن مصدره الثعابين.
العلاج
غير أن بعض العلماء أشاروا بأصابع الاتهام مؤخرًا لآكل النمل الحرشفي المهدد بالانقراض، الذي تستخدم حراشفه في الطب الصيني التقليدي، كمصدر محتمل للفيروس. ويرجح بعض الباحثين أن سلالة كورونا التي تصيب البشر الآن قد تكون نتجت عن اختلاط فيروسين أحدهما يصيب الخفافيش والآخر يصيب آكل النمل الحرشفي.
وبينما سُجلت حالات العدوى الأولى بفيروس كورونا المستجد بين البشر الذين يخالطون الحيوانات المصابة مباشرة، فإن معظم الحالات الأخيرة المصابة بفيروس كورونا المستجد نتجت عن انتقال العدوى بين البشر وبعضهم.
وتقول كريستل دونلي، أخصائية علم الوبائيات الإحصائي بجامعة إمبريال كوليدج بلندن وجامعة أكسفورد: "نعتقد أن الفيروس كان مصدره السوق المحلي الذي أُغلق الآن".
ويصيب فيروس كورونا الجهاز التنفسي العلوي ويسبب مجموعة أمراض، قد تتضمن الالتهاب الرئوي. لكن ثمة أدلة تثبت أنه قد يتوغل في الجسم فيصيب الجهاز العصبي المركزي ويسبب اضطرابات عصبية طويلة الأمد.
الجدير بالذكر أن كلمة كورونا هي المقابل اللاتيني لكلمة تاج، وقد استمد الفيروس اسمه من شكله الحلقي المغطى بالنتوءات التي تشبه التاج.
ويتضمن هذا الغلاف الشائك الحمض النووي الريبوزي "آر إن أيه"، الذي يمثل مادته الوراثية. وخلافًا للدي إن إيه، فإن الحمض النووي الريبوزي يتيح للفيروس التحور وراثيا بسرعة، وهذا يساعده على اكتساب القدرة على التنقل من الحيوان للبشر أو العكس، أو تغيير خصائصه مثل قدرته على الانتشار وحدة الأعراض التي يسببها.
ولهذا يصعب محاربة فيروس كورونا، الذي يظهر بين الحين والآخر في صورة سلالات جديدة، لأن اللقاحات والأدوية تعجز عن القضاء على عدو دائم التغير.
وقدرت دونلي وزملاؤها قدرة فيروس كورونا الجديد على الانتشار بنحو 2.6، أي أن كل مريض نقل المرض لنحو 2.6 شخصًا آخر، مشيرة إلى أن كل ما يفوق الرقم واحد على مؤشر انتشار الأمراض، ينبئ بإمكانية تحول المرض إلى مرض متفش.
وقد تتفاوت أيضًا قدرة المريض على نقل المرض، إذ أن بعض المرضى لديهم قدرة استثنائية على نشر المرض بين أعداد كبيرة من البشر. إذ نقل أحد المرضى، على سبيل المثال، الفيروس المستجد لنحو 14 عامل رعاية صحية. وهؤلاء المرضى يسهمون بنصيب كبير في تفشي المرض.
وذلك لأن هؤلاء المرضى ينشرون عددًا أكبر من الفيروسات عن طريق السعال والعطس، مقارنة بسائر المرضى. وقد لعب هؤلاء المرضى دورًا كبيرًا في تفشي عدوى "سارس" و"ميرس"، وعرقلوا جهود احتوائهما.
غير أن قدرة المرضى على نشر الفيروس بهذا الشكل تتوقف على عوامل عديدة، منها الخصائص البيولوجية، ونوع الفيروس والبيئة التي يعيشون فيها. وقد يحمل بعض الناس، بفضل أنظمتهم المناعية القوية، الفيروس لفترة دون أن تظهر عليهم إلا أعراض قليلة أو معتدلة، وهذا يتيح لهم السفر والتنقل لمسافات طويلة رغم أنهم مصابون بالمرض.
وعلى النقيض، يعاني بعض الناس من أعراض شديدة بمجرد الإصابة بالفيروس، تجلعهم يعطسون ويسعلون وينشرون المرض بين عدد أكبر من الناس.
وقد تسهم التدابير الوقائية العامة، مثل ارتداء أقنعة الوجه وغسل اليدين وحجز المرضى في الحجر الصحي، في الحد من انتشار المرض.
تستخدم الكاميرات الحرارية في نقاط التفتيش الحدودية للمساعدة في رصد حالات الإصابة بالفيروسات، ويساعد التشخيص المبكر للحالات المصابة بالفيروسات في المقام الأول في احتواء تفشي المرض. وفي هذا الصدد، ابتكر المركز الأمريكي لمكافحة الأمراض والوقاية منها مجموعة أدوات تعتمد على تحليل الحمض النووي، للكشف عن فيروس كورونا المستجد. وتعتمد هذه الأدوات على تقنية جديدة تظهر النتائج في غضون أربع ساعات، رغم أنها تتطلب معدات معملية باهظة.
ويعمل الباحثون بجامعة كاليفورنيا وعدد من شركات التكنولوجيا الحيوية على تطوير طرق تشخيص حديثة تعتمد على تقنية كريسبر للتعديل الجيني لرصد الفيروس لدى المصاب قبل ظهور أعراضه.
أما عن العلاج، فإن العلاج الرئيسي لهذه الفيروسات حتى الآن هو "مضادات الفيروسات"، التي تضعف قدرة الفيروسات على دخول الخلايا وتمنعها من التكاثر والتضاعف داخل الخلية أو الانتقال من الخلايا المصابة إلى غيرها.
ويجري في الوقت الحالي بعض العلماء أبحاثًا عن عقار "ريمديسفير"، وهو مضاد للفيروسات واسع النطاق، أي أنه فعال في منع فيروسات عديدة من التضاعف. وطور هذا العقار خصيصًا لمكافحة انتشار فيروس إيبولا. وعندما أعطى الباحثون عقار "ريمديسفير" لأول حالة إصابة بفيروس "كورونا المستجد 2019"، في الولايات المتحدة، تماثل للشفاء في غضون أيام.
وأيدت أبحاث اخرى فعالية هذا العقار في علاج فيروس كورونا الذي يسبب متلازمة "ميرس" لدى الفئران.
وأثبتت الفحوص المخبرية أن عقار "ريمديسفير" كان فعالًا في منع الفيروس المستجد من إصابة الخلايا البشرية، لكن العقار لم يعتمد من الجهات التنظيمية بعد للاستخدام لدى المرضى المصابين بفيروس كورونا المستجد.
وأشارت نفس الدراسة إلى أن "كلوروكين"، العقار الذي يستخدم في علاج الملاريا والوقاية منها، كان فعالًا أيضًا في علاج فيروس كورونا المستجد.
ويجري أطباء في إحدى مستشفيات ووهان في الصين تجارب سريرية على عقارين يستخدمان في علاج فيروس نقص المناعة البشرية. لكن الخوف الآن من أن تُطور فيروسات كورونا، بالنظر إلى السرعة الكبيرة التي تتحور بها، مناعة ضد مضادات الفيروسات.
وفي الوقت نفسه، يجري باحثون دراسات على استخدام النقاط الكمية، وهي أشباه موصلات لا يتعدى حجمها بضعة كيلومترات، لتقدير مدى فعاليتها في منع فيروسات كورونا البشرية من إصابة الخلايا.
وبالتوازي مع هذه الدراسات، يسابق علماء الزمن لتطوير لقاح ضد فيروس كورونا المستجد لكبح انتشاره، وتساعد اللقاحات النظام المناعي على التعرف على بعض سمات الفيروس، مثل تركيبة البروتين على غلافه الخارجي، وتطوير أجسام مضادة لمقاومة الفيروس حال الإصابة به. لكن هذه الفيروسات التي تغير شكلها باستمرار قد تفلت بسهولة من أنظمتنا المناعية. ولهذا لم يطور حتى الآن لقاحا ضد نزلات البرد.
وأعلن ائتلاف ابتكارات التأهب لمواجهة الأوبئة عن منحة قدرها تسعة ملايين دولار لشركة "إنوفيو" للأدوية لتطوير لقاح لفيروس كورونا في غضون 16 أسبوعًا.
ويطور الباحثون في الشركة اللقاح عن طريق إنتاج كميات كبيرة من تسلسلات الأحماض النووية للتنبؤ بالتحورات التي قد تحدث في الفيروس وتساعده على إنتاج سلالة جديدة.
لكن ثمة طريقة أخرى لتطوير اللقاح تتمثل في استخلاص بعض الخلايا من مريض تعافى من المرض وفحصها لاستخراج أجسام مضادة منها، ثم تستنسخ الأجسام المضادة لبحث مدى فعاليتها كلقاح للفيروس.
ولا يزال البحث مستمرًّا عن علاج أو لقاح لفيروس كورونا المستجد، وقد تستغرق الأبحاث شهورًا أو سنوات. لكن حتى هذه اللحظة ليس بوسعنا سوى مراقبة الفيروس ومحاولة كبح انتشاره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.