تشهد أسواق العملات الرقمية، صدمات باتت شبه متتالية، تؤثر بدلوها على فئات الأصول الأخرى، تاركة المتعاملين فى كلا من الأسواق المالية والعملات الرقمية، فى حالة تساؤل مستمر، حول مستقبل عملة البيتكوين "الأبرز بين العملات الرقمية فى التعامل"، لا سيما مع استمرار حملات البيع المكثف لها، وفقدها أكثر من 30% من قيمتها التداولية، خلال فترة لا تتجاوز الشهر، ما ألقى بظلاله على ارتفاع السندات الحكومية والين اليابانى، فيما تراجعت العقود الآجلة وأسعار النفط، لتعود العملات الرقمية، لتصدر مشهد التحليل الاقتصادى، فى محاولة للتعرف على مصير تلك العملات، فى ظل المتغيرات الأخيرة. فى هذا السياق، قال الدكتور أحمد فرغلى، أستاذ المحاسبة والبنوك بكلية التجارة- جامعة القاهرة، إن الفترة الماضية شهدت زخما كبيرا، بعد استحداث عملات افتراضية جديدة، نتيجة لما حققته عملة البيتكوين، من إثارة شهية المتعاملين فى سوق العملات الرقمية، بعد ما حققته من مكاسب وهمية، خلال فترة زمنية وجيزة، وهو ما يعد أحد أسباب إنخفاض قيمة البيتكوين، لوجود منافسين جدد له بالأسواق، حيث تم اجتزاء بعض الاستثمارات الموجهة للبيتكوين، التى انخفضت لقيمة 46% مقابل 70% منذ عدة أشهر، لصالح باقى العملات، وعلى رأسها عملة "إيثر"، وتقدر حصتها السوقية بقرابة 15%، لتأتي بعدهما باقى العملات الرقمية بنسبة 36%. وأضاف أنه من الواضح، تزايد اهتمام المستثمرين، للاستثمار بالعملات المشفرة، لا سيما مع بلوغ قيمة التداول بتلك العملات، نحو 2.3 تريليون دولار، إلا أن استمرار ذلك الاهتمام من عدمه محكوم بالعديد من المتغيرات، التى قد تكون أسرع من عمليات التداول نفسها، وهى ما ترفع السعر تارة، وتهوى به تارة أخرى، لافتا إلى أن سوق العملات شأنه شأن سوق الأوراق المالية، ينقلب حاله، بخبر أو تغريدة أو قرار حكومى. وأوضح أن العملات الرقمية، تأثرت خلال الأسبوع الماضى فقط، بعدد من المتغيرات الهامة، جاء أبرزها تشديد الجهات الرقابية الصينية، على تنظيم قطاع تعدين وتداول العملات المشفرة، وذلك لتجنب المخاطر المالية، وفى توجه حكومى لتوفير الطاقة وخفض الانبعاثات الكربونية، لا سيما وأن حصة الصين 70% ، من الحجم العالمي للعملات المشفرة، لافتا إلى تزايد مخاوف البنوك المركزية ببلدان العالم، من تزايد تداول العملات المشفرة، كونها لا تخضع لسيطرة السياسات المالية والنقدية، وما لذلك من تبعات على الإخلال بنظام المدفوعات العالمي، ومحاولات توجيه الاقتصاد وفق روءى التنمية لكل دولة على حدة، وهو ما دفع عدد من البنوك المركزية الكبرى، للتخطيط لإصدار نقد رقمى، يحد من تهديدات العملات المشفرة مجهولة المصدر. ولفت فرغلى إلى أنه رغم وجود بعض التخوفات، بشأن العملات الرقمية، كونها قد تؤثر على فعالية السياسات النقدية ومراقبة الأسواق، إلا أن الإسراع فى استصدار التشريعات اللازمة، قد تكفل أى تعديات فى استخدام العملة الرقمية، التى فيما يبدو أنها باتت أمرا يجب التعامل معه بجدية، دونما الرفض المطلق، كونه لن ينفى وجوده، مضيفا أن عدد من البنوك المركزية، دخلت بالفعل وبشكل تدريجى لاستخدام العملات الإليكترونية، عبر شراكات مع القطاع الخاص، أبرزها مشاركة البنكين المركزيين للصين والسويد، مع عدد من الشركات، وفى مصر أعلن البنك المركزى، منذ أشهر قليلة، أنه يجرى العمل على دراسة إصدار عملة رقمية مصرية.