بعد إعلان الأكاديمية السويدية عن فوز الكاتبة الكندية أليس مونرو بجائزة نوبل للآداب و هي المرأة رقم 13 تفوز بها تأتي رياح الذكريات تنهال علينا لنعرف من هي أول امرأة فازت بها في الآداب و كثالث امرأة تفوز بها على مستوى جوائز نوبل عامةً بعد ماري كوري في الفيزياء في العام 1903 و برتا فون سونتر في السلام العام 1905 لنكون أمام ملحمة أدبية نسائية تروي لنا تلابيب الإبداع النسائي. ولدت سلمة ليجرلوف يوم 20 نوفمبر من العام 1858 في إقليم مارباكا الجبلي في قرية تابعة لمقاطعة فارملاند بالمملكة السويدية و هي الطفلة الخامسة من ستة أبناء في عائلتها و تعرضت لإصابة بقدمها أدى إلى إعاقة بسيطة أثر على المشي ليكون لهذا الألم دورًا في إضفاء القريحة الأدبية بما يساهم في إنتاج أدب عظيم عبر ألم عظيم. في العام 1885 تخرجت من معهد المعلمات بإستكهولم و عملت بالتدريس لمدة عشر سنوات حتى العام 1895 بمدرسة ثانوية للبنات بمدينة لاندسكرونا و كانت تهوى كتابة الشعر منذ طفولتها و لكنها لم تفكر في نشر أعمالها الشعرية إلى أن جاء العام 1890 ليكون نقطة تحول مصيرية في حياتها. تقدمت سلمى ليجرلوف في العام 1890 لمسابقة جريدة السويد الأسبوعية الأدبية و فازت بالجائزة الأولى لتكون تلك الجائزة بطاقة تعارف ذاتية بموهبة ليجرلوف حيث الإنغماس في عالم الأدب و بادرة إيقاظ لها بتأخرها في الإهتمام بموهبتها منذ الطفولة و شاءت الأقدار بإطلاق موهبتها المدفونة بنشر أول عملي أدبي يرتدي ثوب الشعر بعنوان (ملحمة غوستا برلنج) في العام 1891 و التي بشرت بالنهضة الرومنطيقية بالأدب السويدي. هذا الكتاب لم يتم نشره بالسويد بالشكل المطلوب مما أدى إلى تأخر الجمهور السويدي في التعرف على ليجرلوف إلى أن جاءت الترجمة الدانماركية لهذا العمل تعلن عن مولد كاتبة واعدة تدعى سلمى ليجرلوف لتتحمس بإصدار عملها الثاني في العام 1894رواية بعنوان (الروابط الخفية) لتقتحم مجال الرواية بجانب الشعر. بعد نجاح عملها الثاني قررت ليجرلوف في العام 1895 بترك مهنة التدريس و التفرغ لموهبتها الخفية التي بزغت عبر شمس الأقدار الرحيمة بمصائرنا مع إبتسام الأقدار لها برعاية العائلة الملكية السويدية لهذه الموهبة الواعدة التي رأوا فيها ثروة قومية تساهم في تخليد اسم السويد كما فعل أغسطس أوكتافيوس مع فرجيل و إمبراطور النمسا مع بيتهوفن مقابل تعليمها للعائلة المالكة حيث اجتماع العلم مع السلطة. نشرت ليجرلوف عملها الثالث و هو عبارة عن قصة بعنوان (معجزات المسيخ الدجال) أثناء رحلتها بإيطاليا لتضيف قريحة الترحال لأدبها نحو العالمية الأدبية و لتكون تلك الرحلة عصارة هذا العمل الثالث التدريجي لتطورها الأدبي ثم تقوم بعمل رحلة ثانية في العام 1900 كانت الأغنى و الأثرى في تفجير عملها الخالد و هي رحلة القدس التي نضحت برواية (القدس) و التي كُتبت على جزئين فالأول كان في العام 1901 و الثاني في العام 1902 و هذه الملحمة تتحدث عن إنطباعاتها عن هذه البقعة الفريدة في العالم و إذ بهذه الملحمة تُكافأ بتسمية شارع بالقدس على اسم سلمى ليجرلوف ليكون الجزاء من جنس العمل. في العام 1904 قامت ليجرلوف بكتابة عملين في وقت واحد و هما (كنز السيد آرني) و (أساطير مسيحية و قصص أخرى) و في العام 1906 قامت بكتابة قصص للأطفال بعنوان (مغامرات نيلز المدهشة) و التي قُررت على المدارس بناءً على تقرير وزارة التعليم بأن هذه القصص من أجمل ما يروى و يُدرس للأطفال. كان لليجرلوف موقفًا مهمًا في العام 1901 بعد إعلان الأكاديمية السويدية عن فوز الشاعر الفرنسي (رينيه سولي بردوم) بجائزة نوبل للآداب كأول أديب يفوز بها مما جعل أربعين كاتبًا سويديًا يعترضون على هذا الإختيار مُفضلين إختيار (ليو تولستوي) ليكون أول من يفوز بها لتنضم ليجرلوف لهذه الكتيبة و تُرسل معهم رسالة إعتذار لتولستوي لإجتياز الأكاديمية السويدية لإختياره لشرف الريادة في تاريخ الجائزة. كتبت ليجرلوف عملان مهمان و هما (البيت العتيق) و (ملك البرتغال) و أصبح لأدب السويد ماركة مسجلة تدعى سلمى ليجرلوف ليأتي يوم التكريم وقت التقدير بإعلان الأكاديمية السويدية فوز سلمى ليجرلوف بجائزة نوبل للآداب في العام 1909 كأول كاتبة عامةً و سويدية خاصةً تفوز بالجائزة و يأتي توكيد التكريم بفوزها بعضوية الأكاديمية السويدية في العام 1914. جاءت حيثيات فوزها بنوبل كالآتي: (لسمو أفكارها المطروحة بأعمالها الأدبية و التي أحييت التأمل و السمو الروحي بشخصيات أعمالها المكتوبة). حصلت ليجرلوف على العديد من التكريمات منها درجة الدكتوراة في الحروف الأبجدية في العام 1907 و درجة الدكتوراة الفخرية في العام 1928 كلية الآداب بجامعة جريفوزوالد علوة على وضع صورتها في فئة 20 كورونا سويدي في العام 1992 إلى جانب تحويل منزلها بماركا إلى متحف مع وجود فندقان بالسويد يحملان اسمها . في العام 1939 إندلعت الحرب العالمية الثانية و عرضت ليجرلوف على دولة فنلندا ميدالة نوبل الذهبية التذكارية و القيمة المالية للجائزة كتبرع منها للمقاومة الفنلندية ضد الجيش السوفيتي و قامت الحكومة الكندية بقبول القيمة المادية و إعادتها للميدالية الذهبية التذكارية لجائزة نوبل مُعربين لها عن تقديرهم لدورها النضالي من أجل حماية فنلندا و أنها جعلت من المال ضرورة مفيدة خادمة للأوطان عبر أديبة تقدر معنى الإنسانية الحقيقي. جاءت أعمال ليجرلوف الأخيرة أقل قوة من أعمالها الأولى مع إعتلال حالتها الصحية و لكن رغم ذلك ظلت تكتب و تنشر فكرها على العالم أجمع مع وجود صلة روحية أدبية عبر الخطابات مع الأديبة الألمانية السويدية نيللي زاكس التي فازت بجائزة نوبل للآداب في العام 1966 مناصفةً مع الأديب الإسرائيلي يوسف أجانون و كانت دائمًا تقدم ملحوظاتها على شعر نيللي زاكس لتطور موهبتها الفريدة لنجد مهنة التدريس و الإرشاد تعود لليجرلوف في أواخر عمرها. حضرت سلمى ليجرلوف حفل توزيع جائزتي الأدب و الفيزياء في العام 1938 حيث فازت بيريل باك بجائزة نوبل للأدب كأول أديبة أمريكية و ألتقطت لها صورة مع بيريل باك لنجد الصورة تغني عن التعبير بملايين الكلمات بلقاء الأمس و اليوم في رحاب السبق و الريادة. من أعمال ليجرلوف الأخيرة: - مارباكا عن مسقط رأسها 1922. - ذكريات من طفولتي 1930. - يوميات سلمى ليجرلوف 1932. توفيت سلمى ليجرلوف في 16 مارس من العام 1940.