واصل قطاع الطاقة المصري تصدره قائمة القطاعات الأكثر مقاومة للاضطرابات السياسية، وجذبا للاستثمار الأجنبي، بتحقيقه العام الجاري 2013 نحو 8.2 مليار دولار استثمارات في مجالي الإنتاج والاستكشاف، وفقا لموازنات الشركات للعام الجاري، وحسب تقدير مسئول بوزارة الاستثمار في مصر. وتراجع الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر خلال عام 2011 إلى 2.22 مليار دولار، مقابل 4.38 مليار في 2010، بانخفاض بلغت نسبته 65%، وفقا لأرقام تقرير للبنك الدولي، واستمر في التراجع عام 2012 ليسجل 2 مليار دولار، حسب إحصاءات وزارة الاستثمار بمصر. وقال مسؤول بارز بوزارة الاستثمار المصرية، في اتصال هاتفي لمراسل "الأناضول" اليوم الأثنين، "انه رغم استقطاب قطاع الطاقة المصري استثمارات مباشرة ضخمة الا ان هذه الاستثمارات تراجعت بشكل عام خلال العام الجاري 2013، خاصة بعد تحديد شركات الاستكشاف والإنتاج العاملة في مصر حجم ما سيتم ضخه من أموال بنحو 8.2 مليار دولار بتراجع 400 مليون دولار عن العام السابق له 2012". وأضاف المسؤول بمجمع خدمات الاستثمار المختص بتأسيس المشروعات والشركات الجديدة - الذي طلب عدم ذكر هويته لعدم تخويله بالتحدث للصحفيين - : "هذا التراجع في حجم الأموال التي تقرر ضخها في موازنات شركات البترول، لم يؤثر على ترتيب القطاع، في قائمة القطاعات الأكثر جذبا للاستثمار عقب ثورة 25 يناير، التي أطاحت بنظام مبارك، حيث تراجع الاستثمار في القطاع الصناعي بنسبة 25%، والسياحة بنسبة 39%". وتحتسب شركات الاستكشافات الأجنبية العاملة في مصر، موازناتها على أساس العام الكامل الذي يبدأ من يناير - كانون الثاني وينتهي في ديسمبر- كانون الأول، على عكس أنظمة المحاسبة المصرية التي لديها عام متداخل يبدأ من يونيو - حزيران وينتهي في يوليو - تموز من العام التالي له. وتأتى على قائمة الشركات الأجنبية الكبرى العاملة في مصر، التي أعلنت زيادة استثماراتها في مجال البحث والاستكشاف والتنمية في مصر شركات " بريتش جاز" الإنجليزية، و" أباتشي" الأمريكية، و" إيني" الإيطالية، و" شل" الهولندية، و" أر دبليو واي" الألمانية، و«أديسون» الإيطالية، و«بتروناس» الماليزية. لكن مسؤول الاستثمار قال "القطاع العقاري في ثبات – دون حساب التعديات على الأراضي الزراعية-، وذلك بسبب ارتفاع الطلب". وقال "مازالت منطقة الاتحاد الأوروبي تحتل المركز الأول، في خريطة المناطق المصدرة للاستثمارات ورؤوس الأموال إلى مصر، خلال الربع الأول من العام المالي الجاري 2012-2013"، دون أن يذكر معدلاتها على الرغم من المشاكل التى تواجه هذه الاستثمارات في بلدانها". ونشر البنك المركزي المصري، تقريرا حول إحصاءات الربع الأول من العام المالي الجاري، ذكر فيه " أن السوق المحلية خسرت 2.14 مليار دولار كاستثمارات في الربع الأول من العام المالي الجاري 2012/2013، مقارنة ب 2.78 مليار دولار قيمة الخسائر في الربع الأخير من العام المالي السابق، بانخفاض نسبته 23%". وعزا مراقبون بقطاع الطاقة المصرى، تراجع الاستثمار في الاكتشافات والإنتاج بنحو 400 مليون دولار، إلى وجود أزمة بين الشريك الأجنبي والهيئة العامة للبترول التابعة لوزارة البترول المصرية، حول مستحقات مالية متأخرة السداد، وتعرقل توسعات الشركات بسبب عجز الهيئة عن السداد. وتشهد سوق العملات الرسمية في مصر، سوقا موازية في الوقت الراهن للدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري، وذلك بسبب تراجع حاد في الإنتاج والتصدير، وتقلص واردات مصر من العملة الأجنبية، وانكماش احتياطي النقد الأجنبي من 36 مليار دولار قبل الثورة، إلى 13.5 مليار دولار بنهاية فبراير - شباط الماضي، وفقا للبنك المركزي. وقال شريف سامي عضو مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، المعنية بالمناخ الاستثماري في مصر اليوم الأثنين " إن قطاع الطاقة دائما ما يكون فرس الرهان في أي ظروف سيئة يمر بها الاقتصاد المصري". ويتراوح استحواذ قطاع الطاقة في مصر منذ بداية الأزمة المالية العالمية عام 2008، وحتى ما بعد ثورة يناير التي مازالت تداعياتها تضرب الاقتصاد، بين 50% و 70% من حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر. وأضاف سامي وهو عضو لمجلس ادراة بنك القاهرة أن البنك المركزي هو الجهة المسؤولة عن إعلان أرقام الاستثمار تجنبا للتضارب بين الجهات الحكومية، وله عدة معايير منها، الأموال القادمة من الخارج للاستثمار المباشر، والاستحواذ على شركات في البورصة بما لا يزيد عن 10% من أسهم رأس المال ..وأخيرا العقارات. وفي عامي 2006 و2007 انتعشت قطاعات العقارات والاتصالات والبنوك نتيجة استحواذ وبيع بنك عام هو بنك الاسكندرية، وطرح الرخصة الثالثة للهاتف النقال، والتي فازت بها شركة إماراتية نظير سداد 2 مليار دولار للحكومة. وقال سامى إن "هناك تضاؤلا في أرقام الاستثمار، وهناك مديونيات على الهيئة العامة للبترول لصالح الشركاء الأجانب، في انتظار حل مشكلاتها". وأضاف: "ما يجعل قطاع الطاقة الأكثر جاذبية، أنه هو الأقوى في امتصاص الصدمات والمخاطر حال وجود تهديدات قوية للاستثمار مثل قرارات تأميم الشركات". وتابع:" المشكلة في مصر تكمن في مستقبل الاحتياطي النفطي، لأن التراجع في الاستثمارات يعد نقصا في مخزونات الطاقة، وهو ما يؤثر على خطط التنمية بشكل عام، خاصة مع تزايد احتياجات محطات الكهرباء من الغاز". وحول توقعاته لمعدلات الاستثمارات الأجنبية الجديدة بمصر خلال العام الجاري، قال عضو مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة :" لن تكون هناك ارتفاعات متوقعة نتيجة أرباح رأسمالية محققة من صفقات استحواذ وبيع أسهم، كما هو منتظر من صفقة بيع بنك الأهلى سوسيتيه جنرال الفرنسي بالسوق المصرية، لصالح قطريين، وكذلك صفقة مبادلة أسهم شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة التي يملكها أل ساويرس لأسهم شركة هولندية". وتجري إدارة سوسيتيه جنرال في فرنسا – الإدارة الأم- مفاوضات مع إحدى المؤسسات القطرية لبيع مصرفها العامل بالسوق المصرية، كما أعلنت أوراسكوم للإنشاء المدرجة بالبورصة المصرية، أن شركة «أو سي اي إن في»، وهي شركة هولندية تابعة لأوراسكوم للإنشاء والصناعة، ستقوم بعملية شراء الأسهم المحلية بعد تلقيها عرضا من مستثمرين أمريكيين وعالميين، بينهم بيل جيتس بقيمة 2 مليار دولار لتمويل الصفقة. وقال سامي، " إن ما يخص المصريين في ذلك هو نصيبهم من الحصص المباعة فقط، أما نصيب الأجانب فمن المتوقع توجيهه خارج البلاد". وقال عادل العزبي نائب رئيس شعبة المستثمرين باتحاد الغرف التجارية، إن "ما ينتشر حول توجه الاستثمارات الأجنبية إلى مصر وظهور بوادر لذلك هو أمر دعائي". وأضاف: "الاستقرار السياسي والأمني هو المعيار الأول في جذب رؤوس الأموال الأجنبية، خاصة أن هناك تراجعا في توسعات المستثمرين المحليين ، فالمستثمر الأجنبي والعربي ليس ساذجا". كان وزير الاستثمار المصري أسامة صالح قد قال إن حجم رؤوس الأموال الأجنبية خلال الربع الأول من العام المالي الجاري 2012 -2013، بلغ 540 مليون جنيه (80.6 مليون دولار)، بزيادة محدودة عن نفس الفترة من العام السابق. وقال العزبي، إن "التراجع في استثمارات القطاع الصناعي ملموس، ولا يقل عن 40% مقارنة بما قبل الثورة، وذلك نتيجة الاضطرابات التي تشهدها بعض المحافظات المصرية بسبب احتجاجات وأعمال عنف وتخريب".