أثارت قرارات محكمة جنايات القاهرة، أمس، في قضية التمويل الأجنبي التي ضمت 27 متهما، منهم 26 أجنبيا، جدلا واسعا على الصعيد العالمي خلال عدد من المواقع الالكترونية لصحف أجنبية ومواقع إخبارية. أشارت صحيفة واشنطن بوست الى مواجهة منظمات المجتمع المدني في مصر حملة مستمرة تعود الى ديسمبر عام 2011 عندما تم وقف عدد من المكاتب التابعة لمنظمات غير حكومية وتوجيه التهم الى الموظفين العاملين بها، انتهى باصدار المحكمة أمس قرار ضد 43 شخص منهم ما لا يقل عن 16 أمريكي. ولفتت الصحيفة الى أن هذه الحملة بدأت برجال الديكتاتور حسني مبارك، عندما ألقوا باللوم على منظمات المجتمع المدني التي ساعدت في التمهيد لثورة يناير 2011، وبرروا الاتهامات بأنها بسبب عدم الوطنية ونظريات المؤامرة. وأضاف المقال أن الرئيس محمد مرسي والجماعات المؤيدة له كانوا ضحايا لحملات مماثلة في عهد نظام مبارك السابق، الا أنهم لم يوقفوا هذه الملاحقات القضائية بعد توليهم السلطة. كما يتم الآن مناقشة مقترح قانون لتنظيم عمل مثل هذه المنظمات غير الحكومية. وتابعت الصحيفة أن مشروع هذا القانون الذي قدمه الرئيس محمد مرسي الأسبوع الماضي الى هيئة تشريعية يحكمها الإسلاميون بالأغلبية، بموجبه يتم فرض قيود قوية على الجمعيات الأهلية المصرية، الى جانب وضع تحكمات أقوى على المنظمات الأجنبية التي تحاول العمل في مصر مستقبلا. وفي سياق متصل، وصف موقع بلومبيرج في مقال للكاتب مارك شامبيون، ما حدث بأن المحكمة المصرية تضع الديمقراطية وراء القضبان. متوقعا أن تكون ردود الأفعال الأمريكية والأوروبية في هذا الصدد معقدة لعاملين أساسيين. أوضح الكاتب أن العامل الأول؛ هو أن كل من حكومة الرئيس محمد مرسي الإسلامية والمحاكم واجها بعضهما في صراع حول سلطة المحكمة الدستورية. وبالتالي فإن معاقبة الحكومة بقرار اتخذته المحكمة في قضية جاءت بها حكومة سابقة، لا يعتبر فكرة ذكية. أما العامل الثاني؛ فهو ان الولاياتالمتحدة ومصر قد توصلا الى نوع من التسوية في هذه القضية. حيث قامت الحكومة المصرية برفع حظر السفر على المتهمين من الجانب بعد أن هددت أمريكا بسحب 1.5 مليار دولار من مساعداتها لمصر. حيث فر اغلب المتهمين وتم محاكمتهم غيابيا، باستثناء أمريكي واحد وهو روبرت بيكر، الذي حكم عليه بالسجن عامين. ومن جانبه أشار الموقع الإلكتروني لإذاعة "دويتشه فيله" الألمانية، أن الربيع العربي في مصر لم ينجح فقط في اسقاط نظام مبارك، الا ان الثورة تجاوزت ذلك لتصل الى اشخاص وهيئات، ومنهم 44 منظمة غير حكومية تم اتهامها من جانب القيادات المصرية بالتدخل في الشئون الداخلية للدولة. فيما ذكر موقع "شينوا" الصيني آراء عدد من المحللين الذين أكدوا أن الحكم القضائي المصري ضد الموظفين العاملين في هذه المنظمات يثير الغضب في الغرب، كما أنه من المتوقع أن يفجر بركانا في العلاقات المصرية مع الغرب ونذر سيئ لمستقبل المنظمات الغير حكومية في مصر.