أكد الخبير الاقتصادي أحمد السيد النجار على ضرورة التفاوض لتوقيع معاهدة دولية مع إثيوبيا تقر فيها بحصتي مصر والسودان من مياه النيل، مقابل الموافقة على إنشاء السد و تنظيم عملية ملء الخزان بصورة تقلل الأضرار على مصر والسودان خلال فترة الملء التي ينبغي أن تكون 15 سنة على الأقل وتشارك مصر والسودان في الإشراف على ملء الخزان، كما أنه في السنوات التي ينخفض فيها إيراد النيل عن المتوسط (84 مليار متر مكعب عند أسوان) تتوقف عملية ملء الخزان بصورة مؤقتة. وقال النجار إن الكثير من التعليقات حول سد النهضة الإثيوبي، جانبها الصواب وانطلقت من نظرة أحادية أنانية في النظر لهذا المشروع، ومن عدم الثقة في موقف الحكومة المصرية قبل تحليله موضوعيا. وأضاف النجار على حسابه الخاص على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أن الحقيقة هي أن سد النهضة أو سد الألفية الكبير، هو سد إثيوبي عملاق تبلغ تكلفته 4,8 مليار دولار ويبلغ ارتفاعه 145 مترا، ويبلغ طوله الذي يعترض مجرى النيل الأزرق قرب الحدود مع السودان في ولاية بنيشنقول قماز الإثيوبية نحو 1800متر، ويمكنه توليد 6 آلاف ميجا واط، أي نحو ثلاثة أمثال الطاقة الكهربائية المولدة من المحطة الكهرومائية لسد مصر العالي، وهو أكبر من أي سد إفريقي في هذا المجال. وأوضح أن هذا السد هو حلم إثيوبيا الخالية من مواد الطاقة من أجل توفير إمدادات الكهرباء لشعبها. والمنطقة التي يقام فيها السد عبارة عن هضبة شديدة الوعورة وغير ملائمة لإقامة مشروعات زراعية، بما يعني أن إثيوبيا صادقة في أن دور هذا السد الكبير سيقتصر على توليد الطاقة التي تحتاجها إثيوبيا. وتابع الخبير الاقتصادي: أن المشكلة تكمن في فترة ملئ خزان السد التي سيتم خلالها اقتطاع جزء مهم من إيراد النيل الأزرق التي تتدفق إلى مصر والسودان، حيث يبلغ متوسط إيرادات هذا النهر عند الروصيرص 50 مليار متر مكعب، ويضاف إليها 4 مليارات أخرى من رافدي الرهد والدندر داخل حدود السودان، وأحيانا يكون إيراده أعلى أو أقل من هذا المستوى. ورأى النجار أن المعالجة الأصوب لهذه القضية تتركز في إن الإقرار بحق إثيوبيا في إقامة السد دون تفاوض هو "بلاهة سياسية"، وينبغي لكل من مصر والسودان، النظر إلى المشروعات الأثيوبية بشكل واقعي وموضوعي، إذ ينبغي الإقرار بحق إثيوبيا في إقامة مشروعات لتوليد الكهرباء من مساقط المياه على روافد النيل، مع تنظيم استخدام هذا الحق بالاتفاق مع مصر والسودان، وليس بشكل منفرد حتى لا يؤثر ذلك على الحقوق التاريخية للبلدين من مياه الروافد الإثيوبية لنهر النيل. وأضاف: ينيغي أن تنبني تلك المفاوضات على قواعد الحقوق التاريخية التي تؤكد حق مصر والسودان في كل قطرة مياه تصل لكل منهما من المياه الإثيوبية نظرا لترتب حياة البشر والثروة الحيوانية والنباتية عليها، وحق الارتفاق الذي ينص على أن تدفق المياه من أي نهر دولي إلى أي دولة لمدة عام كامل يولد لها حق ارتفاق للمياه التي حصلت عليها، فما بالكم بالحقوق المائية التاريخية لمصر والسودان التي يرجع تاريخها إلى أول وجود للجماعات البشرية في حوض النهر وإلى بداية التاريخ المكتوب للعالم. وشدد على أنه يجب ايضًا على مصر أن تتعاون مع إثيوبيا في مشروعاتها المائية كبادرة حسن نية ولضمان المتابعة ولوضع قيود مادية ومعنوية على إقامة أي مشروعات غير مقبولة مصريا، وحتى لا تترك المجال لدول معادية لمصر لتقوم بذلك. وتابع: يمكن لمصر أن تتعاون مع إثيوبيا لتطوير الإيرادات المائية في منطقة منابع نهري جوبا وشبيلي في شرق إثيوبيا، وحتى في حوض نهر السوباط لإنقاذ ما يتبدد من مياهه في مستنقعات مشار بحيث تحصل إثيوبيا على حصة منها وتتوجه باهتماماتها المائية والزراعية بعيدا عن النيل الأزرق، شريطة أن توافق رسميا على اتفاقية 1959، وألا تمس حصة مصر والسودان من مياه النيل، فى إطار صفقة شاملة للتعاون بين الدول الثلاث حول مياه النيل بدلا من التنازع عليها، وتعاون أشمل في مجال الزراعة والصيد والثروة الحيوانية.