استحدثت الهيئة العامة للرقابة المالية إدارة جديدة للرقابة على أساس المخاطر التى تتعرض لها الشركات المالية غير المصرفية بما يُعرّض أموال المستثمرين إلى مخاطر السوق، مما أدى إلى تساؤل الكثيرين عن الاليات التى سوف تعمل من خلالها تلك الادارة الجديدة و مدى تدخل الهيئة العامة للرقابة المالية فى السياسات المالية للشركات فيما يخص تفعيل دور تلك الإدارة . قال محمد ماهر العضو المنتدب لشركة برايم القابضة للأستثمارات المالية ونائب الجمعية المصرية للاوراق المالية "إكما"، أنه من المستحيل أن تتدخل الهيئة العامة للرقابة المالية فى السياسات الخاصة بشركات إدارة الاصول لأن دورها يقتصر على المراقبة والمراجعة وليس التوجيه، كما أن الادارة الجديدة ستقوم بالتأكد من توافر الاستقرار المالي بالشركات و صناديق التأمين، ومدى تطبيق مبادئ الحوكمة والإدارة السليمة، بالإضافة إلى الالتزام بالتشريعات من خلال تحديد مستويات الأخطار المختلفة التي تواجه المؤسسات المالية. أضاف أنه من الضرورى أن تتواجد مثل تلك الادارة داخل الهيئة العامة للرقابة المالية لزيادة دور الهيئة فى حماية المستثمرين من مخاطر السوق التى يتعرضون لها نتيجة إعتمادهم المفرط على شركات إدارة المحافظ المالية خاصة غير الملتزمة منها بمعايير الحوكمة والرقابة على الشركات، مستبعدا ما يتردد حول إمكانية تدخل تلك الادارة الجديدة فى شئون شركات ادارة الاستثمار . وأكد عمر رضوان مدير صناديق الاستثمار بشركة اتش سى لتداول الاوراق المالية، أن وجود إدارة داخل الهيئة العامة للرقابة المالية تختص بالمراقبة على أساس المخاطر يعد من أساسيات الرقابة المالية والتى أخذت بها الكثير من الدول منذ وقت بعيد، وتزداد أهميتها داخل السوق المحلى فى الفترات الراهنة . ونوه على ضرورة الاهتمام بالمخاطر التى تتعرض لها الشركات على كافة المستويات سواء الاستثمارية أو الرقابية بعيدا عن التركيز على العوائد فقط، ويجب على الهيئة أن تلتزم بدورها فى الحد من المخاطر التى تتعرض لها الشركة وليس بالتدخل فى شئون الشركات وسياساتها فى ادارة الاستثمار، حتى يكون الهدف الرئيسى من وراءها هو التقليص من المخاطر وليس التقليل من أوجه الاستثمار بدعوى الابتعاد عن المخاطر . ومن جانبه قال أيمن أبو هند مدير الاستثمار بشركة كارتل كابيتال للأستثمار المباشر، أنه لا يمكن لأحد التأكيد على نجاح تلك الادارة من حيث قدرتها على دعم كفاءة سوق المال،مشيرا الى انه يجب ان يتم تقييم عملها بعد تدشينها، مضيفا انه رغم الاهمية القصوى لمثل تلك التطوير الرقابى إلا أن التطبيق السلبى ربما يعيق عملها ويقلل من أهميتها الرقابية . أضاف أنه ينبغى على الهيئة أن تضع لائحه تنفيذية لتوضيح التفاصيل التنفيذية لعمل إدارة الرقابة على أساس المخاطر حتى لا تتدخل فى شئون ادارة الشركات لاصولها ومحافظها المالية مع الحفاظ على توفير القدر اللازم من الامان الاستثمارى لرؤوس أموال المودعين بإيجاد الحلول المناسبة للمخاطر التى تواجه المتعاملين بالسوق . وكانت الهيئة العامة للرقابة المالية قد أعلنت مؤخرا عن إنشاء وحدة تنظيمية جديدة لتطبيق "الرقابة على أساس الخطر" ، حيث يقوم أسلوب الرقابة التقليدي علي التحقق من مدي التزام الشركات و المؤسسات العاملة بالسوق بالقوانين السارية و كذا القواعد الصادرة عن جهات الإشراف و الرقابة، في حين يقوم أسلوب الرقابة على أساس الخطر على محاولة الحد من درجة المخاطر المختلفة التي تواجه المؤسسات المالية إلى أدنى مستوى ممكن قبل حدوث أية مشكلة وليس بعد وقوعها، خاصة وأن غالبية مؤسسات القطاع المالي غير المصرفي تتولى إدارة و استثمار أموال الغير. ويعتمد أسلوب الرقابة على أساس الخطر علي التأكد من توافر الاستقرار المالي بالشركة أو صندوق التأمين , ومدى تطبيق مبادئ الحوكمة والإدارة السليمة ذلك بالإضافة إلى الالتزام بالتشريعات و ذلك من خلال تحديد مستويات الأخطار المختلفة التي تواجه المؤسسات المالية، مع إعطاء الهيئة أهمية خاصة في العملية الرقابية على الأنشطة أو الفروع ذات الخطورة المرتفعة، وكذلك المخاطر الرئيسية المرتبطة بالمعاملات المالية غير المصرفية وتشمل مخاطر الائتمان ومخاطر السوق ومخاطر التشغيل ومخاطر السيولة والمخاطر القانونية والتنظيمية. حيث يتم تقييم تلك المخاطر داخل كل شركة من خلال حساب مدى كفاية رأس المال والملاءة المالية في ضوء حجم المخاطر التي تتعرض لها الشركة، والتأكد من مدى كفاءة سياسة الشركة في إدارة المخاطر والتي تمكنها من الوفاء بالتزاماتها، وحساب مدى كفاية المخصصات الفنية، وقياس جودة تحكم الإدارة العليا ومجلس الإدارة وما في حكمهم في الحد من تلك المخاطر. من أهم مجالات تطبيق الرقابة على أساس الخطر تقييم مدي جودة إدارة المؤسسات والصناديق للمخاطر التي تواجهها، وقياس مدي تأثير السياسة التي تتبعها هذه المؤسسات على مراكزها المالية، والتقييم المبكر لسلامة المراكز المالية، وإعطاء أولوية للمؤسسات أو الأنشطة ذات الخطورة المرتفعة، ومتابعة الإجراءات التصحيحية مع الشركة . ويأتي قرار المجلس إدارة الهيئة بتعديل الهيكل التنظيمي للهيئة لاستحداث وحدة تنظيمية لتطبيق الرقابة على أساس الخطر في إطار حرص الهيئة على الحفاظ على استقرار الأسواق المالية غير المصرفية وتوفير قدر اكبر من الحماية للمتعاملين فيها، وتأكيدا على إتباع المعايير والقواعد الدولية الصادرة عن المنظمات الدولية المتخصصة في إصدار قواعد تنظيم عمل الأسواق المالية غير المصرفية وأهمها مبادئ المنظمة الدولية لهيئات أسواق المال IOSCO، ومعايير الإتحاد الدولي لمراقبي التأمين IAIS، ومعايير الإتحاد الدولي لصناديق التأمين و المعاشات IOPS .