قال خبراء اقتصاديون أن توجُّه الحكومة المصرية لإنهاء المشاكل المتعلقة برجال الأعمال وخاصة إنهاء أزمة عائلة ساويرس مع وزارة المالية واستقبال رئاسة الجمهورية لها لدى عودتها من الخارج هو رسالة إيجابية عن توجه الحكومة والنظام المصري في المرحلة المقبلة. وأوضحوا أن هذه التوجهات الجديدة جاءت وفقاً لاشتراطات صندوق الدولي الذي شدّد في برنامج الإصلاحي لتحصل مصر على القرض المزمع على أن تدفع وتشجع على عودة الاستثمارات الأجنبية والذي لن يتحقق إلا بإنهاء المشاكل والخصومات مع رجال الأعمال والتي انتهت بعدد منهم إلى اللجوء للتحكيم الدولي. وكانت شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة قد أعلنت أنها توصلت لاتفاق على إجراء تسوية نهائية بسداد مبلغ 7.1 مليار جنيه، لإنهاء النزاع الضريبي بين الجانبين، على أن يتم سداد المبلغ على أقساط متتالية تبدأ بنحو 2.5 مليار جنيه خلال أسابيع، يليها 900 مليون جنيه قبل نهاية ديسمبر القادم، يليها دفعات متتالية كل ستة أشهر تنتهي في ديسمبر 2017. وأعلنت رئاسة الجمهورية أن إيفاد الرئاسة لمندوب رسمي لاستقبال عائلة ساويرس لدى عودتهم من الخارج هو رسالة إيجابية تؤكد أن مصر ترحّب بكل رجال الأعمال الذين وصفتهم ب"الشرفاء". وفقا للعربية نت " وقال الخبير المالي نادي عزام في إن البرنامج الإصلاحي المضغوط لصندوق النقد الدولي يعجل بالتصالح مع رجال الأعمال التابعين للنظام السابق، والذين لديهم مشاكل قضائية في قضايا تتعلق بفساد أو تربح أو استغلال نفوذ أو الحصول على أراضي الدولة بأسعار زهيدة، وبالفعل بدأت هذه الضغوط تؤتي ثمارها خاصة بعد تصالح وزارة المالية مع عائلة ساويرس. وأوضح أن نصائح إدارة صندوق النقد الدولي للحكومة المصرية غيّرت دفة السياسة الاقتصادية للحكومة المصرية، حيث من المقرر أن تسهم بشكل مباشر في إنهاء مشكلات عدد من رجال الأعمال وكانت البداية بعائلة ساويرس وعودتهم للقاهرة والاستقبال الرسمي من قبل رئاسة الجمهورية لهم يمثل ضوء أخضر للحكومة المصرية لإنهاء كافة مشكلات رجال أعمال النظام السابق مع الدولة ورسالة طمأنة للمستثمرين المصريين والعرب. وأشار عزام إلى أن اشتراطات إدارة صندوق الدولي تضمنت أيضاً إعادة هيكلة شركات القطاع العام الخاسرة سواء بالبيع أو من خلال التأجير التمويلي أو بضخ استثمارات جديدة لتصويب أوضاع هذه الشركات حسب كل حالة مثل شركات قطاع الغزل والنسيج، كما شددت إدارة الصندوق على سرعة تقديم الدعم والحوافز لشركات قطاع السياحة وتشجيعها وإعداد برامج تسويقية لها لتصويب الوضع وإعادة الروح لهذا القطاع ووضع خطط تنمية سياحية لما له من دور كبير في توفير العملات الأجنبية والمساهمة في حل مشكلة البطالة. وأعلنت نيابة الأموال العامة العليا أن عدداً من رجال الأعمال المصريين الهاربين والموجودين في الداخل والمتهمين في قضايا إهدار المال العام والإضرار به تقدموا بطلبات للتصالح والتسوية مع الحكومة المصرية، وأكدت أن رشيد محمد رشيد وزير الصناعة الأسبق الأكثر جدية في التصالح مع الحكومة المصرية حتى الآن. كما أعلنت النيابة العامة أنها تبذل جهوداً مكثفة في الضغط على رجل الأعمال الهارب حسين سالم ليشمل طلب التصالح المقدم منه لتسوية أوضاعه، قيامه بالتدخل لدى شريكيه الأجنبيين لإقناعهما بالتنازل عن دعوى التحكيم الدولي التي أقاماها للمطالبة بتعويض مالي من الحكومة المصرية، في أعقاب فسخ تعاقد الشركة المملوكة لهما وحسين سالم والتي كانت تتولى تصدير الغاز الطبيعي المصري إلى إسرائيل. وانتهت المفاوضات بين نيابة الأموال العامة ومحامي حسين سالم الأسبوع الماضي بأن يتنازل سالم عن 75% من قيمة ممتلكاته داخل مصر و55% من قيمة ممتلكاته خارج مصر. وقال رئيس مجلس الإدارة العضو المنتدب لبنك التنمية الصناعية والعمال المصري، السيد القصير، في تصريحات خاصة ل"العربية نت"، إن توجُّه الحكومة للتصالح مع رجال الأعمال هو خطوة أكثر من إيجابية، خاصة أن أغلب هذه المشكلات لا تحل بالتقاضي ولكن من خلال التفاوض شريطة عدم المساس بحقوق الدولة المصرية، ولن يحدث في أي تفاوض تنجزه الحكومة أن يكون على حساب الدولة. وأوضح أن إنهاء هذه الملفات الشائكة سوف يعمل على إعادة الاستثمارات التي هربت من مصر، خاصة أنه لا يمكن أن نصنع التنمية الحقيقية دون عودة الاستثمارات الأجنبية وتنمية وتشجيع الاستثمارات المحلية، ولكن حال استمرار ملفات رجال الأعمال عالقة فإن هذا يعطي صورة سلبية عن الاستثمار في مصر وبالتالي لن تعود الاستثمارات، مؤكداً أن لجوء بعض رجال الأعمال إلى التحكيم الدولي ليس مطلوباً في الوقت الحالي وفي ظل تراجع حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر.