ذكرت صحيفة "هافينجتون بوست" الأمريكية أن الحوارات السياسية التي تجري بالولاياتالمتحدة حول إيران وبرنامجها النووي غالبا ما تركز في تناولها على المخاوف الإسرائيلية، متجاهلة توجهات العرب والمسلمين، وتحديدا دول الجوار لإيران من المسلمين العرب وغير العرب. وقالت الصحيفة -في تعليق أوردته في نسختها الإلكترونية السبت- إنه من المعروف أن العديد من حكومات الدول العربية لديها مشكلات مع إيران، ولكن ماذا عن شعوب تلك الدول؟ ولفتت الصحيفة إلى استطلاعات للرأي كانت أجرتها على مدار العقد الماضي مختتمة إياها باستطلاع أجرته نهاية العام الماضي 2012 بمشاركة 20 ألف مواطن في20 دولة إسلامية بينها 3 دول غير عربية -تركيا وأذربيجان وباكستان- وغطى هذا الاستطلاع عددا من المحاور هي التوجهات إزاء إيران شعبا وثقافة بالإضافة إلى برنامجها النووي. وقالت الصحيفة إن نتائج هذه الاستطلاعات تكشف تفاوتا مهما ودراماتيكيا في توجهات العرب والمسلمين إزاء إيران، كما أنها تساعد في الوقوف على العوامل الكامنة وراء هذا التفاوت. ورصدت نتائج استطلاع للرأي تم إجراؤه عام 2006 في دول عربية وإسلامية حول المحاور سالفة الذكر والتي أظهرت ارتفاع تأييد إيران بين تلك الشعوب إلى أعلى نسبة مسجلة 75\%. وقارنت الصحيفة بين هذه النتائج ونتائج استطلاع آخر حول المحاور ذاتها في نفس الدول والتي أظهرت تراجع هذا التأييد إلى مادون نسبة 25%. وترى الصحيفة أن التأييد الذي أظهره استطلاع عام 2006 لم يكن تأييدا لإيران بقدر ما كان رد فعل لتلك الشعوب الغاضبة إزاء ممارسات إسرائيل وسياسات الولاياتالمتحدة في لبنان وفلسطين والعراق، وقد اقترن ذلك في مخيلتهم بوقوف إيران وحلفائها في وجه "مؤامرات الغرب". وأرجعت صحيفة "هافينجتون بوست" هذا التراجع الهائل في التأييد الذي أظهره استطلاع عام 2012 إلى تقليص الولاياتالمتحدة لدورها في تلك المنطقة، في الوقت الذي اضطلعت فيه إيران بدور المفرق بين الإخوة في كل من العراق والبحرين ولبنان وسوريا، لا سيما وأن تلك الدول طائفية النسيج باتت طوائفها -سنة وشيعة- تدرك جيدا وقوف إيران وسياساتها وراء هذه الفرقة. كما عزت الصحيفة الأمريكية هذا التراجع في التأييد لإيران مؤخرا -في جزء كبير منه- إلى الهوية والثقافة العربية كعامل موحد لتوجهات الدول العربية رغم اختلافها طائفيا. وأعادت إلى الأذهان أنه كان ثمة وقت -قبل سنوات قليلة- وقف هذا التأييد الشعبي لإيران وسياسات إيران في بعض الدول العربية عازلا بين تلك الشعوب وحكوماتها، بحسب ما رصد كثير من المراقبين، أما الآن وقد أزيح الستار عما ارتكبته أيادي إيران وحلفائها في العديد من الدول ولاسيما سوريا، فقد اختفى هذا العازل بين الشعوب وحكوماتها، بعدما انقلبت النظرة إلى إيران إلى السلب بعد الإيجاب. ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى تراجع التأييد الشعبي العربي لطموح إيران النووي بعدما كانت بمثابة حصن مقاومة الغرب، مشيرة إلى تأييد الكثيرين الآن لفرض العقوبات على إيران للحيلولة دون امتلاكها سلاحا نوويا متقدما. ولفتت إلى أن معارضة استخدام القوة العسكرية ضد إيران لا تزال مرتفعة حيث ترفض الأغلبية اللجوء للقوة، وإن رصدت الصحيفة تحولا في هذا الصدد متمثلا في ازدياد عدد الأصوات التي باتت تدعم استخدام القوة ضد إيران حال إصرارها على المضي قدما في برنامجها النووي. وخلصت الصحيفة إلى القول إن الدرس بات واضحا؛ ذلك أنه عندما ارتبطت الاستطلاعات بممارسات إسرائيل وسياسات الولاياتالمتحدة، كسبت إيران تأييد الشعوب العربية والإسلامية، أما عندما تم الحكم على إيران من خلال ممارساتها الإقليمية وسياساتها المحلية القمعية، فإنها خسرت دعم وتأييد الشعوب العربية والإسلامية