رأى مدير ومؤسس "المعهد العربي -الأمريكي" بواشنطن جيمس زغبي،أن أحداث الشرق الأوسط ستطغى على أجندة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في فترة ولايته الثانية، معتبرا أن الأربع سنوات القادمة ستكون الأكثر تعقيدا وربما الأكثر خطورة خلال حكمه لما تمثله الأوضاع في كل من مصر وفلسطين وإيران وسوريا من تحدى للادارة الأمريكية. وأشار زغبي، وهو أكاديمي أمريكي من أصل لبناني - في مقال أوردته صحيفة "هافينجتون بوست" الأمريكية الإلكترونية على موقعها الإلكتروني، إلى أن أكثر الملفات تعقيدا التي ستواجه أوباما خلال الفترة القادمة هي إعادة بناء صورة الولاياتالمتحدة وعلاقاتها التي شابها الضرر في شتى أنحاء المنطقة مؤخرا، والوقوف وراء عملية التحول الديمقراطي في مصر، فضلا عن العمل تجاه إحياء عملية السلام بين إسرائيل وفلسطين، ولاسيما مواجهة "التيارات المتطرفة" والحيلولة دون انتشارها في المنطقة، وأخيرا كبح جماح الطموح النووي لإيران.
وانتقل مدير ومؤسس المعهد العربي -الأمريكي إلى الوضع في مصر فيما وصفه بأنه أهم الملفات التي ستتصدر أجندة الرئيس الأمريكي باراك اوباما في الشرق الأوسط قائلا: إن المكانة المميزة لمصر على الصعيد السياسي والثقافي ودورها القيادي في المنطقة، يحتم عليها أن تكون اللاعب الرئيسي في الوطن العربي، ورأى أن الأحداث المؤسفة التي شهدتها مصر خلال الأيام القليلة الماضية من اشتباكات، تشير إلى أن الثورة التي أعادت تشكيل مصر الجديدة لم تجن ثمارها بعد بشكل كامل، مشيرا إلى أن جماعة الإخوان المسلمين التي انبثق منها الرئيس المصري محمد مرسي يبدو وأنها تسعى لاستخدام فوز مرشحها بالرئاسة لاحتكار السلطة وإسكات المعارضين لسياستها، مما تسبب كما شهدنا من أحداث قد تؤدي إلى زعزعة إستقرار البلاد.
وأكد زغبي أن الولاياتالمتحدة قد تلجأ في نهاية المطاف الى استخدام نفوذها الاقتصادي في الحفاظ على التوازن واحترام الديمقراطية الوليدة في مصر، منوها إلى أن نجاح العملية الديمقراطية في مصر سيظل مصدر قلق للولايات المتحدة.
واحتل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني المرتبة الثانية في اهتمامات الرئيس الأمريكي باراك اوباما -وفقا لمقال مدير ومؤسس المعهد العربي -الأمريكي بواشنطن جيمس زغبي ب"هافينجتون بوست" الأمريكية-، حيث اعتبرأن الحقوق الفلسطينية تأتي دائما في صميم اهتمامات الدول العربية والإقليمية، مما سيجعلها في دائرة الضوء بأجندة إدارة اوباما، ومن هذا المنظور ستركزالولاياتالمتحدة أعينها نحو الفلسطينيين الذين يصرون على استعادة حقوقوهم المنهوبة وسط تأييد عربي ودولي حازته مؤخرا عقب ترقية وضعها لدى الأممالمتحدة إلى وضع دولة مراقب غير عضو، في الوقت الذي تنغمس فيه إسرائيل في عزلتها الدولية إثر إصرارها على المضي قدما في سياستها التي تشعل التوترات في المنطقة، ورأى أن مصداقية الولاياتالمتحدة في تعاملها مع ملف الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني تثير العديد من التحفظات في العالم العربي.
وعن الوضع المأسوي الذي تشهده سوريا للعام الثاني على التوالي، رأى زغبي أن الوضع في سوريا يذهب من سيء إلى أسوأ، وسط مواصلة جيش الرئيس السوري بشارالأسد هجماته الدموية ضد شعبه الأعزل ومواجهته لقوات المعارضة التي تشير بعض التقاريرإلى تزايد المقاتليين المتطرفيين في صفوفها، مشيراإلى أن تلون الصراع السوري بطابع "الحرب الطائفية" يهدد بتكرار سيناريو الحروب الطويلة مثلما حدث في لبنان أو أثناء الاحتلال الأمريكي للعراق التي لا تزال تعاني من الهجمات الطائفية.
واعتبر زغبي أنه في أحسن الأحوال فإن الصراع في سوريا سينتهي بالإطاحة بالأسد والتفاف الشعب السوري حول تشكيل حكومة انتقالية في البلاد.
وحول الملف النووي الإيراني أشار مدير ومؤسس المعهد العربي -الأمريكي بواشنطن جيمس زغبي في مقاله ب"هافينجتون بوست" الأمريكية- إلى أن الضغوط تتزايد في الوقت الراهن على إدارة الرئيس باراك أوباما من قبل حليفتها إسرائيل وعدد من دول الخليج لدفعها لكبح جماح إيران النووية، داعيا الرئيس الأمريكي للقيام بفتح باب التواصل مع إيران بصورة مباشرة مع دمج الدول العربية في هذا الحوار وعدم تنحيتهم جانبا مثلما كان يحدث مؤخرا، محذرا من استمرار واشنطن في معاملة إيران بنفس نهجها التي تتبعه مع كوريا الشمالية.
واعتبر زغبي أن الخيارالعسكري ليس في مصلحة أي من واشنطن أو طهران أو أي من دول المنطقة على حد سواء، ولكنه أكد على أن الولاياتالمتحدة ستواصل ضغوطها ولاسيما اتخاذها لقرارات حاسمة من شأنهاالتوصل لتسوية للبرنامج النووي الإيراني .
وأشار زغبي في ختام مقاله إلى أن التحسن الملحوظ الذي شهدته معدلات التاييد للسياسة الامريكية في أنحاء المنطقة جاء عقب تراجع شديد في مستويات التأييد لأمريكا قبل عام 2011، منوها إلى أن تحسن الشعبية الأمريكية يعد هو الخبر السعيد الوحيد بالنسبة لواشنطن، لأنه في المجمل ستواجه الولاياتالمتحدة تأثير سقوط الأنظمة القديمة الحليفة لها فيما مضى، مما سيضعها في المواجهة مع جميع الآثار الناجمة عن أحداث الربيع العربي بشكل أو بآخر خلال السنوات المقبلة.