" يدعم الدولة في تحقيق أهدافها الاقتصادية ويقود معدلات نمو 2013 " هكذا وصف المصرفيون القطاع المصرفي خلال العام الحالي مرجعين ذلك إلى العديد من العوامل الهامة أبرزها استمرار العجز الكبير في الموازنة العامة للدولة وسط توقعات بارتفاعها إلى 160 مليار جنيه بسبب تراجع كافة مواردها الرئيسية مما يعنى أن البنوك مطالبة بتمويل هذا العجز وسط عدم قدرة الحكومة حتى الآن على الاقتراض الخارجي من خلال الحصول على قرض صندوق النقد . وأكد المصرفيون ان البنوك لن تمتلك سيولة قوية تمكنها من تحقيق الأهداف الاقتصادية للدولة من خلال تمويل المشروعات التنموية الكبرى إضافة إلى مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص إلى جانب تمويل القطاع الخاص والتي تمتلك دراسات جدوى جيدة وملاءة مالية وتدفقات نقدية تمكنها من سداد تلك القروض . وأضافوا أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة سيكون لها النصيب الأكبر من تمويلات البنوك لاستحواذها على 80% من حجم المشروعات بالسوق إلى جانب التوسع في التمويل الإسلامي بسبب الطلب الزائد عليه من العملاء خلال الفترة المقبلة خاصة بعد الاقتراب من إقرار قانون الصكوك متوقعين موافقة البنك المركزي للعديد من البنوك التجارية للعمل بالصيرفة الإسلامية من خلال منحهم رخص لهذا الغرض . وتوقعوا زيادة رؤوس أموال عدد من البنوك خلال الفترة المقبلة من أجل التوافق مع بمعايير بازل 2 وبازل 3 ولتقوية القاعدة الرأسمالية من أجل التوسع في منح التمويل للقطاعات الحيوية التي تحتاج إلي تمويلات بشكل مستمر دون التقييد بالحد الائتماني للعميل الواحد والبالغ نسبته 20% من القاعدة الرأسمالية للبنك. قال السيد القصير، رئيس بنك التنمية الصناعية والعمال، ان القطاع المصرفي سيشهد معدلات نمو جيدة خلال العام المقبل عقب التعافي الذي شهده خلال النصف الأخير من 2012 والذي ظهر واضحاً في تحسن نتائج أعمال العديد من البنوك خلال الربع الثالث من 2012 مع نمو الودائع والأصول، متوقعاً توسع مرتقب لنشاط الصيرفة الإسلامية في مصر بشكل كبير وخاصة عقب اكتمال عناصر الدولة وتشكيل مجلس الشعب وذلك في حاله توافر الاستقرار السياسي خلال المرحلة المقبلة وانتهاء حاله الانقسام التي شهدها الشارع المصري مؤخراً. توقع أن يشهد عام 2013 مزيدا من الاستحواذات في حالة استمرار الأزمة التي انتابت منطقة اليورو ودخول بنوك خليجية وعربية إلي السوق المصرية مع احتمالية اندماج عدد من البنوك الصغيرة في حاله عدم قدرتها على تطبيق المعايير التي يفرضها البنك بشأن بازل 2 أو 3 وإن كان ذلك سيحدث بشكل قليل نتيجة عملية الإصلاحات التي قام بها البنك المركزي خلال السنوات الماضية. أشار إلى ان القروض المشتركة ستكون على رأس أولويات القطاع المصرفي خلال 2013 نظرا لحاجة الدولة واتجاهها الي مشروعات البنية التحتية والمشروعات الصناعية والتكنولوجية إضافة إلي المشروعات التي تتطلبها تنمية محور شرق قناة السويس والمتوقع لها أن تحصل علي تمويلات كبري. وأضاف أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة ستستحوذ علي قدر كبير من اهتمامات العديد من البنوك متوقعاً استحواذها علي جزء لا بأس به من محافظها الائتمانية راهناً ذلك بدور الحكومة في دعم القطاع وتحويل القطاعات غير الرسمية إلى رسمية بشكل يسهم في سهولة حصولها علي ائتمان بنكي. وتوقع أن تستمر البنوك في تمويل عجز الموازنة العامة للدولة ولكن بمعدلات اقل من التي شهدها العام السابق مرجعاً ذلك إلي استهداف الحكومة توفير سيولة من العملات الأجنبية عن طريق الاقتراض الخارجي من الدول العربية والأوروبية إلي جانب تفعيل قانون الصكوك والذي سيؤدى إلى تقليل الاعتماد على أذون الخزانة بشكل كبير. وتوقع أن تشهد الفترة المقبلة منح رخص إسلامية جديدة لعدد من البنوك التجارية العاملة بالسوق المصرية في ظل تزايد الطلب على المنتجات الإسلامية وتفضيل شريحة كبيرة من العملاء لهذا النوع من الصيرفة المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية. وتوقع طارق متولي، مساعد العضو المنتدب والمدير العام التنفيذي لبنك بلوم مصر، أن تتوسع البنوك الحكومية في القارة الإفريقية بشكل كبير خلال الفترة المقبلة في ظل اتجاه الحكومة إلي القارة السمراء، موضحاً أن التوسع قد يكون عن طريق فتح مكاتب تمثلية أو فروع جديدة على غرار توسعات البنك الأهلي في السودان. وأشار إلى أن قطاعات البنية التحتية والكهرباء والغاز والأسمدة ستكون على رأس اهتمامات البنوك خلال عام 2013 أما القطاع العقاري والسياحي فسيتوقف الاتجاه إليهما علي حاله الاستقرار الأمني وارتفاع معدلات الإشغال بهم. وتوقع متولي أن تتحسن معدلات النمو بالقطاع المصرفي بشكل كبير استمرارا لما حدث في 2012 من زيادة معدلات الإقراض والودائع بالبنوك إلي جانب اتجاه عدد كبير من المصارف إلي زيادة رؤوس أموالها بما يتيح رفع الحد الائتماني المسموح به للعميل الواحد خاصة مع اتجاه الدولة إلي إقامة مشروعات عملاقة بعدد من القطاعات الحيوية وفي مقدمتها الكهرباء والبترول. وأضاف أن دخول بنوك جديدة إلى السوق المصرية وارد في ظل اشتداد الأزمات المالية بأوروبا واتجاه عدد من البنوك الي بيع أصولها الخارجية لتدعيم مراكزها المالية الرئيسية مثلما حدث مع سوستيه جنرال وبى ان بى باريبا. أكد قدرة البنوك لتلبية الاحتياجات المالية التي تتطلبها مشروعات الشراكة بين القطاع العام والخاص فى ظل استهداف الحكومة طرح 14 مشروعاً خلال الفترة المقبلة راهناً إقبال البنوك علي المشاركة في تمويل مثل تلك المشروعات التي تتسم بالآجال الطويلة بالعائد عليها. أوضح أن الفترة المقلبة ستشهد استمرار اعتماد الدولة علي البنوك والمؤسسات المالية لسد عجز الموازنة عن طريق أذون الخزانة والسندات الحكومية في ظل تراجع التصنيف الائتماني للدولة إضافة إلي إرجاء المفاوضات الخاصة باقتراض نحو 4.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي وإن كان الاستقرار السياسي والأمني سيسهمان في انتعاش الاستثمارات المباشرة واستكمال المفاوضات الخارجية للحصول علي قروض ومنح مما سيساعد علي تخفيف العبء الواقع علي كاهل الدولة. توقع ان يشهد عام 2013 نموا بحجم المعاملات المصرفية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية مع زيادة اتجاه شريحة من العملاء إلى المنتجات الإسلامية وتفضيلها التعامل مع هذا النوع من المصارف. ومن ناحيته توقع عبد المجيد محيي الدين، نائب رئيس البنك العقارى المصري العربي، أن تشهد قطاعات المقاولات والمرافق والبنية الأساسية نشاطاً ملحوظاً خلال 2013، كما توقع أن يكون قطاعا الكهرباء والاغذية من القطاعات الواعدة بينما سينتظر القطاع العقاري عودة الاستقرار الي البلاد فى ظل توقف عدد من المشروعات العقارية تأثراً بحاله عدم الاستقرار الامنى. وأوضح أن دخول بنوك جديدة الي السوق المصرية من خلال الاستحواذ علي بنك بى ان بى باريبا والاهلي سوستيه جنرال يسهم في تجديد دماء القطاع المصرفي خاصة انها تستهدف زيادة حصتها السوقية بالجهاز المصرفي عن طريق طرح منتجات جديدة تسهم في ارتفاع التنافسية بين البنوك بما يعود بالنفع علي العملاء والصناعة المصرفية. وأكد أن البنوك قادرة على تطبيق معايير "بازل 2" بعد اتجاه كثير منها لتفعيل بنية تكنولوجيا حديثة وزيادة رؤوس اموالها فضلا عن امتلاك البنوك لادارات مخاطر على مستوى عال وإن كان تطبيق المعايير الخاصة ببازل 2 سيواجه صعوبات ببنكين على اقصى تقدير. وأوضح أن تراجع التصنيف الائتماني للدولة امر متوقع في ظل الظروف السياسية والاقتصادية التي تمر بها مؤكداً قدرة الدولة على تحسين تصنيفها الائتماني خلال الاعوام المقبلة في حالة استعادة عنصري الاستقرار والامن ووجود حاله من التوافق المجتمعي بمختلف تياراته وانتماءاته يسهم في تحقيق تنمية اقتصادية للدولة. وتوقع محيي الدين تعديل قانون البنوك وتطبيق مشروع قانون الحرية والعدالة عقب التوصل الى حل للمواد الخلافية مع القيادات المصرفية وان كان ذلك مرتبطا بالبرلمان القادم وهل سيتحوذ التيار الاسلامى على الاغلبية ام لا؟ . من جانبه أكد محمد صقر، أستاذ الاقتصاد وعضو مجلس ادارة البنك المركزى السابق، ضرورة وجود مجموعة من الاجراءات السيادية التي تتطلبها المرحلة الحالية للخروج من الازمة التي تمر بها الدولة واتباع آليات علي المدي القصير لاستيعاب الموقف ثم التطرق الي الخطط طويلة الاجل وآليات تنفيذها. وشدد علي ضرورة التركيز خلال العام المقبل علي قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة خاصة مع مساهمته بنسبة كبيرة في الناتج المحلي للدولة فضلا عن استيعابه لعدد كبير من العمالة مما يحد من ارتفاع معدلات البطالة، لافتاً الي أن القطاع المصرفي يفضل التعامل مع كبار العملاء عن التعامل مع المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر وذلك لاعتبارات كثيرة اهمها أن عملاء قطاع ال SMEs لا يمتلكون من المؤهلات المالية ما يضمن استمرارية مشروعاتهم وبالتالي سيتحمل البنك مخاطر أعلى في حالة تمويله. وتابع قائلاً "يوجد 5 تحديات رئيسية تواجه الاقتصاد بشكل عام" هي تراجع معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى، العجز فى الموزانة العامة للدولة، عجز الميزان التجارى، زيادة معدلات البطالة، بالاضافة الى ارتفاع معدلات الفقر. واستعرض صقر عدد من المؤشرات الخاصة بمعدلات النمو، والتي سجلت خلال العامين الماليين الماضيين 1.8، و2.2% على التوالي، بينما تستهدف الدولة تحقيق معدلات تتراوح بين 3.5 و4.5% خلال العامين الماليين الحالى والقادم مشيراً الى مسئولية الجهاز المصرفي في هذا الصدد والتي تتمثل في تعبئة المدخرات وتوظيفها لخدمة الاستثمار بما يعود على معدلات النمو بالدولة. واكد ان معدلات الاستثمار ترتفع عند الانتعاش الاقتصادي وارتفاع حجم الاقتراض من البنوك حتي لو وجه هذا الاقراض الي القطاع العائلي علي عكس الفكر السائد ان هذا الامر يسهم في زيادة معدلات التضخم مرجعا ذلك الى ان التمويل يقابله زيادة بالانتاج وبالتالي انتعاش بالسوق المحلية. وفيما يتعلق بعجز الموازنة قال صقر أن العمل علي استعادة الامن والاستقرار السياسي سيسهما في ارتفاع عائدات الدولة وبالتالي تقليل الفجوة بين حجم الايرادات والنفقات مما يحد من تفاقم عجز الموازنة العامة، مشيراً الي ضرورة تقليل الفارق بين معدل الادخار ومعدل الاستثمار والذي يتجاوز ال 5% لتحقيق معدلات نمو اقتصادي خلال الفترة المقبلة لافتاً الي مساهمة القطاع العائلي عن طريق المدخرات في سد عجز الموازنة العامة للدولة. واوضح ان ثالث تحد يواجه الاقتصاد المصري هو عجز الميزان التجاري" حيث تصل حجم وارادات الدولة من الخارج الي ضعف الصادرات الامر الذي لا تستطيع الدولة تداركة في ظل العوائق التي تواجهها من تداعيات علي المشهد الاقتصادي جراء الوضع السياسي غير المستقر، مشيراً الي أن ابرز تلك التداعيات الاقتصادية تمثل في تراجع حجم الاحتياطي النقدي من العملات الاجنبية الذي سجل بنهاية نوفمبر وفقاً لاخر بيانات صادرة عن البنك المركزي الي 15 مليار دولار فاقداً اكثر من 21 مليار دولار علي مدار 23 شهراً منذ اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011. واضاف أن حالة عدم استقرار كان لها تبعاتها على عوائد الدولة من الموارد الدولارية المتمثلة في السياحة والاستثمارات الاجنبية بينما حدت من هذا التراجع في الايرادات ارتفاع ايرادات قناة السويس وتحويلات المصريين العاملين في الخارج والتي سجلت نحو 18 مليار دولار بنهاية العام المالي 11-2012 ومن المستهدف الوصول بها الي 22 مليار دولار بنهاية العام المالي الجاري 12-2013. وأشار الي التحدي الرابع والمتمثل في معدلات البطالة التي سجلت نحو 12.3% خلال العام المالي الجاري، مؤكداً علي ضرورة اقامة المشروعات الكبري التي تستوعب عمالة كثيفة فضلاً عن التركيز علي المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر التي تسهم في الحد منها، لافتاً الى أن مستهدفات الدولة فيما يتعلق بهذا الشأن هي تقليص معدل البطالة ليصل الي 9.5% بنهاية العام المالي 16-2017 وتراجعه الي 5% خلال العام المالي 21-2022. وأوضح أن معدلات الفقر التي وصلت الي 25.2% خلال العام المالي 10-2011 ساهمت في تفاقم الازمة مشيراً الى استهداف الدولة تقليص هذه النسبة لتصل الي 15% خلال العام المالي 2021-2022. بينما توقعت شركة هيرمس أن يشهد عام 2013 نمواً بمحفظة قروض الجهاز المصرفي المصري بنسبة 11٪، مقابل 8٪ في عام 2012، مرجعة ذلك الي التوقعات بشأن وجود تحسن طفيف في استثمارات الشركات العاملة بالسوق المصرية، وهو أمر أساسي لانتعاش قوي في نمو القروض. كما توقعت مزيد من عمليات الاستحواذ بخلاف بنكي الاهلي سوستيه جنرال وبى إن بى باريبا في ظل استهداف بنك كريدي أجريكول الفرنسى التصرف في بعض الأصول لتعزيز قاعدته الرأسمالية الاساسية.