سادت حالة من الانقسام بين خبراء ومتعاملي سوق المال تجاه موافقة مجلس الوزراء مؤخراً على مشروع قانون الصكوك الاسلامية السيادية وطرحها على المجموعة الوزارية التشريعية ، تمهيداً لعرضه على السلطة التشريعية. اكد عدد من الخبراء على اهمية سوق الصكوك في ظل قدرتها على تسجيل معدلات نمو كبير ، لذلك فخروجها من الحيز الضيق لتصبح أداة رسمية في السوق تعتبر بمثابة خطوة هامة نحو تدعيم السوق . بينما اشار المعارضون أن مواد القانون مصممة لتمويل مشروعات إما زراعية أو صناعية أو خدمية أو لتمويل التجارة فقط، و هي جميعها من إختصاص القطاع الخاص و ليس الحكومة ، مؤكدين على ضرورة إعادة النظر في تلك المواد . ووفقاً للمشروع المقدم فأن القانون من المقرر أن ينظم أحكام وإجراءات إصدار هذا النوع من الصكوك، ويحدد أنواعها المتمثلة فى صكوك التمويل والإجارة والاستثمار، كما ينظم القانون سلطة إصدار وإدارة هذه الصكوك ويحدد الأصول التى تصدر مقابلها وقيدها بجداول البورصة، وينص القانون على إنشاء صندوق خاص باسم صندوق مخاطر الاستثمار يموله مالكو هذه الصكوك. وينص المشروع الذى لا يتوقع إصداره قبل إعلان نتيجة الاستفتاء على الدستور الأسبوع المقبل على وضع ضوابط لإصدار الصكوك للجهة المصدرة والشروط الواجب توافرها فى المشروعات التى تصدر لها. من جانبه قال محسن عادل ، نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل و الاستثمار قال ان عام 2012 عام الصكوك بامتياز إذ شهد إصدارات تزيد قيمتها عن 121 مليار دولار . أكد اهمية سوق الصكوك في ظل تسجيلها معدلات نمو كبيرة ، لذلك فخروج الصكوك من الحيز الضيق لتصبح أداة فريدة في السوق وتدخل حقبة جديدة كبديل عالمي للسندات التقليدية يعد تجاه جيد . اضاف ان هيكل الصكوك لا يزال الخيار الأول ضمن مجموعة من الهياكل المالية المتوافقة مع الشريعة التي تحظى بالتوجه الأكبر من طرف الممولين مشيرا الي أنه في معاملات الأصول المالية لم تحصل على الزخم نفسه والاهتمام كما هو الحال بالنسبة للصكوك، إلا أنه ومع ذلك فإن هذه السوق لا تزال نابضة بالحياة، ولا تزال هذه المعاملات جزءاً أساسياً من صناعة التمويل الإسلامي ككل. قال ان من عوامل نمو سوق الصكوك حاليا الدور المتزايد لمبادرات التخطيط المالي الرئيسية والجهات الحكومية التي ستكون بمثابة العمود الفقري للنمو خلال السنوات المقبلة كما ان من العوامل المشجعة للصكوك ان سوق الصكوك ابدى مرونة عالية في الشرق الأوسط رغم الاوضاع السياسية فيه ما أدى الى قفزة بأكثر من ثلاثة أضعاف على أساس سنوي لاصدارات الصكوك في منطقة الشرق الأوسط في ظل استفادة مصدري الصكوك من انخفاض تكاليف جمع الأموال مع استمرار الهيئات السيادية في توفير مصادر التمويل لدعم النمو الاقتصادي فضلا عن العمل على نهضة وانعاش مشاريع القطاع الخاص بالاضافة الي المبادرات التي اتخذتها مختلف الهيئات التشريعية في تطوير الأطر التشريعية والتنظيمية كجزء من الجهود الرامية الى اجتذاب الاستثمارات الأجنبية ستساهم ايضا باصدار الصكوك. طالب عادل الهيئة العامة للرقابة المالية بسرعة اصدار قانون لصكوك التمويل كجزء من تطوير سوق رأس المال والعمل على تنظيم وتطوير القواعد المنظمة للأدوات المالية والاستثمارية والتي تعمل على زيادة كفاءة ونشاط السوق موضحا إن عملية إصدار تشكيلة متنوعة من الصكوك وتداولها في السوق المالية تمثل تغييراً جوهرياً في الهيكل التمويلي لسوق المال المصري ، حيث يمكنها من استيعاب المدخرات علي مختلف رغبات أفرادها، والتوفير الملائم للاحتياجات التمويلية للمشروعات ، فبدون تطوير الأدوات المالية ، فسيؤدي ذلك إلي انخفاض كفاءة تخصيص هذه الموارد، ويبقي بعضها مهدراً . واختلف معه هشام توفيق ، عضو مجلس ادارة البورصة ، أن مشروع قانون الصكوك الإسلامية الذي عرض على مجلس الوزراء أمس ، اقتصرت أغلب مواده لتمويل مشروعات إما زراعية أو صناعية أو خدمية أو لتمويل التجارة، و هي كلها من إختصاص القطاع الخاص و ليس الحكومة ، لذلك من الضروري اعادة النظر في تلك المواد مرة أخرى . أضاف أن المادة 5 تم إقحام الحكومة فيها كمصدر للصكوك (مقترض) على أن "تستخدم الحصيلة في دعم الموازنة العامة للدولة و المساهمة في تمويل و تطوير المشروعات التي يحددها مجلس الوزراء و غيرها من المصارف" ، لذلك فيجب التمعن في ايجاد العلاقة المنعدمة بين الموازنة العامة للدولة بالمشروعات السابق ذكرها . استعرض المادة 7 من القانون التي اعطت الحق لرئيس الجمهورية في تحديد الأصول الثابتة المملوكة للدولة التي تصدر مقابلها الصكوك ، كما فتحت المادة 8 الأجل "لمدة تأجير أو تقرير حق الإنتفاع بالأصول الثابتة التي تصدر مقابلها الصكوك السيادية ل 60 عاما." رجح أن يكون تفصيل ذلك القانون بالصورة الحالية بهدف تمرير مشروع التأجير الإسلامي الشرعي لمرفق مائي هام للدولة طوله 200 كيلومتر و تقع عليه 3 مدن وهي قناة السويس . وتتضمن المشروع المقترح اشتراط إصدار قرار جمهورى بتحديد الأصول الثابتة المملوكة للدولة والتى تصدر مقابلها الصكوك، بينما تتحدد الأصول المنقولة بقرار من رئيس الوزراء، على أن يتم تقييمها بمعرفة لجنة يشكلها رئيس الوزراء، ويكون إصدار الصكوك السيادية الإسلامية مقابل حق الانتفاع بالأصول وليس الملكية. وحدد المشروع الحد الأقصى لمدة تأجير أو الانتفاع بالأصول الثابتة المقابلة للصكوك 60 عاماً مع جواز إعادة تأجيرها للجهة الصادرة عنها هذه الصكوك ، كما حدد المشروع أربع مجموعات من الصكوك تتضمن 14 نوعاً منها يمكن للحكومة أو إحدى الهيئات أو وحدات الحكم المحلى والأشخاص الاعتبارية العامة إصدارها، ويتيح للحكومة إصدار الصكوك بنفسها أو تأسيس شركة لهذا الغرض، كما يتيح لرئيس الوزراء تأسيس شركة مملوكة للدولة بغرض التعاقد على بيع أو تأجير الأصول التى يجرى تحديدها. اشترط مشروع القانون فتح حساب فى البنك المركزى تودع فيه حصيلة الصكوك الإسلامية التى تصدرها الحكومة، وحسابات أخرى تودع فيها حصيلة إصدارات الهيئات العامة أو وحدات الإدارة المحلية أو الهيئات العامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة. وحصن القانون الأصول التى تصدر مقابلها الصكوك الإسلامية من الحجز أو الإجراءات التنفيذية الأخرى، وكذلك البيع أو ترتيب حقوق عينية عليها. واشترط فى المشاريع المصدرة للصكوك أن تكون مستوفية للضوابط الشرعية وأن تكون مدرة للعائد وأن تكون مستقلة فى إدارته وحساباته عن المشروعات الأخرى التى تتولها الجهة المصدرة، وأن يدار المشروع مالياً كوحدة مستقلة بحيث يتضح فى نهاية السنة المالية مركزه المالى ونتائج أعماله. ويجيز مشروع القانون لحملة الصكوك تكوين جماعة لحماية مصالحها المشتركة ويكون لها ممثل قانونى يتم اختياره من بين أعضائها. وفيما يتعلق بالهيئة الشرعية العليا لفتوى الإصدار فإنه يتم تشكيلها من 5 أعضاء غير متفرغين تختارهم هيئة كبار العلماء بالأزهر وتكون مهمتها إبداء الرأى الشرعى فى الصكوك المزمع إصدارها بما فى ذلك العقود ونشرة الإصدار ويكون رأيها ملزماً. وينشأ صندوق لحماية المتعاملين فى الصكوك الإسلامية السيادية باسم صندوق مخاطر الاستثمار يموله مالكو الصكوك. ويتعين ان تتضمن نشرة الاكتتاب النص على مشاركة مالك الصك فى الربح والخسارة بحسب نوع الصك، والقواعد الشرعية الحاكمة لتداول صكوك الإصدار، ولا يجوز أن تتضمن أى حكم مخالف للشريعة مثل ضمان قيمة الصك أو عائد معين فى غير حالات التعدى والتفريط ومخالفة شروط أو عقد الإصدار. ويجيز مشروع القانون أيضاً تسوية المنازعات المتعلقة بالصكوك عن طريق التحكيم، وتعامل الصكوك التى لا تزيد مدتها على عام معاملة أذون الخزانة من حيث القيد والتداول والحفظ