مع الاحترام لكل من مؤسسة الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية التابع لها.. وللشيخ هاشم إسلام صاحب الكلام المريع عن إهدار دم الخارجين للمطالبة بإسقاط حكم الرئيس وجماعته، فإن أحد الطرفين لا يقول الحقيقة، ومعروف أن من يقول غير الحقيقة يمارس نوعا من الكذب أو التدليس أو تزييف الحقائق. والحاصل أنه فور انتشار أنباء الفتوى أو رأى الشيخ هاشم إسلام سارع الأزهر الشريف ومجمع البحوث الإسلامية بإعلان براءتهما من صاحب الفتوى، مؤكدين أنه ليس عضوا بلجنة الفتوى، وأنه مجرد واعظ، وبالتالى لا يعتد بآرائه فى شئون الإفتاء. غير أن الشيخ الشاب يتحدى الجميع فى حوار مطول منشور بالزميلة «الوفد» أمس يقول فيه «أنا عضو بلجنة الفتوى منذ قرابة 15 سنة ولا يستطيع أحد أن ينكر ذلك»، وفى الحوار كلام كثير عن أن شيخ الأزهر فى رأى الشيخ هاشم ينتمى إلى الدولة العميقة والنظام البائد، وأنه يدفع ثمن مطالباته المتكررة بإصلاح الأزهر من خلال تخليصه من رموز النظام القديم، الأمر الذى جعله يتلقى تهديدات بتصفيته جسديا حسب قوله. وبعيدا عن قصة الخلاف بينه وبين قيادات الأزهر، فإننا هنا أمام قولين متناقضين، الأول للأزهر ومجمعه ينفى كون الشيخ هاشم عضوا بلجنة الفتوى، والثانى للشيخ هاشم يقطع فيه بأنه عضو باللجنة منذ 15 عاما، وأغلب الظن أن لجنة الفتوى فى مصر ليست تنظيما سريا، ولا جهة من تلك التى تبقى غاطسة فى الأعماق بوصفها مثل تلك التى تسمى سيادية، وبالتالى فإثبات عضوية أو عدم عضوية المذكور ليست مسألة مستحيلة، وبما أننا نسبح فى محيط من الشفافية والوضوح هذه الأيام، فمن حق المصريين أن يحصلوا على الحقيقة فى هذا الخلاف.. نريد أن نعرف أين الصدق وأين الكذب والتدليس فى هذا الموضوع. إن إثبات علاقة انتساب أو عدم انتساب الشيخ هاشم للجنة الفتوى، حتى وإن كانت اللجنة قد دخلت التيه إبان تولى الدكتور محمد حسين طنطاوى مشيخة الأزهر قادما من دار الإفتاء، حيث مارس نظام مبارك نوعا من العبث بمؤسسات الفتوى والتشريع. وفى ذلك الوقت كانت هناك لجنة دائمة للفتوى بالأزهر الشريف، وكانت معظم آرائها تبدو معارضة لما يطرحه الشيخ طنطاوى وخصوصا ما يتعلق بأمور سياسية، فكان أن تحولت اللجنة الدائمة إلى لجنة تتشكل كل شهر أو شهرين بالانتداب وبشكل تراتبى بين محافظات مصر المنتخبة.. وعليه يمكن اعتبار أن عشرات من المشايخ والعلماء عملوا بلجنة الفتوى، أو مارسوا الإفتاء لفترات دون أن يكونوا أعضاء دائمين بلجنة الفتوى. وربما كان الشيخ هاشم إسلام قد جاء عليه الدور فى وقت ما للانتداب بلجنة الفتوى، دون أن يكون عضوا دائما بها، وهو الأمر الذى ينتمى إلى مساحة رمادية باهتة، تمنح الفرصة لمجمع البحوث الإسلامية لنفى صلة الشيخ هاشم بلجنة الفتوى، وأيضا وفى الوقت ذاته تعطى هذه الرمادية الحق للشيخ فى تأكيد انضمامه للجنة.. وهذا هو التعريف الجامع المانع للشفافية كما صكه نظام مبارك. وكل عام ومصر بخير المصدر الشروق