قال محللون اقتصاديون دوليون إن البرامج الاقتصادية لمرشحي الرئاسة المصرية تجاهلت جوانب اقتصادية مهمة، حيث افتقرت إلى آليات فعالة لدعم الاستقرار المالي والنقدي وكبح العجز في الميزانية ومجابهة الديون. وأضاف المحللون في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط أن مرشحى الرئاسة افرطوا فى الوعود بشان دعم التعافي الاقتصادي وخلق فرص العمل دون تحديد برامج زمنية واضحة بشان سبل تحقيق تلك الأهداف الاقتصادية وفقا ل أ ش أ . وأوضح كبير المحللين الماليين بمؤسسة (جلوبال ساتش) الدولية بيتر شتينر أن مرشحي الرئاسة في مصر تجاهلوا قضية إصلاح النظام المصرفي وسبل دعم العملة المحلية .. مشيرا إلى أن سياسة البنك المركزي المصري الرامية إلى كبح تراجع الجنيه عن طريق ضخ المزيد من السيولة الدولارية بالسوق، أسفرت عن تداعيات سلبية تمثلت في تآكل احتياطي النقد الأجنبي إلى 21.15 مليار دولار في أبريل الماضي مقابل حوالي 36 مليار دولار في يناير عام 2011. وأضاف أن البنك المركزي المصري ينبغى عليه المساهمة بفاعلية في استهداف التضخم .. مشيرا إلى أن الرئيس القادم ينبغي أن يعطي الأولوية لخفض العجز في الموازنة العامة واستعادة فاعلية قوى السوق من خلال وضع تصور لمعالجة الدعم السعري وعدم تعطيل القوى السوقية أوالتدخل من أجل معالجة الطلب الكلي واستعادة وتطبيق أسس سياسة استهدف التضخم كسياسة نقدية. ودعا الرئيس القادم إلى ضرورة تبني استراتيجية جديدة لترشيد دعم المنتجات البترولية والتوسع في استخدام الغاز الطبيعي لتقليص مخصصات دعم الطاقة بالموازنة العامة وتوجيه جزء من ذلك الدعم للخدمات الاخرى محذرا من أن 20 % من دعم الطاقة يستفيد منه 80 % من الفئات الفقيرة، بينما يذهب 80 % من الدعم إلى 20 % من أفراد الشعب القادرين. وأشار إلى أن أكثر من ثلثي حجم الدعم بالميزانية يوجه للمنتجات البترولية، بينما يحصل دعم الغذاء على أقل من الربع. من جانبها، قالت الخبيرة السابقة ببنك (أوف أميريكا) جينفر آدامز إن مرشحي الرئاسة المصرية تجنبوا الحديث عن قضية خفض الجنيه المصري خشية تراجع شعبيتهم .. لافتة إلى أن البرامج الاقتصاية للمرشحين اتسمت بالعمومية. وأضافت أن مرشحي الرئاسة تجاهلوا أيضا قضية دعم الغذاء والنفط، والذي يؤدي إلى إهدار قدر كبير من الموارد الحكومية .. مشددة على ضرورة تبني سياسات تكميلية تهدف إلى التخفيف من حدة تأثير إلغاء الدعم على التضخم وعدم العدالة وإعداد نظام لإحلال التحويلات النقدية أو العينية بدلا من دعم الأسعار تماما. وأوضحت جينفر آدامز أن الحكومة المصرية ينبغي عليها اتخاذ إجراءات فعالة لخفض العجز الكلي في الموازنة من 10 % من الناتج المحلي الإجمالي إلى 3 % بحلول العام المالي 2014 - 2015 لتقليص المديونية واسترداد ثقة المستثمرين. وأشارت إلى أن الوقت مناسب حاليا لإعادة النظر في سياسة تثبيت أسعار الصرف بشكل موضوعي لأن تلك السياسة تقوض احتياطي النقد الأجنبي وتضعف الثقة في الاقتصاد المصري. وذكرت أن الاقتصاد المصري شهد انكماشا حادا عقب ثورة يناير بفعل تباطؤ الطلب على المستويين المحلي والخارجي .. مشيرة إلى أن سعر صرف الجنيه المصري انخفض نتيجة ضعف النمو الاقتصادي وتباطؤ الطلب الخارجي وارتفاع التدفقات الاستثمارية الخارجة. وأوضحت أن تصريحات عدد من مرشحي الرئاسة المصرية بشأن فرض ضرائب عن "الأموال الساخنة" بالبورصة لا يعد أمرا سلبيا لأنها تستهدف حماية السوق من التقلبات المفاجئة .. لافتة إلى أن دولا ناشئة عديدة فرضت ضرائب على تدفقات الأموال الساخنة التي لا تخدم النمو الاقتصادي. وفي السياق ذاته، قال المدير التنفيذي لمركز دعم المشروعات الخاصة بالولايات المتحدة جون سوليفان إن البرامج الاقتصادية لعدد من مرشحي الرئاسة لم تركز على سبل توفير البيئة المواتية للاستثمار أو تعديل التصنيف الائتماني لمصر، والذي تراجع عقب ثورة يناير. وأضاف أن مؤسسات التصنيف الدولية قد تلجأ إلى إجراء مزيد من الخفض حال إخفاق الحكومة المصرية في كبح جماح الانخفاض الحاد في احتياطي النقد الأجنبي والحفاظ على الاستقرار المالي والنقدى .. مشددا على أن إجراء الانتخابات الرئاسية سوف يسهم في عودة الاستقرار وزيادة معدلات التدفقات الاستثمارية المباشرة إلى مصر على المدى القصير. وحذر جون سوليفان من احتمال استمرار تراجع التصنيف الائتماني في مصر حال إفراز عملية الانتقال السياسي الحالية لأجواء سياسية غامضة ومؤسسات هشة.