شعب مصر: الشرطة وجهت ضربة استباقية موجعة للعناصر الإرهابية    الوعي: ضمانة استمرارية الأحزاب هو الإيمان بالقضية    وزيرة التعاون الاقتصادي الألمانية: مصر ستظل شريكا مهما لبلادنا.. ونسعى لتعزيز التعاون    مجلس القبائل والعشائر السورية يتوعد برد قاس حال خرق الاتفاق بالسويداء.. ويعلن إخراج مقاتليه من المدينة    مئوية الثورة السورية الكبرى.. والدروس المستفادة    الأرقام تتحدث.. ماذا قدم مصطفى شلبي مع الزمالك قبل الرحيل؟    بخماسية نظيفة.. ليفربول يسحق ستوك سيتي وديا    الكشف عن سبب غياب مودريتش عن جولة ميلان التحضيرية للموسم الجديد    السكة الحديد: تشغيل قطار مخصص لتسهيل العودة الطوعية للسودانيين وذويهم إلى وطنهم غدا    مصرع طالب إعدادي أثناء لهوه غرقا بترعة الجنابية بقرية الأحراز في شبين القناطر    وزير الثقافة يشارك في افتتاح النسخة 4 من ملتقى شباب المعرفة بجامعة القاهرة    أطباء مستشفى الأطفال التخصصي ببنها ينقذون رضيعا عمره عام باستخراج دبوس معدني عالق في حلقه    الشروط والأوراق المطلوبة لوظائف صراف تذاكر بقطار المونوريل    ثاني أكبر صفقة بيع بعد مرموش.. فرانكفورت ينقل هدافه إلى ليفربول    انطلاق عروض الهيئة بالقومي للمسرح وتواصل "صيف بلدنا" ومؤتمر لاكتشاف المواهب بالتعاون مع سليم سحاب    5 أبراج «كلهم آذان صاغية».. لا يقطعون حديث الآخرين وينصتون إليهم بهدوء واحتواء    وزير الخارجية: نؤكد ضرورة إنفاذ المساعدات الإنسانية إلى غزة في ظل المجاعة    «يتواجد في إسبانيا».. تفاصيل مفاوضات الأهلي للتعاقد مع يزن النعيمات    عرض جديد من فنربخشة لضم هاكان تشالهانوجلو    محمد حمدي: الإصابات منعتني من إظهار قدراتي مع الزمالك    نقيب أطباء مصر يتفقد أرض النقابة وموقع النادي بمدينة قنا الجديدة    حلقة «مطروح للنقاش» تسلط الضوء على العلاقات المصرية السعودية ودورها في استقرار المنطقة    تشييع جثمان 3 فتيات شقيقات من كفر الشيخ تعرضن للغرق أثناء الاستحمام في حوض مزرعة بالبحيرة    محافظ أسوان يفاجئ مركز "صحة أول" ويوجه بدعم الأطقم الطبية وتشكيل فرق توعية    طريقه التسجيل والأوراق المطلوبة في معاش ربة المنزل الجديد    محافظة القاهرة: تجهيز وإعداد المقار الانتخابية استعدادًا ل«الشيوخ»    هل ملامسة القطط أو الكلاب يتقض الوضوء؟.. أمينة الفتوى تجيب    خطوات التحويل الإلكتروني بين المدارس 2025 (الرابط والتفاصيل)    حملة "100 يوم صحة" تقدم 40476 خدمة طبية وعلاجية بالإسماعيلية حتى الآن    مايا دياب بإطلالة جريئة وتوجه رسالة لجمهورها    هشام خرما يكشف عن الملصق الدعائي الرسمي لألبومه الجديد "أُفُق- UFUQ"    لوسيد تطلق سيارتها Air Grand Touring الجديدة ب5.4 مليون جنيه.. صور    "مدبولي" يتابع ملفات عمل جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر    شوبير يوضح الفارق بين إمام عاشور وأحمد فتوح في أزمة حفل راغب علامة    ما يجب تناوله قبل التمرين لتعزيز الطاقة والأداء    وزير الصحة يترأس اجتماع "التأمين الصحي" لتفعيل إدارة الجودة وسلامة المرضى    نائب محافظ الجيزة يبحث تطوير المنطقتين الصناعيتين بالصف وجرزا    بلدة تايوانية تشهد أسوأ أضرار جراء الأمطار منذ 50 عاما    مكتب نتنياهو: رئيس الوزراء يعاني من التهاب في الأمعاء    حصول وحدة السكتة الدماغية بقصر العيني على الاعتماد الدولي    وزير الصناعة والنقل يتفقد 3 مصانع كبرى في مدينة العبور بمحافظة القليوبية    مجلس الوزراء: "حياة كريمة" تُغير وجه القرى المصرية.. شرايين التنمية تنبض في محافظة الشرقية    مصرع سيدة سقطت من الطابق الثامن في الإسكندرية.. ونجليها: ألقت بنفسها    مصرع طالب غرقًا أثناء استحمامه بترعة الباسوسية بمدينة القناطر الخيرية    الرئاسة السورية: الشرع يتسلم التقرير النهائي للجنة الوطنية للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل مارس الماضي    قناة "مصر قرآن كريم" تحيى ذكرى رحيل الشيخ محمود علي البنا    عاجل- السيسي يستقبل قائد القيادة المركزية الأمريكية بحضور وزير الدفاع المصري    الشيخ أحمد خليل: البركة في السعي لا في التواكل    سيدة تسقط جثة هامدة من عقار بالإسكندرية.. وأسرتها: تعاني الوسواس القهري    قرار وزاري برد الجنسية المصرية ل21 مواطنًا    ضم تخصصات جديدة، كل ما تريد معرفته عن تعديل قانون أعضاء المهن الطبية    بعد غياب عامين.. التراث الفلسطيني يعود إلى معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب    حكم قراءة الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية؟.. أمين الفتوى يجيب    حكم استخدام شبكات الواى فاى بدون علم أصحابها.. دار الإفتاء تجيب    نتيجة الثانوية العامة 2025 بالاسم ورقم الجلوس.. رابط الاستعلام عبر موقع الوزارة (فور اعتمادها)    وزير الإسكان يتابع تطوير منظومة الصرف الصناعي بالعاشر من رمضان    أحمد شاكر: اختفيت عمدا عن الدراما «مش دي مصر».. وتوجيهات الرئيس السيسي أثلجت صدر الجمهور المصري    دعاء الفجر | اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر بلا عنوان؟!
نشر في أموال الغد يوم 14 - 04 - 2012

حالة من اليأس دبت فى صدر النخبة المصرية، طبعاً الكل سيمصمص شفتيه قائلاً "هما دول الفلول"، وعلى رأى المثل "اللي ميعرفش يقول عدس"، والمصريون أساتذة فى إطلاق القفشات والأمثال الشعبية، ولكن مصر في حاجة ملحة لمن يخاطب عقول وضمائر أبنائها، وليس هناك سواهم .. هم أصحاب العقل والمنطق أهل النخبة، وآن الأوان لأن نسمع لهم وننصت إليهم ، ولكن الوقت جاء متأخراً فقد دبت في معظمهم حالة من الاستسلام والخروج والانسحاب من الساحة بعد ما لاقوه من أذى واتهامات بالتخوين والعمالة.
إن من يرصد حالة تراجع الأخلاق لدى المصريين بسبب تراجع بعض السلوكيات، يرصد مجموعة المراحل الرئيسية التى غيرت طبيعة الشعب لأول مرة ، ولكن ليس معنى ديكتاتورية ثورات الغوغاء أن تتسبب فى القضاء على النخبة والتكنوقراط، وكان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه - يقول عن الغوغاء: "همج رَعاع أتباع كلِّ ناعق يميلون مع كل صائح"، وكذا الإمام محمد بن أسلم يقول: "احذروا الغوغاء فإن الأنبياء قتلتهم الغوغاء".
ويساورني هاجس الخوف من أن تتحول ثورة الشعب ضد الظلم والفساد، التي ألهمت العالم بأسره، وبثت الطمأنينة فى قلوب المصريين باعتبارها بداية الانطلاق وطاقة النور التي فتحت بعد سنوات من الظلام والظلم، ليعود القمع والإحساس بالقهر من جديد بعدما اعتقدنا أنه انتهى بلا رجعة لا سيما بعد امتلاك طبقة لمفاتيح النفوذ والسطوة بلا أى وازع أو رادع.
ويبدو أن الثورة فجرت فكر التجريم والتخوين والتحريض الأهوج الذى سيطر على كل تفاصيل الحياة، لتتحول مصر التي كان لا يختلف على هويتها وتماسكها أحد ،إلى أمة لا تعرف فيها إلى أين تذهب وتظل تدور في مكانها فالمستقبل المنتظر أمامها غابت عنه كل الرؤى، ومعها أصبح الوطن بلا عنوان، والشعب بلا يقين في أي شىء.
وطفت على السطح مرة واحدة فصائل متعددة هى نتاج سنوات الظلم والقمع، وما بين الإيمان بالله، والعلمانية التامة، ظهرت مئات الانتماءات العقائدية والآراء، ولكن كعادة مصر دائماً تبدأ من حيث بدأ الآخرون، وكأنها تريد اختراع العجلة، لتنتشر كل أنواع التمييز والتفرقة والتخوين والتهديد والابتزاز، وهذه المرة أصبح الشعب ضد نفسه وليس ضد أى سلطة حاكمة أصبحنا نتخبط ننتقم من بعضنا البعض فحالة الثورة أرهبت الرجال وأفزعت النساء وروعت الشيوخ والأطفال .
وأقسم بالله أننى لست ضد الثورة، ولكن ما يحدث فى مصر الآن هو حالة من الانقسامات والانشقاقات الحادة التي لا يمكن السكوت عليها كما لا يمكن أن نسميها ثورة الآن، فالثورة قد انتهت بعد سقوط مبارك وأعوانه، ولدت بلا أب شرعي ، وتفرقت بين القبائل.
وقد أخرجت الثورة أسوأ ما فينا وليس أفضل ما لدينا، وكل ما هو سيئ طفا على السطح .. وكل بريق أمل أخذ يخبو شيئاً فشيئاً مع مرور الأيام، وتفجرت المزيد من الانقسامات والاختلافات الحادة بين الفرقاء يوماً تلو الآخر و قتلت الأمل في نفوس العقلاء، .. وأشعلت النار في قلوب من كانوا في نفس الطريق، أو أصحاب المصالح المختلفة.
وإذا كنا نتهم عهد مبارك بالسلطوى الفاسد فإن ما نراه الآن، ليس إلا فاشية عقائدية لم تشهد مصر مثلها فهؤلاء ليس لديهم مشكلة في التخلي عن مواقفهم المعلنة والعهود أو الاتفاقات فالغاية لديهم تبرر الوسيلة ،الميكيافلية في أزهى صورها، ظهرت الآن مع اللحى والجلابيب لأشخاص خرجوا من الكهف، ليعيثوا فى الأرض فسادًا ويسعوا للسيطرة على الوضع ويطفشوا أولي العقل والفطنة.
وبحسب الفيلسوف الألماني كارل ماركس، فإن التاريخ يعيد نفسه مرتين، في المرة الأولى كمأساة وفي الثانية كمهزلة، وكأن الحياة لم تختلف مطلقاً، .. ذهب مبارك وأتى المرشد، انتهت لجنة السياسات فى الحزب الوطنى المنحل، وخرجت للنور جمعية "ابدأ" وهى الحضانة الجديدة لتزاوج السلطة مع المال والحفاظ على المصالح المشتركة، اعتقل "عز" و"المغربي" و"جرانة"، وجاء "الشاطر" و"مالك" و"أبوهشيمة"، كانت أموال البنوك تتدفق في مشروعات تنموية واستيراتيجية يملكها الكبار، الآن تظهر أدوات مثل المرابحات والمضاربات والصكوك لتمويل مشروعات من يديرون البلد، إذاَ نحن على موعد مع غزو "انتفاعي" سياسي واقتصادي من نوع جديد مغلف بالإسلام الذى هو بريء من كل ما يحدث.
وعلى الرغم من هذا لم يذق الشعب المصرى الخسارة التى سيتحملها مع رغبتهم فى الاستحواذ على السلطة كاملة في غفوة من التاريخ أغمض فيها أبو الهول عينيه وغابت الشمس عن الأهرامات العظيمة، واحتل "التتار الجدد" البلاد ، وأخرجوا منها ثروتها البشرية الحقيقة وكوادرها المفترض أن يكون الركيزة الأساسية لبناء هذا الوطن والخروج به إلى بر الأمان، بل والانطلاق به نحو العالمية، ومنهم من يدرس الفرار بعد أن أصبحوا غرباء وشبه منبوذين فى بلادهم بسبب أبطال الوطنية الزائفة وأنصاف العقول والأفكار الذين برزوا في ظل واقع سياسي مرير ووضع اقتصادى ينذر بكارثة، أما ما سوف تشهده مصر الآن من خسائر فادحة جراء التجريف لتلك الثروة البشرية، وربما لا نشعر بها الآن وربما يقتنع بها أبناؤنا بعد الانتهاء من الاغتيال التام لها.
ووسط التصعيد المتواصل الذي يؤججه أصحاب المصالح الضيقة الجشعة تجاه هذه الكوادر أصيبت بأمراض نفسية متعددة تحتاج إلى علاج طويل الأجل، ناهيك عن فقدان الأمل والإحساس بالندم علي ما قدموه لبلادهم وحلقوا بها فى السماء ليصبحوا الآن متهمين بالخيانة وإهدار المال العام الأمر الذى يجعل بعضهم يفكر جدياً فى الانسحاب بكرامة، أو العمل بعيداً عن تلك الأجواء المسمومة.
هناك الكثير والكثير مما يحدث وهذه أمثلة بسيطة أسردها فقط لأنني ركزت في هذا المقال، على الإجابة عن سؤال ملح هل تغتال الثورة الثروة المتمثلة فى أسماء ناصعة مشهود لها.. سيرتها.. وتاريخها.. ونجاحاتها.. ومواقفها، ومن بين تلك الأمثلة ما يتردد حالياً عن رغبة الدكتور فاروق العقدة في الاستقالة من منصبه كمحافظ للبنك المركزي المصري فى أواخر يونيو المقبل، بعد الحملات الشرسة التى استهدفت تشويه صورته رغم ما قدمه من نجاحات فى إدارة أحد مؤسسات الدولة التي لا زالت متماسكة وقوية رغم التداعيات الاقتصادية، وكذلك إعلان طارق عامر رئيس البنك الأهلى المصرى عن استقالته من منصبه فى نهاية 2012 رغم أهميته كشخصية مصرفية رائدة باعتباره الحارس الأمين والمسئول الأول عن فوائض مالية تقدر ب 300 مليار جنيه هى أموال الشعب المصرى، وساهمت مجهوداته فى تحقيق الإنجازات لمؤسسة عملت للصالح العام وليس لخدمة مصالح شخصية ضيقة.
وعندما أتمعن فيما سبق أشعر فجاة أننا نعيش فى مصر "بلا عنوان"، تائهة الخطى، مشتتة الاتجاه كلما تصل إلى مرحلة من مراحل تطورها وانتقالها خطوة نحو إلى الأمام، نجد من يعطلها عن مسارها ويرجعها ألف خطوة إلى الوراء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.