تحولت المحطة الأخيرة في عملية انتقال مصر من الحكم العسكري الى الحكم المدني الى صراع مرير على السلطة يغذي إحساسا بالأزمة والارتباك بين المصريين الذين يخشون أن يكون فجر ديمقراطيتهم معرضا للخطر. وقبل أسابيع فقط من انتخابات الرئاسة التي ستجرى في مايو القادم تتزايد حدة الانقسامات في بلد يعاني من الاستقطاب بعد صعود الجماعات الاسلامية التي كانت محظورة في عهد الرئيس السابق حسني مبارك وبسبب سعي أفراد من حكومته لاعادة تأكيد نفوذهم. وانتقل الصراع على السيطرة على البلاد الذي بدأ في الشوارع العام الماضي الى المحاكم والى البرلمان الذي يسيطر عليه الاسلاميون. وستحدد الكيفية التي ستمضي بها الامور في الاسابيع القليلة القادمة مسار التغيير السياسي الذي سيؤثر على المنطقة بأسرها. وقال دبلوماسي أجنبي يعمل في القاهرة "هناك بعض الالاعيب الخطرة تدور لامتلاك اليد العليا بشأن المستقبل. لا أظن أن بمقدور أحد أن يقول ان الامور تمضي بسلاسة... رأينا هذا النوع من لحظات الازمة من قبل... لكن في كل مرة تمكنوا من التراجع." وتطرح شبكة الخصومات بين الاسلاميين والاصلاحيين ذوي التوجه العلماني والحرس القديم لعهد مبارك تحديات كبيرة لعملية أبعد ما تكون عن السهولة ويزيدها تعكيرا عدد من المعارك القانونية التي تقف وراءها دوافع سياسية والتي عطلت عملية وضع دستور جديد وأثارت شكوكا بشأن مصير ترشيح عدد ممن يتقدمون سباق الرئاسة. ووافق مجلس الشعب الذي يهيمن عليه الاسلاميون في جلسة ساخنة يوم الخميس على تعديل تشريعي يمنع مساعدين كبارا لمبارك من شغل منصب رئيس الدولة في مقدمتهم مدير المخابرات العامة السابق عمر سليمان الذي شغل منصب نائب الرئيس لايام في العام الماضي. ويستهدف التعديل من عملوا مع مبارك في مناصب قيادية خلال السنوات العشر التي سبقت الاطاحة به وبينهم أحمد شفيق اخر رئيس لمجلس الوزراء في عهد مبارك والذي استمر لفترة قصيرة في المنصب بعد سقوط الرئيس السابق. ومن المنتظر ان ترتفع درجة السخونة السياسية يوم الجمعة حين تعود جماعة الاخوان المسلمين الى ميدان التحرير مهد الانتفاضة ضد مبارك في احتجاج يستهدف منع سليمان من الترشح في الانتخابات التي ستجرى الشهر القادم. وأثار ترشيح سليمان في اللحظة الاخيرة غضب الاصلاحيين ذوي التوجه العلماني والاسلاميين. ويخشى الفريقان أن يوجه فوزه بالرئاسة ضربة كبيرة للتطلعات الى الديمقراطية.