تعرض القضاء المصري عقب الثورة ل 3 ضربات موجعة، جعلت مصداقيته على المحك خلال الفترة الأخيرة، أولها كان تهديدات أهالي شهداء ومصابي الثورة باللجوء للمحكمة الجنائية الدولية، ثم موقعة "الناشطين الأجانب" المتهمين بتمويل منظمات المجتمع المدني، وأخيرًا اشتراطات السلطات الأسبانية بشأن تسليم حسين سالم لمصر، والتي انتهكت فيها سيادة القضاء المصري. في البداية، أثارت تصريحات أهالي شهداء ومصابي الثورة المصرية نوعًا من "البلبلة" داخل ساحة القضاء، بعد أن أكد الأهالي اعتزامهم اللجوء للمحكمة الجنائية الدولية، لتحريك دعاوى قضائية ضد الرئيس السابق، حسني مبارك، ونجليه جمال وعلاء، ووزير الداخلية الأسبق، حبيب العادلي، وعدد من معاونيه، بتهمة قتل المتظاهرين، في حالة ما إن اتخذت المحكمة المصرية قرارات سلبية في القضية تصب في مصلحة المتهمين، بعد جملة التأجيلات، أو أحكام البراءة التي حصل عليها عدد من الضباط المتهمين بقتل المتظاهرين أمام أقسام الشرطة. قال سيد عبدالغني، رئيس جماعة المحامين المصريين بنقابة المحامين، في تصريحات خاصة ل "أموال الغد" أنه من حق المدعيين بالحق المدني، من أهالي شهداء ومصابي الثورة المصرية، اللجوء للمحكمة الجنائية الدولية، متهمين الرئيس السابق، ونجليه، ووزير الداخلية الأسبق، حبيب العادلي، ومعاونيه، بإرتكاب جرائم قتل، في حالة ما إن استطاعوا حصر عدد المصابين والشهداء، بما يجعل موقفهم في القضية قوي. تابع "إلا أن الاشكالية في اللجوء للقضاء الدولي أو المحكمة الجنائية الدولية تتمركز في سمعة القضاء المصري التي سوف تتضرر كثيرًا من هذه الخطوة". عبّر عن ثقته في القضاء المصري في نصرة الحق، معربًا عن سعادته بأن النيابة العامة في مرافعتها ضد الرئيس السابق، وجهت له تهمًا سياسية قوية، وكان الخطاب فيها حادا، بما ينفي أي شكل من أشكال المؤامرة في القضية لمصلحة أعضاء النظام السابق. من جانبه، دعا خالد أبو بكر، رئيس هيئة الدفاع عن أهالي الشهداء، الجميع لاحترام حكم القضاء المصري في القضية، المتورط فيها مبارك وأعوانه بقتل المتظاهرين، مؤكدًا على ضرورة الإيمان بكونه حكم عادل من جهة ذات ثقة. أشار إلى أن الهدف الرئيسي من المحاكمة هو معرفة الحقيقة، والأشخاص المتسببين في قتل المتظاهرين، كي نتعامل معهم على أنهم ارتكبوا جريمة. نوه إن القضية شهدت بعض الاستثناءات أبرزها معاملة المتهمين بأسلوب مغاير عن معاملة باقي المتهمين في القضايا العادية، قائلا " أتمنى أن يتم معاملة كافة المتهمين كما يعامل مبارك الآن فى محاكمته". وفي السياق ذاته، انتشرت دعوات عبر الانترنت تدعو لمحاكمة مبارك أمام المحكمة الجنائية الدولية، تزامنًا مع حملة توقيعات بين أهالي الشهداء والمصابين لتقديم الدعوى ضد مبارك وأعوانه. قال الشباب المسئولون عن الحملة الالكترونية للدعوة لمحاكمة مبارك أمام الجنائية الدولية (فى ظل التباطؤ لدرجة التواطؤ في محاكمة مبارك، ومن أجل ألا يضيع حق مَن دفعوا ثمن حريتنا، فلا مفر مِن اللجوء للمحكمة الجنائية الدولية). المحكمة الجنائية الدولية التي هدد أهالي ضحايا الثورة باللجوء إليها تأسست عام 2002 كأول محكمة قادرة على محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم الاعتداء، تعمل هذه المحكمة على إتمام الأجهزة القضائية الموجودة، فهي لا تستطيع أن تقوم بدورها القضائي ما لم تبد المحاكم الوطنية رغبتها أو كانت غير قادرة على التحقيق أو الادعاء ضد تلك القضايا، فهي بذلك تمثل المآل الأخير، فالمسؤولية الأولية تتجه إلى الدول نفسها، كما تقتصر قدرة المحكمة على النظر في الجرائم المرتكبة بعد 1 يوليو 2002، تاريخ إنشائها، عندما دخل قانون روما للمحكمة الجنائية الدولية حيز التنفيذ.. وهي منظمة دولية دائمة، تسعى إلى وضع حد للثقافة العالمية المتمثلة في الإفلات من العقوبة – وهي ثقافة قد يكون فيها تقديم شخص ما إلى العدالة لقتله شخصا واحدا أسهل من تقديمه لها لقتله مئه ألف شخص مثلاً، فالمحكمة الجنائية الدولية هي أول هيئة قضائية دولية تحظى بولاية عالمية، وبزمن غير محدد، لمحاكمة مجرمي الحرب ومرتكبي الفضائع بحق الإنسانية وجرائم إبادة الجنس البشري. يتبع..