إنتهت -على خير- إنتخابات مجلس الشورى دون وقوع أيه أحداث مؤسفة، وهو ما حدث كذلك فى إنتخابات مجلس الشعب السابقة، ثم جاء الدور على الإنتخابات الرئاسية والتى ينتظرها الجميع، ويبدو فى الأفق شواهد تشير الى أنها سوف تشهد المزيد من الأحداث خارج السياق، وقد بدأت من خلال تعرض بعض مرشحى الرئاسة المحتملين لأحداث مؤسفة، حيث تعرض الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح لحادث تعدى وسرقة، ثم تبعه بعد ذلك المرشح المحتمل للرئاسة عمرو موسى الذى يتعرض هو الأخر من وقت لأخر لبعض المضايقات على خلفية إعتباره أحد أهم أركان النظام البائد، وعلى الجميع أن يتوقع المزيد من الأحداث المؤسفة مع دخول الإنتخابات الرئاسية الى مراحلها الحاسمة. ومع وقوع أى حادث لأحد المرشحين المحتملين للرئاسة يتسابق باقى المرشحين للإطمئنان إما بالزيارة أو بالحديث تليفونياً، وهو ما يعد أمراً طيباً إذا ما خلُصت النوايا وصدقت الأفعال فى السر والعلن. غير أن واقع الأمر يؤكد أن التقارب والتوحد فى الرؤى والمواقف بين مرشحى الرئاسة والذى شاهده الجميع خلال الفترات الماضية، إنما هو الإتفاق الذى يسبق الإختلاف والتقارب الذى يسبق الإبتعاد والصداقة التى تسبق العداء، والهدوء الذى يسبق العاصفة. ويدعم من ذلك الرأى عدم وجود تجانس فيما بين مرشحى الرئاسة سواء من حيث الصفات الشخصية أو الخلفيات العلمية والثقافية أو الرؤى السياسية، ربما الشىء الوحيد المشترك فيما بين المرشحين المحتملين للرئاسة – بعد استبعاد فلول النظام -هو الكفاح والنضال ضد النظام السابق وماتضمنه من إضطهاد وإعتقال وحبس. ويتسابق المرشحين المحتملين للرئاسة فى الوقت الحالى لعقد الندوات والمؤتمرات والقيام بالزيارات الميدانية لكافة ربوع مصر شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً بحثاً عن حشد القوى وكسب الأصوات، وقد إهتم كافة مرشحى الرئاسة بإختيار الأفراد المشاركيين بحملة التأييد وبتكوين فرق العمل القادرة على حشد الأصوات، ومازال الجميع يعتمد على الكريزما الشخصية والتاريخ النضالى بعيداً عن وجود خطط طموحة وبرامج واضحة وأدوات تمكنهم من مواجهة المشاكل الراهنة والخروج من مرحلة عنق الزجاجة والإنتقال بمصر الى مصاف الدول المتقدمة. ولم يقدم حتى الأن المرشحين المحتملين للرئاسة سواء فى لقائاتهم الإعلامية أو إجتماعاتهم الجماهيرية حلول واقعية لمشاكل المواطنين وخاصة ما يتعلق بتوفير رغيف الخبز أو أنبوبة البوتجاز أو كيفية التغلب على أزمة البطالة وتوفير فرص العمل المناسبة، وكذلك القضاء على العشوائيات وتوفير المسكن المناسب، ولم يقدم المرشحين المحتملين للرئاسة كذلك برامج واقعية جديدة لإدارة الموازنة العامة للدولة أو القضاء على العجز القائم فى ميزان المدفوعات أوكيفية التخلص من الدين العام المحلى و الخارجى أو كيفية تحقيق معدل نمو اقتصادى مرتفع يعود بالنفع على كافة أفراد المجتمع من خلال زيادة مستوى الدخول الحقيقية، وكل ذلك وإن كان يرتبط بمؤشرات الإقتصاد الكلى إلا أنها تمس المواطن فى الأساس. وما يزيد من الأمر صعوبة هو عدم دخول أى من مرشحى الرئاسة على قائمة أحد الأحزاب وبالتالى وجب عليهم جميعاً تقديم برامجهم السياسية والإقتصادية والإجتماعية الخاصة بهم والتى سوف يقيمها كافة أفراد المجتمع ويختار على أساسها من بين المرشحين. ويتبقى على كافة المرشحين المحتملين للرئاسة ضرورة التفكير فى كيفية تخصيص جزء من وقتهم فى كيفية إعداد وتجهيز برامج واقعية تحظى بقبول المواطن ورضائه، وليس فقط التركيز على الكريزما والتاريخ النضالى المقدر من جانب الشعب، غير أن ما يريده الشعب الأن أصبح يرتبط بالمستقبل أكثر بكثير مما يرتبط بالماضى. إنها أحد القضايا المهمة التي تواجه كافة المرشحين المحتملين للرئاسة فى مصر وتحتاج إلى إعادة التفكير.