الرئيس السيسي: محطة الضبعة النووية حلم يتحقق اليوم    جامعة المنصورة تحصد المركز الثاني بين الجامعات المصرية في تصنيف QS العالمي    وزير الري يلتقي عددا من المسؤولين الفرنسيين وممثلي الشركات على هامش مؤتمر "طموح إفريقيا"    عاجل- تحركات جديدة في أسعار الذهب اليوم.. عيار 21 يسجل 5445 جنيهًا    وزير الإنتاج الحربي يشهد مراسم توقيع مذكرة تفاهم لتصنيع المحركات الكهربائية    نقابة الفلاحين تنعي وفاة عاملة بإحدى المزارع، وتطالب بتوفير حماية اجتماعية للعمالة الزراعية    سرايا القدس تستهدف قوات الاحتلال الإسرائيلي بعبوة ناسفة في جنين    مصر وروسيا.. شراكة استراتيجية مزدهرة ب6.6 مليار دولار تجارة و467 شركة روسية في مصر    رونالدو ينافس بنزيما على جائزة جلوب سوكر 2025    الأهلي يحصل على الموافقات الأمنية لحضور 30 ألف مشجع في مواجهة شبيبة القبائل    إنقلاب شاحنة محملة بمواد محجرية بطريق السويس    الإعدام والمؤبد ل 4 عاطلين.. قتلوا شابا لخلافهم على قيمة المخدرات    ارتفاع درجات الحرارة.. الأرصاد الجوية تحذر من تغير حالة الطقس    600 ألف جنيه، إيرادات السادة الأفاضل أمس    تامر حسني يكشف تفاصيل أزمته الصحية بعد خضوعه لجراحة دقيقة في ألمانيا    نورا ناجي عن تحويل روايتها بنات الباشا إلى فيلم: من أجمل أيام حياتي    الصحة: 5 مستشفيات تحصل على الاعتماد الدولي في مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    ما هو فيروس ماربورج وكيف يمكن الوقاية منه؟    الصحة: 5 مستشفيات مصرية تحصل على الاعتماد الدولي في مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات.. و3 منها مراكز تميز عالمية    بسبب تراجع الانتاج المحلى…ارتفاع جديد فى أسعار اللحوم بالأسواق والكيلو يتجاوز ال 500 جنيه    القادسية الكويتي: كهربا مستمر مع الفريق حتى نهاية الموسم    الزمالك يستقر على موعد سفر فريق الكرة لجنوب أفريقيا    هشام يكن: أطالب حسام حسن بضم عبد الله السعيد.. وغير مقتنع بمحمد هاني ظهير أيمن    السياحة العالمية تستعد لانتعاشة تاريخية: 2.1 تريليون دولار إيرادات متوقعة في 2025    وزير الإسكان يستقبل محافظ بورسعيد لبحث استعدادت التعامل مع الأمطار    وزارة التضامن تقر حل جمعيتين في محافظة الغربية    مقتل 6 عناصر شديدى الخطورة وضبط مخدرات ب105 ملايين جنيه فى ضربة أمنية    ضبط 3 متهمين بقتل شاب لخلافات بين عائلتين بقنا    مصرع 3 شباب في تصادم مروع بالشرقية    وزارة الصحة تغلق 11 مركزًا غير مرخص لعلاج الإدمان بحدائق الأهرام    حزب الجبهة: متابعة الرئيس للانتخابات تعكس حرص الدولة على الشفافية    الدفاع الروسية: قواتنا استهدفت منشآت البنية التحتية للطاقة والسكك الحديدية التي تستخدمها القوات الأوكرانية    رئيس الأركان يعود إلى أرض الوطن عقب مشاركته فى فعاليات معرض "دبى الدولى للطيران 2025"    نجاح كبير لمعرض رمسيس وذهب الفراعنة فى طوكيو وتزايد مطالب المد    تعرف على أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    مجددا.. ترامب مهاجما مراسلة بسبب جيفري ابستين: أنت سيئة .. فيديو    جلوب سوكر 2025.. إنريكي ينافس سلوت على جائزة أفضل مدرب    محافظ المنوفية: إزالة 296 حالة مخالفة ضمن المشروع القومى لضبط النيل    إقبال واسع على قافلة جامعة قنا الطبية بالوحدة الصحية بسفاجا    بريطانيا تطلق استراتيجية جديدة لصحة الرجال ومواجهة الانتحار والإدمان    صيانة عاجلة لقضبان السكة الحديد بشبرا الخيمة بعد تداول فيديوهات تُظهر تلفًا    منال عوض تترأس الاجتماع ال23 لصندوق حماية البيئة وتستعرض موازنة 2026 وخطط دعم المشروعات البيئية    المايسترو هاني فرحات أول الداعمين لإحتفالية مصر مفتاح الحياة    مهرجان مراكش السينمائى يكشف عن أعضاء لجنة تحكيم الدورة ال 22    حريق هائل يلتهم أكثر من 170 مبنى جنوب غرب اليابان وإجلاء 180 شخصا    اليوم.. أنظار إفريقيا تتجه إلى الرباط لمتابعة حفل جوائز "كاف 2025"    أبناء القبائل: دعم كامل لقواتنا المسلحة    إطلاق أول برنامج دولي معتمد لتأهيل مسؤولي التسويق العقاري في مصر    ندوات تدريبية لتصحيح المفاهيم وحل المشكلات السلوكية للطلاب بمدارس سيناء    جيمس يشارك لأول مرة هذا الموسم ويقود ليكرز للفوز أمام جاز    «اليعسوب» يعرض لأول مرة في الشرق الأوسط ضمن مهرجان القاهرة السينمائي.. اليوم    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم 2026 بعد صعود ثلاثي أمريكا الشمالية    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    آسر نجل الراحل محمد صبري: أعشق الزمالك.. وأتمنى أن أرى شقيقتي رولا أفضل مذيعة    دينا محمد صبري: كنت أريد لعب كرة القدم منذ صغري.. وكان حلم والدي أن أكون مهندسة    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وائل حمدي ل "أموال الغد" : ديكتاتورية "مكتب الإرشاد" تحكم مصر !
نشر في أموال الغد يوم 17 - 02 - 2012

لاشك أن التطبيقات الخاطئة للخصخصة هي واحدة من خطايا النظام السابق، الذي استباح المال العام، وراح يفرط فيه بأبخث الأسعار للمستثمرين الأجانب والعرب، دونما الاهتمام بشكل ومصير الإقتصاد المصري.. جاء ذلك كله تماشيًا مع منظومة ديكتاتورية في المجال الإقتصادي والسياسي والفكري، ووفقًا لمخططات العبث بخرائط المال العام بما يتماشى مع رغبات مبارك الأبن، ومخطط التوريث الذي وأدته الثورة لما شب.. "أموال الغد" تلقي بصيصًا من الضوء على هذا الملف والسيناريوهات المتوقعة للنظام الجديد وعلاقته بالمال العام، وما له وما عليه خلال الفترة المقبلة، في حوار لم يخل من الخوف على مستقبل مصر، وسط سيناريوهات متفائلة وأخرى متشائمة.. المحامي وائل حمدي، صاحب دعاوى بطلان معظم الشركات التي تم خصخصتها خلال عهد النظام السابق، حلل المعطيات الحالية، ورسم تكهنات عديدة لسياسة التيار الإسلامي الذي سيطر على الأغلبية في البرلمان المصري، وهل ما إن سيستهويه كرسي الرئاسة فيطغى ويجور ويتبع نظمًا ديكتاتورية قمعية مثل تلك التي عانى منها الشارع المصري منذ عهد أسرة محمد علي وحتى حسني مبارك، مرورًا بسياسة الانفتاح في عهد السادات، والاشتراكية في عهد عبدالناصر، أم لا ؟
شبّه حمدي "مكتب الإرشاد" بجماعة الإخوان المسلمين ب "باللجنة المركزية العليا بالحزب الشيوعي السوفيتي"، مؤكدًا أنها تشبه لجنة سياسات الحزب الوطني بعض الشئ، في الوقت الذي توق فيه استمرار السياسات الديكتاتورية والقمعية من قبل التيار الإسلامي أيضًا، خاصة أنهم يعتقدون أن شرعيتهم مستمدة من 3 عناصر، وهي الحكم والثورة والدين أيضًا، بما يعني أن الخارج عنهم فهو خارج عن الجماعة، وخارج عن حدود الوطن كله.
نفى إمكانية أن يكون التيار الإسلامي على نفس فساد الحزب الوطني المنحل، وفي الوقت نفسه أكد أنه لن يكون "بريئًا"، مطالبًا الشعب باختباره، ومطالبته بالحفاظ على المال العام، وتأسيس هيئة مستقلة لبحث التعديات على المال العام، خلال عهدالنظام السابق، ورد الحق لأصحابه.
رهن حمدي تحقيق الرخاء الإقتصادي بوجود طفرة سياسية هائلة بالشارع المصري، قائلا " عندما تلتهم الأوطان لا أحد يبحث عن مصانعه"، الأمر الذي يعطي للساسة الكلمة الأولى في تحديد شكل وملامح الاقتصاد المصري خلال المرحلة المقبلة.
بداية، هناك تباين في الآراء حول شكل النظام الجديد.. هل تعتقد أن سيناريو الحكم الديكتاتوري القمعي الذي عانت منه مصر منذ عهد محمد علي حتى عهد مبارك سيتكرر؟
في تقديري أن المعطيات الحالية والتي رسمت تفوقًا كبيرًا للتيار الإسلامي، الذي حصل على الأغلبية بالبرلمان، هي دلالة بالغة الوضوح على شكل النظام الجديد، الذي يتجه للأسلمة، لكن بثياب مدنية.. وأتوقع أن تتغير الوجوه فقط، وألا يكون هناك تغيير حقيقي في نتائج السياسات المتبعة، لكن بنفس فساد النظام السابق، وحتمًا لن يكون أنصار التيار الديني "أبرياء تمامًا".. فوجوه لجنة السياسات بالحزب الوطني المنحل ستتبدل لوجوه جديدة اختلافها الوحيد هو كونها وجوه ذات لحية وأيادٍ متوضئة فقط.
هل تعني أن "مكتب الإرشاد" بجماعة الإخوان المسلمين سيكون بديلا للجنة السياسات، مستخدمًا نفس آليات القمع السياسي؟
ليس على هذا النحو تمامًا، لكنّي أشبه مكتب الإرشاد باللجنة المركزية العليا بالاتحاد السوفيتي، أو الحزب الشيوعي السوفيتي، و هو الحزب الحاكم الذي ترأس سدة الحكم في الإتحاد السوفيتي المنحل في أعقاب الثورة البلشفية عام 1917 بقيادة فلاديمير لينين حتى تفكك الاتحاد السوفييتي إلى روسيا وعدة دويلات أخرى عام 1991.. وكان يضم 25 مليون عضوًا، جميعهم يدينون بالولاء للحزب ولا يحركون ساكنًا اعتراضا على سياساته التي دمّرت الاتحاد وعانى منها.. وهي تجرية قريبة الشبه للحزب الوطني.
لكن الثورة أوجدت تعددية سياسية من شأنها وقف هذه المظاهر الديكتاتورية وردع أية محاولة للقمع السياسي أو الإقتصادي أو الفكري..
من المتعارف عليه أن لجنة سياسات الحزب الوطني المنحل كانت تستمد شرعيتها من جمال مبارك، نجل الرئيس السابق، الذي يستمد شرعيته من والده، الذي يستمد شرعيته هو الآخر من "الحُكم"، بمعنى أن اللجنة لها مصدر واحد فقط للشرعية وهو "الحُكم"، وأن الخارج عنها أو عليها خارج فقط عن حدود النظام الحاكم، وعلى النقيض، فإن "مكتب الإرشاد" يستمد شرعيته من 3 عناصر، هي الحُكم (خاصة أنهم حصلوا على الأغلبية في البرلمان)، والثورة (التي يدعون أنهم شاركوا فيها من البداية وأسهموا في نجاحها)، والدين (الذي جعل كثيرين يلتفون حول حزب الحرية والعدالة سواء في الانتخابات أو استفتاء مارس)، وهذا يعني أن الخارج عن حكم "الجماعة" هو خارج عن حدود الوطن، فقد فسق أو كفر بتعاليم الدين، وأصبح من الفلول، فضلا عن كونه خارجًا على النظام الحاكم ! .. وهذه قمة الديكتاتورية.
هل تتوقع أن يقبل الشارع المصري بحكم ديكتاتوري بعد أن عانى طيلة هذه السنوات؟
المواطن المصري له أولويات معينة، وإن لم ير استقرارًا إقتصاديًا في المقام الأول، لن يرتضي بهذا الحكم، وبطبيعة الحال فالاستقرار الإقتصادي وثيق الصلة بالاستقرار والإصلاح السياسي.
وفي تقديرك، كيف يخرج الإقتصاد المصري من وحل التبعية والديكتاتورية السياسية التي أعتاد عليها منذ أكثر من قرنين؟
هناك عدة آليات لإصلاح منظومة الاقتصاد المصري وإنقاذها من التبعية السياسية، واحتكار السلطة لها أو تزاوج السلطة ورجال المال، أبرزها أن تكون مصر دولة "متأمركة" ذات طابع إقتصاد مفتوح، وسط نظام سياسي جاد في الإصلاحات، يحكم لا يملك.. فالاستقرار السياسي كما أشرت هو شرط أساسي ورئيسي للاستقرار الاقتصادي، فمن الممكن أن تحقق أي دولة رخاءًا إقتصاديًا عبر المعونات والديون الخارجية، لكنها تتعرقل في شروطًا سياسيًا تنزع عنها سيادتها.. فعندما تلتهم الاوطان لا أحد يبحث عن مصانعه.
توقعت في بداية حديثك تكرار التجربة الديكتاتورية لكن باختلافات قليلة.. فما شكل النظام الإقتصادي المتوقع خلال الفترة المقبلة التي يسيطر فيها الاسلاميون على الساحة؟
أعتقد أن مصر مقبلة منذ بداية الشهر الجاري على مناخ مختلف تمامًا، فهناك نقلة سياسية خلال مرحلة مؤقتة، قد تستمر 5 سنوات كحد أدنى، يرضى فيها المصريون بالأمر الواقع، خاصة أنهم يشتهون "الاستقرار"، فستكون مرحلة ذات طابع من الهدوء والرضا بما هو متاح، وبالتالي فمن السهل أن تعود القوى الانتاجية لدوائر عملها مرة أخرى، وتتوقف كافة المطالب الفئوية.. كما أنه إذا تم الاستعانة بكافة الخبرات الموجودة على الساحة الاقتصادية وعدم اشتراطات أن يكونوا من أنصار التيار الديني، فهذا من شأنه ألا تشعر مصر بالأزمة التي تشهدها، فضلا عن أهمية المساعدات الاقتصادية من عدد من الدول العربية التي تسهم في المروق من الأزمة سريعًا.
لكن هل هذا من شأنه أن يؤسس لرخاء إقتصادي؟
بالطبع لا، الرضا بما هو متاح وحالة الهدوء المتوقعة لا تؤسس لرخاء إقتصادي، لكت تخلق رواجا إقتصاديا قد لا يكون معناه أنه ناتج عن أسس إقتصادية سليمة تستطيع أن تحمل إقتصاد الغد.. لكن الأكثر خطورة في تقديري هو المرور من تلك الأزمة سياسيًا أولا، ومن ثم فالاقتصاد يأتي عقب ذلك دليلا على الرخاء السياسي.. وبشكل عام فإن الاقتصاد المصري شهد جملة من "الخطايا" خلال المرحلة الأخرة، فقد تم محاولة "تعييله" خلال عهد النظام السابق، كي يقوده "عيل" وهو جمال مبارك، نجل الرئيس السابق، وأصدقائه من رجال الأعمال، الذين تلاعبوا بالبلد وبالاقتصاد، والقضايا المنظورة الآن أمام ساحة المحاكم والخاصة بالاستيلاء بالمال العام وقضايا الاراضي خير دليل على تلك الخطايا التي ارتكبت في حق الاقتصاد، والتي تحتاج لتعديلات تشريعية جادة، وهيئات خاصة بالتحقيق فيما شهدته ممتلكات الدولة من تعديات خلال الفترة الماضية.
استخدمت لفظ "تعييل الاقتصاد المصري".. كيف ترى نتيجة هذا (التعييل)، وما النتيجة المتوقعة ل (الأسلمة)؟
نتيجة تعييل الاقتصاد المصري واضحة تمامًا، دفع ضريبتها الاقتصاد المصري بشكل عام، وكان التطبيق الخاطئ للخصخصة خير دليل على ذلك، فقد استباح النظام السابق بيع أصول الدولة وشركاتها للمستثمرين الأجانب، الذين راحوا يجبرون العمال على الخروج على المعاش المبكر، بعد أن استحوذوا على الشركات بأبخس الأسعار، كما باعوا المعدات والآلات والميكنات، وحاولوا أيضًا الاستفادة من أراضي تلك الشركات، وبيعها أو تحويلها لنشاط مغاير تمامًا، مثل النشاط العقاري.
وهناك قصة غريبة تدل على مدى سياسة القمع الاقتصادي التي كان يتبعها النظام السابق، تتعلق بشركة "المراجل البخارية" .. فكان النظام السابق قد استعان ببيوت خبرة عالمية لتحديد الشركات المؤهلة لإنشاء محطات كهرباء، للسوق المحلية والأسواق العربية، خرجت نتائج هذه الدراسة لتؤكد أن "المراجل البخارية" وحدها القادرة على ذلك، فضلا عن قدرتها على المشاركة في المفاعلات النووية سواء لأغراض سلمية أو غير سلمية، وطالبت الحكومة بتطويرها، إلا أن النظام السابق، وفقا لسياسية التعييل تلك، قام ببيعها، على الرغم من كونها شركة صناعات استراتيجية لا يجوز بيعها مطلقًا.
أما النتيجة المتوقعة ل "أسملة" الإقتصاد المصري، فإني أتوقع ألا تتشابه تماما مع نتيجة "التعييل"، لكن التيار الإسلامي لن يكون "برئ" تمامًا.. كما أشرت في بداية حديثي، فإنه لن يكون بنفس درجة فساد الحزب الوطني، لكنه لن يكون نظيف اليدين أيضًا.
الخصخصة واحدة من خطايا النظام السابق وأبرز دلائل الديكتاتورية الإقتصادية.. هل تعتقد أن الحكومة جادة في تنفيذ الأحكام القضائية الخاصة بعودة عدد من الشركات للدولة مرة أخرى؟
في تقديري الشخصي فالحكومة غير جادة في ذلك.. بدأنا قصة التصدي للخصخصة منذ ملف شركة "عمر أفندي"، فحركنا دعوى قضائية تطالب ببطلان بيعها للمستثمر السعودي (القنبيط)، وتم نظر تلك الدعوى خلال عهد الرئيس السابق، وتم الحكم ببطلان العقد بعد أسابيع قليلة من الثورة.. وحتى الآن فالحكومة تتعنت في إعادة تشغيل عمر أفندي مرة أخرى، كما أننا استطعنا الحصول على أحكام قضائية لإعادة شركات طنطا للكتان وغزل شبين والمراجل البخارية، والعربية للتجارة الخارجية، وشركة النيل لحليج الأقطان لحيازة الدولة مرة أخرى، وكنا نفاجئ أن الدولة تستأنف هذه القضايا مرة أخرى.
عزاء الحكومة أن الموازنة لا تحتمل ذلك.. ما تعليقك؟
هذا قول حق يراد به باطل للأسف.. فمن الممكن أن تقوم الحكومة بالتخلس عن أحد فروع أو أصول تلك الشركات لإعادة تشغيلها مرة أخرى.. فمن الممكن على سبيل المثال أن يتم الاستغناء عن فرع "بيلا" الخاص بعمر أفندي لتشغيل باقي الفروع، خاصة أن عملية التشغيل تستلزم مبالغ ضئيلة جدًا.. والحال نفسه بشركة "النيل لحليج الأقطان" التي من الممكن أن يتم تعويض المساهمين الرئيسين فيها، ومجلس الإدارة أيضًا، عن طريق بيع أحد محالجها، ف 39% من أسهم الشركة مملوكة ل 9 آلاف مساهم، والباقي لأعضاء مجلس الإدارة، والشركة تقع على مساحة 22 فدان وسط المحلة الكبرى بمنطقة "السبع بنات"، وقد تم تقديرها من قبل محافظ إلمنيا السابق ب 15 مليار جنيه، الأمر الذي يعني أنه إذا تم بيع أحد محالج تلك الشركة سيتم سداد حقوق المساهمين وبأعلى سعر للسهم، أما فيما يخص التعامل مع مجلس الإدارة فمن الممكن أن تجري "مقاصة" بين ما قاموا ببيعه من أصول الشركة، وبين ما دفعوه للاستحواذ عليها.
ولدي رد آخر على حجة الحكومة في كون الموازنة لا تحتمل أعباءا إضافية، فالشركة المصرية الكويتية، والحاصلة على 25 ألف فدان في منطقة العياط منذ عام 2006 بمبلغ 48 مليون جنيه، تم الحكم ببطلان بيعها، فقدم الوزير السابق أحمد كمال أبوالمجدي، محامي الشركة، عرضًا بتقديم 7 مليار دولار للتصالح على ن تبقى الأرض في حيازة الشركة، على أن تتحول من النشاط الزراعي للنشاط العقاري، إلا أن الحكومة رفضت !.. على الرغم من كونها "تلهث" الآن لاقتراض نحو 3 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، باشتراطات سياسية قمعية، أبرزها وأخطرها شرط الالتزام بتعوييم الجنيه.
بمناسبة الحديث عن النيل لحليج الأقطان.. ألا ترى أن "القطن" دفع الضريبة الأكبر من الديكتاتورية الاقتصادية؟
للأسف، فإن القطن المصري وما يتعلق به من حلج وغز ونسيج وملابس جاهزة كان المحرك الرئيسي للإقتصاد المصري خلال 50 سنة قبل عصر الانفتاح، وكان يعد أيضًا أهم مصدر من مصادر الدخل القومي بشكل عام، لكن مع تلك السياسات الديكتاتورية الاقتصادية والسياسية تم الاستغناء عن هذا المورد الهام بصورة غريبة.
قضية مدينتي كانت مثالا فجًا للديكتاتورية الاقتصادية.. كيف ترى الاختلاف بين حكومات قبل الثورة وما بعدها في هذا الشأن؟
دعنا نقسم حكومات مصر الآن لثلاث مراحل، أولها حكومات ما بعد الثورة، والتي كانت حكومات جادة في عدم إحترام الأحكام القضائية، والدليل على ذلك قضية أرض مدينتي، التي صدر حكمًا من المحكمة الإدارية العليا ببطلان بيعها، إلا أنه تم إعداتها مرة أخرى لنفس الشركة، وبنفس المساحة، وبسعر أقل 15 مليون جنيه..أما المرحلة الثانية فيه حكومة الدكتور عصام شرف، التي جاءت ضعيفة بقدر ضعف شرف نفسه، والمرحلة الثالثة هي حكومة الدكتور كمال الجنزوري، والتي أتوقع أن تسهم في حل تلك الأزمات، خاصة أن الجنزوري رجل محنك إقتصاديًا، وذات خبرة كبيرة في الحقل الاقتصادي والسياسي، كما أن تصريحاته التي أعلن فيها أن الحكومة تتبنى إعادة تشغيل نحو 1200 مصنع متوقف عن العمل، أعطت دلالة واضحة على أنه جاد في الاصلاحات الاقتصادية.
وفي تقديري فإن الدكتور كمال الجنزوري جاء لإصلاح المنظومة الإقتصادية بشكل عام، لأن لديه ملكه إقتصادية مميزة، حتى لو كان قد قام ببعض الطعون على عدد من الأحكام، فكان لك تحت غطاء أن المستثمرين من الممكن أن يقاضوا مصر.
ملف التحكيم الدولي واحد من الملفات الحساسة التي كان يستخدمها النظام السابق ك"فزاعة" لعدم التعرض للمستثمرين.. ما وضع مصر فيه الآن؟
كان النظام السابق يستخدم ملف التحكيم الدولي ك "كارت إرهاب" للجميع، كي يتسيد المستثمرون زمام الأمور في مصر، وألا يتم التعرض لهم، تخوفًا من نتائج التحكيم الدولي.. وبشكل عام، فإننا كثيرو الحديث عن هذا الملف، قليلو الخبرة فيه، خاصة أن القضية التي راحت مصر فيها للتحكيم الدولي راحت كي تنهزم، وهي قضية "سياج".. والوضع عقب الثورة لابد أن يتغير، فلدينا الكثير من الكفاءات الذين يجيدون التعامل في هذه الملفات، لكن تم إقصائهم خلال الفترة الأخيرة، ويجب الاعتماد عليهم الآن، خاصة أن التجاري السابق، بخلاف التجربة المصرية، تؤكد أن النتيجة النهائية للتحيكم الدولي في صالح الدول لا الأفراد المستثمرين.
وما دور النظام الجديد الآن بشكل عام في إثراء الحياة الاقتصادية؟
لدى النظام الجديد مهمات كثيرة، كلها تصب في الجانب "التشريعي" لضبط التشريعات الاقتصادية، بما يخدم مصلحة البلد، فعلى سبيل المثال فإن بعض الدول كانت تتبع نظام الخصخصة لكن تبقي لديها ما يسمى ب "السهم الذهبي" الذي يعطي لها الحق في التدخل في كل كيرة وصغيرة في الشركة جنبًا إلى جنب مع المستثمر.. وبشكل عام، فإنه من الضروري في البداية أن يتم اختبار هذا النظام الجديد من "ذوي الأيادي والوجه المتوضئة" وحمله على حماية المال العام، وإلا رفضه تمامًا.
وما أبرز الخطوات العملية التي يمكن لهذا النظام اتخاذها لحماية المال العام وإصلاح ما أفسدته ديكتاتورية النظام السابق؟
إن كان النظام الجديد جادًا في الإصلاح، فإن عليه تشكيل لجنة أو مركزًا مختصًا في بحث التعديات على المال العام، خاصة أن هناك تعديات كثيرة لا يمكن حصرها، في كافة الهيئات، فهيئة واحدة على سبيل المثال وهي هيئة التنيمة السياحية، لدينا عليها ملفًا ضخمًا بالتعديات فيها، وجملة التجاوزات منذ عا 2005 وحتى عام 2010، لو تم تحريك دعاوى قضائية عنها ستظل في المحاكم قرابة ال 20 عام!، كما أنه في عهد الوزير مختار خطاب وحده تم بيع 203 شركة! .. فعلى الدولة أن تتحمل هذا الملف وأن تنشئ هيئة مستقلة له.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.