"المشكلة ليست فى حدوث الأزمات لكن فى كيفية إدارتها".. فالأزمات كثيرًا ما تحدث بشكل مفاجئ أحيانًا، لكنها تحتاج لمنظومة قوية لمواجهتها، وهو دائما ما يُثبته القطاع المصرفى المصرى، والبنك المركزى، فى مواجهة الأزمات التى بدأت منذ 2008 مع الأزمة المالية العالمية مرورا بالموجة الثانية منها، إضافة إلى الأحداث السيئة التى أعقبت ثورة الخامس والعشرين من يناير ليخرج منها القطاع المصرفى بأقل الخسائر. الأحداث المتعاقبة شهرًا تلو الآخر خلال 2011 منذ بداية الثورة وحتى الآن واجهها البنك المركزى والبنوك المصرية، متخذة جميع الإجراءات الاحترازية التى من شأنها الحفاظ على أموال المودعين وعدم تعرضها للمخاطرة والحفاظ على معدلات نموها وفى نفس الوقت عدم الإحجام عن التمويل حتى تستطيع دعم المشروعات التى تعود بالنفع على الاقتصاد القومى. مر عام 2011 بصعوبة على القطاع المصرفى ، وشهد جملة من التغييرات، تحاول "أموال الغد" رصد أبرزها، وبيان تأثير ذلك على السوق ككل. يناير.. إغلاق البنوك مع بداية الثورة وزيادة حالات الشغب والانفلات الأمنى، والمطالب الفئوية، لجأ البنك المركزى لإغلاق البنوك فى 29 يناير كى لا تتعرض للسطو، وتتعرض أموال المودعين للنهب والسرقة، إلى أن هدأت الأمور بعض الشىء، وعادت البنوك لمزاولة مهامها مجددا فى 6 فبراير، وبدأت الأمور تسير بانتظام تدريجيًا. لجأ البنك المركزى خلال فترة إغلاق البنوك لاتخاذ مجموعة من الإجراءات الاحترازية للحد من تخوف المودعين والمستثمرين ولجوئهم لسحب كامل مدخراتهم، فوضع حدًا أقصى لعمليات سحب الأفراد من البنوك، تأمينا للعملاء الأفراد وتلبية لاحتياجاتهم النقدية خلال تلك الظروف التى مرت بها مصر، كما قرر الاستجابة لطلبات السحب النقدى حتى 50 ألف جنيه، و10 آلاف دولار، أو ما يعادلهما من عملات أجنبية يوميا، مع عدم وجود أى قيود على التحويلات بالجنيه المصرى أو العملات الأجنبية من حساباتهم بأى مبالغ وبدون حد أقصى، مع السماح للعملاء من الشركات بإجراء جميع أعمال السحب نقدًا، علاوة على التحويل من حساباتهم بدون حد أقصى سواء بالنسبة للجنيه المصرى أو العملات الأجنبية حتى لا تتأثر أعمالهم. فبراير.. مطالب فئوية للعاملين بالبنوك وما كادت البنوك تنتظم فى عملها وفقا للضوابط الجديدة، إلا وسادت موجة من الاعتصامات والمظاهرات بين موظفى معظم البنوك لأول مرة فى تاريخ القطاع المصرفى المصرى، مطالبين بتحسين الأجور وإعادة هيكلة الوظائف، وإقالة بعض رؤساء البنوك، وتقديمهم بشكل فورى للمحاكمات بتهمة الفساد، نتيجة المخالفات المالية الكبيرة الموجودة بها، فضلا عن إقالة المستشارين الذين يتقاضون مبالغ ضخمة دون احتياج العمل لهم، مما اضطر البنك المركزى مجددًا لإغلاق البنوك لمدة 4 أيام فى الفترة من 13 إلى 16 فبراير. وضع البنك المركزى جدولا زمنيا لحل جميع المشكلات، من خلال التفاوض المباشر مع ممثلى البنوك، ورؤسائها، وقام على إدارة هذا الملف بنجاح نائب محافظ البنك المركزى السابق هشام رامز، الذى استطاع خلال فترة قصيرة السيطرة على تلك الأزمة. مارس: دراسة تعديل قانون المركزي تواكبًا مع التغييرات التى أحدثتها الثورة على جميع القطاعات بمصر، أعلن البنك المركزى عن دراسة تعديل قانون البنك المركزى فى شهر مارس 2011، والقطاع المصرفى والنقد، نتيجة القصور الذى ظهر فى تطبيق القانون الصادر فى 2003 خلال السنوات الماضية، مما يجعل إعادة النظر فى بعض أحكامه وأفكاره أمرًا حتميًا مع حاجة المجتمع والقطاع المصرفى لذلك. أوضح المركزى أن التعديلات المطروحة تشمل 3 محاور، أولها "حوكمة البنوك"، خاصة تلك المملوكة للدولة بما يؤكد عدم تعارض مصالح أى من العاملين بها، وتحديد دور مجالس إداراتها ومسئولياتها بشكل أفضل، بما فى ذلك مجلس إدارة البنك المركزى المصرى وأيضا تطبيق قواعد الحوكمة السليمة فيما يتعلق بتمثيل المال العام سواء فى بنوك القطاع العام أو فى الشركات التى تساهم فيها. يتعلق المحور الثانى بالقواعد المتعلقة بالتنفيذ الجبرى مع حالات التعثر مع المصارف، بما يسمح بالإسراع بالإجراءات المطلوبة لحصول البنك الدائن على مستحقاته على نحو سليم لما فى ذلك من حماية لأموال المودعين التى يمكن أن تتعرض للخطر من جراء طول إجراءات التقاضى مع المتعثرين، إضافة للمحور الثالث الخاص بمراجعة قواعد وضوابط الرقابة على البنوك وسلطات وصلاحيات البنك المركزى فى هذا المجال، بما يؤدى لمزيد من الرقابة الفعالة. ولم يشهد القطاع المصرفى أى حدث جلل خلال الفترة من أبريل حتى أغسطس، سوى حديث متصل عن الإجراءات الواجب على المركزى اتباعها، فضلا عن آليات التخارج من الأزمات الاقتصادية التى تشهدها مصر خلال تلك الفترة، والتى تؤثر سلبًا على القطاع المصرفى بشكل عام. سبتمبر.. إعادة تشكيل مجالس إدارات البنوك أصدر الدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء السابق، فى 20 سبتمبر، قرارا بإعادة تشكيل مجالس إدارات البنوك العامة المملوكة للدولة، لمدة 3 سنوات، تبدأ فى 25 سبتمبر بعد التشاور مع الدكتور فاروق العقدة، محافظ البنك المركزى. شمل قرار رئيس الوزراء عدم التجديد للعديد من رؤساء بنوك القاهرة وتنمية الصادرات والتنمية الصناعية والعمال والتنمية والائتمان الزراعى والاستثمار العربى فيما تم الإبقاء على رئيسى بنكى الأهلى المصرى ومصر.. لتشمل قائمة البنوك العامة الجديدة لفترة 3 سنوات كلا من طارق عامر رئيسا للبنك الاهلى، محمد كمال الدين بركات لبنك مصر، منير الزاهد لبنك القاهرة، محمد مرزوق القصير لبنك التنمية الصناعية والعمال ، محمد محمود الأتربى رئيسا للبنك العقارى المصرى، هانى سيف النصر رئيسا لمجلس إدارة والعضو المنتدب التنفيذى لبنك الاستثمار العربى، ماجد فهمى عطية رئيسا لمجلس إدارة البنك المصرى لتنمية الصادرات حتى بلوغه السن القانونية لترك الخدمة والدكتور محسن محمود أبوبكر البطران رئيسا لمجلس إدارة البنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى . أكتوبر.. مرسوم بتعديل قانون المركزي وفى منتصف أكتوبر الماضى، أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة مرسوما بقانون رقم 125 لسنة 2011 بشأن تعديل بعض أحكام قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003. يضمن هذا التعديل وضع ضوابط لمنع تعارض مصالح أعضاء مجلس إدارة البنك المركزى، بما يضمن حيدتهم واستقلالهم وفقا لأفضل المعايير والأعراف الدولية، إضافة لتخفيض عدد أعضاء مجلس إدارة البنك المركزى من 15 إلى 9 أعضاء فقط، هم المحافظ ونائباه، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، ممثل لوزير المالية، أربعة أعضاء ذوو خبرة تتوافر فيهم شروط عدم تعارض المصالح، ونوه بأنه فى حالة غياب محافظ البنك المركزى أو وجود مانع لديه يحل محله أقدم النائبين فإذا غاب حل محله النائب الآخر. أوضح المرسوم أنه "لا يجوز أن يكون لأى من أعضاء المجلس أى مصالح تتعارض مع واجباتهم أو مقتضيات الحيدة والاستقلال أو الحفاظ على سرية المعلومات التى يصلون إليها بحكم عضويتهم لمجلس إدارة البنك المركزى المصرى، وألا يكونوا من رؤساء أو أعضاء مجالس إدارة البنوك التجارية أو شركات التمويل أو العاملين بها أو ممن يقدمون لها خدمات مهنية أو استشارية". نوفمبر.. رفع العائد على الأوعية الادخارية وفى خطوة بررها المصرفيون بمواجهة النقص المتوقع فى السيولة داخل السوق خلال تلك الفترة، رفع بنكا الأهلى المصرى ومصر -فى مفاجأة للسوق- العائد على الشهادة البلاتينية والتميز إلى 11.5% بواقع 2%، بسبب تخوفهما من وجود نقص سيولة متوقعة بالإضافة إلى توجيه الجزء الأكبر منها الى سد فجوة العجز فى الموازنة العامة للدولة البالغة 134مليار جنيه والتى تعتمد الحكومة فى تغطيتها على البنوك المحلية بعد رفضها الاقتراض الداخلى فى وقت سابق، الأمر الذى أسفر عنه اتجاه كل البنوك داخل السوق إلى رفع العائد على أوعيتها الادخارية لمواجهة ذلك. المركزى يبرئ البنوك من تهريب أموال مبارك لسويسرا ومن ضمن الأحداث الجليلة التى شهدها القطاع خلال 2011، الاتهامات المتواصلة للبنوك المصرية بأنها أسهمت فى تهريب أموال الرئيس السابق، حسنى مبارك، وعائلته لبنوك سويسرا، إلا أن محافظ البنك المركزى الدكتور فاروق العقدة برأها من تهريب 350 مليون دولار لصالح مبارك إلى سويسرا بعد قيام جهاز الكسب غير المشروع بالكشف عنها مباشرة، مؤكدا أن البنك المركزى طلب من جميع البنوك العاملة فى مصر بيانا بشأن كل التعاملات المصرفية التى تمت على حسابات الرئيس السابق وأسرته والتحويلات منها إلى الخارج منذ (عام 1996 نظرا لاحتفاظ البنوك بالمستندات لمدة 15 عاما وفقا للقانون) وحتى يناير من هذا العام. تبين أن الأموال التى فى سويسرا لم تخرج عن طريق الجهاز المصرفى المصرى، الأمر الذى يرجح معه أن تكون تلك الأرصدة قد نشأت عن تعاملات خارجية ولم تدخل مصر أصلا. نزيف الاحتياطى النقدى.. عرض مستمر وعلى مدار عام 2011 كاملا شهد الاحتياطى النقدى لدى البنك المركزى المصرى تراجعات حادة، حيث سجل نحو 36.005 مليار جنيه نهاية ديسمبر 2010 وذلك قبيل موجة التراجعات التى شهدها الاحتياطى من العملة الأجنبية منذ بداية العام الجارى وحتى أكتوبر الماضى، لتكون أولى حلقات التراجع خلال شهر يناير وتزامناً مع أحداث الثورة ليفقد نحو مليار دولار مسجلاً 35.007 مليار دولار، ثم يصل الاحتياطى نهاية فبراير إلى 33.321 مليار دولار. أظهرت إحصائيات البنك المركزى أن أكبر تراجع شهده الاحتياطى النقدى الأجنبى جاء خلال شهر مارس ليصل إلى 30.106 مليار دولار فاقدا نحو 3.215 مليار دولار، ثم سجل آخر شهر أبريل 28.024 مليار دولار، ونحو 27.228 مليار دولار نهاية مايو الماضى، ثم 26.564 مليار دولار بنهاية العام المالى 2010/2011. تراجع الاحتياطى إلى 25.706 مليار دولار نهاية يوليو الماضى ثم نحو 25.008 مليار دولار نهاية أغسطس، كما سجل نهاية سبتمبر الماضى 24.009 مليار دولار ليصل إلى 22.071 مليار دولار نهاية أكتوبر الماضى، متراجعا بنسبة 38.7% مقارنة بديسمبر 2010 وبنسبة 8% مقارنة بالشهر السابق عليه. مبادرة لتسوية مديونيات صغار المتعثرين وفى منتصف نوفمبر الماضى، اتفق اتحاد البنوك المصرية مع الدكتور محمود عيسى، وزير الصناعة والتجارة الخارجية، برعاية البنك المركزى على تفعيل مبادرة تسوية مديونيات المشروعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة على أن يتم تنفيذها من خلال ثلاثة برامج مختلفة لمساعدة المصانع المتعثرة والتى تعرضت خلال المرحلة الماضية لظروف ومستجدات أدت إلى وجود مشاكل تمويلية وتعطل فى حركة الإنتاج.. وتم الاتفاق مع البنوك على تسوية مديونيات المصانع البالغ رأسمالها 5 ملايين جنيه فما أقل على ان يتم سداد 20% فقط من قيمة الدين وسداده فى فترة لا تتعدى عاما واحدا وفقا للبرنامج الأول. وشمل البرنامج الثانى الشركات البالغ رأسمالها 5 ملايين جنيه فأكثر ولا تتمتع بإدارة جيدة تدخل البنك لإدارتها مع عدم اتخاذ أى إجراءات قضائية ضدها وتعويمها فى حالة احتياجها إلى قروض إضافية إلى جانب برنامج آخر خاص بالشركات المتعثرة التى تعمل فى نشاط غير مُجد قيام البنك بعرضها للبيع لمستثمر آخر مع الدخول بحصة مع المالك الجديد بقيمة المديونية. رفع أسعار الفائدة بعد استمرار ثباتها عامين وفى خطوة انتظرها صغار المودعين كثيرا، اتخذ البنك المركزى المصرى من خلال لجنة السياسات النقدية خلال اجتماعها فى نهاية نوفمبر قرارًا برفع سعر العائد على الإيداع والخصم بمقدار 100 نقطة ليصل إلى 9.25% و9.5% على التوالى.. كما قام برفع سعر الفائدة على الإقراض والريبو بنحو 50 نقطة ليصل إلى 10.25% و9.75% على التوالى. يأتى هذا القرار بعد إبقاء لجنة السياسات النقدية على أسعار الفائدة دون تغيير لمدة تجاوزت العامين عند مستويات 8.25% و9.75% للإيداع والإقراض، ومستوى 8.5% للائتمان والخصم وذلك منذ اجتماعها بتاريخ 17 سبتمبر 2009. فشل استحواذ ستاندرد شارترد على بيريوس يبدو أن الموجة الثانية من الأزمة المالية العالمية إلى جانب التقلبات السياسية والاقتصادية التى تجتاح دول الربيع العربى كانت السبب الرئيسى فى فشل صفقة استحواذ بنك ستاندرد شارترد على بنك بيريوس – مصر.. وهو ما توقعته "أموال الغد" فى تقرير نشر عبر موقعها الإلكترونى فى أغسطس الماضى، معللة ذلك بتأثير الموجة الثانية من الأزمة المالية العالمية التى تجتاح أوروبا، بالإضافة للاضطرابات السياسية والاقتصادية التى تعانى منها مصر خلال الفترة الحالية . أشار بنك ستاندرد شارترد، فى بيان له، عن تخليه عن عملية الاستحواذ فى ضوء تداعى المؤشرات الاقتصادية الكلية للاقتصاد العالمى، وليس استنادا لأى أمور تكون قد تكشفت نتيجة إجراء الفحص الفنى النافى للجهالة لبنك بيريوس –مصر، وقام بيريوس بإبلاغ الجهات الرقابية المختصة فى مصر واليونان بذلك. أكد بيريوس – اليونان أن بيريوس – مصر مازال يتمتع بمعدلات عالية لكفاية رأس المال والسيولة كمؤسسة قائمة بذاتها، على أن يستمر فى تقديم خدماته لعملائه بمصر كالمعتاد، باعتباره عضوا فى مجموعة بنك بيريوس.