تراجعات اسواق المال الخارجية "إنذار" على تراجع معدلات نمو الاقتصاد العالمي .. و3.2 تريليون دولار خسائر الأسواق العالمية تبني سياسة اقتصادية شاملة تركز على تحقيق معدلات نمو سريعة فى المدى القصير أبرز المتطلبات الحالية لتحرير "مصر" من التراجعات الخارجية سلاح الإفصاح والشفافية مع التركيز على عمق السوق وجذب سيولة جديدة أبرز توجهاتنا الحالية لمواجهة موجة التراجعات الخارجية استهداف الدولة لطرح شركات وبنوك حكومية ناجحة بالبورصة يُعيد العصور الذهبية للبورصة مرة أخرى ويساهم في زيادة عمق السوق واستعادة ثقة المستثمرين قررنا تخفيض الأعباء المفروضه على شركات الوساطة المالية بمقدار 15% بصورة مؤقتة خلال 2016 .. واستقرار الأوضاع يُعيد الطروحات من جديد إلغاء الإجراءات الاحترازية من قبل المركزي فيما يتعلق بالحد الأقصى للسحب بالعملات الأجنبية بداية الاصلاح الاقتصادي أكد الدكتور محمد عمران ، رئيس البورصة المصرية أن موجة التراجعات الحادة التي تعرضت لها اسواق المال الخارجية بإجمالي خسائر 3.2 تريليون دولار تُعد إنذار ومؤشر على تراجع معدلات نمو الاقتصاد العالمي نتيجة إستمرار الأزمة الصينية والتراجعات المستمرة في اسعار النفط وتأثيرها السلبي على الاسواق الخليجية . وأضاف عمران، خلال حواره ل"أموال الغد" أن المرحلة الحالية تتطلب تبني الدولة لسياسة اقتصادية شاملة تركز على تحقيق معدلات نمو سريعة فى المدى القصير بالتوازي مع دمجها بسياسات اجتماعية لضمان استفادة المجتمع منها . وأوضح أن إدارة البورصة حرصت خلال الفترة الأخيرة على مطالبة الشركات بسرعة الإعلان عن نتائج عام 2015، بالإضافة إلى الإفصاح اليومي عن المؤشرات المالية للشركات، لتخفيف حدة التأثير السلبي التي تتعرض له السوق المصرية بالتوازي مع تطبيق محاور استراتيجية البورصة خلال العام الحالي والتي تستهدف زيادة عمق السوق عبر جذب شركات خاصة وحكومية واعدة للقيد وتنويع الأدوات المالية المتاحة . وتوقع رئيس البورصة أن يساهم تنفيذ قرار الحكومة الأخير الخاص بإستهداف طرح نسب من الشركات والبنوك الحكومية الناجحة بالبورصة في إستعادة العصور الذهبية للبورصة مرة أخرى، وإستعادة الاستثمارات الأجنبية مرة أخرى للسوق فضلًا عن تأثير قرارات البنك المركزي الاخيرة والخاصة بإلغاء الإجراءات الاحترازية سواء للأفراد أو المؤسسات (على السلع الأساسية) فيما يتعلق بالحد الأقصى للسحب بالعملات الأجنبية . تراجعات عنيفة وتوقعات بتباطؤ معدلات النمو العالمية، كيف ترى الوضع الحالي وإنعكاسها على منظومة الاقتصاد المصري ؟ ما تتعرض له اسواق المال على مستوى العالم يُعد إنذار على أن هناك نمو اقتصادي مستقبلي أقل من المعدلات المتوقعة خاصة في ظل أزمة الصين المستمرة من منتصف العام الماضي وإتجاهها إلى إتخاذها قراراً بتخفيض قيمة العملة بسبب تدني معدل الناتج الصناعي فضلًا عن التراجعات المستمرة في اسعار النفط وتأثيرها السلبي على تراجعات الاسواق الخليجية . وفى تصوري أن التحديات والضغوط الخارجية تمثل عبء كبير على صانع السياسة الاقتصادية فى الوقت الحالى خاصة وأن الاقتصاد المصرى مازال فى مرحلة التعافى ويحتاج إلى المزيد من الوقت حتى يعود إلى سابق عهده وإلى معدلات النمو التى كان يحققها قبل الأزمة العالمية وذلك لاستيعاب البطالة المتزايدة فى الاقتصاد. وهل تتوقع أن تتسبب الأزمة الصينية الاخيرة في تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي؟ مازال من المبكر الحكم على ذلك، فالاقتصاد الصيني لاعب أساسي ومؤثر فى أداء الاقتصاد العالمى، وقد أدى تراجع أدائه خلال العام الماضي إلى تخفيض توقعات نمو الاقتصاد العالمي، لكن لا يمكن الحكم الآن ويتطلب الانتظار المزيد من الوقت للحكم على أداء الاقتصاد الصيني والأمريكي. وما هي أبرز الإجراءات التي تراها ضرورية لتحرير الاقتصاد المصري من موجة التأثير السلبي ؟ أرى أن يتم تبني سياسة اقتصادية شاملة تركز على تحقيق معدلات نمو سريعة فى المدى القصير بالتوازي مع دمجها بسياسات اجتماعية لضمان استفادة المجتمع من تلك المشروعات، مع التركيز على عدد من المحاور، أولهما وجود سياسات نقدية ومالية متوافقة مع بعضها البعض تستهدف تحقيق معدلات نمو مرتفع وفى الوقت ذاته محاولة السيطرة على معدلات التضخم وهذا تحدى كبير أن يتم الجمع بين الأمرين. أما المحور الثانى يتعلق بمحاربة البيروقراطية والتى تعد أحد أهم معوقات الاستثمار، وهذا الأمر يحتاج إلى عمل مكثف لأن القضية ليست فى تغيير القوانين بقدر ما هي في تغيير ثقافة القائمين على تنفيذ تلك القوانين، بالاضافة إلى إدارك أهمية الإسراع بإيجاد كيان جديد للترويج للاستثمار كما فعلت كل الدول الأخرى، ولابد أن يكون هذا الكيان محترف ولديه الخبرة والقدرة على التعامل مع المستثمرين الأجانب، فيما يتمثل اخر المحاور في التركيز على الجانب قصير المدى حيث نحتاج إلى خطوات سريعة وذات مردود فوري على غرار ما قامت به الدولة من خطوات جريئة وناجحة فى المشروعات القومية العملاقة، لذلك تتطلب المرحلة أن يكون هناك توجه مماثل لمشروعات سريعة تحقق مردود فى الشارع وفى الاقتصاد بصورة عاجلة، خاصة وأن مصر لديها ثروة أيضاً تتمثل في الأصول المملوكة للدولة والتي يمكن إعادة هيكلتها وتعظيم العائد منها إما من خلال كيان اقتصادي يعمل وفقاً لمبادئ الربح والخسارة أو من خلال طرحها فى البورصة. وما تقييمك لتوجهات الاقتصاد المصري نحو الاستثمار في القطاعات غير التقليدية والمشروعات الصغيرة؟ هذا المحور من أهم المحاور التي ينبغي أن يتم التركيز عليها أيضًا خلال الفترة الحالية، خاصة وأن قطاع مثل الطاقة الشمسية استطاع جذب مليارات الدولارات إلى بعض دول شمال أفريقيا خلال السنوات الأخيرة ونحن مازلنا متأخرين بدرجة كبيرة في هذا الأمر على الرغم من أن دول أوروبا مستعدة بشكل كبير للعمل معنا فى هذا الشأن لتأمين إحتياجتهم من الطاقة. وبالنسبة للمشروعات المتوسطة والصغيرة، وأرى أننا نسير بالفعل على الطريق السليم فى هذا الأمر حيث نُثمن القرار الجرئ الأخير الخاص بمبادرة توفير 200 مليار جنيه للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بالإضافة إلى الخطوة الخاصة بإنشاء وزارة للمشروعات المتوسطة والصغيرة وهو أمر هام لإيجاد إطار مؤسسى موحد، بالاضافة الى أهمية الحفاظ على سوق مال نشط ومرن. وكيف ترى قدرة الحكومة المصرية على تحقيق معدلات النمو المستهدفة خلال العام المالي الجاري والبالغة 5%؟ تكامل تلك المحاور السابق ذكرها مع بعضها البعض يُمكن الاقتصاد على التعافي وتحقيق قدر من العدالة الاجتماعية لتجنب أخطاء الأنظمة السابقة التى كانت تتباهى بمعدلات نمو مرتفعة جوفاء دون أن يكون لها مردود كبير على كافة فئات المجتمع. تراجعات عنيفة تتعرض لها معظم اسواق المال في العالم مؤخرًا، ما توصيفك لتلك التراجعات ؟ أسواق المال تشهد تذبذات عنيفة منذ بداية العام حيث بلغ حجم التراجع لنحو 20% فى بعض الأسواق، وفى تقديري أن إجمالي الخسائر قد تجاوز 3.2 تريليون دولار فى خلال أيام معدودة وهى خسارة فادحة بالفعل، والمتابع للأمر أن هذه الأزمات أصبحت متكررة بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، وأخرها أغسطس الماضى. ولكن الحقيقة أن التحليل المتعمق للأمور يجب أن يدرك أن الأمر ليس متعلق بالأساس بأسواق المال بقدر ما هو متعلق بالاقتصاد الحقيقى، فخفض توقعات الاقتصاد العالمي لعام 2015 جاء نتيجة النتائج غير المرضية للاقتصاد الأمريكي والصيني، وهو ما يثير التخوفات حول إمكانية دخول العالم إلى مرحلة ركود في حالة استمرار الأوضاع بتلك الوتيرة. كما أن المشكلة بالبورصة المصرية بالإضافة إلى الأحداث العالمية استمرار الأحداث والتوترات الإقليمية التى تتسبب فى تعميق الضغوط ، وهو ما يجعلنا أمام تحديات مضاعفة خاصة مع حرصنا على عدم التدخل الإداري في السوق . وما أبرز توجهات إدارة البورصة لتفادي تأثيرها السلبي على السوق ؟ نحرص على تطبيق سلاح الإفصاح والشفافية، عبر مطالبة الشركات بسرعة الإعلان عن نتائج عام 2015، بالإضافة إلى الإفصاح اليومي عن المؤشرات المالية للشركات، خاصة في ظل عشوائية قرارات أتنبعض المستثمرين نتيجة حالة الهلع أو الخوف المبالغ فيه من حركة الأسواق، لذلك تم الإعلان عن بيانات محدثة كشفت أن أكثر من 60% من الشركات تقع عند مستوى مضاعف ربحية لا يزيد عن 10 مرات وهو معدل جيد للغاية، كما أن 12 قطاع من أصل 17 قطاع مدرجين فى البورصة يسجلون مضاعف ربحية يقل عن مستوى 13 مرة. كما إتجهنا إلى التركيز على زيادة عمق السوق وجذب سيولة جديدة ستساعد بلاشك في تحسين أداء السوق، وهذا الأمر نعمل عليه منذ فترة طويلة ونحاول جذب شركات جديدة ومستثمرون جدد، وأتمنى أن يساعد تحسن الوضع الاقتصادى المحلى فى القيام بذلك. تصريحات الحكومة الأخيرة بشأن استهدافها طرح نسب من الشركات والبنوك الحكومية الناجحة؟ كيف ترى تأثير ذلك الإتجاه؟ أتوقع أن يساهم تنفيذ ذلك القرار في إستعادة العصور الذهبية للبورصة مرة أخرى، وهذا الأمر إتضح تأثيره مع بداية الطفرات الحقيقية التى تمت للبورصة فى 1996 وفى 2005 والذي كان مدفوعاً بقيام الحكومة بطرح عدد من الشركات فى البورصة المصرية، الأمر الذي ساهم في زيادة عمق السوق وجذب استثمارات جديدة إلى السوق . ويعتبر توجه الحكومة لطرح عدد من الشركات و البنوك الحكومية فى البورصة بمثابة رسالة قوية من الحكومة أنها تتفهم أهمية سوق المال ودوره في الحصول على التمويل من خلاله، كما ستساعد بشكل كبير على تعميق السوق واستعادة ثقة المستثمرين. من جانب أخر فإن هذه الطروحات تساعد أن يتملك الفرد العادي مهما كان دخله حتى لو سهم واحد، وهو ما يعيد له الشعور بأن هذه الشركات والأصول هى ملك له ويستفيد بها، وهو ما يساعد مع الوقت على رفع الوعى والانتماء لدى الأفراد العاديين. كما ان هذه الطروحات ستساعد على إعادة الاستثمارات الأجنبية للسوق مرة أخرى، بالتزامن مع بدء المستثمر الأجنبى خلال الفترة الحالية إعادة تشكيل محافظه الاستثمارية الآن بعد الأحداث العالمية الأخيرة ويبحث عن أسواق أخرى تتميز بالتنوع، حيث فى تصورى سيكون التركيز فى الفترة القادمة على الأسواق والقطاعات ذات الأساس القوى Strong Fundamentals .