سائقو الشاحنات المصريون ممنوعون من القيادة خارج مصر وغير مصرح لهم بالسفر واستخدام الطرق الدولية لعدم صلاحيتهم والأمر يستلزم إعادة تأهيلهم للقيادة من جديد!! وحصولهم علي شهادات تضمن السلامة لمركباتهم وللمنشآت بتجنب مايرتكبونه من حوادث نتيجة لنقص الإعداد الفني اللازم لهم!! لم يكن هذا الكلام صادرا عن رجال المرور الذين اعيتهم الحيل لضبط السائقين الذين يقودون شاحناتهم برعونة.. ولم يكن هذا الكلام ايضا متضمنا للتقارير الطبية التي تشهد ان معظم حوادث الشاحنات علي الطرق المصرية كانت لسائقين مدمنين للمخدرات.. وإنما أثيرت هذه التعليمات علي لسان الخبراء المشاركين في المؤتمر الدولي للتدريب والسلامة الطرقية الذي عقده الاتحاد الدولي للنقل علي الطرق(IRU) واستضافته الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا بالإسكندرية مؤخرا. خطورة الأمر ليست مقصورة علي مستوي تراجع السائقين المصريين بالمقارنة بأقرانهم الأردنيين أو السوريين أو الأتراك في قيادة الشاحنات عبر الطرق العربية والأوروبية وإنما تكمن الخطورة كما يقول اللواء حازم القاضي رئيس الاتحاد العربي للغرف الملاحية وأحد المشاركين في المؤتمر في حرمان مصر من الحصول علي حصتها المناسبة في تجارة المستقبل وهي النقل الدولي بنظام من الباب للباب!! فقد انتهي عصر تحميل البضائع بالسيارات للميناء وتعدد مرات شحنها وتفريغها في سفن واعادتها لشاحنات أخري بموانئ الوصول حتي وصولها للمحطات النهائية للمستوردين.. فهذه طرق عقيمة تؤدي الي تلف السلع وزيادة الفاقد من البضائع.. لكن الأساليب الحديثة تعتمد علي نقل الصادرات في حاويات علي شاحنات مجهزة عبر الطرق الدولية ومنها الي السفن التي تنقل الشاحنات المحملة لتصل الي مواني الوصول فتنطلق منها الشاحنات بنفس سائقيها الي محطاتها النهائية لتصل السلع طازجة الي مستهلكيها في أوروبا وآسيا والخليج بدون اعادة شحنها وتفريغها عدة مرات بفضل النظم اللوجستية الحديثة وعقود النقل متعدد الوسائل سواء برية أو بحرية. السائقون المصريون محرومون من المشاركة حاليا في هذه التجارة الدولية باستثناء بعض الدول التي تربطنا بها اتفاقيات ثنائية تسمح بدخول سائقينا مثل السعودية وليبيا والأردن وسوريا ولبنان ولكن باقي الدول لم تسمح بدخول السائقين المصريين بسبب عدم توقيع مصر لاتفاقية تير(TIR) وهي اتفاقية الطرق الدولية ترانسبورت انترناشيونال روتس والاتفاقية تعني ببساطة امكانية دخول السائقين الأجانب بشاحناتهم اذا كانوا مؤهلين وحاصلين علي شهادات الجدارة المهنية للقيادة الرشيدة القادرة علي التعامل في مجالات الخدمات اللوجستية والسلامة البيئية, كما تستلزم ايضا اجادة السائق للتعامل في المواد الخطرة وهي للآسف مهارات لايتمتع بها السائق المصري بينما يتمتع بها السائق في الدول الموقعة علي اتفاقية( تير) وهي ليست مهارات يمكن الحصول عليها بالفهلوة المصرية وإنما هي عنوان لشهادات عالمية يجب علي السائق الحصول عليها لكي يسمح له بالسير علي الطرق الدولية! اللواء القاضي نبه أيضا الي أن عدم توافر هذه الشهادات لدي السائقين المصريين يهدد ايضا بعدم تنفيذ الاتفاقيات التي وقعتها مصر مؤخرا مع تركيا وايطاليا لتسيير خطوط ملاحية منتظمة بحضور المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة لأنها اتفاقيات تعتمد علي النقل من الباب للباب ومن المصدر للمستورد مباشرة بسبب مشكلة السائقين, وهو مايعني أن السائق التركي يمكنه الدخول بشاحنته الي الطرق المصرية بينما يعجز السائق المصري عن السير في الطرق التركية!! وهو أمر يستلزم توقيع اتفاقية ثنائية بين مصر وتركيا لحين توقيع مصر علي الاتفاقية الدولية. وزراء النقل العرب الذين اجتمعوا بالإسكندرية وناقشوا نتائج هذا المؤتمر استشعروا هم ايضا هذا الخطر الذي يهدد بإقصاء العالم العربي عن نصيبه من المشاركة في التجارة الدولية عن طريق البر كما تم إقصاؤه من قبل عن التجارة الدولية بحرا فكلفوا الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا بسرعة توفير برامج تأهيل السائقين, بمصر والعالم العربي بالاتفاق مع الاتحاد الدولي للطرق, وقد أبدي الدكتور محمد فرغلي رئيس الأكاديمية استعداد الأكاديمية لمواجهة هذا المأزق وذلك بفتح مركز تدريب ميدانية تقدم برامج تأهيلية للسائقين ليس في مصر فقط ولكن بالدول العربية أيضا وذلك بالاستعانة بأجهزة علمية تحاكي الشاحنات الضخمة( سيميلتورز), مشيرا الي ان حصول السائقين العرب علي هذه الشهادات يعني ببساطة مضاعفة الصادرات العربية ووصولها الي المائدة الأوروبية طازجة وبحالة جيدة.