"دائما ماتشطب شيئا لتكتب الأفضل ،لكن فى البورصة الوضع مختلف تماما فشطب الشركات لأسهمها بالبورصة يعنى أن هناك خلل ما فى منظومة سوق المال يدفعها لهذا التوجه. فإتجاه بعض الشركة المقيدة بالبورصة نحو الشطب الإختيارى يمثل إشارة سلبية للاستثمار ويضعف من جاذبية البورصة أمام المستثمرين رغم التطوير الذى لحق بمنظومة التداول وخاصة قواعد القيد التى شهدت تبسيط لإجراءات القيد وتخفيض مدة الموافقة عليها لتصل في بعض الحالات إلى 24 ساعة فقط. وفى استطلاع أجرته "أموال الغد" لآراء خبراء ومحللون أسواق المال ومسئولى الشركات، حددوا أسباب الإتجاه لتلك الخطوة منها توفير الرسوم التى يتم دفعها سنوياً لإدارة البورصة فى صورة مصروفات القيد أو الغرامات فضلاً عن عدم التقيد بالافصاحات المتكررة بالإضافة إلى إلزام الشركات بتعيين عضوين مستقلين فى مجلس الادارة. ويعول الخبراء، على الطروحات الجديدة لكونها ستساهم فى عودة البورصة لوظيفتها الأساسية في مساعدة الشركات على توفير التمويل اللازم للنمو والتوسع. تسعي إدارة البورصة لجذب شركات جديدة وقيدها في السوق بعد الخروج المتتالي لعدد كبير من الشركات المقيدة وأخرها، شركة القاهرة للاستثمار والتنمية العقارية وشركة مستشفي القاهرة التخصصي، بعد إتمام عمليتى استحواذ عليهما، ورغم عدم تأثيرهما على التداولات إلا أن ذلك يعد مؤشراً سلبياً على جاذبية البورصة. وكانت شركة الدلتا للسكر، إحدى الشركات الحكومية، قد اتجهت للشطب الاختيارى، ثم تراجعت بعد طلب وزير التموين الدكتور خالد حنفى وقف الشطب حفاظاً على المال العام وتعظيم أرباحه. خروج كيانات كبيرة وخلال أكثر من عامين شهدت البورصة خروج الكثير من الكيانات الاقتصادية التى كانت تجذب انتباه الكثير من المستثمرين العرب والأجانب للتداول فيها ومنها أوراسكوم للإنشاء والصناعة والبنك الأهلي سوستيه جنرال والمصرية لخدمات التليفون المحمول- موبينيل، فى المقابل كان آخر طرح عام أولي كبير شهده السوق هو طرح أسهم العربية للأسمنت في مايو الماضى والأول منذ ثورة يناير 2011، ورغم جاهزية السوق لاستقبال المزيد من الطروحات، إلا أنه لم يبدو فى الأفق أية طروحات جديدة حتى الآن. وكشفت إحصائيات أجرتها "أموال الغد"، عن أن هناك أكثر من ألف شركة مساهمة مسجلة بشركة مصر للمقاصة والايداع والقيد المركزى ، 24% منها متداولة فى البورصة بما يعادل 239 شركة من بينها 23 شركة يتم تداول أسهمها بأقل من القيمة الإسمية للسهم، وسهمين يتم تداولهما بأقل من نصف القيمة الإسمية وهما الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامى وبنك قناة السويس. وأعلنت شركات مثل النيل للسكر وإيديتا للصناعات الغذائية، وإعمار مصر وأرابتك مصر واتصالات مصر وحديد المصريين ودومتي للصناعات الغذائية عن رغبتها في قيد وطرح جزء من أسهمها في البورصة، وهناك شركات أخرى مثل عربية للتطوير العقاري وكربون القابضة ودار المعمار ودار الفؤاد وسوبريم القابضة وفوري وترافكو القابضة ومنازل القابضة والأهلي للتنمية والاستثمار العقاري و مجموعة الوادى القابضة للصناعات الغذائية والزراعية تدرس توقيت وكيفية قيد أسهمها. وقامت الهيئة العامة للرقابة المالية وبورصة مصر في فبراير الماضي بتعديل قواعد القيد في السوق لجذب شركات جديدة للقيد والتداول وكذلك فتح الباب أمام المشروعات القومية الكبيرة للطرح في السوق. تسهيل قواعد القيد قال شريف سامي، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، أن إدارتي البورصة والهيئة حرصتا خلال الأشهر الماضية على تهيئة وتوفير عوامل المناخ الاستثماري الجاذب للاستثمارات الخارجية والشركات الجديدة من خلال تسهيل قواعد القيد وتقليل الاشتراطات في صورة ميسرة لتدعيم القدرة وإتاحة المجال أمام شريحة الشركات الراغبة في القيد للاستفادة من مزايا المنظومة على الصعيد التمويلي . وأكد سامى، أن النصف الأول من العام الجارى شهد إنهاء "صيام" السوق طوال السنوات الماضية على صعيد سوق الطروحات وقيد شركة العربية للأسمنت، موضحاً أن هناك عدة شركات جديدة جادة فى طرح أسهمها ومنها على سبيل المثال لا الحصر "النيل للسكر"، الأمر الذي يؤكد على بوادر التحسن والتعافي. وتوقع رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، تنامي دور البورصة والوصول إلى مرحلة التعافي الكامل بالتزامن مع استكمال باقي مؤسسات الدولة خاصة الانتخابات البرلمانية، مؤكدًا أن استكمال تلك الأمور تنعكس بدورها بصورة إيجابية على المنظومة الاقتصادية عامة والبورصة خاصة . ومن جانبه، أكد الدكتور محمد عمران، رئيس مجلس إدارة البورصة المصرية، أن إدارة البورصة ستنظر وضع ضوابط جديدة للشطب الاختياري على أن تتضمن ضرورة الإفصاح عن أسبابه وتوافر الملاءة المالية لشراء أسهم صغار المساهمين والمتضررين من الشطب. وأضاف عمران أن التعديلات التى تمت مؤخراً على قواعد القيد الجديدة ساهمت فى تبسيط الإجراءات وتخفيض مدة الموافقة عليها، مضيفاً أنه من المتوقع الإنتهاء من دراسة مفصلة عن تأثير تطبيق تلك التعديلات للتأكد من جداوها قبل نهاية العام الجاري. وتوقع رئيس البورصة المصرية، قيد وطرح عدد من الشركات الجديدة خلال العام المقبل، مؤكداً أن النصف الأول من العام الحالى شهد تنفيذ أول طرح عام فى السوق منذ 2010، وبنسبة تغطية مرتفعة بما يؤكد على ثقة المستثمرين فى البورصة. الضرائب الرأسمالية قال حسين شكري، رئيس مجلس إدارة شركة "إتش سي" للأوراق المالية والاستثمار، أن السبب الرئيسي وراء تدني معدلات إقبال الشركات على القيد بالبورصة يرجع أساسًا إلى تأثير الأوضاع السياسية والأمنية وإنعكاسها على قرارات مجالس الإدارة تجاه خططها المستقبلية. وأضاف أن فرض الضرائب على الأرباح الرأسمالية أفقدت البورصة بعض جاذبيتها، مشيراً إلى أنه لم يتم التوصل لطريقة حسابها حتى الآن، وهو ما يتطلب معالجة هذا الأمر. ولفت إلى قواعد القيد الجديدة تعتبر محوراً هاماً سيتضح آثارها خلال السنوات المقبلة عقب الانتهاء من خارطة الطريق، مؤكدًا على قدرة السوق على إستيعاب إصدارات أولية جديدة فى الوقت الحالى. وكشف رئيس شركة "إتش سي"، عن أن السوق المصرية يحتاج لطرح أفكار ومنتجات جديدة بسوق المال لدعم وتنمية القدرة على خلق وتوفير معدلات سيولة جيدة بالسوق، مؤكدأً على ضرورة التنوع والتوسع في المنتجات المالية المتاحة بهدف جذب المزيد من الاستثمارات. طول الاجراءات أشار أحمد أبو السعد، العضو المنتدب لشركة "رسملة مصر" لإدارة المحافظ المالية وصناديق الاستثمار، إلى أن طول الاجراءات التي تستغرقها البورصة لقيد شركات جديدة بالإضافة إلى بعض المستجدات التي طرأت على المنظومة مؤخرًا مثل فرض ضريبة على أرباح الشركات والتوزيعات النقدية إلى جانب عدم الاستقرار السياسي تعد أبرز العقبات أمام الشركات الجديدة الراغبة في القيد. وشدد على أهمية تنشيط السوق عبر طرح أدوات ومنتجات مالية جديدة تساهم بدورها في جذب مستثمرين وشركات جديدة إليها، مؤكدًا أن السوق لم تشهد منذ 2002 أية أدوات جديدة ومن ثم غياب الطروحات الجديدة بصورة تدريجية فى الأعوام التالية . أضاف أبو السعد أنه على الرغم من تلك العقبات إلا أن توجه الشركات وخططها الرامية إلى الاعتماد على البورصة لتمويل خططها لن يتوقف، لافتاً إلى ضرورة الترويج الجيد لمزايا قيد الشركات فيما يتعلق بحماية مصالح صغار المستثمرين عبر ما تشترطه على الشركات من الالتزام بمعايير الافصاح والشفافية . تشكيل لجنة مختصة وطالب الدكتور عصام خليفة، العضو المنتدب لشركة الاهلي لصناديق الاستثمار، بضرورة تشكيل لجنة مختصة لبحث ظاهرة إتجاه بعض الشركات لشطب أسهمها من البورصة والوقوف على الأسباب الحقيقة لذلك، بالإضافة إلى منع خروج الشركات الكبرى تفاديًا لأية تأثيرات على المؤشر الرئيسى، فضلاً عن رصد العقبات التى تحول دون وفود شركات جديدة للسوق . وأكد على ضرورة إيقاف التعامل على أى ورقة مالية تعلن شركتها عن إعتزامها الشطب من البورصة لحين إتخاذ قرارها النهائى بشأنها لحفظ إستقرار السوق ومنعًا للتلاعب. أشار خليفة إلى أن قواعد القيد ومصاريفها الثابتة على الشركات المدرجة وما تتضمنه من تطبيق غرامات فى حالة عدم الالتزام بقواعد الافصاح قد تكون أحد الأسباب فى اتجاه للشطب بالإضافة إلى أنها قد تكون عاملاً فى تراجع بعض الشركات عن السير فى إجراءات القيد. وقال هانى جنينه، رئيس قطاع البحوث بشركة "فاروس" لتداول الأوراق المالية، أن ترقب الشركات لآخر مراحل خارطة الطريق والمتمثلة في انتخاب مجلس برلماني يعتبر سبباً رئيسياً وراء توقف خطط الشركات فى القيد والطرح بالبورصة، وذلك في ظل رغبتهم تحقيق أكبر استفادة ممكنة من وراء الطرح. وأضاف أن العام المقبل سيشهد بدء إعادة تفكير تلك الشركات لخططها مرة اخرى والمضي في اجراءات القيد خاصة بقطاعات العقارات والاغذية، متوقعًا أن تصل حصيلة الشركات المقيدة الجديدة ما بين 4 و 5 شركات . وأوضح أن طبيعة المجريات التى تمر بها بعض القطاعات المدرجة تعد عامل أخر وراء تأخر القيد خلال الفترة الراهنة، خاصة وأن هناك بعض القطاعات لم تستعيد توازنها منها على سبيل المثال تأثير إنخفاض الأسعار العالمية لكثير من السلع، ذلك الأمر الذى يحمل بين طياته آثار سلبية على شركات تلك القطاعات في حالة التفكير في القيد. قال مالك سلطان، خبير الاستثمار المباشر، أن البورصة المصرية حالياً تقع أمام إشكالية أن الشركات الجديدة المقيدة أو المطروحة للاكتتاب العام أقل من الخارجة منها، لا سيما وأن هناك عشرات الشركات تم شطبها خلال السنوات الأربع الماضية فى مقابل طرح عام أولى واحد وهو "العربية للأسمنت". وأضاف أنه على الرغم من حركة التطوير الأخيرة على قواعد القيد وتبسيط الإجراءات وتخفيض مدة الموافقة عليها لتصل أحياناً إلى 24 ساعة إلا أنه الواقع العملى يؤكد تعقد بيئة القوانين والإجراءات اللازمة نحو القيد بالبورصة مدللاً على بشرط الحصول على موافقة وزارة الصحة قبل إتمام أى عمليات نقل ملكية بشركات الأدوية والمستشفيات التابعة للقطاع الخاص وهذا ما يخلق عائقاً أمام المستثمرين لبيع أو شراء حصص بهذه الكيانات، فاختصاصات الوزارة يجب أن تنحصر فى الجوانب الفنية فقط. الشركات المقيدة استطلعت "أموال الغد" آراء بعض مسئولى الشركات المدرجة بالسوق، حيث وصف عليوة شلبي، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة النصر للأعمال المدنية، سلسلة التعديلات الأخيرة على قواعد القيد بالبورصة المصرية ب "المجحفة" نتيجة الاشتراطات الكثيرة والمتمثل أبرزها في إلزام الشركات بتعيين عضوين مستقلين فى مجلس الادارة، فى حين انتخابه يكون بالتصويت الحر والحصص الحاكمة أو المساهمة بالشركة هى من تنتخبه. وطالب عليوة أن يكون هناك حوار مجتمعى بين مجالس ادارات الشركات المدرجة اثناء اتخاذ قرارات تتعلق بالاطار العام للمنظومة الذين يندرجون بها بالإضافة الى إجراء استقصاء للشركات حول تلك القواعد مسبقاً قبل إقراراها، وذلك بهدف تدعيم القدرة على الاحتفاظ ببريق السوق وتحفيز مزيد من الشركات على القيد. في الوقت ذاته، أكد على أهمية سير الشركات الجديدة فى إجراءات القيد بالبورصة في ظل مزايا السوق على الصعيد التمويلي والتي تعد من أفضل الأسواق بالمنطقة باستثناء الثلاث سنوات "العجاف" التى شهدت مرحلة عدم استقرار سياسي صاحبها تذبذب اقتصادى آثر بدوره على البورصة والشركات المقيدة. أكد أنسى يوسف، نائب رئيس مجلس الإدارة بشركة "رمكو" لإنشاء القرى السياحية، أن قواعد القيد وتعديلات الافصاح قد تدفع بعض الشركات إلى الشطب الإختيارى بالإضافة إلى ارتفاع رسوم القيد والتى قد تصل أحياناً إلى نصف مليون جنيه سنوياً مما يعتبر عبئاً على الشركات التى تعانى انخفاضاً وضعفاً فى ملاءتها المالية فى ظل ظروف صعبة يمر بها الاقتصاد. وطالب يوسف، بالتيسير على الشركات المقيدة من خلال تسهيل السداد على أقساط، موضحاً أنه كان ينبغى على إدارتى "البورصة" و"الرقابة المالية" تنظيم حوار مفتوح خلال فترة إعداد التعديلات للتأكد من مدى قدرة الشركات على الالتزام بها تجنباً لاتجاهها نحو الشطب بهدف توفير الرسوم التى يتم سدادها سنوياً فى صورة مصروفات القيد أو الغرامات. بينما قال محمود مغاورى، رئيس مجلس إدارة شركة الشمس للإسكان والتعمير، أنه لا توجد أية عقبات حالية من شأنها أن تعوق الإستمرار بالبورصة خاصة في ظل التعديلات الاخيرة التي قامت بها الجهات المختصة وما نتج عنها من تسهيل لعمليات القيد وزيادة عناصر الشفافية والافصاح. وفيما يخص إحجام بعض الشركات عن القيد حالياً، أكد أن ذلك الأمر لا يتعلق على الإطلاق بالبورصة، فهى مازالت تحمل عوامل الجذب للشركات، إلا أن عدم الوضوح الكامل لملامح الرؤية السياسية والفكر الإقتصادى وتوجهاته أثر على قرار إتخاذ الشركات لأي خطوات فعلية لإدراج أسهمها بالبورصة.