مرت الدولة بثلاث سنوات يعتبرها الكثير الأسوأ فى تاريخها بسبب الاضطرابات السياسية والأمنية التي منيت بها بعد ثورتين و لم يقتصر تأثير تلك الأحداث و المجريات على الصعيد السياسى فقط و لكنها حملت بالتأثير المباشر على الإقتصاد خاصة سوق المال و البورصة والذي يعد المرآة الحقيقية للاقتصاد . ومنيت خلال تلك الفترة الكثير من الشركات بخسائر فادحة ، واضطرت العديد من الكيانات للتخارج حفاظا على مركزها المالى ، ولم يتوقف الأمر على هذا الحد بل تحول معظم المستثمرين إلى فئة المضاربين ، وأصبحت الأحداث و المجريات هى قائدهم سواء للبيع أو الشراء ، واصبحت فكرة الإستثمار الحقيقى طويل المدى غائب عن فكر الكثير . خبراء سوق المال أكدوا سيطرة المضاربات على الإستثمار بالبورصة خلال الفترة الماضية ، كرد فعل عدم وضوح الملامح الرئيسية للخطة و الإتجاه الإقتصادى من قبل رئيس الجمهورية وحكومته . وأضافوا أن القرارت الإقتصادية الأخيرة من قبل الدولة و الرامية نحو زيادة الإيرادات من خلال زيادة الضرائب ، تعد خطوة للقضاء على هذا الفكر ، فالمستثمر الذى يسعى للبورصة كسبيل للإستثمار فى ظل إختفاء المحفزات و زيادة الضرائب ، لابد وأن ينظر للمستقبل . وتوقعوا أن تشهد الفترة المقلبة الكثير من المشاريع و الإستثمارات الحقيقة ، بالتزامن مع خطة إستراتيجية محدده للمسار الإستثمارى على المدى الطويل ،و تحقيق الإستقرار الفعلى على كل أصعدة الدولة. سليمان نظمى ،عضو مجلس إدارة البورصة ، قال أن أى بورصة على مستوى العالم لا بد وأن يوجد بها مضاربات ، ولكن الامر يتمثل فى نسبة هذة المضاربات من حجم الإستثمار الكلى بالسوق ، فقد شهدت السوق المصرية خلال الفترة الماضية إعتماد على فكرة المضاربات من قبل المستثمرين بغرض البحث عن سبل للربح السريع ، مقابل إختفاء المستثمر طويل الأجل نسبيا من الساحة . وأضاف أن إنتعاش سوق المال متوقف على زيادة الوعى لدى المستثمرين حول البحث عن الأستثمار طويل الأجل و الذى يعود بالنفع على كلا من الأقتصاد و على إستثمارته ، موضحا أن هذا لا يعنى القضاء على المضاربات نهائيا فهذا أمر مستحيل ، ولكن لابد من التحديد الأمثل لنسبة المضاربة و التى يجب أن لا تتعدى ال 10% فقط من حجم الإستثمار الكلى للمستثمر ، وأن يتمثل الجزء الأكبر فى المشاريع و الإستثمارات ذات العائد الكبير . وأتفق معه أحمد العلى ، رئيس مجلس إدارة شركة القمة للتداول ، فى التأكيد أن المضاربة هى سمة أى بورصة ، و لكن النسبة هى المقياس ، فنسبة المضاربات تقل بصورة واضحة فى ظل خطة طويلة الاجل من قبل الدولة ، تحدد من خلالها مسار الإستثمار و الإقتصادى المصرى ، بالإضافة إلى خطة ذات نطاق ضيق من قبل الشركات ذاتها حول خططها الإستثمارية المستقبلية . وأضاف أن وضوح ملامح الرؤية من قبل المستثمر تقوده للتفكير فى الإستثمار طويل و متوسط الأجل ، مشيرا إلى الوضع الراهن وإتجاه الدولة لوضع خطة إستراتيجة واضحة الملامح على كلا من الصعيدين السياسى و الإقتصادى ، و لكن يأتى التمويل العائق الأكبر أمام وضع هذة الخطة . ومن جانبه أكد طارق محمد يونس ، العضو المنتدب لشركة تروبيكانا للتداول ، أن الفترة الماضية ومرورا بثورتين على الصعيد السياسى ، و الكثير من الإضطربات و الأحداث جعلت الإستثمار بسوق المال يندرج تحت شريحة الإستثمار قصير الأجل ، و الدليل الأكبر على ذلك تاثر السوق بشكل مباشر بالمجريات السياسية و الأخبار الخاصة بالشركات ، فأصبح القائد لعملية البيع و الشراء خلال الفترة الماضية من قبل معظم المستثمرين هو الشائعات و الأخبار دون النظر على المدى الطويل للشركات و إستثماراتها . وفى سياق متصل أكد أنه هذة الحاله هى رد فعل عدم وضوع ملامح الرؤية و ضبابية المشهد السياسى لحد ما ومن ثم الإقتصادى ، متوقعا القضاء على هذا السيناريو عقب تحقيق الإستقرار الفعلى ، وتجلى الحزم الإستثمارية المحفزة و المطمئنة للمستثمر .