في الوقت الذي تشن فيه الحكومة المصرية حملاتها الأمنية المكثفة على جماعة الإخوان المسلمين منذ عزل الرئيس محمد مرسى، يراهن ثاني أكبر حزب إسلامى فى مصر على فوز القائد العام السابق للقوات المسلحة، المشير عبد الفتاح السيسي والذي قاد عزل حليفها السابق من الحكم. فى حوار خاص مع الأهرام أون لاين بمقر حزب النور بالقاهرة، أكد يونس مخيون (58 سنة) رئيس حزب النور السلفى، أن تأييد حزبه للسيسى هو اختيار "إستراتيجي" خوفا على البلاد من "التقسيم والفوضى وخطر الدولة الفاشلة". ويؤيد حزب النور –الذي تأسس في 2011 عقب ثوره 25 يناير كذراع سياسى للدعوة السلفيه – خارطة الطريق التى رسمتها السلطات الانتقالية لإعادة البلاد إلى طريق الديمقراطية رغم رفضه المشاركة فى مظاهرات 30 يونيو التى أدت إلى عزل مرسى. أكد مخيون أن قرار الحزب آنذاك جاء خوفا من إحداث مزيد من الانشقاق بين الإسلاميين وملايين المصريين الذين طالبوا بسقوط مرسى.ووجدنا أن انسحابنا فيه خطورة واخترنا أن نظل مشاركين، ليكون هناك صوت إسلامي يمثلنا ونشارك من خلاله في إصلاح الأمور والقرارات وحتى لا تظهر صورة الإسلاميين وكأنهم فى جانب والشعب بأكمله في جانب آخر". ويري مخيون، طبيب الآسنان والقاطن بمحافظة البحيرة، آن السيسى هو "الأقدر والأنسب" لقيادة البلاد فى هذه المرحلة و"حمايتها من التفكك" فى ظل ما أسماه بمخطط تقسيم الشرق الأوسط لإقامة مشروع تكون فيه إسرائيل هى الدولة الوحيدة المتحكمة فى المنطقة والذى أشار إلى أنه (المشروع) نجح بالفعل في العديد من البلاد العربية منها العراق وسوريا واليمن والسودان والصومال وأخيرا ليبيا. وقال إنه "فى حال اختيار السيسى رئيسا، ستتجاوب معه مؤسسات الدولة سريعا وسيكون هناك تناغم بينهم لتعاملها معه من قبل." وأضاف: "من الصعب تواجد هذا الانسجام في وجود رئيس آخر والذي يمكن أن يتم النظر له كجسم غريب يجب لفظه أو ربما يُخشى أن يقوم بتغيير دراماتيكي في هذه المؤسسات يؤدى لانهياره". وقال رئيس حزب النور إن السيسى لديه تجربة إدارية ناجحة منذ توليه لوزارة الدفاع، حيث نقل خلالها المؤسسة العسكرية نقلة نوعية كبيرة فى الشهور البسيطة عقب توليه المنصب. واستشهد بخبرات المشير السابقة فى المجال الأمنى، موضحا أنه "على دراية كاملة بما يحيط مصر من مخاطر أمنية". وقال: "السيسى محبوب من كل من يتعامل معه وعنده درجة قبول وحب شديد في القوات المسلحة سواء بين الجنود أو القيادات ويتميز بخلق عالي وأدب جم وعفة لسان". ويتمتع السيسى بشعبية جارفة بين المصريين الذين أيدوا عزل مرسي بعد عام من رئاسته والتي زادت من توقعات فوزه بالرئاسة. وكان حزب النور قد تعرض لهجوم عنيف من جانب التيار الإسلامي الأوسع الذي اتهمه "بالعمالة والخيانة والكفر والردة" بسبب تأييده لقرار عزل مرسي بعد مظاهرات 30 يونيو. وأكد مخيون: "الإخوان اتخذوننا أعداء لهم لرفضنا السير معهم فى طريق أضر بالبلاد، وكل من يختلف معهم يعادونه". وأضاف مخيون أن الأمر تطور لعنف جسدي، متهماً أنصار الإخوان بحرق مقر الحزب بأسوان وضرب احد منسقي الحزب بخرطوش في حلوان. ويقول مخيون أن رجوع الجيش للمشهد السياسي كان نتيجة لأخطاء جماعة الأخوان في أثناء توليهم مقاليد الحكم لمدة عام. أضاف مخيون أن "الخطاب العنيف والتكفيري للإخوان قبيل المظاهرات الشعبية في 30 يونيو أخاف الشعب المصري وكأننا على أعتاب مواجهة دموية". "هم من أعطوا فرصة للجيش بالتدخل، لاستشعاره أن هناك خطر على البلاد وصدامات على وشك أن تحدث بين الإخوان والشعب". وقال مخيون إن السيسى كان يهدف للإصلاح بين القوى السياسة وإذابة الجليد بينها وبين الإخوان تزامنا مع أوج الغضب الشعبى قبل يوليو 2013 فى مبادرات رفض الرئيس المعزول الإستجابة لها. "لو كان إنسان (السيسي) في نيته الخيانة لم يكن لينصح أو يوجّه أو يسعى في الإصلاح". وبالرغم من دعم العديد من رموز نظام مبارك لترشح المشير للرئاسة وهى أبرز الاتهامات التي توجه لحملته، يرى مخيون والذى تم اعتقاله عدة مرات في عهدي مبارك والسادات، أن ذلك لا ينذر بعودة هؤلاء للمشهد السياسي أو عودة الدولة القمعية. "عندما ناقشناه فى هذا قال هل تتخيلوا أن من أفسد الحياة السياسية وخرب البلاد وأوصلنا لما نحن فيه سيعود مرة أخرى؟... استحالة". وقال مخيون: "الأمر في يد الشعب وسلطات رئيس الجمهورية ليست مطلقة، هناك دستور يحكم ورقابة من البرلمان". ويؤكد مخيون أن حملة السيسى المركزية لا تضم أى رموز من النظام السابق أن معظم من يروجون للمشير فى الأقاليم والمراكز يتحركون من تلقاء أنفسهم دون تكليف من المرشح، موضحا أن معظم هؤلاء "أشخاص متطفلين من الوجوه القميئة التي تستغل أي شخصية لها شعبية وترى أن لها المستقبل بأن تقفز على أكتافه وتأخذه قنطرة للوصول إلى أهدافها". "ليس ذنبه أن هناك شخصًا يؤيده نحن نرى أن الواضح أن غالبية الشعب المصري تؤيده". وعن دور الحزب فى الحياة السياسية حال فوز المشير بالرئاسة، يرى مخيون أن الحزب يسعى لتولى دور تنفيذي يستطيع من خلاله تحقيق رؤيته للإصلاح المجتمعي من مرجعية إسلامية. "لن نستطيع أن نُحقق هذه الرؤية، إلا من خلال موقع تنفيذي في البلاد نوصل صوتنا من خلاله لمؤسسات الدولة". وأكد حزب النور قبل ذلك على رفضه لتولى مناصب فى حكومة معينة ليست منتخبة والذي لا يتوافق مع الفكر السلفى، رافضا النموذج الذي قدمته جماعة الإخوان المسلمين للحكم. "ما صدر من الإخوان أساء للإسلام". وعلى الرغم من اعتراف مخيون أن فشل الإخوان السياسي قد أثر بالسلب على شعبية التيار الإسلامى ككل، يسعى النور بدلا من ذلك إلى تحقيق الأكثرية وليس الأغلبية في البرلمان القادم بنسبة يرى أنه صعب تحديدها في ظل عدم الاستقرار على نظام انتخابي بعد. مضيفا أن انخفاض الشعبية عوضها "إدراك الناس أننا لانسعى إلى مصالح شخصية ونعمل من أجل الصالح العام ولن نشارك فى أى أعمال عنف أو نصطدم مع أى فصيل أخر". واعترف مخيون بوجود أخطاء كبيرة في برلمان الإخوان الذي وصفه ب"الضعيف". "لم تكن هناك خطة تشريعية واضحة واستهلكنا وقتًا في أشياء غير مفيدة بدل التركيز علي الإصلاحات التشريعية ولكن الإنسان يزداد خبرة مع الوقت". وعن رأيه فيما قدمه السيسى من رؤيته للإسلام في تصريحاته الأخيرة وانتقاده للخطاب الديني ورفضه لما يسمى بالدولة الدينية، يقول مخيون: "السيسى يود أن يرى دولة العدل والإتقان بعيدا عن الخطاب الديني الذي ينفر الناس". وعن دور الإعلام الحالي وما يقوم به تجاه الانتخابات الرئاسية والدعايه لها، أبدى مخيون استيائه واصفا إياه ب "السيء". وقال: "أسلوب التراشق وعدم وجود حيادية كاملة ومنطق إقصاء كل من يعارض هو خطأ كبير أرجو تداركه في الفترة القادمة من الإعلام". ولا يرى مخيون أن هناك خطرا على مصير حزبه مثلما حدث مع جماعة الإخوان التي أعلنتها السلطات المصرية جماعة إرهابية وتعهد السيسى ومنافسه الوحيد فى الانتخابات حمدين صباحى بإنهائها حال انتخاب أىاً منهما، كما أن الدستور يحظر قيام الأحزاب على أساس ديني. واختتم قائلا"نحن حزب سياسى ليس دينى تأسس فى ظل وجود هذا الدستور. نحن غير قلقين تماما، هناك دستور يحكمنا،والشعب يدرك اننا نعمل من اجل الصالح العام ولا نسعى إلى تحقيق اى مصالح شخصية".