لحوم طازجة بأسعار مخفضة في جنوب سيناء.. طرح 7 عجول بفروع "دلتا ماركت"    أمريكا تطالب بفتح تحقيق عاجل بعد مقتل أحد مواطنيها في سوريا    سندخل دمشق في نصف ساعة.. نتنياهو يوجه تهديدا للنظام السوري    ماكرون: فرنسا سوف تعترف بفلسطين كدولة    مجزرة جديدة في حي الشيخ رضوان واستشهاد طفلة جوعًا يعمق مأساة غزة    قيادي بمستقبل وطن: مواقف القيادة السياسية تجاه فلسطين تؤكد دعم القضية الفلسطينية    يواصل التمرد.. حامد حمدان يغيب عن مباراة بتروجيت الودية أمام وي    "قابلته وعمري 12 سنة".. تركي آل الشيخ يكشف عن أول لقاء مع الراحل هولك هوجان    موعد نتيجة الثانوية الأزهريّة 2025    مصطفى كامل: "هذا ما سيحدث لو راغب علامة مجاش النقابة"    تخفيض أسعار تذاكر صيف الأوبرا 2025 في إستاد الأسكندرية احتفالاً بالعيد القومي للمحافظة    هيئة الأدب والنشر والترجمة تستعد لتنظيم معرض "المدينة المنورة للكتاب"    مي عمر تخطف الأنظار بإطلالة ناعمة    ثقافة الفيوم تحتفل بذكرى ثورة يوليو بفعاليات متنوعة تعزز الهوية الوطنية.. صور    إيران تُعلن استعدادها لمحادثات نووية مع واشنطن بشرط استعادة الثقة    تسمموا بمبيد حشري لا ترياق له.. سبب وفاة الأطفال الستة بالمنيا يكشفه لأول مرة أستاذ السموم المختص بالواقعة - فيديو    مصرع شخصين إثر حادث تصادم أعلى الطريق الإقليمي في الشرقية    وزير الطيران: تطوبر مبنى الركاب رقم 4 بمطار القاهرة لرفع الطاقة الاستيعابية إلى 60 مليون مسافر سنويا    مقتل 12 شخصا على الأقل في اشتباك حدودي بين تايلاند وكمبوديا    مران الزمالك - فيريرا يكثف التدريبات الخططية قبل مواجهة دجلة وديا    وزير الرياضة يكلف بتشكيل لجنة قانونية بعد استقالتين في اتحاد تنس الطاولة    بايرن ميونخ يجهز عرضا جديد من أجل دياز    اجتماع موسع بمستشفيات قنا الجامعية لبحث تعزيز الجودة ومكافحة العدوى    الأمن يضبط 4 ملايين جنيه من تجار العملة    أول صورة للزوجة ضحية الميراث في الفيوم.. شقيق ينهي حياة أخيه وزوجته    "كان نفسي أقرأ في المصحف".. سيدة أسوانية تودع الأمية في ال 76 من عمرها    "ابن أصول".. الغندور يعلق على رحيل مصطفى شلبي عن الزمالك    موعد انطلاق المرحلة الأولى من تنسيق الجامعات 2025    جمال الكشكى: دعوة الوطنية للانتخابات تعكس استقرار الدولة وجدية مؤسساتها    "المشاط" تدعو الشركات السويسرية لاستكشاف الإصلاحات وزيادة استثماراتها في مصر    بعد فتحها مجانًا.. إقبال على المواقع الأثرية في عيد الإسكندرية (صور)    خالد الجندي: مساعدة الناس عبادة.. والدنيا ثمَن للآخرة    ما كفارة التهرب من دفع تذكرة القطار أو المترو؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يحاسب الإنسان على المحتوى المنشور على السوشيال ميديا؟ أمين الفتوى يجيب    رفع 36 مركبة متروكة ومتهالكة في شوارع القاهرة والجيزة    "الصحة" تتخذ خطوات للحد من التكدس في المستشفيات    الصحة تشارك في المؤتمر الدولي ال17 لمناظير المخ والعمود الفقري (INC 2025)    للعام الثالث.. صحة الشرقية تتصدر الجمهورية في خدمات القوافل الطبية    «هجرة» و«ملكة القطن» و«رقية».. ثلاثة أفلام عربية تشارك في مهرجان فينيسيا السينمائي بدورته ال82    نشرة «المصرى اليوم» من الإسكندرية: «التأمين الصحى» تبحث تطبيق المنظومة.. و40 طريقة صوفية تحيي الليلة الختامية ل«المرسى أبوالعباس»    رفع 50 طن نواتج تطهير من ترع صنصفط والحامول بمنوف    إبراهيم عادل: أبو تريكة قدوتي.. وهدفي في باراجواي اللحظة الأسعد بمسيرتي    شعبة الدواجن تتوقع ارتفاع الأسعار بسبب تخارج صغار المنتجين    وزير الخارجية يتوجه إلى السنغال في المحطة الخامسة والأخيرة من جولته في غرب إفريقيا    جامعة الإسكندرية تبحث التعاون مع التأمين الصحي الشامل لتقديم خدمات طبية متكاملة    بسبب السرعة الزائدة.. مصرع عامل ديلفري إثر انقلاب دراجته النارية بالتجمع الخامس    تشغيل كامل لمجمع مواقف بني سويف الجديد أسفل محور عدلي منصور    وزيرة التضامن تثمن جهود النيابة العامة وزياراتها لدور الرعاية بالجمهورية    المجلس الأعلى للإعلام يوافق على 21 ترخيصًا جديدًا لمواقع إلكترونية    عمرو الورداني: نحن لا نسابق أحدًا في الحياة ونسير في طريق الله    عروض فنية وفلكلورية في استقبال الباخرة السياحية «AROYA» بميناء الإسكندرية    أمين الفتوى: لا يجوز التصرف في اللقطة المحرّمة.. وتسليمها للجهات المختصة واجب شرعي    شهدت التحول من الوثنية إلى المسيحية.. الكشف عن بقايا المدينة السكنية الرئيسية بالخارجة    بنسخ خارجية لمختلف المواد.. ضبط مكتبة بدون ترخيص في الظاهر    جامعة قناة السويس تُعلن نتائج الفصل الدراسي الثاني وتُقرّ دعمًا للطلاب    معسكر كشفي ناجح لطلاب "الإسماعيلية الأهلية" بجامعة قناة السويس    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية خلال النصف الأول من 2025    تصرف مفاجئ من وسام أبوعلي تجاه جماهير الأهلي.. الشعار والاسم حاضران    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء»
نشر في أموال الغد يوم 09 - 10 - 2013

(1) من الأمور المألوفة لمن اعتاد السير فى الصحراء القاحلة، خاصة عندما تكون الشمس فى كبد السماء، أن يشهد ظاهرة السراب، وهى أن يرى الإنسان الظمآن ماءً على البعد، وما هو بماء، وذلك بسبب انعكاس ضوء الشمس فى الهجيرة فيبدو وكأنه ماء يجرى على سطح الأرض، حتى إذا اقترب منه لم يجده شيئاً..
يحدثنا القرآن عن هذه الظاهرة فيقول: «والَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ» (النور: 39).
ومع أن هذه الآية ضربها الله مثلاً للكافرين الذين يتصورون أن أعمالهم فى الحياة الدنيا سوف تغنى عنهم شيئاً يوم القيامة، إلا أنها تصلح أن تكون مثلاً لأى إنسان يتوهم أشياء ويعتقد أنها حقيقية، وهى ليست كذلك، والعبرة هنا -كما يقول الأصوليون- بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
إن هناك فرقاً كبيراً بين الوهم والحقيقة، ففى معاجم اللغة الوهم هو الغلط والخطأ، أو ما يقع فى الذهن من الظنون والخواطر، ويقال: توهم الشىء أى ظنه، أو تمثله أو تخيله، والخيال هو الطيف، أو ما تشبه لك فى اليقظة والمنام من صورة، أما الحقيقة فهى الشىء الثابت يقيناً، صحيح أننا نحتاج فى حياتنا إلى خيال لكنه الخيال الذى يكون مقترناً بعمل خلاق وهمم عالية وعزائم صلبة، ويمكن ترجمته على أرض الواقع من خلال برامج واضحة وخطط محددة المعالم والوسائل والأهداف.
(2) لقد توهم الإخوان ومناصروهم -وهو أحد الاحتمالين- أن الحشود الضخمة التى خرجت بالملايين يوم 30 يونيو و3 يوليو، لم تكن سوى بضع عشرات أو مئات من الألوف، وأنها ستمضى كما مضت حشود قبلها، لم يتخيلوا أنها ملايين حقيقية رافضة لهم وثائرة عليهم وتنادى برحيلهم، أو أنهم -وهو الاحتمال الثانى- كانوا مدركين للحقيقة فى سريرتهم، لكنهم أنكروها فى علانيتهم، وخافوا أن يعترفوا بها فتضيع السلطة من بين أيديهم، وهم الذين كانوا يخططون للاحتفاظ بها ثلاثمائة عام (!)
ولو أنهم أقروا بها لكفوا أنفسهم والوطن كثيراً من العنت، ولحفظوا كثيراً من الدماء التى سالت، ولصانوا أيضاً كثيراً من الكرامة التى أُهدرت، لكنه الكبر والعناد والغطرسة والغرور.. ومن قبل، توهم الإخوان ومناصروهم أن الإنذار الذى وجهه الفريق أول السيسى لهم ولغيرهم لمدة أسبوعين، ثم لمدة يومين، أنه محض خيال، وأنه لن يقدم على تحقيقه، وإلا غرقت البلاد -كما قال بعضهم- فى بحور من الدم. كما أن الذين اعتصموا فى ميدانى «رابعة» و«النهضة» مدة 48 يوماً كانوا يعيشون ظاهرة السراب، إذ تصوروا أن حشودهم التى اجتمعت فى الميدانين هى بالملايين، وظنوا أن الإدارة الأمريكية والغرب سوف يقفان وراءهم، داعمين لهم ومؤيدين لجمعهم.
ولكى تكتمل الصورة، هيّأت الأوهام للبعض منهم أن جبريل (عليه السلام) نزل عليهم من السماء، وأن ثماني حمامات بيضاء كانت تقف على كتفى «مرسى»، وأن الرسول (عليه الصلاة والسلام) قدمه للصلاة به ومن معه من الحاضرين، وأن الرسول كان يضع رأسه على فخذ أحدهم بينما يضع «مرسى» رأسه على الفخذ الثانى... إلخ.
وقد كان الحاضرون ممن شهدوا الاعتصام يهللون ويكبرون وتتعالى هتافاتهم عندما يسمعون هذا الكلام، كنا نعجب لذلك أشد العجب، إذ كيف يسوغ لعقلاء أن يصدقوا مثل هذه الأوهام، بل يجعلوها من البشريات الربانية والنفحات الإلهية التى يفيض بها المولى على عباده الصالحين، وأن «مرسى» آت آت، وسيخرج عليهم لا محالة، وسيكون فى القصر غداً أو بعد غد؟! لكن هيهات، ومن المضحك المبكى أنهم هللوا وكبروا عندما صاح أحدهم بأن البوارج الحربية الأمريكية على مقربة من شاطئ الإسكندرية(!)، قالوا إن يوم 30 أغسطس هو يوم الحسم، فكان سراباً، ثم قالوا إن يوم 6 أكتوبر هو نهاية «الانقلاب»، فكان هو الآخر سراباً، فهل ينتهون؟!
(3) غير أن ظاهرة السراب ليست حكراً على الإخوان ومناصريهم، فقد امتدت إلى الأحزاب المصرية؛ الليبرالية والقومية واليسارية كذلك، لكنه فيما يبدو سراب من نوع مختلف، هى تتصور أنها صاحبة ثورة 30 يونيو، وأنه لولاها ما كانت، لذلك أتعجب كثيراً من بعض قادتها عندما يتحدثون وقد انتفخت أوداجهم وانتفش ريشهم، سواء فى المؤتمرات أو البرامج الحوارية فى الفضائيات، يتوهمون أنهم يمثلون أحزاباً حقيقية، لها هياكلها الإدارية والتنظيمية ولجانها النوعية، ولها وجودها وحضورها وانتشارها فى العواصم والمدن والقرى والكفور والنجوع، وأنها على تواصل جيد وتفاعل مستمر مع الجماهير، والحقيقة أنه لا يوجد شىء من ذلك، وكما يقال فى أمثالنا: «ساعة الامتحان يكرم المرء أو يهان». لذا، سوف ينكشف حال هذه الأحزاب ويظهر عجزها حينما يأتى موعد الانتخابات النيابية، ثم لا تجد لديها رموزاً تقدمها للجماهير، وكما أن الإسلاميين لا يتعلمون من أخطائهم، فالأحزاب الأخرى لا تتعلم هى أيضاً من أخطائها، وبالتالى يصدق فيها المثل القائل: «لا تعايرنى ولا أعايرك، دا الهم طايلنى وطايلك».
صحيح أن الأحزاب والجماعات الإسلامية فقدت كثيراً من رصيدها وشعبيتها، لكن تلك الأحزاب ما زالت ممزقة ومفككة ومقطعة الأوصال ودون مستوى التحدى بكثير، لذا فمن المتوقع -فى تصورى- أن تحصل الأحزاب الإسلامية فى الانتخابات المقبلة على 30 - 40٪ من المقاعد، إلا إذا حبسها عن خوض الانتخابات حابس الفيل!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.