خبراء: "الطوارئ" تهدد خطط الحكومة لتنشيط الاقتصاد

الاقتصاد لا يعترف فقط بالنظرة المتفائلة للمستقبل ولا ترتفع مؤشرات البورصة ومعدلات النمو بالخطط فقط ، ولكن يجب أن يرتبط كل ما تم ذكره بإجراءت جادة لتحسين البيئة المحيطة بالوضع الاقتصادى وبخاصة الأحوال الأمنية والسياسية .
ومنذ أن تولت الحكومة الحالية المسئولية بقيادة الدكتور حازم الببلاوى وبوجود مجموعة اقتصادية قوية تتوالى التصريحات المتفائلة، والمستهدفات المرتفعة المتعلقة بمعدلات النمو وعجز الموزانة والاستثمارات ، إلا أن تلك التصريحات تتصادم دائماً بالإجراءات التى يتم اتخاذها على الصعيد السياسى والأمنى وكان آخرها قرار مجلس الوزراء بمد حالة الطوارئ لمدة شهرين إضافيين .
اعترفت الحكومة فى أكثر من مناسبة أن الأوضاع الاقتصادية الحالية فى غاية الصعوبة رغم المساعدات التى تتوالى على مصر من دول الخليج والتى قُدرت ب12 مليار دولار، وهو ما عكسته المؤشرات حيث أظهرت بيانات وزارة المالية الختامية بخصوص الميزانية العامة للدولة للعام المالى 12-2013 ارتفاع العجز إلى 239.9 مليار جنيه بنسبة 13.8% من الناتج المحلى الإجمالى المُقدر ب 1.57 تريليون جنيه ، مقابل عجز قدره 166.7 مليار جنيه خلال العام المالى السابق عليه ، فضلا عن تحقيق معدلات نمو متدنية تصل إلى 2% فقط وهو نفس معدل زيادة السكان حسب تصريح الدكتور أشرف العربى وزير التخطيط .
هذا بالإضافة إلى الاختلالات الهيكلية التى تعانى منها ميزانية الدولة والخاصة بارتفاع فاتورة الأجور إلى 142مليار جنيه فى موازنة 12-2013وتفاقم مخصصات فوائد الدين المحلى والأجنبى لتصل إلى 147مليار جنيه، بالإضافة إلى تخصيص 120مليار جنيه دعم للمواد البترولية ، و32 مليار جنيه للسلع التموينية ، وهو ما يصب فى النهاية فى ارتفاع المصروفات بالمؤشرات الختامية إلى 582.7 مليار جنيه مقابل 471 مليار جنيه خلال العام المالى 11-2012 .
وبالرغم من تلك المؤشرات التى تعكس أزمة يمر بها الاقتصاد المصرى إلا أن الحكومة التى مر على توليها المسئولية ما يقرب من شهرين تسعى لضخ استثمارات إضافية بقيمة 22 مليار جنيه فى موازنة عام 13-2014 لترتفع بإجمالى الاستثمارات إلى 312 مليار جنيه منها 170 مليار جنيه استثمارات خاصة و142 مليار جنيه استثمارات عامة، وذلك حتى ترتفع بمعدلات النمو إلى 3.5 أو 4% بنهاية العام المالى الحالى .
كما أعلنت الحكومة استهدافها خفض عجز الموازنة إلى 9% بقيمة 178 مليار جنيه خلال العام المالى الحالى مقابل 14%خلال العام المالى الماضى، والارتفاع بالناتج المحلى الإجمالى إلى 1.96 تريليون جنيه .
وأكد الدكتور أشرف العربى ، وزير التخطيط ، أن كافة الأرقام والمؤشرات التى تتحدث عنها الدولة لن تتحقق بمعزل عن الاستقرار الأمنى والسياسى ، مشدداً على أن السيطرة على الاضطرابات الأمنية هو السبيل الوحيد لتحقيق التقدم الاقتصادى .
من جهته قال الدكتور هشام إبراهيم ، الخبير المصرفى ، أن القرار الذى اتخذته الحكومة بمد حالة الطوارئ لشهرين إضافيين رغم كونه سلبياً إلا أنه مناسباً للأوضاع الحالية خاصة فى ظل استمرار عدم الاستقرار الأمنى فى الشارع المصري .
وأكد أن الحكومة تعمل وفق أولويات محددة وعلى رأسها تحقيق الاستقرار الأمنى وهو الذى سيحقق التحسن الاقتصادى ، في ظل احتياج الاستثمارات المباشرة والسياحة وكافة قطاعات الاقتصاد اليه وهو ما تسعى الحكومة لتحقيقه فى ظل استمرار المظاهرات والاضطرابات الأمنية .
وحول المستهدفات التى تسعى الحكومة لتحقيقها خلال العام المالى الحالى وتصادمها مع المؤشرات السلبية بميزانية العام المالى الماضى 12-2013 أشار إبراهيم الي أن الحكومة أعلنت بعض الأهداف قصيرة الأجل مثل ضخ مزيد من الاستثمارات والإعفاء من مصروفات المدارس لكسب شعبية بين المواطنين ، لكن تحقيق تلك الأهداف يجب أن يقترن بالاستقرار الأمنى والسياسى ، بالإضافة إلى ضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة تخص البنية الاقتصادية للدولة .
وشدد على ضرورة التعجيل بتعديل الهيكل الضريبى والتعريفة الجمركية ونظام الرعاية الاجتماعية ووضع تشريعات تصب فى صالح تلك الأهداف حتى تستطيع الحكومة تحقيقها .
فى سياق متصل شدد أحمد سليم ، مدير البنك العربى الأفريقى ، على أن مد حالة الطوارئ فى كل الأحوال يعتبر مؤشرًا على استمرار الاضطرابات السياسية والأمنية وبالتالى ينعكس على الوضع الاقتصادى سلبيًا .
وأوضح أن مد حالة الطوارئ يتناقض مع سعى الحكومة لضخ مزيد من الاستثمارات فى قطاعات الدولة المختلفة لزيادة معدلات النمو ، كما أنه قد يقلل من حجم استثمارات القطاع الخاص فى ظل احتمالية تدهور الأوضاع الأمنية على خلفية استمرار التظاهرات والمواجهة بين الجيش والجماعات المسلحة بسيناء .
شدد فى الوقت ذاته على أن الاستقرار الأمنى ضرورى لتحقيق النهضة الاقتصادية ، وبالتالى يجب على الحكومة العمل على إنهاء التوترات الأمنية خلال الشهرين المقبلين وتحقيق الاستقرار السياسى وعدم مد حالة الطوارئ لفترات أخرى حتى يتحقق التقدم الاقتصادى .
أكد أن مستهدفات الحكومة التى أعلنت عنها خلال الفترة الماضية لن تتحقق فى ظل الأوضاع الأمنية والسياسية غير المستقرة ، مشيراً إلى أن استقرار الشارع هو السبيل الوحيد للسيطرة على عجز الموازنة وتحقيق معدلات نمو مرتفعة