وكالات «القدس العربي»: انتخب الاشتراكي العتيد جيريمي كوربين زعيما لحزب العمال البريطاني المعارض أمس السبت في خطوة قد تجعل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أكثر ترجيحا وتقول شخصيات بارزة إنها ستقلص بشدة من فرص الحزب الانتخابية. وقال كوربين في كلمة بمناسبة انتخابه «هل لي أن أبدأ بشكر كل من شارك في هذه الانتخابات الديمقراطية؟». وكوربين المعجب بآراء كارل ماركس حصل على 251417 صوتا تمثل 59.5 في المئة من الأصوات من الجولة الأولى. وحين أعلنت النتائج قوبل بالهتاف والعناق حتى من بعض منافسيه. وهزم كوربين (66 عاما) – الذي أيد البعض دخوله الانتخابات لإثراء النقاش السياسي دون أن يتوقعوا فوزه- وزيرين سابقين من حزب العمال هما إيفيت كوبر وآندي برنام كما هزم ليز كندال التي تعتبر ممثلة للسياسات التي يؤيدها رئيس الوزراء السابق توني بلير. وكوربين يساري وبرلماني محنك له باع طويل من التصويت ضد مشروعات قوانين طرحها حزبه. وقد فاز بزعامة الحزب بناء على وعود بزيادة الاستثمارات الحكومية من خلال طبع الأموال وإعادة تأميم قطاعات واسعة من الاقتصاد. وقال المتمرد اليساري كوربن عقب اعلان فوزه في الانتخابات ان حملته «اظهرت حزبنا في صورة ديمقراطية ومتنوعة ومتحدة ومصممة تماما على المضي قدما في قضيتنا من أجل اقامة مجتمع أفضل وأكثر رقيا يستوعب الجميع». واجريت الانتخابات بعد استقالة ايد ميليباند بعد خسارة حزب العمال في انتخابات آيار/مايو الماضي ، وفقد حزب العمال 26 مقعدا في البرلمان ولم يعد لديه سوى 232 مقعدا من اجمالي 650 مقعدا. واختيار زعيم هو محطة استراتيجية بالنسبة لحزب العمال لانه سيتعين على القائد الجديد النهوض بالحزب بعد خسارته المدوية في الانتخابات التشريعية في 7 ايار/مايو امام المحافظين بزعامة ديفيد كاميرون. وسيتعين على خلف ايد ميليباند أيضا ان يقود الحزب حتى الانتخابات التشريعية المقبلة في 2020 حيث سيكون المرشح الطبيعي لمحاولة وضع حد لعشر سنوات من حكم المحافظين. وكوربن معارض شرس لسياسات التقشف على غرار حزبي سيريزا اليوناني وبوديموس الاسباني، بمثابة ثورة صغيرة داخل الحزب الذي كان حتى فترة قصيرة ملتزما بالنموذج الاجتماعي الديموقراطي الذي دعا اليه توني بلير. وتمكن كوربن الداعي إلى السلام والمؤيد لفرض ضرائب اضافية على الاكثر ثراء من حشد مؤيدين ياملون ببديل سياسي، ومن اثارة حماسة لم يكن مسؤولو الحزب يتوقعونها. وقال اندرو هاروب الأمين العام لمؤسسة فابيان سوسايتي من الوسط اليسار مؤخرا «انه ينجح لانه يمثل الموقف الرافض للسياسة التقليدية ولان المرشحين الآخرين لم يعرفوا كيف يثيروا شعورا بالحماسة أو الأمل» لدى الناخبين. وقال كوربن «نحن نغير السياسة في بريطانيا، ونتحدى الفكرة القائمة على ان المسائل الفردية وحدها هي المهمة، ونقول في المقابل ان المصلحة المشتركة هي مطلبنا». ومع ان كوربن لم يحصل على تأييد غيره من النواب، الا انه كسب قاعدة الحزب والنقابات من خلال دعوته إلى الانتقال إلى اليسار من خلال مقترحات مثل اعادة تاميم السكك الحديد والطاقة وفرض رقابة على الايجارات. وقال جيمس (24 عاما) خلال تجمع في ايلنغتون «من النادر رؤية سياسي يثير هذا القدر من الحماسة ويمنح الناس مثل هذه الطاقة بعيدا عن الاعيب السياسية حيث يشكل تبادل الاهانات وسيلة لكسب النقاط. هنا نتكلم فعلا في السياسة. لقد قاد جيريمي حملة مليئة بالامل، الامل في التغيير». الا ان شعبية كوربن المتزايدة ترافقت مع عداوات حتى داخل معسكره اذ يعتبر كثيرون ان فوزه سيؤدي إلى انقسام الحزب وسيحد بشكل كبير من فرصه في الفوز في الانتخابات التشريعية في 2020. وعلق بلير بالقول «لا يمكنكم الفوز من خلال اعتماد برنامج على يسار اليسار». وتعرض كوربن للانتقاد أيضا من قبل اليمين، ولو ان المراقبين يرون ان الحزب العمال بقيادة كوربن سيشكل فرصة ثمينة للمحافظين الذين سيكسبون عندها الوسطيين غير الموافقين على خطه الراديكالي. وأعلن كاميرون الجمعة في إشارة إلى الحزب لكن مستهدفا كوربن «خطابه المتطرف يعد فقط بمزيد من النفقات والاقتراض والضرائب». وأضاف كاميرون «آمل الا نجد انفسنا أمام معارضة تعيد الخلافات التي اعتقدت انه تمت تسويتها في ثمانينيات القرن الماضي عندما كان الأمر يتعلق بتأميم نصف الصناعات البريطانية والتخلص من أسلحتنا النووية».