تعلمنا زمان فى المدارس أن نكون محترمين ،ونضع الآخر فى أوليات حساباتنا ، وألا نضع قدم على قدم وآخر داخل علينا،وألا نتكلم قبل الاستئذان ،وعندما يتكلم الكبير نصمت حتى يفرغ من كلامه،وأن نوقر شيخنا ، ونرحم أطفالنا ،وغيرها من المفردات التى تجعلنا مجتمع يخشى على نفسه وأبنائه ،وبالتالى يصل إلى ما يصبو إليه. ويبدو أن من علمونا ذلك ماتوا وأغلقنا القبور عليهم إلى يوم الميعاد ، ولكنهم رحلوا عن دنيانا وأخذوا تلك المفردات الجميلة ،ولم تعد موجودة إلا فيما تيسر من البشر،وهؤلاء يعانون الأمرين ..فهم يعيشون فى مجتمع غير الذى كان ، وعليهم اختيارين إما الذهاب بأقدامهم لتلك القبور،وإما مسايرة هذا الزمن الردىء المملوء بالنفاق والعبث والرياء (والتلات ورقات) والكذب ؛ فتجد الرجل اليوم فارغا من صلاته ويقسم بأغلظ الأيمان بالكذب ، والطلاق ،لم يراع حرمة تلك الصلاة ..فقلت البركة ونزل سخط الله علينا ..لأننا عاصيناه وسرنا وراء دنيا فانية زينت لنا سوء أعمالنا. لست أدرى ألعن من ؟!..جدى – عليه رحمة الله- أم أستاذى رؤوف عنان – عليه رحمة الله – أم والدى – أطال الله فى عمره وشفاه – أم الزمن الردىء؟! علموني المبادىء ونهلت من بحرهم فيها ؛وبالتالى علمتها لأجيال ، ويبدو أنني كنت مخطئاً ، وأقدم لهم اعتذاري فى هذا المقال ؛لأنى جنيت عليهم ..فعندما يذهبوا لأي جريدة ليعملوا بها ؛يصطدموا بواقع آفاق مخزي ..فيرجعون يجرون أذيال الخيبة والأمل ، كنت أحارب من أجلهم لأنى أعلم – كما تعلمت أن الصحفى ..صحفى..ومندوب الإعلانات مندوب إعلانات ،ولا يجب الخلط بينهما – كما درست- ولكن أصحاب الجرائد لهم رأى آخر ؛ فلا يعترفون بهم وبأعمالهم وكل ما يعنيهم ملأ جيوبهم وكروشهم فقط . فكل من عمل معى بجريدة (الوفاق) أشكره من أعماق قلبى ،وأعزيه فى أنه كان يعمل مع إدارة كل ما يهمها كسب المال ،وكسبت من ورائكم كثيراً،ولأن الله يمهل ولا يهمل فأصفدت أبوابها، وأعتذر لهم لأنهم لم يتقاضوا أجراً،وكانوا يعملون حباً فى العبد لله ، ولأني علمتهم المبادىء التى دفنت مع من علموها لى ، وتاهت - مع ما تيسر- فى دروب الزمن الرديء. ورغم حزنى الشديد اليوم إلا أننى استيقظت من كابوس كان جاثما على أنفاسى ، اسمه (المبادىء) فهذا زمن مطرب سٌجن بسبب تزوير شهادة وعدم تأدية الواجب الوطنى ، فيخرج له الآلاف من الشباب ينتظرونه فى العراء بمطار القاهرة لمقابلته والهتاف له ؛ لأنه حصل على لقب أفضل مطرب فى افريقيا،زمن لاعبى الكرة الذين يتقاضون الملايين بينما نحن نٌضرب عن شراء الطماطم لأن سعرها ب 10 جنيهات..نحن فى زمان ..الحق فيه جريح يترنح ..والظلم فتى ومجنح..الناس نفاق وهتافات فى أذنى ككلاب تنبح!! وأخيراً أقول لولدى ..يا بنى لا تكن محترماً..حتى لا تتوه فى غياهب زمن المحترمين!!