قامت غرفه العمليات المركزيه لحزب الشعب الجمهوري في ثاني أيام الانتخابات    «تطوير التعليم بالوزراء» يعلن إطلاق برنامج مجاني لتعلم اللغة الإيطالية لتأهيل الشباب لسوق العمل الدولي    رئيس جامعة طنطا يهنئ المجلس الأعلى للجامعات باعتماد EGAC    «الأوقاف»: تعديل القيمة الايجارية لأملاك الوقف    الجريدة الرسمية تنشر قرار اعتماد تعديل مخططات تفصيلية ل5 مدن بالقليوبية    مشتريات عربية وأجنبية تقود صعود مؤشرات البورصة بمنتصف التعاملات    تحول فى مسار الأزمة بين لبنان وإسرائيل..أول محادثات دبلوماسية بين البلدين منذ 1983.. لجنة وقف إطلاق النار تجتمع للمرة الأولى بحضور مسؤلين مدنيين.. مقترح أمريكى بإنشاء منطقة اقتصادية.. وفتح ملف إعادة الإعمار    ترامب: بوتين يرغب فى إنهاء حرب أوكرانيا.. واجتماع موسكو كان جيدا    وزير الأوقاف ناعيًا الحاجة سبيلة علي أحمد عجيزة: رمز للعطاء والوطنية الصادقة    موعد مباراة منتخب مصر الثاني والإمارات في كأس العرب    موعد مباراة الأهلي والزمالك في دوري محترفي اليد والقناة الناقلة    تفاصيل إيقاف قيد الزمالك.. 6 قضايا = 38 مليون جنيه    الكشف عن الموعد الجديد لنهائي كأس ليبيا على استاد القاهرة    غنام محمد على رادار الأهلي تمهيدا لرحيل ديانج في يناير    ضبط عنصرين جنائيين بتهمة غسل 100 مليون جنيه بمطروح    الداخلية تضبط 3 أشخاص يوزعون أموالا على الناخبين بسوهاج    الأطفال افتكروه لعبة.. وصول لجان من البيئة والطب البيطرى لمتابعة تماسيح الشرقية    "آثار القاهرة" تنظم ندوة علمية حول النسيج في مصر القديمة واتجاهات دراسته وصيانته    سفير مصر بالمغرب يشهد عرض فيلم "الست" في مهرجان مراكش السينمائي    مراسلة إكسترا نيوز: جولات تفقدية لمحافظ قنا لضمان سير العملية الانتخابية    هل بول القطط نجس؟ وحكم الصلاة فى المكان الملوث به.. الإفتاء تجيب    جامعة أسوان تطلق القافلة السنوية لجراحة تجميل الأطفال بالمجان    لماذا يرتفع ضغط الدم فى الصباح وكيفية التعامل معه؟    حصر مخالفات العمالة في منشآت كبرى وإصدار إنذارات ومحاضر لعدم الالتزام بالقانون    ترامب يستضيف رئيسي الكونغو ورواندا للتصديق على اتفاق السلام    3 أرقام جديدة لجامعة بدر على مستوى التصنيفات العالمية والعربية    معرض القاهرة الدولي للكتاب يطلق جائزة نجيب محفوظ بقيمة 500 ألف جنيه    نقيب المعلمين يبحث آفاق التعاون مع اتحاد التعليم في إنجلترا    مديرة صندوق " قادرون باختلاف" تشارك في مائدة مستديرة حول سياسات دمج ذوي الهمم    خسائر بالملايين| الحماية المدنية تسيطر على حريق بمعرض أجهزة كهربائية بالوراق    وزير التنمية المحلية: تنفيذ 57 حملة تفتيش ميدانية على 9 محافظات    وزير الكهرباء يبحث مع «أميا باور» الإماراتية التوسع في مشروعات الطاقة المتجددة    اسعار المكرونه اليوم الخميس 4ديسمبر 2025 فى محال المنيا    المعرض الدولى الرابع للصناعات الدفاعية ( إيديكس - 2025 ) يواصل إستمرار فعالياته وإستقبال الزائرين    موعد صلاة الظهر..... مواقيت الصلاه اليوم الخميس 4ديسمبر 2025 فى المنيا    أجواء أوروبية تضرب مصر.. درجات الحرارة اليوم وأبرد المناطق على مدار اليوم    تركيا تدرس الاستثمار في حقول الغاز الأمريكية بعد سلسلة صفقات استيراد الغاز المسال    حماس: الاحتلال يواصل خروقاته وندعو للضغط عليه لتنفيذ تعهداته ومنها فتح معبر رفح في الاتجاهين    بوتين: محاولات الضغط الاقتصادى على الدول ذات السيادة تسبب مشاكل لأصحابها أنفسهم    وزير الزراعة يدلي بصوته في جولة إعادة انتخابات مجلس النواب بدائرة الرمل    طرح برومو ملوك أفريقيا استعدادًا لعرضه على الوثائقية الأربعاء المقبل    الحقيقة الكاملة حول واقعة وفاة لاعب الزهور| واتحاد السباحة يعلن تحمل المسئولية    محكمة جنح أول الإسماعيلية تؤجل نظر محاكمة والد المتهم بجريمة المنشار    اختفاء يتحوّل إلى مأساة فى أسيوط.. تفاصيل العثور على جثتين من أسرة واحدة    مصر تقيم احتفالية كبرى لوزراء البيئة وممثلي 21 دولة من حوض البحر المتوسط    الصحة: مباحثات مصرية عراقية لتعزيز التعاون في مبادرة الألف يوم الذهبية وتطوير الرعاية الأولية    بيراميدز يخسر جهود زلاكة أمام بتروجت    اليوم الثاني للتصويت بالبحيرة.. إقبال لافت من الناخبين منذ فتح اللجان    رمضان 2026| سوسن بدر تتعاقد علي «توابع »ل ريهام حجاج    استمرار الغلق الكلي لمحور 3 يوليو.. تعرف على البدائل    هل وجود الكلب داخل المنزل يمنع دخول الملائكة؟.. دار الإفتاء تجيب    المنيا.. حين تعود عاصمة الثقافة إلى مسرحها الأول    تعليم البحيرة تصدر تعليمات مشددة للتعامل مع الحالات المرضية المشتبه بها داخل المدارس    لو عندى نزلة برد أعمل إيه؟.. الصحة توضح خطوات التعامل والوقاية    اللهم إني أسألك عيش السعداء| دعاء الفجر    دولة التلاوة.. المتحدة والأوقاف    حلمي عبد الباقي يكشف إصابة ناصر صقر بمرض السرطان    كأس إيطاليا – إنتر ونابولي وأتالانتا إلى ربع النهائي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الرازق أحمد الشاعر يكتب عن : السيف ينتصر

يمكنك أن تمارس السقوط، وأنت تحمل فوق رأسك خبزا لا تأكل منه الطير ولا البهائم. لتتحول إلى نجم لامع دون أن تضيء. فالخارجون على نواميس الخرائب لا تنبت بين أعشاب صدورهم رائحة الياسمين. والقادمون من أحراش الغزاة يعلمون الناس التغوط حول مدارسهم الخربة. يمكنك أن تنتظر كي ينبت البياض في رأسك قبل أن تعود، لتحصد الفراغ والعدم. وحين تقف أمام بوابة بيتك القديم، وتنظر بعينين شاخصتبن نحو قفلها الصدئ، وترى الظلام يسيل من بين شقوقها العتيقة، فاعلم أنك لست غاندي، ولن تكون المسيح. وأن الأموال التي اشتريت بها الأحبار والأوراق وجدران المدارس لن تغير من عقيدة البؤس شيئا، وأن كوابيس الفجيعة التي انتصرت ذات يأس على خرائط حلمك ستلاحق أناملك الراعشة فوق مقودك الأزغب.
كان جريج مورتنسون يعلم جيدا وهو يغادر أفغانستان أنه سيعود يوما إلى طرقها الموحلة، وأنه سيقف حاسر الرأس عند بوابة بيته العتيق ينتظر من يرد على وجيب قلبه اللاهث، لكنه لم يكن يعلم أنه سيعود في سيارة دفع رباعية، وأن أحدا من أهله لن يكون في استقباله هناك. جريج مورتنسون الذي ملأ الدنيا بصيحاته المفتعلة، واستدر ببلاغة حرفه وعذب بيانه شفقة الغزاة، استطاع أن يجمع في رصيده البنكي أصفارا يمينية متطرفة، وأن يبعثر أربعة ملايين نسخة من كتابه "ثلاثة أكواب من الشاي" فوق الخرائط، وبكافة الألسنة. لكنه اليوم يحس بثقل في قدميه الناعمتين، ولا يستطيع النزول إلى وحل طريق لطالما تعمد به، ولا يستطيع أن يفتح بوابة بيته القديم، ولا يستطيع إلا الانتظار.
"لعلهم ذهبوا لحضور عرس قريب،" وأناخ الأشيب رأسه فوق زجاج سيارته المعتم، وغط في ذكريات حزينة. "هنا أنتمي،" وألقى نظرة يائسة فوق مرآته المقعرة. "هناك، في الخلف البعيد، شيدت مدرسة ذات يوم .. أين بالله ذهبت جدرانها ولافتتها الملونة؟" "وأين" تساءل العجوز "فتيات كابل التي أفنيت لأجل تثقيفهن زهرة شبابي؟"
ونسي العجوز أن لأوباما، الذي تبرع لمؤسسته الخيرية ذات يوم بمئة مليون دولار، مطلق الحرية في التشييد والهدم، وأن نوبل الذي يبني، قادر على العودة بالتاريخ إلى زمن الخسف. نسي العجوز أن مواسم الثورة قد انتهت، وأن أهل كابول لا يستحقون رفع رؤوسهم عاليا لأن نوبل لم يكن يوما أفغانيا، وأن المدارس التي فتحت أبوابها لفتيات كابول قد تضيق بأحلامهم المستحقة. نسي مورتنسون أن النشطاء فاعلون جدا في زمن التيه، وأنه بعد انتهاء زمن الصخب، لن تدخل الأفغانيات مدارسه إلا لنصب خيام الإيواء وإسعاف الجرحى.
لم يذهب القوم زرافات لحضور عرس كما ظن الرجل، كما ولن يخرج من صحن الدار أحد، ولن يقف الصغار عراة خلف شقوق الباب ليختلسوا النظر. فقط، سيجلس مورتنسون خلف مقود سيارته يناشد الله أن يحيى قريته بعد موتها، لكن أفغانستان لن تعود رغم مناشدته، إلى الحياة ولو بعد مئة عام. لأن عزيرا لم يكن ناشطا يسطو على أحلام البسطاء فوق وحل بلاده الممتد، ولم يغادر من يمين الوطن إلى أقصى اليسار ليقود سيارة دفع رباعي في خاصرة الوطن.
في بلادنا سيارات كثيرة لا ينتظرها أحد، ووجوه عابسة تنتظر عودة الراحلين، لكن أفغانستان التي قلب بوصلاتها هدير الطائرات المغيرة لا تستطيع محاربة الأزيز بالكلمات، ولا تستطيع الانتصار على القنابل بالكتب كما بشر مورتنسون، فالسيف أصدق في سنن التاريخ من كل الأحبار، والحزن أقدم من شقوق بوابة الزمن العتيقة. سينتظر جريج طويلا إذن خلف مقود سيارته، لكنه لن يرى خلف أكوام الحجارة بعثا، ولن تخرج فتيات كابول من تحت أنقاض الجرائم متأبطات كتبهن البالية، أو سفره المفبرك الكاذب. وستظل أفغانستان تحت عجلات سيارته الفارهة موحلة، موحشة وبائسة.
**كاتب المقال
أديب مصرى
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.