زيزو يترقب ووسام يستغرب.. لحظات ما قبل ركلة جزاء الأهلي الضائعة أمام إنتر ميامي (صور)    بعد التعادل مع إنتر ميامي.. موعد مباراة الأهلي المقبلة بكأس العالم للأندية 2025    أكثر من 100مصاب فى قصف إيران الأخير لتل أبيب    الغارات الإسرائيلية على طهران تستهدف مستودعا للنفط    إصابات واستهداف منشآت استراتيجية.. الصواريخ الإيرانية تصل حيفا    إعلام إسرائيلي: مصرع 5 وأكثر من 100 مصاب جراء القصف الإيراني على تل أبيب    مجدي الجلاد: الدولة المصرية واجهت كل الاختبارات والتحديات الكبيرة بحكمة شديدة    «زي النهارده».. وفاة وزير الداخلية الأسبق النبوي إسماعيل 15 يونيو 2009    بكام الفراخ النهارده؟.. أسعار الدواجن والبيض في بورصة وأسواق الشرقية اليوم الأحد 15 يونيو 2025    اليوم.. طلاب الثانوية الأزهرية يؤدون امتحان مادة اللغة الإنجليزية    السينما والأدب.. أبطال بين الرواية والشاشة لجذب الجمهور    ذكريات مؤثرة لهاني عادل: كنت بابكي وإحنا بنسيب البيت    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    احتفالًا برأس السنة الهجرية 1447.. أجمل صور لتصاميم إسلامية تنشر البهجة والروحانية    الجرام يسجل 5600 جنيه.. ارتفاع كبير في أسعار الذهب والسبائك اليوم الأحد 15 يونيو 2025    شديد الحرارة ورياح.. الأرصاد تكشف حالة الطقس خلال الأيام المقبلة ( بيان مهم)    سبب دمارًا كبيرًا.. شاهد لحظة سقوط صاروخ إيراني في تل أبيب (فيديو)    اليوم.. الأزهر الشريف يفتح باب التقديم "لمسابقة السنة النبوية"    "رفقة سواريز".. أول ظهور لميسي قبل مباراة الأهلي وإنتر ميامي (صورة)    أعراض السكتة القلبية، علامات صامتة لا يجب تجاهلها    حدث منتصف الليل| السيسي يبحث مع أردوغان الأوضاع الإقليمية.. وسبب ظهور أجسام مضيئة بسماء مصر    3481 طالب يؤدون امتحانات نهاية العام بجامعة حلوان التكنولوجية    الجلاد: الحكومة الحالية تفتقر للرؤية السياسية.. والتعديل الوزاري ضرورة    المهرجان القومي للمسرح يعلن عن برنامج ندوات الدورة 18 بالإسكندرية    "العسل المصري".. يارا السكري تبهر متابعيها في أحدث ظهور    القانون يحظر رفع أو عرض العلم المصرى تالفا أو مستهلكا أو باهت الألوان    سوريا تغلق مجالها الجوي أمام حركة الطيران    الحرس الثورى الإيرانى: موجة جديدة من العمليات المرکبة ردا على عدوان إسرائيل    بداية العام الهجري الجديد 1447.. عبارات مميزة لرسائل تهنئة وأجمل الأدعية    ضبط كوكتيل مخدرات وأسلحة آلية.. سقوط عصابة «الكيف» في قبضة مباحث دراو بأسوان    «الإصلاح والنهضة» ينظم صالونًا حول المستهدفات الحزبية في الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان    بمشاركة 20 ألف.. مستقبل وطن يُطلق مؤتمر شباب الدلتا بالإسكندرية    رسميًا بعد الارتفاع.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 15 يونيو 2025    كهرباء قنا تفتتح مركزًا جديدًا لخدمة العملاء وشحن العدادات بمنطقة الثانوية بنات    شهادة أم وضابطين وتقارير طبية.. قائمة أدلة تُدين المتهم في واقعة مدرسة الوراق (خاص)    بالخطوات.. نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 في الجيزة عبر الرابط الرسمي المعتمد    إصابة سيدتين وطفل في انقلاب ملاكي على طريق "أسيوط – الخارجة" بالوادي الجديد    محافظ قنا يشارك في الاحتفالية الرسمية لاستقبال الأنبا إغناطيوس بالمطرانية    نتناولها يوميًا وترفع من نسبة الإصابة بأمراض الكلى.. أخطر طعام على الكلى    دون أدوية أو جراحة.. 5 طرق طبيعية لتفتيت وعلاج حصوات الكلى    ضمن مبادرة "100 مليون صحة".. صحة الفيوم تقدم خدمات المبادرات الرئاسية لأكثر من 18 ألف مواطن خلال عيد الأضحى    بث مباشر مباراة الأهلي ضد إنتر ميامي اليوم (0-0) في كأس العالم للأندية    هشام حنفي: بالميراس أقوى فريق في مجموعة الأهلي.. ومواجهة إنتر ميامي ليست سهلة    النيابة تدشن المرحلة الأولى من منصتها الإلكترونية "نبت" للتوعية الرقمية    فرصة للراحة والانفصال.. حظ برج الدلو اليوم 15 يونيو    رئيس هيئة الرقابة النووية والإشعاعية السابق: لا تأثيرات لاستهداف المنشآت النووية الإيرانية على مصر    سر دموع عبد الفتاح الجرينى على الهواء فى "صندوق الذكريات" ب"آخر الأسبوع"    بدأت في القاهرة عام 2020| «سيرة» وانكتبت.. عن شوارع مدن مصر القديمة    إصابة 10 أشخاص إثر حادث تصادم 3 سيارات في دمنهور (صور)    وزيرة التخطيط تلتقي بمجموعة من طلاب كبرى الجامعات بالمملكة المتحدة    محافظ الدقهلية يتابع خطة ترشيد استهلاك الكهرباء وتخفيض إنارة الشوارع 60%    جامعة بدر تفتح باب التقديم المبكر بكافة الكليات لطلاب الثانوية العامة والأزهري والشهادات المعادلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    كأس العالم للأندية| «ريبيرو» يعقد محاضرة فنية للاعبي الأهلي استعدادًا لمواجهة إنتر ميامي    أسرار صراع المحتوى «العربي - العبري» في الفضاء الاصطناعي    مجدي عبدالغني: الأهلي قادر على الفوز أمام إنتر ميامي.. وأتمنى تعادل بورتو وبالميراس    الهلال الأحمر المصرى: تنظيم حملات توعوية لحث المواطنين على التبرع بالدم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور أبا الحكم يكتب عن : التمدد الإيراني الخفي في معادلة الصراع .. يجب أن يتوقف ؟
نشر في الزمان المصري يوم 19 - 10 - 2014

عادة لا تكشف الدول أو القوى الإقليمية والدولية عن نياتها التي تقبع خلف سياساتها الإستراتيجية .. ولكن الأحداث والسلوك السياسي الخارجي هو الذي يكشف عن ملامح هذه النيات ومن ثم بعض أوجه السياسة الأستراتيجية لهذه القوى ، الأمر الذي يضع المراقب والمتابع أمام صراع تفصح مجريات الأحداث عن معادلة اقليمية يُعَبر عنها بالقوة، بهدف فرض سياسة الأمر الواقع، التي تشكلها القوة .
هذه مقدمة بسيطة ، تضع الجميع امام حقبة صراع قديمة تأخذ مدياتها في الإستقرار أحياناً والتوتر والتصعيد أحيانا أخرى، حسب طبيعة المصالح واحتكاكاتها وتحولاتها والتنافسات التي تصاحبها ليس فقط بين دولتين اقليميتين كبيرتين هما إيران وتركيا اللتان تتربعان على كتف العراق الشمالي وخاصرته الشرقية ، إنما حتى على محيطهما القريب الذي يطلق عليه المجال الحيوي على أساس إرث التاريخ الإستعماري والأحلام القابعة في قعر ذاكرة صانع القرار السياسي في العاصمتين .. والمؤثرات المترسبة عبر قرون هي ذاتها قائمة في محيطهما وما يضم من واقع ديمغرافي مذهبي وإثني من جهة ، ومصالح قد تتوافق وقد تتقاطع ثم تفترق وتتعارض من جهة اخرى.. الأمر الذي يكشف، بالجملة، عن ملامح تعبر عن الدوافع الأساسية للمواقف التي تتخذ ازاء الأحداث الطافحة على تخومهما، كما أسلفنا .. فكلاهما، إيران وتركيا لديهما مشروعان، في العصر الراهن، جذورهما قديمة تعود إلى حقب الماضي إرثاً إمبراطورياً في المنطقة.
وكما هو معلوم بحكم التحليل العلمي، أن اهداف السياسة تحتاج الى وسائل فضلاً عن مخرجات واضحة ومحددة ومقبولة .. فوسائل الاهداف الايرانية هي ليست متشابه مع الوسائل الخاصة بالسياسة التركية، وإن توجههما صوب المنطقة كل له اهدافه الخاصة ، ولكن مدخلهما إلى المنطقة هو القضية الفلسطينية .
فقد اتخذت السياسة الايرانية والتركية من القضية الفلسطينية مدخلاً إلى المنطقة ومن ثم الى الشعب العربي، الذي يقدس القضية الفلسطينية ويحارب من اجلها منذ عام 1948 ولحد الآن – وقد تمكنت إيران وتركيا من اختراق المنطقة من خلال هذه القضية القومية الرئيسة في صراع العرب مع اعدائهم التاريخيين .. وحققتا نجاحات على صعيد النخب السياسية العربية من كتاب وسياسيين وغيرهم، وخاصة بعد عام 1979 وسقوط شاه ابران ومجيء ( خميني ) الذي أعلن حربه على الشيطان الاكبر امريكا وكيانها الصهيوني في فلسطين المحتلة، فيما يتعون مع هذا الشيطان في السر عن طريق قنوات سرية خاصة .. فيما إختراق تركيا للمنطقة جاء في اطار الدعم السياسي والمادي الذي صاحب اسطول الحرية التركي نحو غزة وما تعرض له في المياه الاقليمية من اذلال القوات العسكرية الصهيونية، يعتبر مدخلاً رحباً للشعب العربي وخاصة الشعب الفلسطيني وفي غزة على وجه التحديد، الذي يعاني من القتل والتسلط والقمع والتشريد المستمر .
إذن .. اخترقت إيران وتركيا للمنطقة من مدخل القضية الفلسطينية.. ولكن التساؤل هنا .. ماذا وراء هذا الخرق؟ ما هي الأهداف التي تكمن وراء هذا الخرق؟ بالتأكيد هنالك أهداف هي في طبيعتها تأخذ شكل مشروع ايراني ومشروع تركي .. لا علاقة قائمة بينهما، إنما كلاهما يتوجهان صوب منطقة واحدة، يتحسسان بعضهما بعضاً ويتصارعان في صمت ويتنافسان .. ولكن الملفت ان المشروع الايراني قد اخذ مداه الخطير على الأرض حين حقق تعاونه الاستراتيجي مع المشروع الاسرائيلي في اطار تفاهمات سريه كشفتها الكثير من الوقائع والحقائق، فضلاً عن تعاونه مع المشروع الامريكي المعلن لإقامة شرق اوسط جديد ( لا وجود فيه لقومية عربية تبني دولة عربية-إسلامية ، تتفكك فيه الجغرافيات السياسية والنظم الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، ليس لإعادة عصرنتها أو تحديثها، إنما ليتم إعادة تشكيلي في ضوء مفاهيم المشروع الصهيوني الذي تبنته امريكا وهو مشروع " شمعون بيريز" ، وما تمخض عن التعاون الايراني الامريكي على اساس من التوافق الإستراتيجي أنجز :
1- احتلال العراق واسقاط نظامه الوطني ودمر هياكل الدولة العسكرية والأمنية والسياسية والاقتصادية وفكك نسيجه الاجتماعي وهجر شعبه بطريقة التطهير الطائفي والعرقي، الذي انتج وعلى مدى عقد من السنين تدمير عناصر قوة الدولة، فضلاً عن نهب الخزين الإستراتيجي لنفط العراق .
2- تكريس واقع الترابط الاستراتيجي الايراني مع النظام السوري، ليس في ظل ( بشار الأسد ) فحسب، إنما منذ عهد والده ( حافظ الأسد ) الذي حول سوريا مرتعاً للتوغل الصفوي حيث صنع علاقاته السياسية والإستخبارية والثقافية مع النظام الإيراني من خلال السفارة والمراكز الثقافية والتجارية الايرانية التي ينشط من خلالها المنهج الفارسي ( فقد فطنت حكومة السودان مؤخراً واغلقت كافة المراكز الثقافية الإيرانية وطردت كوادرها المنسبون من الحرس الثوري الإيراني ) ، واتساع السياحة الدينية، وهي غطاء للتوسع في المنهج الفارسي في أوساط المجتمع السوري المعروف باتجاهه العروبي الوطني من جهة، وتماس سوريا جغرافياً بالجنوب اللبناني، حيث المجاميع التي يقودها حزب الله التابع لإيران .
التمدد الإيراني واضح تماماً وهو يعبر عن توسع يجمع بين الإستعمار ( ومنهج التفريس ) بالمعنى الطائفي .. أي ( تشييع الناس ومن ثم استعمار مناطقهم فارسياً ) على عكس الإستيطان الصهيوني، وهو احتلال قائم بذاته ومفروز في وجوده على الأرض المحتلة .. أما التشييع الفارسي فهو يرتبط سياسياً ومذهبياً بإيران وولآئه الوطني المطلق، ليس لبلاده، إنما لولي الفقيه أولاً وأخيراً .!!
من هنا تنبع خطورة التوسع الإيراني صوب المشرق العربي والخليج العربي حتى المغرب العربي .. فيما يقع المجتمع التركي في مخاطر شبكة التمدد الفارسي حيثما وجدت مجاميع تقدم ولآئها المذهبي للدولة الصفوية .
هنالك نظريتان أو بالأحرى وجهتي نظر حيال إدارة الصراع في المنطقة:
الأولى .. تعزي تفجر الصراع إلى تراكمات هائلة من الضغط والتسلط والقمع والتهميش والإقصاء والتدمير الممنهج على اساس مذهبي وإثني .. هذا التراكم ولد ردود أفعال عنيفة، يسمونه ( الإرهاب ) بالضد من الواقع المزري الذي يعيشه المجتمع :
ولكن دعونا نفحص ردود الأفعال التي يسمونها ( الإرهاب ) حيال الجهات المعنية المتسببة لهذا الواقع:
- فقد تصدت ردود الأفعال ( الإرهاب ) لسلطات الاحتلال .. واستطاعت أن تسقط رئيس الحكومة الدموي نوري المالكي وغيرت معادلة صراع القوى في العراق .
-لم تتعرض ردود الأفعال ( الإرهاب ) للداخل الإيراني، وإيران هي رأس الأفعى .. وبأمكان ( الإرهاب ) فتح جبهة داخلية فيها تقلب الطاولة على رأس الولي الفقيه، طالما ان الشعوب الإيرانية كلها مضطهدة وتعاني التسلط والقهر والقتل والتهميش ومسح الهوية .. هذا التراكم موجود في إيران ويحتاج إلى فتيل .. بمعنى ان يحتاج إلى رد فعل مدروس وممنهج .. فهل تم ذلك ؟!
- لم تتعرض ردود الأفعال ( الإرهاب ) للنظام السوري ( فالإرهاب يقاتل بعيداً عن دمشق ونظام السلطة فيه ) ، على الرغم من تراكم العوامل سالفة الذكر، إنما باتت الإشتباك بعيداً عن قوات النظام الطائفي .. حتى بات الحال وكأنه يدور في مرمى بقاء النظام السوري اطول فترة ممكنة بتخفيف الضغط عليه وعلى مؤسسته العسكرية الطائفية .
- لم تتعرض ردود الأفعال ( الإرهاب ) للكيان الصهيوني طيلة العقود القليلة الماضية، سوى عدد بسيط يدخل في حسابات إقليمية ايرانية مدروسة مع بعض القوى الفلسطينية كحماس وجبهة الجهاد على وجه التحديد .
- لم تتعرض ردود الأفعال ( الإرهاب ) للمصالح الأمريكية .. وهي مصالح واسعة ومنتشرة في المنطقة والعالم.
- تحاول أو تعمل ردود الأفعال ( الإرهاب ) على خلق مناخات للتصادم الطائفي والإثني مما يجعل ساحة الصراع تشتعل بين جبهتين ( مذهبيتين ) تغذيها إيران والكيان الصهيوني والمخابرات الأمريكية حيث تختفي في هذا الصراع هوية الشعب القومية والوطنية، كما يختفي الصراع الرئيس مع المستعمر والمحتل الغازي.!!
- تحاول جر الصراع لكي يتفرع بين ( عربي – كردي ) ، وذلك بالتعرض للحدود الإدارية للحكم الذاتي في شمال العراق، فيما انتقل الفعل عند تخوم مدينة ( عين العرب ) السورية ذات الأغلبية الكردية، الذي قام العالم بشأنها ولم يقعد، الأمر الذي لفت الأنظار إلى المسألة الكردية وإبرازها على سطح الأحداث وأروقة صنع القرار في ألمانيا وفرنسا وانكلترا وهولندا وكندا واستراليا وغيرها من الدول الأوربية .. مما يشير بوضوح إلى الغاية من إبراز المسألة الكردية لكي تأخذ مكانتها في تكوين المعادلة الجديدة، التي تصنع خارطة ما يسمى ( كردستان الكبرى ) .!!
الواقع هذا من خلقه .. ولماذا الإقتراب صوب شرق الحدود ثم الإندفاع بسرعة البرق نحو غربها، وإثارة موجة هائلة من ردود الأفعال الإقليمية والدولية؟ ، وفي أي حسابات تدخل هذه المعادلة؟ وفي أي تخطيط مشترك تقع نتائجها ؟!
ومن جانب آخر.. ما الذي فعلته الدول العربية بكل امكاناتها السياسية والاستخبارية والاعلامية وهي ترى إيران ومنذ عقود تقوم بقضم الأراضي العربية شبراً شبرا وتبني قدراتها على اساس التوسع نحو الخليج والجزيرة والمشرق والمغرب العربي بوسيلة ( التمدد الفارسي ) ؟ لماذا لم تنظف هذه الأنظمة دواخلها من الخلايا الفارسية التي ترعاها السفارات والملحقيات الثقافية الفارسية ؟ فإذا كان الأمر مسألة عمالة رخيصة فلماذا لا تجلب العمال والكوادر العربية الفائضة في مصر والأردن والسودان والعراق ودول المغرب العربي وغيرها حيث كثرة العمالة العربية الفائضة ؟
أين شعب الخليج العربي الذي يتبجح بعروبته وبإسلامه الحنيف؟ وهو لم يحرك ساكناً حيال الحرائق التي تشتعل بالقرب من بيوته ومصالحه وسواحله؟ قد يقول البعض .. إن السلطات تقمع الشعب .. ويقول البعض الآخر إن المعدة قد أشبعت ولم تعد هنالك من حاجة للأحتجاج؟ ولكن الوطنية والقومية والإيمان بالدين الإسلامي الحنيف كله لا يكمن في المعدة إنما في العقل والضمير والإحساس بالإنتماء القومي والوطني اللذين يدافعان عن الوجود القومي والهوية الوطنية .. فهل فقدنا الأحساس حتى بمخاطر النيران التي باتت تقترب من سواحلنا وبيوتنا .. تقترب من قلب الدار على رأس باب المندب وسواحل البحر الأحمر؟
ما نراه .. يندفع بعض الحكام العرب بقرارات عمياء للمشاركة في التحالف الدولي، وكأنه دفعاً عن الإتهام برعاية الإرهاب – ومع ذلك ظل الإتهام يردده الإيرانيون وأتباعهم – ، أي تحالف هذا الذي يقمع الشعب العراقي والشعب السوري ويثير موجة عارمة من الحرائق تأتي على الأخضر واليابس، ويعرض أمن الجميع إلى خطر، ليس تغيير النظم السياسية فحسب، بل تدمير كيانات الدول وتمزيق الشعب وإذابة هويته القومية العربية وتدمير الدين الإسلامي الحنيف؟
وسيلة التدمير التي تمارسها ( أمريكا واسرائيل وإيران ) بعد أن خلقت، طيلة العقدين الماضيين، ( نقيض النقيض ) أنتجت :
- إسلامويين متطرفون تجمعهم خلايا تقودها الإستخبارات، ليس بهدف الدفاع عن الإسلام وقيمه، إنما من أجل تشويهه ومن ثم تفسيخه بأساليب القتل الشنيع والتشريد المريع، لإيصال رسالة إلى العالم تفيد بأن الإسلام هو متوحش وقاتل ولا ينسجم وروح التسامح ولا يمتلك مقومات التعايش مع روح العصر .
- إنتج من فرق الإسلام عناصر متطرفة يتسم سلوكها بالغلو وتحارب غيرها على أساس أنها تمتلك الحق كما تمتلك الحقيقة المطلقة في الحياة .. حيث تبرر لنفسها الوسائل الفاضحة للوصول إلى أهدافها .
- إنتج حالة تهاجم فيها هذه العناصر القومية العربية والهوية العربية تحت مزاعم أن الإسلام دعوة ( عالمية أممية ) وإن القومية هي دعوة ( محدودة ) كمحاولة بائسة للتغطية على الحقيقة الموضوعية، التي تقول أن الإسلام هو روح العرب وليس هنالك صحوة إسلامية متجددة خالصة من دون العرب، لأن القرآن الكريم عربي ولغته عربية وان الرسول الكريم ( ص ) عربي وان التراث والتاريخ والحضارة عربية- إسلامية .!!
- إنتج حالة تحارب فيها هذه العناصر الإسلاموية المتطرفة المفتعلة أو إحداها كل ما هو غير عربي .. تحارب الكرد وتحارب التركمان وتحارب القوميات والأديان الآخرى، التي تعايشت بسلام منذ قرون على الأرض العربية .. وفي مقدمة هذه المحاولات التمهيد لصراع بين الأكراد والعرب .. وكما أن للعرب متطرفين فللكرد متطرفين أيضاً يستجيبون لدواعي الصراع المزعوم الذي تحركه الصهيونية أولاً والإمبريالية ثانياً ونوازع قادة قبيليون سياسيون محكومون بنزعة عنصرية غير مقبولة واقعياً ولا تاريخياً ثالثاً .
والتساؤل الرئيس هنا .. من ينتج هذا الكم الحاشد من التناقضات أو بالأحرى خلق النقائض الكائنة في المجتمع العربي- الإسلامي ؟ من له مصلحة اساسية في استخدام أدوات هذا الإنتاج التي هي أدوات للهديم ؟
والإجابة تقول بدون تردد، وحسب قراءة صفحات التاريخ :
- الصهيونية وكيانها في فلسطين المحتلة … لها مصلحة رئيسة في ذلك لأنها جربت ترويض المنطقة بالحروب ولم تفلح .. وجربت وعرضت مشاريع اقتصادية ( مشروع شمون بيريز ) لما يسمى بالدمج الأقتصادي ولم تفلح .. وشرعت في تكريس الشرق أوسطية بإدخال ( إسرائيل ) إلى المنطقة ولم تفلح .. والآن تعمل على تنفيذ ( الفوضى الخلاقة ) وهو منهج استراتيجي تدميري للدول والمجتمعات .
- كما أن أمريكا لها مصلحة لا تقل أهمية في ذلك لأعتبارات ( النفط والإلتزام بحماية الأمن الإسرائيلي ) ولأهداف تتجاوز المنطقة وبأتجاه يمتد صوب الهيمنة على العالم عن طريق اخضاع المنطقة لمشروع ( الشرق الأوسط الكبير ) خزين النفط الإستراتيجي الكبير .. ومن هذه المنطقة تمد نفوذها السياسي والعسكري إلى العمق الآسيوي حيث حدود الصين وكوريا الشمالية وروسيا الإتحادية .
- أما إيران فلها مصلحة أساسية في أن تفكيك وتفسيخ مجتمعات المنطقة لأمريكا ولكياتها الصهيوني بأداتها الطائفية مقابل نفوذها في المنطقة .. ومن هنا يأتي توافق المصلحة الإستراتيجية بين واشنطن وطهران .. فأمريكا لن تستطع أن تستغني عن الأداة الطائفية الإيرانية في تنفيذ مشروعها، ولا إيران تستطيع أن تتخلى عن قوة امبريالية غاشمة تعبد لها الطريق نحو تكريس دعائم امبراطوريتها الفارسية .. ولا مشكلة بين ( اسرائيل وإيران وأمريكا ) في تهديم المنطقة وتفكيكها .. أما الإحتكاكات والتنافسات الإعلامية الظاهرية فلا تعني شيئاً امام ضخامة الاهداف الاستراتيجية للفرقاء الثلاثة الذين ينفذون مشاريعهم، الأول: من الفرات إلى النيل ، والثاني : الأمبراطورية الفارسية ، والثالث : مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يضم بين ظهرانيه مشاريع هؤلاء الفرقاء بما فيهم مشروع العثمنة التركية .!!
- مثل هذا التخطيط الأستراتيجي واسع النطاق .. تظهر ملامح – كما تطرقنا اليه في مقالات عديدة سابقة منذ عدة سنوات يمكن الرجوع إليها – نظام للأمن الأقليمي يتبلور في المنطقة .. ولكنه ما يزال يعاني من إشكاليات معقدة تقع في مقدمتها ( تصادم المصالح الإستراتيجية التركية الإيرانية ) .!!
وهنا يتساءل المواطن العربي في كل مكان .. أين موقع النظام العربي الرسمي والشعب العربي من كل هذا الذي يحدث على أرض الواقع؟!
فالمواطن العربي .. لا يرى انتاج سياسي صحيح، ولا انتاج اقتصادي واضح، ولا انتاج صناعي يفتخر به، ولا انتاج فكري وثقافي يعتد به، ولا انتاج تنظيمي على مستوى منظمات المجتمع المدني، ولا تنسيق نظمي على المستوى الوطني والقومي .. وكل ما تنتجه الأقطار العربية هي ردود أفعال مرتبكة وغير منسجمة ومتقاطعة مع بعضها، ولا تحسب أو تحتسب لقادم الأيام .
إذن ما العمل ؟
على القوى الوطنية والقومية والإسلامية الوطنية، التي تقع على عاتقها مهمة إنقاذ الأمة ووقف تداعياتها الخطيرة، لأنها تتحمل المسئولية السياسية والمبدئية والأخلاقية والتاريخية في عموم الوطن العربي .. أن تفكر في عقد مؤتمر عام عاجل شامل جامع لدراسة هذه المفردات آنفة الذكر، لأنقاذ الموقف وصد الهجمات التي تتعرض لها الأمة.. ووضع ستراتيجية عمل وصياغة آليات تحركْ سريع وتنفيذ فوري على المستويين الوطني والقومي لهذا الهدف ، لأن حالة الأمة وخاصة في بعض ساحاتها باتت خطيرة جداً .. وتقع في مقدمة هذه الساحات .. العراق الذي يتعرض للتقسيم والإبتلاع الإيراني ، وسوريا التي تتعرض للتدمير على يد نظامها الفاشي والتقسيم بنفوذ إيراني .!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.